الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونحوه، ألا ترى أن الماء كان لقومها، وهم غُيَّب (1)، فبيع (2) عليهم لضرورة أصحاب الحقوق؛ إذ إحياءُ الأنفسِ حقٌّ على الناس كلهم (3)؟
قلت: هذا بعيد جدًّا، وفيه مثلُ ما تقدم مع زيادة، وهي ما في قوله أولًا: إن المأخوذ كان ملكها، وقوله ثانيًا: إنه ملك لقومها من التعارض ظاهرًا.
* * *
باب: التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ
(باب: التيمم ضربة): إن (4) نونت الباب، فقوله: التيممُ ضربةٌ مبتدأ وخبر (5)، وإن أضفته (6) إلى التيمم، فضربةً نصب على الحال.
فإن قلت: هذا ليس من الصور الثلاث التي (7) تقع فيها الحال من المضاف إليه.
قلت: بل هو منها، وذلك لأن المعنى: باب: شرح التيمم، فالتيمم بحسب الأصل مضاف إلى ما يصلح عمله في الحال، وهو من الصور الثلاث.
(1)"وهم غيب" ليست في "ج".
(2)
في "ع" و "ج": "وبيع".
(3)
في "ع": "إذ الإحياء حق الأنفس على الناس كلهم".
(4)
في "ج": "أي".
(5)
"وخبر" ليست في "ن".
(6)
في "ج": "ضفته".
(7)
في "ج": "الذي".
256 -
(347) -حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: لَوْ أَن رَجُلًا أَجْنَبَ، فَلَمْ يَجدِ الْمَاءَ شَهْرًا، أَمَا كَانَ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي. فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الآيَةِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6]؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذَا، لأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمُ الْمَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا الصَّعِيدَ. قُلْتُ: وَإِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِذَا؟ قَالَ: نعَمْ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: ألمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ، فَأَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّة، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا"، فَضَرَبَ بِكَفِّهِ ضَرْبَةً عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ نَفَضَهَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهَا ظَهْرَ كفِّهِ بِشِمَالِهِ، أَوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ بِكَفِّهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أفلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ؟
وَزَادَ يَعْلَى: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى، فَقَالَ أبو مُوسَى: ألمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِي أَناَ وَأَنْتَ، فَأَجْنَبْتُ، فتَمَعَّكْتُ بِالصَّعِيدِ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرْناَهُ، فَقَالَ:"إِنَّمَا كانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا"، وَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ وَاحِدَةً؟
(وضرب بكفه ضربة): إلى هذا يرجع مذهب مالك عند التحقيق.
ومذهبُ الشافعي: أنه لا بد من ضربتين، وقد ورد في حديث:
"التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ"(1).
(1) رواه الدارقطني في "السنن"(1/ 180)، والطبراني في "المعجم الكبير" =
قال ابن دقيق العيد: إلا أنه لا يقاوم هذا الحديث في الصحة، ولا يعارَضُ مثلُه بمثلهِ (1).
* * *
= (12/ 367)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 287)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 207) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(1)
انظر: "شرح عمدة الأحكام"(1/ 113).