الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البصرة
تاج لأشهر مدن البطائح
بنى البصرة عقبة بن غزوان في سنة 14 للهجرة وذلك بأمر عمر بن الخطاب وأول بناء أقيم فيها كان المسجد بناه من قصب ثم دار الإمارة ومكانها دون المسجد في الرحبة التي يقال لها رحبة بني هاشم وكانت تسمى الدهناء وفيها الديوان والسجن وحمام الأمراء.
وكان أول بناء معاهدها من القصب فكانوا إذا غزوا نزعوا القصب وحزموه ووضنوه حتى يعودوا من الغزو فيعيدوا البناء. ويظهر أن البصرة لم تكن أول عمارة ظهرت ونهضت في تلك الأنحاء بل إنها قامت على أنقاض (قصبة الخريبة) تلك القصبة الفارسية التي سقطت ونهضت البصرة في مكانها وكان قريبا منها عمارة بلد الابلة التي كانت مسالح للفرس.
والابلة عمارة فارسية على نهرها المعروف وكانت آهلة قبل البصرة ولأجل مناعتها تأخر فتحها عن البصرة.
ويظهر أن العرب لم يختاروا البصرة مشتى لهم لأجل حسن هواءها وجيد مناخها، إذ كانوا يتذمرون من ذلك كثيرا بل كان الدافع على استيطانها غرضا حربيا وهو جعلها حامية للعراق وقطعا لظهر الفرس الذين كانوا مشتبكين مع العرب في داخل العراق لكي لا يستمدوا بإخوانهم من أهالي خوزستان وما جاورها. وهكذا بقيت البصرة ثغرا يصد الهاجمين على العراق من هذه الناحية. هذا هو مبدأ تكوين البصرة ثم تدرجت وتقدمت خطى واسعة وأول من قاس البصرة هو يزيد الرشك. قال: قست البصرة في ولاية خالد بن عبد الله القسري فوجدت طولها فرسخين وعرضها فرسخين إلا دانقا. فهذه في البصرة القديمة ومكانها اليوم بلدة الزبير.
أما البصرة الحالية فهي تبعد عن الأولى 14 كيلومترا ولم يكن لتأسيسها زمن خاص معروف عند المؤرخين. بل يظهر إنها نشأت تدريجا على أنقاض
البصرة القديمة. والبصرة الحالية قائمة على نهر الابلة يسمونه اليوم نهر العشار. قال القزويني في عجائب المخلوقات: (الابلة): جانبان شرقي وغربي طوله أربعة فراسخ. أما الشرقي فيعرف بشاطئ عثمان، وهو العامر الآن: وأما الغربي فخراب غير أن فيه مشهدا يعرف بمشهد
(العشار) مشرف على دجلة وهو موضع شريف قد اشتهر بين الناس. أهـ.
فيمكن أن يكون بهذه المناسبة أبدل أسم الابلة بالعشار، ولا صحة لما يقولون إنه سمي كذلك لاجتماع العشارين على صدره لأخذ الأعشار من السفن والمارة. وقد كانت البصرة القديمة على نهر الاجانة الذي حفره أبو موسى؛ ويظهر أن البصرة كانت في سباخ من الأرض تبعد عن الماء ثلاثة فراسخ ويظهر أن الماء كان حولها بشكل بطيحة ولم يكن نهرا فقد ذكروا أن دجلة العوراء كانت تكون خورا واسعا فيما يلي البصرة وكانت العرب في الجاهلية تسمي هذا الخور بالاجانة وسمته العرب في الإسلام بالجزاز وقيل في موضع آخر أن ماء دجلة كان ينتهي إلى فوهة (الجوبرة) فيستنقع هناك ويكون مثل البركة الواسعة وكانت فيه اجاجين وانقرة ولذلك سمي النهر الذي جذبه منه أبو موسى نهر الاجانة.
وكل تاريخ البصرة حوادث وفتن ونهب وانتزاع وأول وقائعها الحربية واقعة الجمل سنة 36 هجرية وآخر وقائعها واقعة الإنكليز والأتراك سنة 1333هـ وما بين هذين التأريخين فتن وحروب وقلاقل مستمرة لم تسترح منها حتى مدة نصف قرن فأوقع فيها صاحب الزنج وأوقع فيها القرامطة وأوقع فيها الخوارج وأوقع فيها الموالي وأوقع فيها الوهابيون وتصارع عليها الولاة والأمراء وتنازعها الملوك من الفرس والعرب والديلم والمغول والأتراك ودخلت البصرة في طاعة العثمانيين سنة 951هـ وذلك حين قدم العراق السلطان سليمان وكانت البصرة تابعة للفرس وكان واليها يومئذ راشد وهو زعيم كبير من زعماء قبائل البصرة فشخص راشد إلى بغداد وقدم إلى السلطان العثماني إحتراماته وخضوعه إلا إنه لم يكن فعله إلا في الظاهر وكان يقصد بعمله هذا الاستئثار بالبصرة عندما يتردد أمرها بين الفرس والأتراك ولما أدرك العثمانيون طوية
راشد شخص إلى البصرة اياس باشا والي بغداد سنة 953هـ يقود جيشا لهاما فدخلها ظافرا ووجد راشد قد فر فنظم ولاية البصرة وضم إلى عملها واسطا والجزائر. وهكذا بقيت البصرة تابعة لبغداد وكان يرسل والي بغداد إليها عاملا من قبله يتسلم إدارتها ويسميه البصريون (المتسلم) إلى آخر أزمنة آل سعدون.
