المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فوائد لغوية الحجون خلال القرون 1 - تمهيد أواصل البحث منذ سنين طويلة - مجلة لغة العرب العراقية - جـ ٦

[أنستاس الكرملي]

فهرس الكتاب

- ‌العدد 55

- ‌سنتنا السادسة

- ‌منارة جامع سوق الغزل

- ‌جامع سوق الغزل غير جامع الرصافة

- ‌ذكر جامع الخليفة

- ‌منطق المنطق

- ‌من هو الأولى بوضع الأسماء

- ‌استحالة الإحاطة بمناحي لغة واحدة

- ‌الخط الخصوصي

- ‌أوابد الشهود

- ‌محمد مهدي العلوي

- ‌مخطوط قديم في غريب الحديث

- ‌اليمن وتقدمها

- ‌غادة بابل

- ‌الشيخ علي سالم الصباح

- ‌فوائد لغوية

- ‌اعتراض

- ‌الختام

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌روضة خوان

- ‌الشفع

- ‌المونسون

- ‌الزنبرك أو الزنبورك

- ‌البياسرة

- ‌باب القريظ

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 56

- ‌الدرويش

- ‌خزائن زنجان (في إيران)

- ‌نيرب ومكشوفاتها

- ‌تعريف الآلهة الواردة أسماؤها في نصبي نيرب

- ‌تأثير اللغات السامية في اللغات الإفرنجية الحديثة

- ‌خاتم الأمان

- ‌منديل الأمان

- ‌عبد الوهاب الجوادي الموصلي

- ‌نبذتان من تاريخ الموصل

- ‌في حفر المكشوف

- ‌الوأقة

- ‌كلمة في الشعر

- ‌ساعة في سدة الهندية

- ‌غادة بابل

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 57

- ‌الكتابات الأثرية العباسية في فلسطين

- ‌البرغوث أو أبو أربعة

- ‌نماذج تراجم من الدرر الكامنة

- ‌أوابد الشهور

- ‌جامع الخلفاء

- ‌دفين جامع الأصفية

- ‌المريق

- ‌الكتب الخطية

- ‌فريتس كرنكو

- ‌أسرار اللغات واللهجات

- ‌الدرداقس

- ‌البصرة

- ‌تصريف اللفيف المقرون في لغة عوام العراق

- ‌غادة بابل

- ‌أصل السدلى

- ‌فوائد لغوية

- ‌أصل كلمة التصوف

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌المخطوط القديم في الحديث

- ‌الشعر والشاعر

- ‌كلمة في الكتابات الأثرية العباسية

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌أبو العبر

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 58

- ‌بي بروا

- ‌رثاء الدكتور صروف

- ‌العقل وأصل اشتقاقه

- ‌افتقار اللغات قاطبة إلى الاستعانة بالإشارات

- ‌واللهجات

- ‌بلد الزبير

- ‌الحويزة

- ‌من كنوز العرب

- ‌آثار في ضياء أباد إيران

- ‌قاتل أخيه

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب التقريط

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 59

- ‌تآخي العربية واللغات الغربية

- ‌العيافة عند عوام العراق

- ‌شم النسيم

- ‌الشيخ حسن بك

- ‌نكت وغرائب لغوية

- ‌ضبط الأبنوس

- ‌المدرسة المستنصرية

- ‌لواء الديوانية

- ‌أوربية تحب عراقيا

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌كتاب الأصنام

- ‌الشوقيات

- ‌ديوان العقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 60

- ‌الأخطل

- ‌البرجاس

- ‌العلم والإحسان

- ‌الزق ومرادفاته

- ‌غازان بن أرغون

- ‌المدرسة المستنصرية

- ‌من أغلاط البستان

- ‌جمعية حماية الأطفال في العراق

- ‌البرسام في البستان

- ‌العيافة عند عوام العراق

- ‌اللغة الكردية

- ‌لواء الديوانية

- ‌الأغاني الفراتية

- ‌فوائد لغوية

- ‌بابا المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 61

- ‌نظرة إجمالية في أعمال شركة النفط التركية

- ‌الشاي

- ‌الشعر الجاهلي

- ‌خطر الجراد في العراق

- ‌بعض صفحات من كتاب الفهرست

- ‌من تقويم ومواسم عشائر بطائح الغراف

- ‌خزائن كتب إيران

- ‌الحقيقة

- ‌الكزنخية

- ‌الرباعي المجرد في لغة عوام العراق

- ‌النمر البشري

- ‌البلشة

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 62

- ‌الأب جوزيف بوشان

- ‌الجعل

- ‌الشك في الشعر الجاهلي

- ‌الدوشنة

- ‌أبو عبد الله الزنجاني

- ‌لواء الحلة

- ‌السلطان مراد الرابع في بغداد

- ‌الكتابات الأثرية العباسية في فلسطين

- ‌المنجد وما فيه من الأوهام

- ‌محراب جامع الخاصكي

- ‌خزائن كتب إيران

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌تأثير الأخطل على حياة الأمويين

