الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْألهُمْ، وَهْوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كيْفَ تَرَكتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأتيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ".
(يتعاقبون فيكم ملائكة): جاء على لغة: "أكلوني البراغيث"، وكان عليه السلام يعرف لغةَ جميع (1) العرب.
وقال السهيلي في هذا الحديث: إن الواو فيه علامة إضمار؛ لأنه حديث مختصر رواه البَزَّار مطولًا مجودًا (2)، فقال فيه:"إنَّ لِلهِ مَلائِكَةً يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ"(3).
قلت: دعوى لا دليلَ عليها، فلا يُلتفت إليها، وقد اعتمدها أبو حيانَ في ردِّ كلام ابن (4) مالكٍ في الاستدلال بهذا الحديث، ومعنى التعاقُب: إتيانُ طائفة بعدَ أخرى.
* * *
باب: مَنْ أدرك ركعةً من العصرِ قبلَ الغروبِ
388 -
(556) - حَدَّثنَا أَبُو نَعِيمٍ، قَالَ: حَدَّثنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَدْرَكَ
(1) في "ج": "جمع".
(2)
في "ع": "مجردًا"، وفي "ج":"مُحَددًا".
(3)
قال الحافظ في "الفتح"(2/ 42): وقد سومح في العزو إلى "مسند البَزَّار"، مع أن هذا الحديث بهذا اللفظ في الصحيحين، فالعزو إليهما أولى.
(4)
"ابن" ليست في "ن".
أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ، قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ، وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْح، قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ".
(إذا أدرك أحدُكم سجدةً): أي: ركعةً؛ من باب إطلاق البعض وإرادة الكلِّ، وتبويبُ البُخَارِيّ يفسره.
وفيه: دليل على صحة إطلاق (1) إدراك السابقِ للاحق (2)؛ فإن وجود المصلي سابقٌ على وجود الصلاة التي تجب عليه، ومع ذلك قيل: أدركها، ولم يقل: أدركته.
وقد مر فيه كلامٌ في: بدء الوحي، في قول ورقة:"إِنْ أدركْ يومَكَ"[على رواية (3) "السيرة"، وقد تكرر مثلُ هذا التركيب في الأحاديث](4)، وهو مؤيِّدٌ لهذا (5) الإطلاق، فتأمله.
* * *
389 -
(557) - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عبد الله، قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِم بْنِ عبد الله، عَنْ أَبيهِ: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَم كَمَا بَيْنَ صَلاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُوتِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ، فَعَمِلُوا،
(1)"إطلاق" زيادة من "ن" و "ع".
(2)
في "ج": "اللاحق".
(3)
في "ن": "على رواة".
(4)
ما بين معكوفتين سقط من"ج".
(5)
في "ج": "هذا".
حَتَّى إِذَا انتصَفَ النَّهَارُ، عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِيَ أَهْلُ الإنْجيلِ الإنْجيلَ، فَعَمِلُوا إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتينَا الْقُرآنَ، فَعَمِلْنَا إِلَى غُرُوبِ الشَمْس، فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ: أَيْ رَبَّنَا! أَعْطَيْتَ هَؤُلَاءَ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، وَنحنُ كُنَّا أَكثَرَ عَمَلًا، قَالَ: قَالَ اللهُ عز وجل: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالُوا: لا، قَالَ: فَهْوَ فَضْلِي أُوتيهِ مَنْ أَشَاءُ".
(فأُعطوا قيراطًا قيراطًا): أي: فأُعطوا أجورهم (1) قيراطًا قيراطًا، فهو حال، والمعنى: أُعطوا الأجرَ متساوين فيه، وهو مثل قولهم: ادخلوا رجلًا رجلًا؛ أي: مرتبين (2)، وعلمته النحوَ بابًا بابًا، وانتصابُ الثاني في ذلك على التأكيد عند الزجاج، والوصفِ عند أبي الفتح، وبالاسم الأول عند أبي علي.
