الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: الْخَوْخَةِ وَالْمَمَرِّ فِي الْمَسْجِدِ
(باب: الخوخَة والممرِّ في المسجد): نبه بذلك على أن المرور في المسجد لما يعرض للإنسان من شؤونه جائز، وهو من قبيل الارتفاق بما لله فيما لا يضرُّ كبيرَ (1) مضرَّةٍ، ولا يقال: إن المساجد لم توضع طرقات، أو تختصر (2) بها الطرقات؛ فإن التشديدَ في ذلك تنطُّع، والمسجدُ والطرقاتُ كلُّها لله مرافقُ للمسلمين، فيستعان ببعضها على بعض؛ كجامع مصر، وجامع الإسكندرية الأوسط، وقد كان ممر أبي بكر رضي الله عنه (3) إلى داره في (4) المسجد.
* * *
332 -
(466) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ". فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقُلْتُ فِي نفسِي: مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ؟! فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْعَبْدَ، وَكانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، قَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ! لَا تَبْكِ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ
(1) في "ع": "كثير".
(2)
في "ج": "تختص".
(3)
"رضي الله عنه" زيادة من "ع".
(4)
في "ن": "من".
كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ، إِلَّا بَابُ أَبي بَكْرٍ".
(ما يبكي هذا الشيخ أن يكون الله خَيَّرَ عبدًا): أي (1): أيُّ شيء يبكيه من كون الله خير عبدًا؟ وفي نسخة: "إِنْ يَكُنِ اللهُ خَيَّرَ عَبْدًا" بإن الشرطية، والجواب محذوف مدلولٌ عليه بما تقدم، ففيه ورودُ الشرط مضارعًا مع حذف الجواب.
ووقع في بعض النسخ: "أَنْ يَكُونَ الله عبدًا خَيَّر"["وإنْ يَكُنِ اللهُ عَبْدًا خيَّرَ"](2) بتقديم المفعول، مع فتح أن وكسرها.
(إن أمنَّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر): أي أَبْذَلُ لنفسه، وأَعْطى لماله، والمَنُّ: العطاء، ولم يرد به المِنَّةَ؛ لأنها تفسدُ الصنيعة (3)، ولا منةَ لأحد على النبي صلى الله عليه وسلم.
ويروى: "إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ".
قال الزركشي: على حذف اسمها، والجار والمجرور صفته (4)؛ أي: إن رجلًا من أمن الناس (5).
قلت: هذا التركيب هو مثل: "إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذابًا يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ"(6)، فيتأتى فيه القول بزيادة (مِنْ) في الإيجاب، ومع
(1)"أي" ليست في "ج".
(2)
ما بين معكوفتين سقط من "ج".
(3)
في "ج": "المنيعة".
(4)
في "ج": "صفة".
(5)
انظر: "التنقيح"(1/ 166).
(6)
رواه البخاري (5950)، ومسلم (2109) عن ابن مسعود رضي الله عنه.
المعرفة على رأي الأخفش، والقول بأن اسم "إن" ضمير الشأن، وهو محذوف.
(ولكن أخوة الإسلام): كذا عند أكثر (1) الرواة، وعند الأصيلي:"ولَكِنْ خُوَّةُ (2) الإِسْلامِ" بغير (3) ألف (4).
قال ابن مالك: نقل حركة الهمزة إلى النون، وحذفت الهمزة على القاعدة المشهورة، فصار: ولكنُ خوةُ الإسلام، فليكنِ النطقُ به كذلك، ولك تسكين (5) النون تخفيفًا (6).
(إلا بابُ أبي بكر): بالرفع على البدل، والنصب على الاستثناء.
قال ابن المنير: ولعل الحكمة في ذلك إظهارُ خصوصية أبي بكر رضي الله عنه (7) بالخلافة والإمامة بعده دون سائر الناس، فأبقى خوخته إلى محل إمامته (8)، رفقًا به وبالمسلمين في تيسير الأمر على إمامتهم.
* * *
(1)"أكثر": ليست في "ج".
(2)
في "ج": "أخوة".
(3)
في "ج": "من غير".
(4)
انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 22).
(5)
في "ن": "ولكن تسكين"، و "ع":"ولكن تسكن".
(6)
انظر: "شواهد التوضيح"(ص: 82).
(7)
"رضي الله عنه" زيادة من "ع".
(8)
في "ن": "إقامته".