الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العدد 63
- بتاريخ: 01 - 09 - 1928
ذو الكفل ومدفنه
1 -
ذو الكفل
من ذوالكفل، أو الكفل (على رواية العوام)؟ - سؤال يسأله كل أديب يريد أن يرى الحقائق على ما هي، لا على ما يصورها بعض ضعفاء الباحثين. قلنا:
ذو الكفل (ومن باب حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه): الكفل على ما قاله الطبري في تاريخه: (إن عمر أيوب كان ثلاثا وتسعين سنة، وانه أوصى عند موته إلى ابنه (حومل) وإن الله عز وجل بعث بعده ابنه (بشر بن أيوب) نبيا، وسماه ذا الكفل وأمره بالدعاء إلى توحيده، وانه كان مقيما بالشام عمره حتى مات وكان عمره خمساً وسبعين سنة، وإن (بشرا) أوصى إلى ابنه عبدان. . .) أهـ المراد من نقله (1: 364 من طبعة الإفرنج).
وقال المطهر بن طاهر المقدسي في كتابه: البدء والتاريخ، المنسوب خطأ إلى أبي زيد أحمد بن سهل البلخي 3: 99) (كان ابن اسحق يقول: الياس هو الياس بن يس من ولد هرون بن عمران يقال له: الياس، والياسين، واذر
ياسين، ويقال: هو ذو الكفل بعينه، بعثه الله بعد حزقيل إلى ملك ببعلبك يقال له آحب وله امرأة يقال لها ازبيل. .). ثم قال عن اليسع بن اخطوب (ص100) يقال أن اليسع هو ذو الكفل. وقيل هو الخضر، وقيل هو ابن العجوز والله اعلم. وفي كتاب أبي حذيفة: أن ذا الكفل هو اليسع بن اخطوب تلميذ الياس وليس هو اليسع الذي ذكره الله في القرآن. يرويه عن أبي سمعان. فإن كان هذا حقا فهما اليسعان والله اعلم. وأما ذو الكفل فمختلف فيه اختلافا كثيرا تجده في كتاب المعاني إن شاء الله تعالى. أهـ.
وقال في ص96: قيل أن يوشع هو ذو الكفل ابن أخت موسى وتلميذه الذي سار معه في طلب الخضر الذي افتتح بلقاء مدينة الجبارين بعد موسى. . . أهـ.
وقال محمد بن أحمد بن اياس الحنفي في كتابه بدائع الزهور ص 109 قال: قال كعب الأحبار: لما قبض الله تعالى ايوب، عليه السلام، تغلب على أولاده الملك لام بن دعام، فأرسل هذا الملك إلى أولاد أيوب ليزوجوه بأختهم، بنت أيوب، فأرسلوا إليه وقالوا: ليس في ديننا أن نزوجك وأنت من الكفر، فإن أحببت فادخل في ديننا، فنزوجك اياها، فلما سمع
ذلك الملك هددهم وعزم على قتالهم، فبلغ ذلك أولاد أيوب فمنهم من أشار بقتاله، ومنهم من أشار بمداراته المواعيد. فعند ذلك قال حوميل بن أيوب: لابد من قتاله وحربه.
فلما جمع الملك جنوده وبرز للقتال، برز أولاد أيوب بمن معهم من المؤمنين والتقى الجيشان، واقتتلا قتالا شديدا، فوقعت الهزيمة في جيش حوميل بن أيوب، واحتوى لام على جميع أموالهم وأملاكهم واسر من قومهم ناسا كثيرين وفيهم بشير بن أيوب.
فهم الملك بصلبه، ثم أمهله وأمر بحبسه يريد الفدية، فأراد أخوه حوميل أن يرسل له الفدية، فرأى في منامه قائلا يقول: (يا حوميل لا ترسل الفدية ولا تخف على أخيك، وإن هذا الملك سيؤمن وتكون عاقبته إلى خير، فقص الرؤيا على من كان عنده ورجع عن إعطائه الفدية.
فبلغ الملك لام هذا الكلام فغضب غضبا شديدا فأمر أن يتخذ خندق ويجعل
فيه النار ليحرق بشير بن أيوب. فعند ذلك أحضر الجنود النار وأوقدوها واحتملوا بشيرا والقوه فيها فلم تحرقه النار. فتعجب الملك لام من ذلك، وقال: إن هذا لسحر عظيم. فقال له بشير: أيها الملك لسنا بساحرين وقد كان لنا جد يقال له إبراهيم الخليل، ففعل به النمرود كذلك فلم تحرقه النار وجعلها الله عليه بردا وسلاما. وكذلك يفعل الله بأولاده فعند ذلك رق قلب الملك وعلم الحق فأسلم وآمن واجتمعوا على الإسلام (كذا). فزوجوه بأختهم. وسمى الملك بشيرا (ذا الكفل)، لأنه لما أراد الملك الفدية، تكفل بشير بإيصال الفدية إليه من اخوته.
