الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أوابد الشهور
الصوم الخرساني
يصوم أكثر العراقيات آخر سبت من شهر رجب، ويسمى هذا اليوم (الصوم الخرساني) أو (صوم مريم) وتصومه عادة كل امرأة ذات بنين أو بنات وتنقطع فيه عن الكلام فلا تنبس ببنت شفة كل ذلك اليوم. وتصومه أيضاً من تطلب (مرادا) وعند المساء تقعد الصائمة على حافة البئر في بيتها موجهة وجهها شطر (القبلة) ثم توقد الشموع. وتفطر باللبن والسيلان وتقول ثلاث مرات:(فطرنا على اللبن والسيلان يعطينا الله مرادنا مثلما أعطى مريم بنت عمران).
رمضان
هو من أعظم الشهور عند المسلمين كافة وفيه نزل القرآن (شهر رمضان الذي انزل فيه القران)(الآية) وصيامه فرض على كل مسلم ومسلمة، وهو شهر التعبد والطاعة. وقد اعتاد أكثر المسلمين أن يتصدقوا على الفقراء في كل ليلة جمعة منه لأرواح أمواتهم.
وليلة النصف منه تسمى عند أعراب (المعدان)(الخوارة) فيطبخ كل شخص طعاما ويتصدق به عند المساء عن الأموات.
ليلة القدر
الليلة الثالثة والعشرون عند الخاصة هي ليلة القدر وعند العامة هي الليلة السابعة والعشرون وفي هاتين الليلتين يتصدق المسلمون على الفقراء ويتعبدون ويصلون والزاهدون المتعبدون منهم يسهرون في تلك الليلة والعامة تعتقد أن السماء تنفتح في ليلة القدر. وإن الدعاء مستجاب فيها. كما إنها تعتقد بأن الشياطين يحبسون فيها.
عيد الفطر
ويسميه العوام عيد الصغير (بضم الصاد وفتح الغين وتشديد الياء المكسورة)
وفي صباح العيد يقصد الخاصة المزارات لأداء صلاة العيد فيها. و (المعدان) يقصدون النهر للنظر فيه
معتقدين أن (خضر الياس) يمر إمامهم.
وبعد صلوة العيد تقصد الخاصة والعامة قبور أمواتهم فيتصدقون هناك عند القبور على الفقراء ويعطون درهما أو أكثر لأناس مخصوصين لقراءة سورة (يس) على قبور أمواتهم.
دورة السنة
هو يوم (النوروز) وكلمة (نوروز) فارسية معناها اليوم الجديد وهو راس السنة الجديدة عند الفرس، ومن أعظم أعيادهم. ويرتقي تأريخه إلى آلاف من السنين فيحتفلون به الفرس احتفالا شائقا ويقيمون فيه الأفراح والمهرجانات وأخبار هذا اليوم مشهورة ومدونة في كتب المؤرخين. أما العرب فقد أخذوه عن الفرس. والعوام يسمونه (دورة السنة) والفراتيون يعدونه من الأعياد فيتزينون فيه نساء ورجالا ويصافح أحدهم الآخر مباركا بحلول هذا اليوم واعتقادهم فيه غريب جدا ويعد من الأساطير المهمة:
يعتقد العوام على الإطلاق بأن أرضنا مسطحة وليست كروية وأنها تنتهي بجبل عظيم يسمونه (جبل قاف)! وببحر أعظم يسمونه (بحر الظلمات)! والأرض يحملها ثور كبير على قرنه وإن هذا الثور واقف على ظهر حوت كبير، وإذا مر اثنا عشر شهرا، وهو تمام السنة، حول الثور الأرض من قرن إلى آخر: وعندما يحول الأرض يعتقد العوام أن أحد الحيوانات تمر أمام الثور أثناء التحويل فعندئذ يقولون دارت سنتنا على كلب أو قرد أو غير ذلك وهذه الأضحوكة يشيعها المشعوذون المنجمون وأصحاب (الفال) في ذلك اليوم، ومن معتقدات العوام أن السنة إذا دارت على (قرد) فرحوا وصفقوا وقالوا سنتنا سنة خير، لأن القرد حيوان ضحوك.
وإذا دارت على (كلب) اغتموا وقالوا: سيحصل في سنتنا حرب أو قتال أهلي أو شجار بين الناس لأن الكلب في معتقدهم شرير.
وإذا دارت على (الحوت) اعتقدوا إنه سيحصل نقص عظيم في طعام سنتهم، لأن الحوت حيوان نهم لا يشبع ولأنه ابتلع يونس عليه السلام.
وإذا دارت على (الخنزير) حزنوا واعتقدوا إنه سيصيبهم شؤم ويشق
أحدهم بطن الآخر.
وإذا دارت على (الفار) أو (الدجاجة) قالوا سوف يتفشى الموت بين الناس. وإذا دارت على (الحية) أو (ابن آوى) قالوا سنتنا سنة خير.
