الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الصلاة
باب: كيف فُرِضَتِ الصَّلواتُ في الإسراءِ
؟
257 -
(349) - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنس بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَناَ بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَلَمَّا جِئْتُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ: افْتَحْ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ، قَالَ: هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نعمْ، مَعِي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نعمْ. فَلَمَّا فتحَ، عَلَوْناَ السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَإِذَا رَجُل قَاعِدٌ، عَلَى يَمِينهِ أَسْوِدَةٌ، وَعَلَى يَسَارِه أَسْوِدَةٌ، إِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينهِ، ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَسَارِه، بَكَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالح وَالاِبْنِ الصَّالح، قُلْتُ لِجبْرِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا آدَمُ، وَهَذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينهِ وَشمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فَأَهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَالأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ شمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ عَنْ يَمِينهِ، ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شمَالِهِ، بَكَى، حَتَّى عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثانِيَةِ، فَقَالَ
لِخَازِنهَا: افْتَحْ، فَقَالَ لَهُ خَازِنها مِثْلَ مَا قَالَ الأَوَّلُ، فَفَتَحَ". قَالَ أَنسٌ: فَذَكرَ: أَنَّهُ وَجَدَ فِي السَّمَوَاتِ آدَمَ، وَإِدْرِيس، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَإِبْرَاهِيمَ -صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ-، وَلَمْ يُثْبِتْ كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ ذَكرَ: أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّمَاءِ السادِسَةِ، قَالَ أَنسٌ:"فَلَما مَرَّ جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِإِدْرِيس، قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالح وَالأخِ الصَّالح، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِدْرِيس، ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالح وَالأخِ الصَّالح، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُوسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالأخِ الصَّالح وَالنَّبِيِّ الصَّالح، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا عِيسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالح وَالاِبْنِ الصَّالح، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم".
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَزْمٍ: أَنَّ ابْنَ عَباسٍ وَأَبَا حَبَّةَ الأَنْصَارِيَّ كَاناَ يَقُولَانِ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلَامِ". قَالَ ابنُ حَزْمٍ، وَأَنسُ بنُ مَالِكٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ، حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ: فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعَنِي، فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، قُلْتُ: وَضَعَ شَطْرَهَا، فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ، فَرَاجَعْتُ، فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِن أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُهُ، فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ، وَهْيَ خَمْسُونَ، لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَقُلْتُ: اسْتَحْيَيْتُ
مِنْ رَبي، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي، حَتَّى انتهَى بِي إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لَا أَدْرِي مَا هِيَ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا حَبَائِلُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ".
(كتاب: الصلاة).
(فُرِج): مبني للمجهول.
(فَفَرَجَ): -بفتحات- مبني للمعلوم؛ أي: شق، وفي بعض النسخ: بتشديد الراء للمبالغة.
(بطَست): -بفتح الطاء-، وحكى ابن الأنباري فيها الكسر أيضًا (1)، وهو فارسي كما نقله الجواليقي عن أبي عبيد (2)، وخص الطست بذلك دون غيره من الأواني؛ لأنه آلة الغسل عرفًا.
(من ذهب): ليس فيه ما يوهم استعمال أواني الذهب [لنا؛ فإن هذا من فعل الملائكة، ولا يلزم مساواتهم لنا في الحكم.
(ممتلئ): ذكر على معنى الإناء] (3)، وإلا فالطستُ مؤنثةٌ.
(حكمةً وإيمانًا): أي: شيئًا (4) تحصل بسبب ملابسته (5) الحكمةُ
(1) انظر: "التوضيح" لابن الملقن (5/ 229 - 230).
(2)
في "ج": "عبيدة".
(3)
ما بين معكوفتين سقط من "ج".
(4)
في "ج": "شيء".
(5)
في "ن" و "ع" و "ج": "ملابسة".
والإيمان، [فأطلقا عليه تسميةً للشيء (1) باسم مُسببه، أو هو تمثيل؛ لينكشف (2) بالمحسوس ما هو معقول](3).
قيل: والحكمةُ هي العلمُ المتصفُ بالأحكام، المشتملُ (4) على المعرفة بالله تعالى، والمصحوبُ (5) بنفاذِ البصيرة، وتهذيبِ النفس، وفعلِ الحق، وتركِ الباطل.
(فقال: أرسل إلي؟): -بهمزة واحدة-، وفي نسخة: -بهمزتين-؛ أي: هل أرسل إليه (6) للعروج إلى السماء؛ إذ كان (7) الأمر في بعثه رسولًا إلى الخلق شائعًا مستفيضًا قبل العروج به (8).
(أَسْوِدَة): جمعُ سواد؛ كزمان وأزمنة، وهي الأشخاص.
(مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح): جمع بين صلاح الأنبياء وصلاح الأبناء، كأنه قال: مرحبًا بالنبي التام في نبوته، والابنِ البارِّ (9) في بُنُوَّته، وكذا القول في النبي الصالح والأخ الصالح.
(1) في "ن": "الشيء".
(2)
في "ع": "فينكشف".
(3)
ما بين معكوفتين سقط من "ج".
