الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: قوله بعد ذلك في رواية أخرى: "فَغَدًا اليَهُودُ (1)، وَبَعْدَ غَدٍ النصارى (2) " يرجِّح (3) الأول. وفيه بحث.
* * *
باب: فَضْلِ الغُسلِ يومَ الجمعةِ
556 -
(878) - حَدَّثَنَا عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُويرِيَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِم بْنِ عبد الله بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَمَا هُوَ قَائِمٌ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنَادَاهُ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ قَالَ: إنِّي شُغِلْتُ، فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ التَّأْذِينَ، فَلَمْ أَزِدْ أَنْ تَوَضَّأْتُ. فَقَالَ: وَالْوُضُوءُ أَيْضًا، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ؟!
(إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين): هو عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو المراد أيضًا بالمبهَم الذي ذكره بعدُ في باب: فضل الجمعة، عن أبي هريرة.
(إني شُغِلْتُ): بالبناء للمفعول.
(فقال: والوضوء أيضًا؟!): إنكار آخر على ترك السنة المؤكدة التي
(1) في "ن" و "ع": "لليهود".
(2)
في "ن" و "ع": "للنصارى".
(3)
في "ج": "ورجح".
هي الغسل، وجوزوا فيه الرفعَ والنصب، فالرفع على أنه مبتدأ، والخبر محذوف، تقديره: والوضوءُ مقتَصرٌ عليه، ولو قدروا (1): الوضوءُ أيضًا مما يُنكر؛ أي: وإفراد (2) الوضوء، فحذف المضاف؛ لأن قوله: فلم أزد على أن توضأت يدل على أنه اقتصر على الوضوء؛ لكان حسنًا.
قال الزركشي: والنصب على أنه مفعول بإضمار فعل تقديره: أتخصُّ الوضوءَ دونَ الغسل؟! والواو عوض من همزة الاستفهام؛ كما قرأ ابن كثير: {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ} [الأعراف: 123].
قلت: تخفيف الهمزة بإبدالها واوًا صحيح؛ لوقوعها مفتوحة بعد ضمة، وأما في الحديث، فليس كذلك؛ لوقوعها مفتوحة بعد فتحة، فلا وجه لإبدالها فيه واوًا، ولو جعله على حذف الهمزة؛ أي: أَوَ تخصُّ الوضوءَ أيضًا؟ لجرى على مذهب الأخفش في جواز حذفها قياسًا عند أَمْنِ اللَّبْس، والقرينةُ الحاليةُ المقتضيةُ للإنكار شاهدةٌ بذلك، فلا لَبْس.
ثم نقلُ الزركشي عن ابن السِّيد: أنه روي (3) بالرفع، على لفظ الخبر، والصواب: آلوضوءُ -بالمد- على لفظ الاستفهام؛ كقوله تعالى: {ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} [يونس: 59](4).
قلت: نقلُ كلامِ ابن السِّيدِ بقصدِ (5) توجيهِ ما في البخاري به غلطٌ؛
(1) في "ج": "قدر".
(2)
في "ع" و "ج": "وأفرد".
(3)
في "ع": "يروى".
(4)
انظر: "التنقيح" للزركشي (1/ 236).
(5)
في "ع": "يقتضي".