وإذا دارت على (البقرة) فرحوا فرحا عظيما وبشر أحدهم الآخر بالخير والنعم والآلاء: لأن البقرة (حلابة) وأنها ستدر عليهم بإخلاف البركات.
والاعتقاد بعدم كروية الأرض غير مقصورة على العوام: بل هناك رجال ممن يعدهم الناس من العلماء الأعلام وهم يعتقدون عقيدة العوام نفسها فمن المعممين في بغداد (الملا نجم الدين) الواعظ في (الجامع النعماني) أمام دائرة البريد في الرصافة والخطيب في (جامع حنان) في جانب الكرخ.
ناقشني ذات ليلة في بيت الحلقوني اللوذعي الصديق السيد محمد منير أفندي القاضي وبمحضر منه واخذ يسرد لي حججه ليقنعني بعدم كروية الأرض؟! فجادلته وذكرت له المراصد التي شيدتها الدول الإسلامية في العصور المختلفة وذكرت له أسماء الرجال الذين اثبتوا كروية الأرض منهم: العلامة أبو الحسين عبد الرحمن بن عمر الصوفي، والشريف أبو عبد الله محمد بن محمد الإدريسي الشهير، وعلم الدين قيصر بن أبي القاسم بن عبد الغني الاسفوني المعروف بتعاسيف والعلامة رضوان الفلكي، وعلي بن عيسى الحراني، ومحمد بن مؤيد الدين العرضي: حتى أن هؤلاء جميعهم صنعوا كرات ليمثلوا بها كرة الأرض أو كرة الفلك. وقد حاولت أن أقنعه بالحجج العقلية والنقلية، إلا إنه أبى أصر، وذهبت أقوالي أدراج الرياح: ولما احتدم الجدال بيني وبينه جاءني من طريقة أخرى فاخذ يقرأ لي أحاديث موضوعة فحاربني بالحديث فسكت مضطرا لأني لم أشأ أن أقول له أن هذه الأحاديث موضوعة ومختلفة لئلا يرميني بالمروق والجحود والكفر والإلحاد.
واذكر أنني حضرت سنة1923 وعظ الملا مصطفى، وهذا الملا مشهور بين البغداديين، وهو يعظ الناس في جامع (القبلانية) الواقع في (سوق السراي) وأمام (سوق الهرج) المحاذي للمدرسة المستنصرية والبغداديون يتهافتون على سماع وعظه في شهر رمضان لأنه يعظهم بلغتهم ويكثر من النكات الطريفة. وقد يشتم أحيانا. إذا احتدم وغضب، إلا أن الرجل طيب القلب محب لبلاده يحرض الاهلين على الخير، وقد قال ذات يوم وقد ورم انفه وعلا صوته غضبا
(والمصيبة أن بعض السرسرية - أي الأوباش - يعتقدون أن أرضنا هذه مدورة مثل البرتقالة وأنها غير واقفة بل تمشي في الفضاء) ثم صفق بيده أسفا وقال: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) وكان يسمع وعظه كثير من طلبة المدارس
وجم من الشبان المنورين ولم يجرؤ أحدهم على رده لئلا تنهال عليه النعال من العامة.
وفي عام 1919، كنت مديرا لمدرسة كربلا الأميرية وقد أرسل أشراف المدينة أبناءهم إلى مدرستي واحدا أثر واحد وقد لاحظت ذات يوم في جدول تردد التلاميذ أن أحد أبناء الوجهاء قد انقطع أربعة أيام متواليات فكتبت إلى والده أسأله عن سبب انقطاع ابنه عن الدرس فجاءني الرجل في اليوم الثاني إلى المدرسة فاستقبلته بما يليق بمقامه إلا أنى لمحت على سيمائه آثار الغضب فابتدرني قائلا بلهجة الحنق المغيظ:(أنت يا ابن أخي من بيت فضل وعلم وقد كان جدك وأبوك مثلين حسنين في العلم والأدب فاستعبدت منك أن تلقن ابني أمورا خارجة عن الشرع والعقل وأشياء ما انزل الله بها من سلطان) فقلت له - وقد بهت - ما الخبر يا عم؟ قال لي الخبر هو أنني سألت ابني عن دروسه، فقال: إني أقرأ (جغرافية) وإن الأرض كروية، وأنها تدور حول الشمس، وأنها معلقة في الهواء، أي يا أبن أخي، أنت فتى فاضل، وابن فاضل، وسبط فاضل، فما هذه العجائب الصادرة منك؟
فقلت له: يا عم، أن درس الجغرافية درس رسمي ولابد من تدريسه: إلا أنى ارغب أن أسألك: هل أنت معتقد بفضل العلامة السيد محمد علي هبة الدين الشهرستاني وهل أنت معترف بورعه وصحة نظره قال: اجل! أخرجت له من خزانتي كتاب (الهيئة والإسلام) للمشار إليه وقرأت له دلائله وبراهينه في كروية الأرض المستندة إلى الآي الكريم، وقلت له: اذهب وحاج السيد المشار إليه أن كنت غير قانع ومصدق بما أقوله. فودعني الرجل وانصرف مدهوشا متحيرا.