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 63

- ‌ذو الكفل ومدفنه

- ‌ترجمة ابن الفوطي

- ‌مفتاح القلوب

- ‌كتاب الجدول الصفي

- ‌أين السميع نصيحة

- ‌قرى لواء الحلة

- ‌خراسان وخزانتها

- ‌صفحة من النقد

- ‌جناية الرواة على الشعر

- ‌اللغة الكردية

- ‌اسم الفاعل في لغة عوام أهل العراق

- ‌أحمد لطفي السيد

- ‌فوائد لغوية

- ‌المدرس اللغوي

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌باب المشارفة والانتقاد

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌العدد 64

- ‌سامرا في التاريخ

- ‌الشيخ فخر الدين الطريحي

- ‌خراسان وخزانتها

- ‌البحرين والزبارة

- ‌لواء بغداد

- ‌قبر الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة

- ‌الفردية الأدبية

- ‌كتاب ثمار القلوب

- ‌فوائد لغوية

- ‌باب المكاتبة والمذاكرة

- ‌أسئلة وأجوبة

- ‌تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

- ‌الشفق الباكي

الفصل: ‌ ‌فوائد لغوية الحجون خلال القرون 1 - تمهيد أواصل البحث منذ سنين طويلة

‌فوائد لغوية

الحجون خلال القرون

1 -

تمهيد

أواصل البحث منذ سنين طويلة في اللغتين اليونانية والعربية عن الصلة التي تجمع بينهما. فأنتج لي بحثي خلاف ما أنتجه لعلماء الغرب، أي أن بين اللغتين صلات وثيقة لا تنكر. وفي اغلب الأحيان لا يفسر الألفاظ اليونانية إلا الوقوف على أسرار اللغة العربية. هذا إذا كانت الألفاظ اليونانية قديمة وكانت تلك الألفاظ نفسها عريقة في لغتنا أيضا. نقول ذلك عن الحروف الثنائية الهجاء في اللغتين أو عن التي ترد بعناء إلى مقطعين إذا أنعم الباحث نظره في الصلة الجامعة بين اللسانين. وقد يعكس الأمر إذا كانت الكلم العربية مولدة أو علمية أو كثيرة الاهجية (المقاطع) ففي اغلب الأحيان تكون دخيلة أو منحوتة أو مزيدا فيها حرف أو حرفان أو ثلاثة تفيد فائدة جديدة لا ترى لو بقيت تلك الكلمة على حروفها الأولى.

ومما هو غريب في هذا الباب أن السلف قد حفظ ألفاظا لم يبق لها معنى اليوم وكان لها معنى أو معان في السابق، ولا يعرف إلا من مقابلة اللغات ففي الألفاظ السامية الوضع، ينظر إلى معانيها في اللغات الأخوات، وفي الألفاظ الفارسية الأصل ينظر إليها في اللغات الآرية ولا سيما في الفارسية، وفي ما عدا ذلك تقابل بالألفاظ اليونانية.

وقد كشف لي هذه المقابلة أسرار عجيبة، وأنا اذكر هنا مثالا من أمثلة محفوظة عندي بالمئات لا بالعشرات. من ذلك الحجون:

2 -

الحجون عند السلف

(الحجون جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها. وقال السكري: مكان من

ص: 43

البيت على ميل ونصف. وقال السهيلي: على فرسخ وثلث، عليه سقيفة آل زياد ابن عبد الله الحارثي وكان عاملا على مكة في أيام السفاح وبعض أيام المنصور وقال الأصمعي: الحجون هو الجبل

الشريف الذي بحذاء مسجد البيعة على شعب الجزارين. (بحرفه عن معجم ياقوت).

وإذا سألنا اللغويين عن سبب هذه التسمية قالوا لنا: الحجون مشتقة من الحجن وهو الاعوجاج، ومنه غزوة حجون التي يظهر فيها الغازي الغزو إلى موضع ثم يخالف إلى غيره وقيل هي البعيدة، قال ابن الأثير: الحجون. الجبل المشرف مما يلي شعب الجزارين بمكة، وقيل هو موضع بمكة فيه اعوجاج، قال: والمشهور الأول، فقوله والمشهور الأول يعني أن هذا التأويل هو في غير محله إذ هناك من الأسباب ما نجهل تأويله. فالقول إذن أن الحجون مأخوذ من معنى الاعوجاج لا صحة له.