ثم أن حوميل أرسل أخاه ذا الكفل رسولا إلى جميع أهل الشام بأذن الله تعالى. وكان الملك لام بين يديه يقاتل الكفار، فلم يزالوا على ذلك حتى مات حوميل ثم مات بشير ذو الكفل، ثم مات بعدهما الملك لام بن دعام فتغلب على أهل الشام العمالقة إلى أن بعث الله شعيبا. انتهى على سبيل الاختصار.
وقال الثعلبي في قصص الأنبياء 199: (قال الله تعالى: (واسمعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين) قال مجاهد: لما كبر اليسع قال: لو أني استخلفت رجلا على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل. فجمع الناس ثم قال: من يتكفل لي بثلاث، استخلفته: يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يغضب فقام إليه رجل شاب تزدريه العيون. فقال: أنا. فرده ذلك اليوم.
وقال مثلها في اليوم الثاني فسكت الناس. فقام ذلك الرجل وقال: أنا اعمل ذلك. فاستخلفه. قال: فلما رأى إبليس ذلك جعل يقول للشياطين: عليكم بفلان، فأعياهم. فقال: دعوني وإياه فاتاه في صورة شيخ كبير فقير حين أخذ مضجعه للقائلة. وكان لا ينام بالليل والنهار إلا تلك النومة.
فدق إبليس الباب، فقال: من هذا؟ فقال: شيخ كبير مظلوم، ففتح الباب فجعل يقص عليه القصة ويقول: إن بيني وبين قومي خصومة وانهم ظلموني وفعلوا. . . وفعلوا. . . وجعل يطول عليه حتى حضر وقت الرواح. وذهبت القائلة. فقال له: إذا رحت فإني آخذ لك بحقك فانطلق وراح إلى مجلسه. فلما جلس جعل ينظر ليرى الشيخ فلم يره وقام يتتبعه.
فلما كان الغد جعل يقضي بين الناس وينتظره فلم يره، فلما رجع إلى القائلة واخذ مضجعه، أتاه، فدق الباب، فقال: من هذا؟ فقال: أنا الشيخ المظلوم. ففتح له وقال: ألم أقل لك، إذا قعدت فأتني؟ فقال: أنهم اخبث قوم، إذا عرفوا إنك قاعد يقولون: نحن نعطيك حقك. وإذا قمت جحدوني. قال: فانطلق. فإذا رحت فأتني، وفاتته القائلة، فراح، واقبل، وجعل ينظره فلا يراه. فشق عليه النعاس. فقال لبعض أهله: لا تدعن أحدا يقرب هذا الباب حتى أقوم فإنه قد شق علي عدم النوم.
فلما كانت تلك الساعة جاءه فلم يأذن له أحد. فلما أعياه نظر فإذا كوة في البيت، فتسور منها فإذا هو في البيت، وإذا به يدق الباب من داخل. فاستيقظ الرجل وقال: يا فلان ألم آمرك أن لا تأذن لأحد علي. فقال: أما من قبلي فما أتيت. فانظر من قبل من أتيت؟ فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه وإذا الشيخ معه في البيت. فقال له: إننا والخصوم ببابك، فعرفه فقال له: يا عدو الله ما ألجأك على هذه الفعال! فقال له: أعييتني في كل شيء أردت بك ففعلت معك ما ترى لأغضبك فعصمك الله مني. فسمي ذا الكفل، لأنه تكفل بأمر فوفى به.
اخبرنا ابن فتحويه، قال: حدثنا عمر بن الفضل عن أبي هاشم: اخبرنا ابن الفضل قال: اخبرنا الأعمش عن عبد الله بن عبيد الله الداري عن سعيد عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث حديثا لو لم اسمعه إلا مرة أو مرتين لم أحدث به. سمعت منه أكثر من سبع مرات يقول: كان في بني إسرائيل رجل يقال له ذو الكفل لا ينزع عن ذنب
عمله. فاتبع امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن تعطيه نفسها. فلما قعد منها مقعد الرجل من المرأة ارتعدت وبكت فقال لها: ما يبكيك؟ فقالت: من هذا الفعل، ما فعلته قط. فقال لها: أأكرهتك؟ قالت: لا، ولكن حملتني عليه الحاجة. فقال لها: اذهبي فهي لك.
ثم إنه قال: والله، لا اعصي الله بعد هذا قط أبدا. فمات من ليلته. فقيل: مات ذو الكفل. فوجدوا على باب داره مكتوباً أن الله تعالى قد غفر لذي الكفل.
وقال أبو موسى الاشعري: أن ذا الكفل لم يكن نبياً، وإنما كان عبدا
صالحا تكفل بعمل رجل صالح وكان يصلي لله تعالى في كل يوم مائة صلاة. فاحسن الله عليه الثناء. قيل: هو الياس. وقيل هو زكريا. والله أعلم بالصواب انتهى كلام الثعلبي.