كيفية الاحتفال بهذا اليوم
تسمى الليلة التي تتقدم ليلة (دورة السنة)(المتلمسة)، والنساء يزعمن
أن السنة العتيقة جاءت تتلمس الخبر، وعليه يحتم كل امرأة أن تكنس بيتها وتغسله وتنظفه وتبيض القدور والأواني عند (الصفار) وتضع في تلك الليلة تحت سلة الطعام (سبعة سينات) أي سبعة أنواع من الأطعمة التي أول اسمها حرف (س) وهي:
1 -
السمك ويجب أن يكون غير مشوي.
2 -
سمنو وهو طعام يعرفه الفراتيون.
3 -
سبيناغ أي اسبانخ.
4 -
سمسم.
5 -
سلك بالكاف الفارسية (أي سلق).
6 -
سويك بالكاف الفارسية أي (سويق) وهو شعير مهبش (أي مهروس في مهراس والكلمة عراقية) ومسهى أي (محمس) ومجروش يخلط بالدبس.
7 -
سيلان أي دبس.
ويطبخون أيضاً (زرده وحليب) والزرده هي الأرز والدبس مطبوخان والحليب هو التمن (الأرز) والحليب المطبوخان.
وخبز (الركاك) أي الرقاق وهو خبز رقيق يفرش بالشوبك ويشوى في التنور.
ويخبزون أيضاً (كليجة) وهو خبز صغير ثخين مدور يكون فيه سمن وقد يطلى بالبيض المدوف فيه زعفران والكلمة عراقية فارسية الأصل.
ويسحنون السكر مع السمسم.
ويضعون شيئا من السكر والفاكهة والمخضرات ثم يضعون جميع هذه الأشياء في صينية ويضعون فيها على عدد أهل البيت أباريق وتنك صغيرة: للذكر إبريق وللأنثى تنكة (التنك جمع تنكة وهو الكوز بلا بلبلة) ويوقدون على عدد أهل البيت الشموع في الصينية المذكورة وحول الطعام.
ومن عادة الكربلائيين وبعض الفراتيين أي العوام منه أن يأكلوا بيضتين مسلوقتين من بيض الدجاج ليأمنوا رمد العين.
وفي الساعة التي تدور فيها السنة يجتمع أهل البيت حول الصينية على شكل
حلقة ويتجهون شطر القبلة وبأيديهم دنانير أو سمسم أو أرز يديرونها من يد إلى أخرى ويقولون: (اللهم يا محول الحول والاحوال، ويا مقلب القلوب والأبصار حول حالنا إلى أحسن حال).
ولا يجوز لأحد بتاتا أن يمد يده إلى الصينية ليأكل مما هو موجود فيها قبل دورة السنة فإذا دارت أكلوا منها وأهدى الجار إلى جاره شيئا مما عليها أما الشموع الموقودة فتترك على حالها حتى تذوب من نفسها والنساء يتشاءمن كثيرا إذا انطفأت إحدى الشموع، وبعد ذلك يقصد أحدهم الآخر في بيته ليهنئه بهذا العيد! وإذا دخل عليهم في صباح دورة السنة أحد اسمه (محمد أو محمود أو أحمد أو مصطفى) يفرحون ويبتهجون تيمنا بهذه الأسماء التي
تسمى بها الرسول الأعظم (ص). وإذا دخل عليهم رجل أعور أو امرأة عوراء شوهاء تشاءموا كثيرا.
وفي المدن التي فيها مزارات مثل كربلا والنجف والكاظمين وسامرا وغيرها يقصد الناس في دورة السنة ضريح المزارات ويقرءون سورا ويتلون أدعية ويجب أن لا يغرب عن البال أن هذه العادة جاء بها الفرس إلى العراق.
سينزده بدر
كلمتان فارسيتان. ومعنى (سينزده) الثالث عشر و (بدر) في الباب ومحصلهما (اليوم الثالث عشر في الخارج) ويحتفل به كل الاحتفال العراقيون ويسميه البغداديون (كسلة) وهو اليوم الثالث عشر الذي يلي دورة السنة وفيه يخرج النساء والأطفال والفتية إلى الارباض المحيطة بمدينتهم والى البساتين والجنات القريبة إليهم فيرمون في النهر أو في البساتين (إبريقا أو تنكة) قد اعشوشب ما حولها. وهذه التنكة يستحضرونها في أول يوم دورة السنة وكيفية استحضارها هي: انهم يأتون بقطعة من الكتان يملئونها شعيرا ويشدونها على التنكة المملوءة ماء وبعد مدة ينبت العشب حولها فتخضر فيأخذ كل واحد منهم تنكة فيرميها كما أسلفنا والنساء يجلسن في البساتين ويأخذن حزمة من الحشيش النابت في البستان ويشددنه من غير أن يقلعنه ويقلن: (خذ الأصفر واعطنا الأخضر).
أحمد حامد الصراف