(4)
في "ع": "المشتملة".
(5)
في "ن" و "ع": "المصحوب".
(6)
في "ع" و "ج": "إلينا".
(7)
في "ع": "إذا كان".
(8)
"به" ليست في "ج".
(9)
في "ع": "الابن التام".
(نَسَم بنيه): أي: أرواحهم -بنون وسين مهملة مفتوحتين (1) - جمعُ نَسَمَةٍ.
(فلما مر جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم (2) بإدريس): الباء الأولى للمصاحبة، والثاثية للإلصاق، وكلاهما متعلق بمر.
(فأخبرني ابن حزم): هو أبو بكر بنُ (3) محمدِ بنِ عمرِو (4) بنِ حزمٍ قاضي المدينة وأميرُها زمنَ الوليد، مات سنة عشر ومئة، عن أربع وثمانين سنة.
(وأبا حَبّة الأنصاري): هو (5) البدري -بحاء مهملة مفتوحة وموحدة مشددة-، وللقابسي: بياء مثناة.
قال الزركشي: وقال الواقدي: [ممن شهد بدرًا أبو حنة؛ يعني: بالنون، واسمه مالك بنُ عمرِو بنِ ثابتٍ](6)، وليس (7) ممن شهد بدرًا أحدٌ يُكنى أبا حَبَّةَ؛ يعني: بالباء، وإنما أبو حبة بن غَزِيَّة (8) من بني النجار، قُتل باليمامة، ولم يشهد بدرًا، والأول (9) قاله عبد الله بن محمد بن عمارة (10)
(1) في "ن" و "م": "مفتوحة".
(2)
"بالنبي صلى الله عليه وسلم": ليست في "ج".
(3)
"ابن" ليست في "ج".
(4)
في "ع": "عمر".
(5)
"هو" ليست في "ع" و "ج".
(6)
ما بين معكوفتين سقط من "ع".
(7)
"وليس" ليست في "ج".
(8)
في "ع": "ابن عرفة".
(9)
في "ع": "الأول".
(10)
"عمارة" ليست في "ن"، وفي "ع" و"ج""عبد الله بن عمار".
الأنصاري، وهو أعلم بالأنصار (1)(2).
(حتى ظهرتُ): أي: علوتُ، وقد مر مثله.
(لمستوًى): -بواو مفتوحة-؛ أي: موضع مشرف يستوي عليه، وهو المصعد.
(صريفُ الأقلام): أي: صريرُها، وهو صوت حركتها وجريانها على اللوح.
(فوضع شطرها): أي: جزءًا منها، وليس المراد النصف.
[قلت: ويدل عليه قوله في المرة الثانية: فوضع شطرها، وليس المراد به النصفُ](3) قطعًا؛ للزوم أن يكون وضع ثنتي عشرة صلاة ونصفَ صلاة، وهو باطل (4).
قالوا: فيه (5) جواز النسخ قبل الفعل خلافَ رأي المعتزلة.
قال ابن المنير: لكن الكلَّ متفقون على أن النسخ لا يتصور قبل البلاغ (6)، وقد جاء به (7) حديث الإسراء فأشكل على الطائفتين.
قلت: بل الخلاف مأثور، نص عليه ابنُ دقيق العيد في "شرح
(1) في "ع": "بالأنصاري".
(2)
انظر: "التنقيح"(1/ 136).
(3)
ما بين معكوفتين سقط من "ع".
(4)
في "ع": "ونصف صلاة ونصف وهو باطل".
(5)
في "ن" و "ع" و "ج": "وفيه".
(6)
في "ج": "البلوغ".
(7)
في "ع": "فيه".
العمدة" (1)، وغيره، وقد تعلق القائل بعدم ثبوت النسخ في حق المكلف قبل بلوغ الخطاب له بحديث أهل قباء في الصلاة؛ إذ لو ثبت الحكم في حقهم؛ لبطل ما فعلوه من التوجُّه إلى بيت المقدس قبلَ ورود الناسخ إليهم.
(فإذا فيها (2) حبائل (3) اللؤلؤ): اتفقت الرواة (4) على أنها (5) حَبائل -بحاء مهملة فموحدة فألف فهمزة فلام-، قالوا: وهي تصحيف.
وفي البخاري في الأنبياء: "جَنَابِذُ" -بجيم ونون وموحدة بعد الألف وذال معجمة- جمع جنبذة، وهي القبة، قال القاضي: وهذا هو الصواب (6).
ومن ذهب إلى صحة الرواية، قال: إن الحبائل: القلائد والعقود (7)، وهو تَخَيُّلٌ ضعيف، بل هو تصحيف، فالحبائل إنما تكون (8) جمع حبالة أو حَبيلة (9).
* * *
258 -
(350) - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ
(1) نظر: "شرح عمدة الأحكام"(1/ 191).
(2)
في "م": "فيه".
(3)
في "ع" و "ج": "جنابذ".
(4)
في "ج": "الرواية".
(5)
"أنها" ليست في "ج".
(6)
انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 177).
(7)
في "ن": "والعقد".
(8)
"إنما تكون" ليست في "ج".
(9)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 553).