وفي تاج العروس في مادة ك ف ل: ذو الكفل: نبي من أنبياء بني إسرائيل. وقيل هو من ذرية إبراهيم، صلوات الله عليهما، وقيل هو الياس، وقيل هو زكرياء، أقوال ذكرها الفاسي في شرح الدلائل. قيل بعث إلى ملك اسمه كنعان، فدعاه إلى الإيمان وكفل له بالجنة وكتب له بالكفالة. وقال الثعالبي في المضاف والمنسوب: اختلف المفسرون في اسمه، فقيل: هو بشير بن أيوب، بعثه الله رسولا بعد أيوب وكان مقامه بالشام. وقبره في قرية كفل حارس من أعمال نابلس ذكره الملك المؤيد صاحب حماة. وقيل كان عبدا صالحا ذكر مع الأنبياء لأن علمه كعلمهم والأكثر على نبوته. وقيل: اسمه الياس، وقيل: يوشع، وقيل: زكريا. وقيل: حزقيل لأنه تكفل سبعين نبيا. حكاه في معالم التنزيل عن الحسن ومقاتل، انتهى، وقيل سمي به لأنه كفل بمائة ركعة كل يوم فوفى بما كفل. وقيل: لأنه كان يلبس كساه كالكفل. وقال الزجاج لأنه تكفل بأمر نبي في أمته فقام بما يجب فيهم. وقيل: تكفل بعمل رجل صالح فقام به. وقال الفاسي في شرح الدلائل: ومعناه ذو الحظ من الله تعالى. وقيل لتكفله لليسع بصيام النهار وقيام الليل وأن لا يغضب. أهـ كلام صاحب التاج.
ولو أردنا أن نأتي على كل ما قيل عن ذي الكفل وسبب تسميته لملأنا مجلدات. وكل كاتب يذهب إلى رأي ينتحله للغير أو يريده بحديث يرفعه إلى أقدم المحدثين. وكل ذلك من الموضوعات البينة إذ لو كانت صحيحة لاتفقت كل الاتفاق؛ لكن هذا شأن الاختلاق إنه لا يأتي على وجه واحد.
ونتائج ما تقدم ذكره هي: عدم اتفاق علماء الإسلام على حقيقة ذي الكفل إذ يذهب قوم إلى
نبي ويقول آخرون بأنه رجل خاطئ تاب، أو عبد صالح خالط الأنبياء.
لم يعرف أسم الرجل المذكور على حقيقته فمنهم من قال إنه الياس. ومنهم
اليسع وجماعة إنه زكريا وآخرون حزقيال وفريق يوشع.
ومنهم من قال أن الاسم الحقيقي هو بشر أو بشير بن أيوب إلى غير ذلك من الأسماء التي توضع كل يوم لتأييد رأي من الآراء يمر في المخيلة. أما الحقيقة على ما نرى فهي أن ذا الكفل هو النبي حزقيال، باتفاق المسلمين والنصارى واليهود العراقيين منذ ألوف من السنين. وسبب تلقيبه بذلك هو إنه كفل يهوذا وإسرائيل باضطجاعه على الأرض نومة مدة 190 يوما على الجانب الأيسر و40 يوما على الجانب الأيمن طالبا إلى الله أن ينجي هاتين المملكتين من عقبى آثامهما. ففاز بأمنيته.
(لم تتم)
مصطفى جواد
شاب مشغوف بلغة العرب معروف بميله إلى الأدب ولد في (محلة القشل بغداد) سنة (1904م) المقابلة (1322) بعد الهجرة. وكان والده (جواد) خياطا في بغداد ولما كف بصره بمرض فجائي نقل أسرته إلى بليدة (دلتاوة) أحد أعمال لواء ديالى. وكان عمر المترجم إذ ذاك شبع سنين فأرسله والده إلى امرأة مدرسة في دلتاوة نفسها ليتعلم القرآن قراءة فقط. والمدرسة في ذلكم الزمان تدرس الأولاد بنات وصبيانا. وبعد أن حذق قراءة القرآن ضمه والده إلى مدرسة دلتاوة الحكومية الابتدائية وبقي مواظبا على الدراسة حتى أول دقيقة دخل فيها جيش الإنكليز دلتاوة. ولكن والده جوادا توفي سنة (1333) هـ فتولى أمره أخوه الوحيد الكبير جدا (كاظم) الذي برع في العلوم العربية وصار تلاميذه علماء الآن. وبعد ذلك رجع مصطفى إلى مسقط رأسه بغداد ولما لم يحسن أخوه المعاملة له، انفصل وانضم إلى أقربائه الأدنين ثم رجع إلى دلتاوة لأن له خلاقا مما تركه والده من البساتين فاشتغل بها ثم دخل المدرسة الحكومية فلم يستفد فائدة لأن أعلى صف فيها هو (الرابع) ولذلك عول على الاجتهاد الذاتي في العطلة فاجتهد ثم دخل (دار المعلمين) قبل تكون الحكومة الوطنية الملكية سنة (1921) م وبقي فيها ثلاث سنين خرج بعدها (معلما) وقد نال الدرجة الثالثة في صفه عند التخرج. عينته الحكومة مدرسا في (الناصرية)
فالبصرة فدلتاوة ثم الكاظمية وهو فيها للان. نظم الشعر نظما طبيعيا من دون دراسة ولا إرشاد من غيره وله (ديوان شعر) غير مطبوع سماه (الشعور المنسجم).