وعندنا أن الرأي الصحيح هو أن الحجون مأخوذ من الحجنة والحجنة على ما نقله لنا اللغويون هو اسم مصدر لاحتجن واحتجان الشيء جمعه وضمه إليك (راجع اللسان والقاموس والتاج والأساس وابن فارس في المقاييس والليث في العين) فيكون للحجون معنيان: معنى يتعلق به وبطبيعته أي أنه سمي حجون لاجتماع مواده بعضها إلى بعض. ومعنى يتعلق بمن يصير إليه أي أن عند هذا الجبل يجتمع الناس ومثل مادة ح ج ن م فهي تدل على الاجتماع والانضمام. ولما كان رأينا أن أصل مادة كل فعل ثلاثي الحروف ثنائي الحروف كان أصل ح ج ن: ح ج (باصطلاح اللغويين أو الصرفيين ح ج ج) ومنه الحج أي الاجتماع لغاية دينية. وليس كما يقال بعض المستشرقين أن الحج مشتق من اليونانية ومعناه القديس والمنزه عن الدنايا والصالح البار، إنما هو من الحج كما قلنا أي من معنى الاجتماع.

أما أن معنى الحجون هو الجبل الذي يجتمع عليه الناس، أو ينضم عنده الناس إلى بعض فتره محفوظا صريحا في الكتب اليونانية؛ إلا أن هذا المعنى لم يجئ عندهم إلا بعد أن تنقلت اللفظة من حالة إلى حالة فتبعتها المعاني وتدرجت معها كلما أوغلت الأمة في الحضارة، وما من لغة تدلنا على هذا الإمعان

ص: 44

في المعاني مثل هذه اللغة الهلنية (اليونانية) التي حفظت لنا هذا التدرج أو التخطي فيه ونحن نذكر للقارئ كل ذلك حسب وروده في القدم إلى أن أنتقل المعنى إلى القرار الأخير فوقف عنه، ونقابل كل معنى جديد بما يؤول في لغتنا الضادية فتكون هذه المعارضة مثالا لمئات من الكلمات أتت على هذا الوجه. ويمكننا أن نخرجها على هذا الأسلوب اللغوي.

3 -

أول معان الحجون

أول ما جاء عندهم لفظ الحجون كان بمعنى المجتمع والمحتشد وهذا يناسبه عندنا اللفظ العربي نفسه كما أوضحناه في صدر هذا المقال؛ ثم نقله الهلنيون إلى معنى مجتمع الآلهة أو المجتمع تماثيل الآلهة، فيكون معناه في الوقت عينه موطن يجتمع فيه الشعب للدعاء والصلاة ويكون ذلك أمام هيكل الإله؛ ثم توسعوا في معناه، وأرادوا به المجتمع أيا كان، أي محل اجتماع الناس لأي غاية كانت، فصدق عندهم على عليين أي محل في الالنبس تجتمع فيه الآلهة وصدق أيضاً على المكلا (وزان المعظم) وهو المحل الذي تقف فيه السفن.

أما لغتنا فأننا لم نجد السلف ذكروا للحجون هذا المعنى لأسباب: منها لأنهم أزالوا عن اللغة كل لفظ أو معنى يدل على تحبيب الوثنية، لكننا نرى أن هذا المعنى كان معروفا عندهم وأن يصرحوا به تصريحا بينا وذلك من سماعنا إياهم يقولون أن عند الحجون كانت مدافن المكيين في سابق العهد. وأنت خبير أن المدافن كانت منذ اقدم الناس بالحضارة في المواطن المقدسة، بل نشاهد هذا الأمر إلى عهدنا هذا؛ ولم يبطل في بعض المدن إلا في العهد الحديث خوفا على صحة الناس، إذ قد يمكن أن تظهر بعض الأمراض الوافدة من كشف المقابر وانتشار الجراثيم المضرة الموجودة في بقايا الأموات بين الأحياء من الخلق.

إذن أننا نرى في الحجون معبدا لآلهة وثني العرب ومحل اجتماعاتهم ثم بعد ذلك أصبح مدفنا لموتاهم، وهذا أمر معقول لا ينافي معتقد أي دين كان.

4 -

المعنى الثاني للحجون

ما ذكرناه من معنى اللفظة (لفظة الحجون) عند اليونان هو معناه الأول مع عدة فروع تفرعت منه؛ ثم وقع معنى ثان آخر مع فروع أخرى، وهو أن لحجون يفيد عندهم معنى المجتمع للألعاب العامة. وهذا المعنى غير خفي عن

ص: 45

الأذهان، لأن الناس إذا اجتمعوا للأمور الدينية في موطن، لا يمكنهم أن يبقوا طويلا في الدعاء والصلاة والابتهال بل يستريحون من وقت إلى وقت وفي استراحتهم يندفعون إلى الملاهي والألعاب وشؤون الأنس، وهذا ما يقع في جميع البلاد وفي جميع الأديان. إلا نعلم أن كثيرا من الملاهي اصلها من المجتمعات الدينية؟ أو ليس أصحاب الفساد ينتهزون فرص النتديات

والمحتشدات ليلهوا أنفسهم بما يحضره الدين؟ وما يقع اليوم وسوف يقع إلى آخر الدنيا، كان يقع في سابق العهد. وهذه سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا.