وفي عهد ناصر باشا انفصلت إدارة البصرة عن إدارة بغداد وسميت باصطلاح الإدارة التركية (ولاية) وقد تابع الفرس مناجزاتهم على البصرة ودخلوها مرارا وآخرها المناجزة الكبرى التي وقعت في القرن الثاني عشر بين المنتفق وبين باقر خان الزند، أخي الشاه
كريم خان الزند، المؤسس للسلطنة الزندية في إيران. وقد أبلى المنتفق في هذه الحرب بلاء حسنا ودخل باقر خان البصرة ولكن المنتفق بعد أن استرجعوا قواهم كروا على الجيش الفارسي، وأخرجوه من البصرة.
وقد وقع في القرن الثالث عشر بعض معاركات بين المنتفق والفرس في ضواحي البصرة ولم يتيسر لهم دخول البصرة بعد ذلك.
والبصيرة تصغير البصرة وقد كانت محلة منفردة واقعة على شط العرب يوم كانت البصرة العتيقة زاهية وهذه البصيرة صارت اليوم البصرة الجديدة وهذا قبل العمارة الفخمة التي قامت حديثا باسم العشار، وعلى كل حال تكون هذه البصيرة أو البصرة عبارة عن عدة محال معروفة منها:(بريهة) في أقصى البصرة من الجهة الشرقية فاصلة بينها وبين (المناوي) وجاء في القاموس نهر بريهة تصغير إبراهيم أحد انهار البصرة ولعله هذا (المناوي) محلة من محلات البصرة وقد كانت أولاً قلعة على نهر المناوي تفصل البصرة عن شط العرب.
ومن محلات البصرة (تومة العباس) و (سوق الغزل) ويعرف اليوم (بسوق الدجاج) والسيمر و (أهل الدير) و (الحوز) و (المكسار) و (المشراق) و (محمد الجواد) و (غصيبة) و (بنت الجبل) و (الخندق) وكثير غيرها.
وللبصرة ناحيتان الجنوب والشمال (فناحية الجنوب) علم للقرى التي ما بين البصرة والبحر الملح من الجانب الغربي وهي مشتملة على انهار كثيرة وعلى كل نهر قرية. فالنهر الأول مما يلي البصرة المناوي ثم الخورة فالسراجي فمهجران فحمدان فيوسفان فاليهودي فأبو الخصيب فالفياضي فالنوفلي فالزين فالمطوعات فالحنت فالشباني فالكيعرة وكثير غيرها مثل خريبط وأما (ناحية الشمال) مما يلي البصرة من الجهة الشمالية فهي علم لنواح كثيرة مثل الشرش، والرباط، ونهر معقل، (وهي التي يسميها اليوم بعضهم خطأ ماركيل) والهارثة، والدير ونهر عنتر وكثير غيرها.
وقد اشتهرت البصرة بمذهبها النحوي فإلى البصريين يرجع فخر هذا العلم والتأليف فيه إذ فيها ضبطت شوارده، ودونت قواعده.
ولمربد البصرة شهرة أدبية عالية لم تقل عن بقية أسواق العرب وكان يجتمع فيه الأدباء
والعلماء والشعراء فيتناشدون ويتفاخرون بالقصائد والخطب.
النجف: علي الشرقي
فرتني
(فرتني فرتنيان: إحداهما بمروالروذ والآخرة في أثينة من بلاد اليونان، وكل منهما قصر بديع في محل رفيع)، هذا ما كنا وجدناه في أحد الكتب الخطية التي كانت عندنا قبل الحرب، واتلف مع ما اتلف من خزانتنا الجليلة، ولسوء الحظ لم نقيد اسمه في ما نقلنا عنه من الموضوعات والمصطلحات.
قلنا: أما فرتني أو فرتنا مرو الروذ فقد ذكرها الطبري في تاريخه الشهير في 2: 594 و596 و696 و1145 وياقوت في معجمه في 3: 868 وكلاهما من طبع الإفرنج.
وأما فرتني أثينة فلم اعثر عليها إلا في كتاب واحد مطبوع لا يحضرني الآن اسمه وأظن أن الفرس في أيام عزهم تشبهوا كثيرا باليونانيين وبنوا أبنية تضارع آطامهم وقصورهم فسموها بأسماء يونانية من ذلك الطربال وطيسفون أي إلى غيرهما. ومعنى فرتني البكر العذراء والكلمة لقب المعبودة اثينة وهي اللات أو اللاة عند السلف. ومن الغريب أن أصل الكلمة اليونانية عربي هو (الفاتنة) فأقحموا الراء بين الألف والتاء وقالوا الفارتني أو الفرتني أرادوا بها البغي وسبب هذه التسمية يطول شرحه فاكتفينا بالإشارة إليه.