قال أبو حيان: والأَولى انتصابُه بالعامل في الأول؛ لأن المجموع هو (3) الحال، ولو قيل: إنه على إضمار الفاء؛ لكان حسنًا.
وقد نص أبو الحسن: أنَّه لا يدخل في ذلك من العواطف غير الفاء.
قال ابن هشام: ويرد الأولَ: أنَّه غيرُ صالح للسقوط، فلا تأكيد.
(1) في "ع": "أعطوا أجودهم"، وفي "م":"أعطوا أجرهم".
(2)
في "ع": "مترتبين".
(3)
"هو" ليست في "ن" و "ع".
والثاني (1): أن معناه ولفظه كالموصوف؛ فإنَّه (2) جامد.
والثالثَ: أنَّه متوقف على تأويل الأول مرتبًا (3)، والثاني بالجمع.
والخامس: أن العاطف لا يُترك أبدًا أو غالبًا.
ثم قال: ولعل الزجاج قائل: إن بابًا الأولَ بمعنى مرتبًا، والتزم ذكر الثاني؛ لأن ذكره أمارة على المعنى الذي قُصد بالأول، وربَّ شيءٍ لا يلزمُ ابتداءً، ثم يلزمُ لعارضٍ (4).
ولعل أَبا الفتح (5) يقدِّر: بابًا سابقَ باب، ثم حذف المضاف كما صح عند الخليل: مررت (6) يزيد زهير على تقدير مثل، وجاء زيد زهيرًا على (7) ذلك عنده وعند غيره.
قلت: كل هذا تكلف ظاهر (8)، والإشكالُ بحاله، ويظهر لي في إعراب الحديث وجهٌ قريب، وذلك أن قوله:"فأُعطوا" يدل على أن كُلًّا
(1) في "ن": "فلا تأكيد للثاني".
(2)
في "ن": "وإنَّه".
(3)
في "م": "بمرتبًا".
(4)
في "ن": "العارض"
(5)
"الفتح" ليست في "ن".
(6)
في "ع": "مورث"
(7)
في "ع""وعلى".
(8)
في "ج": "مكلف ظاهرًا".
أعطي أجرَه، فيقدَّر (1): أُعطي كلٌّ منهم قيراطًا قيراطًا (2)، فيكون "قيراطًا" الأولُ مفعولَ أُعطي الثاني، و"قيراطًا" الثاني تأكيدًا، ولا إشكال.
فإن قلت: هو غير صالح للسقوط هنا.
قلت: لا نسلم عدمَ صلاحيته لذلك مع إرادة التقدير المذكور (3)، والله أعلم.
فإن قلت: فما (4) وجه مطابقة حديث ابن عمر (5) للترجمة، وإنما حديثه مثالٌ لمنازل الأمم عند الله؛ فإن هذه الأمة أقصرُها عمرًا، وأقلُّها عملًا، وأعظمُها ثوابًا؟
قلت: أورده ابن المنير، وأجاب: بأنه (6) يُستنبط بتلطُّف (7) من قوله: "فعملْنا إلى غروب الشَّمس"، فدل (8) أن وقت العمل ممتدٌّ (9) إلى الغروب، وأنه لا يفوت، وأقربُ الأعمالِ المشهور بهذا الوقت صلاةُ العصر، وهو من قَبيل الأخذِ من الإشارة، لا (10) من صريح العبارة، وليس المراد عملًا
(1) في "ج": "فتقدير".
(2)
"قيراطًا" الثَّانية أشير إليها في "م" ولكنها لم تثبت في الهامش.
(3)
"المذكور" ليست في "ن"، وفي "ج":"المذكر".
(4)
في "ن": "ما".
(5)
في "ع": زيادة: "رضي الله عنهما".
(6)
"بأنه" ليست في "ج".
(7)
في "ج": "تلطف".
(8)
في "ع": "فقال".
(9)
في "ج": "ممتدًا".
(10)
في "ج": "لأن".