ومن المعنى المذكور نشأ فرع وهو: محل لهذه الألعاب أو الميدان: والميدان عندهم محل واسع مفروش بالرمل وحوله مقاعد للناظرين فينزل في ساحته المصارعون والمتروضون واللاعبون أنواع الألعاب. ولم يسم ميدانا إلا لما فيه من الرمل فكان أرض تلك المساحة تمتد بمن عليها في أثناء اللعب. - وهانحن أولاء بين يدي معنى جديد هو الميدان وألعاب الميدان، وهذه الألعاب كانت كثيرة العدد منها: الملاكمة والمصارعة وفيها الهجوم والدفاع، والكر والفر، الفتك والصد. ولقد بقي في لغتنا هذا المعنى وهو قولنا: حجن فلان فلانا عن كذا: إذا صده وصرفه. وحجن الشيء: جذبه بالمحجن إلى نفسه. والمحجن هو العصا المنعطفة الرأس كالصولجان وكل معطوف معوج. ولعب المحجن معروف عندنا الآن ويعرف بلعب الدرك (مثل السكر) وكان معروفا عند الهلنيين ويلعبون في ذلك الميدان الذي أشرنا أليه.

إذن من معاني الحجون عندهم وعندنا الميدان وألعاب الميدان بأنواعها، إلا أن هذا المعنى مات عندنا واضمحل وبقي منه آثار في معنى الحجن والمحجن ولعب المحجن.

5 -

المعنى الثالث للحجون

لم يقف المعنى عند الميدان وألعابه، بل أنتقل إلى معنى ثالث هو المصارعة أو المحاربة أو الغزو أن بالأسلحة وأن بالكلام أو بإقامة الدعاوى. ولقد نرى أثر هذا المعنى أيضاً في لغتنا إذ من معاني الحجون فيها: كل غزوة تظهر غيرها ثم تخالف إلى غير ذلك الموضع ويقصد أليها. فهذه حقيقة من

ص: 46

بدائع هذه اللغة التي يفوق جمالها جمال سائر اللغات. إذ قد احتفظت بأدق المعاني واجلها. - ومن تعابير اليونانيين في هذا الصدد قولهم: الحجون للبقاء وهو كما نقول اليوم: تنازع البقاء. لكن في قولهم وقولنا (الحجون للبقاء) من دقة المعنى وتصوير الاحتيال على الغير للفوز بالأمنية مالا يرى في قولك: (تنازع البقاء)

ومن فروع هذا المعنى الثالث ورود الحجون عندهم بمعنى الغاية المقصودة من المصارعة أو الغزوة والخطر الناشئ، من تلك المصارعة والغزوة: إذن جاء الحجون عندهم بمعنى التهلكة مهما كانت وأن لم يكن هناك مصارعة أو غزوة. ومن فروع ذلك المعنى أيضاً

الساعة الخطرة التي يفصل فيها نتاج الأمر وختامه وهناك فرع سابع وأخير للمعنى الثالث هو ورود اللفظة بمعنى الخوف والقلق لأن المرء إذا جهل نتاج أمر بقي في اضطراب لما يتوقعه.

هذه المعاني هي المشهورة وطرز تفرعها الأفنان والأغصان من جذع الشجرة.

6 -

معنى آخر للحجون

ومن معاني الحجون التي لم نذكرها معنى: الإله الذي يحامي عن الألعاب العامة.

أنك تعلم أن الوثنيين أقاموا لهم آلهة ومعبودين يوافقونهم على جميع أهوائهم ويصانعونهم فيها. ومن جملتنا هذا الإله الغريب الذي لا عمل له سوى الدفاع عن الألعاب العامة وحث الشعب على إقامتها والانتفاع بمحاسنها. ولا جرم أن هذا الإله لم يتخذ إلا بعد اختراع تلك الألعاب؛ على أن المعترفين بوجوده قبل الألعاب نفسها، بيد أن الناس لم يعرفوه إلا بعد عهد الألعاب. وعلى كل حال فأن مقامه بين تفرع المعاني غير معين فجعلناه هنا مع التنبيه إلى قلق مكانه من المعاني المذكورة.

7 -

من أين جاءت الحجون عندهم وعندنا

الحجون عند اليونانيين مشتقة من فعل الذي له عدة معان ومن جملتها ساق ودفع إلى مجتمع ثم تفرعت سائر المعاني من باب التوسع؛ على ما بيناه في صدر المقال. وكذلك القول عن مادة ح ج ن العربية، فأنها ناشئة من مادة ح ج ا

ص: 47