المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: ثبوت النسخ في الكتاب والسنة - المقدمات الأساسية في علوم القرآن

[عبد الله الجديع]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة]

- ‌تمهيد

- ‌القرآن وإعجازه

- ‌تعريف القرآن:

- ‌أسماء القرآن:

- ‌تعريف السورة والآية:

- ‌القرآن المعجزة الباقية:

- ‌أنواع الإعجاز في القرآن:

- ‌النّوع الأوّل: الإعجاز اللّغويّ:

- ‌النّوع الثّاني: الإعجاز الإخباريّ:

- ‌النّوع الثّالث: الإعجاز التّشريعيّ:

- ‌النّوع الرّابع: الإعجاز العلميّ:

- ‌المقدمة الأولى نزول القرآن

- ‌الفصل الأول: كيفية نزول القرآن

- ‌المبحث الأول: كيف أنزل القرآن

- ‌المبحث الثاني: حكمة التنزيل مفرّقا

- ‌1 - تثبيت فؤاد النّبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - إبطال اعتراضات الكفّار

- ‌3 - التدرّج في التّشريع مراعاة للمكلّفين

- ‌4 - توكيد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بكون ما جاء به من عند الله

- ‌المبحث الثالث: من كان ينزل بالقرآن

- ‌الفصل الثاني: أسباب نزول القرآن

- ‌المبحث الأول: القرآن من جهة النزول قسمان

- ‌الأول: ما لا يتوقّف على سبب

- ‌الثاني: ما ينزل لحادثة مخصوصة أو سؤال

- ‌المبحث الثاني: الطريق إلى معرفة سبب النزول

- ‌المبحث الثالث: هل يمكن تكرر النزول

- ‌المبحث الرابع: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب

- ‌المبحث الخامس: فوائد معرفة أسباب النزول

- ‌المبحث السادس: وجوب التحقق من صحة السبب

- ‌خلاصة وأحكام

- ‌الفصل الثالث: معرفة المكي والمدني

- ‌المبحث الأول: المراد بالمكي والمدني

- ‌المبحث الثاني: طريق معرفة المكي والمدني

- ‌ خصائص المكّيّ

- ‌المبحث الثالث: خصائص المكي والمدني

- ‌خصائص المدني:

- ‌المبحث الرابع: علامات لتمييز المكي والمدني

- ‌فمن العلامات لمعرفة المكّي ما يلي:

- ‌ومن العلامات لمعرفة المدني ما يلي:

- ‌المبحث الخامس: فوائد معرفة المكي والمدني

- ‌المبحث السادس: حصر‌‌ السور المكيةوالمدنية

- ‌ السور المكية

- ‌السّور المدنيّة:

- ‌المبحث السابع: آيات مدنية في سور مكية

- ‌الفصل الرابع: أول ما نزل وآخر ما نزل

- ‌المبحث الأول: أول ما نزل من القرآن

- ‌المبحث الثاني: آخر ما نزل من القرآن

- ‌آخر سورة نزلت سورة النّصر

- ‌الفصل الخامس: الأحرف السبعة

- ‌المبحث الأول: إنزال القرآن على سبعة أحرف

- ‌المبحث الثاني: بيان المراد بالأحرف السبعة

- ‌والرّاجح من هذه المذاهب المذهب الأوّل

- ‌المقدمة الثانية حفظ القرآن

- ‌الفصل الأول: جمع القرآن

- ‌المبحث الأول: تمكين الأمة من حفظ القرآن

- ‌المبحث الثاني: مراحل جمع القرآن

- ‌المرحلة الأولى: جمع القرآن في عهد الرّسالة:

- ‌الصّورة الأولى: الحفظ في الصّدور

- ‌الصّورة الثّانية: الحفظ في السّطور

- ‌فحاصل هذا المبحث:

- ‌المرحلة الثّانية: جمع القرآن في عهد الصّدّيق:

- ‌هل هناك جمع وقع في خلافة عمر

- ‌المرحلة الثّالثة: جمع القرآن في عهد عثمان:

- ‌المبحث الثالث: الفرق بين جمع الصديق وجمع عثمان

- ‌الأوّل: السّبب الدّاعي للجمع

- ‌والثّاني: الصّفة الّتي وقع عليها الجمع

- ‌المبحث الرابع: موقف الصحابة من الجمع العثماني

- ‌عبد الله بن مسعود والجمع العثمانيّ:

- ‌وببعض ما ذكرت من الوجوه يبطل قول ابن مسعود

- ‌ابن مسعود وموافقة الجماعة:

- ‌ماذا عن الصّحف الّتي ردّها عثمان إلى حفصة أمّ المؤمنين

- ‌الفصل الثاني: ترتيب القرآن

- ‌المبحث الأول: ترتيب الآيات في السور

- ‌ومن الدّليل عليه:

- ‌المبحث الثاني: ترتيب السور

- ‌المبحث الثالث: أسماء السّور

- ‌المبحث الرابع: فواصل الآيات

- ‌الترجيح:

- ‌المبحث الخامس: البسملة

- ‌المبحث السادس: تتمة في مسائل

- ‌الفصل الثالث: الرسم العثماني

- ‌المبحث الأول: ما هو الرسم العثماني

- ‌المبحث الثاني: النقط والشكل فيه

- ‌فما حكم إضافة ذلك إلى المصاحف

- ‌علامات الوقف والسّكت وما يتّصل بأحكام التّلاوة:

- ‌المبحث الثالث: حكم المحافظة عليه في خطوط المصاحف

- ‌هل تجب المحافظة على خطّ المصحف عند الاقتباس منه

- ‌المقدمة الثالثة نقل القرآن

- ‌الفصل الأول: تواتر نقل القرآن

- ‌المبحث الأول: تعريف التواتر

- ‌التّواتر في اللّغة:

- ‌المبحث الثاني: نقل القرآن

- ‌المبحث الثالث: الشبهات حول نقل القرآن

- ‌وتعلّقوا بشبهات، يرجع حاصلها إلى ما يأتي:

- ‌الفصل الثاني: القراءات

- ‌المبحث الأول: أنواع القراءات باعتبار نقلها

- ‌المبحث الثاني: شروط صحة القراءة

- ‌المبحث الثالث: فوائد اختلاف القراءات

- ‌الفصل الثالث: أئمة القراءة

- ‌المبحث الأول: القراءة سنة متبعة

- ‌المبحث الثاني: رواة السبعة

- ‌1 - إمام أهل المدينة نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني

- ‌اشتهر بنقل قراءته تلميذاه:

- ‌2 - إمام أهل مكة عبد الله بن كثير بن عمرو الداري

- ‌اشتهر بنقل قراءته:

- ‌3 - إمام أهل البصرة أبو عمرو بن العلاء المازني

- ‌‌‌اشتهر بنقل قراءته:

- ‌اشتهر بنقل قراءته:

- ‌4 - إمام أهل الشام عبد الله بن عامر اليحصبي

- ‌5 - إمام أهل الكوفة عاصم بن بهدلة ابن أبي النّجود الأسدي

- ‌اشتهر بنقل قراءته تلميذاه:

- ‌6 - إمام أهل الكوفة حمزة بن حبيب الزيات

- ‌اشتهر بنقل قراءته:

- ‌7 - إمام أهل الكوفة علي بن حمزة الكسائي

- ‌اشتهر بنقل قراءته تلميذاه:

- ‌المقدمة الرابعة النسخ في القرآن

- ‌الفصل الأول: معنى النسخ وثبوته وحكمته

- ‌المبحث الأول: معنى النسخ

- ‌معنى النسخ عند السلف:

- ‌1 - تخصيص العامّ:

- ‌2 - تقييد المطلق:

- ‌3 - تبيين المجمل وتفسيره:

- ‌4 - ترك العمل بالنّصّ مؤقّتا لتغيّر الظّرف:

- ‌5 - نقل حكم الإباحة الأصليّة:

- ‌المبحث الثاني: ثبوت النسخ في الكتاب والسنة

- ‌المبحث الثالث: الحكمة من النسخ

- ‌الفصل الثاني: شروط ثبوت النسخ، وما يقع به، وطريق معرفته

- ‌المبحث الأول: شروط ثبوت النسخ

- ‌الشّرط الأوّل: أن يكونا ثابتين بالنّصّ

- ‌1 - مذاهب الصّحابة وأقوالهم

- ‌2 - الإجماع

- ‌3 - القياس

- ‌الشّرط الثّاني: أن يكونا ثابتين نقلا

- ‌الشّرط الثّالث: أن يكونا حكمين شرعيّين

- ‌الشّرط الرّابع: أن يكونا عمليّين

- ‌الشّرط الخامس: أن يكونا جزئيّين

- ‌الشّرط السّادس: أن يكونا متعارضين في المعنى

- ‌الشّرط السّابع: أن يكون النّاسخ متأخّرا في زمن تشريعه عن المنسوخ

- ‌المبحث الثاني: ما يقع به النسخ

- ‌الأوّل: نسخ قرآن بقرآن

- ‌والثّاني: نسخ سنّة بسنّة

- ‌والثّالث: نسخ قرآن بسنّة

- ‌المذهب الأوّل: امتناع نسخ الآية بسنّة

- ‌المذهب الثّاني: صحّة نسخ الآية بسنّة

- ‌والرّابع: نسخ سنّة بقرآن:

- ‌المبحث الثالث: طريق معرفة النسخ

- ‌1 - أن يأتي في لفظ النّصّ ما يفيده صراحة

- ‌2 - أن يأتي في سياق النّصّ قرينة تدلّ عليه

- ‌3 - أن يعرف تاريخ المتقدّم والمتأخّر

- ‌الفصل الثالث: أنواع النسخ في القرآن

- ‌المبحث الأول: نسخ الحكم مع بقاء التلاوة

- ‌المبحث الثاني: نسخ التلاوة مع بقاء الحكم

- ‌المبحث الثالث: نسخ التلاوة والحكم

- ‌الفصل الرابع: مسائل في النسخ

- ‌الفصل الخامس: شبهات حول النسخ ودحضها

- ‌المقدمة الخامسة تفسير القرآن

- ‌الفصل الأول: معنى التفسير وحكمه

- ‌المبحث الأول: معنى التفسير

- ‌1 - التّفسير الّذي تعرفه العرب من كلامها

- ‌2 - التّفسير الّذي لا يعذر أحد بجهالته

- ‌3 - التّفسير الّذي يعلمه العلماء

- ‌4 - التّفسير الّذي لا يعلمه إلّا الله

- ‌تنبيه:

- ‌المبحث الثاني: حكم التفسير

- ‌حكم التفسير بالرأي:

- ‌الفصل الثاني: المنهج في تفسير القرآن

- ‌المبحث الأول: شروط المفسر

- ‌الشّرط الأوّل: صحّة الاعتقاد وسلامة المنهج

- ‌الشّرط الثّاني: صحّة المقصد والتجرّد للحقّ والسّلامة من الهوى

- ‌الشّرط الثّالث: التّحرّي والتّثبّت في الفهم

- ‌الشّرط الرّابع: الدّقّة في النّقل، واعتماد القويّ الثّابت

- ‌المبحث الثاني: الطرق التي يتبعها المفسر

- ‌أوّلا: أن يفسّر القرآن بالقرآن

- ‌ثانيا: أن يفسّر القرآن بالسّنّة

- ‌1 - بيانها لمعاني المفردات

- ‌2 - تفسيرها للإجمال:

- ‌3 - رفعها للإشكال:

- ‌4 - توكيدها للقرآن مع زيادة البيان:

- ‌ثالثا: تفسير القرآن بآثار الصّحابة

- ‌حكم الاستدلال بتفسير الصّحابيّ:

- ‌رابعا: تفسير القرآن بأقوال التّابعين ومن بعدهم

- ‌خامسا: اعتبار دلالة اللّغة، والقياس بالأشباه والنّظائر

- ‌الأصل الأوّل: العلم بالعربيّة

- ‌الأصل الثّاني: العلم بما يتّصل بالقرآن ممّا له الأثر في فهمه

- ‌خاتمة الفصل

- ‌الفصل الثالث: تاريخ التفسير

- ‌المبحث الأول: التفسير في عهد الصحابة

- ‌المبحث الثاني: التفسير في عهد التابعين

- ‌وممّن يلحق بهم:

- ‌تميز أصحاب ابن عباس:

- ‌المبحث الثالث: التدوين في التفسير

- ‌الفصل الرابع: نقد مناهج التفسير

- ‌المبحث الأول: المؤلفات في التفسير بالمأثور

- ‌1 - جامع البيان عن تأويل آي القرآن

- ‌2 - تفسير القرآن العظيم مسندا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصّحابة والتّابعين

- ‌3 - معالم التّنزيل

- ‌4 - زاد المسير في علم التّفسير

- ‌5 - تفسير القرآن العظيم

- ‌6 - الدّرّ المنثور في التّفسير بالمأثور

- ‌7 - فتح القدير الجامع بين فنّي الرّواية والدّراية من علم التّفسير

- ‌المبحث الثاني: نقد المؤلفات على هذا المنهاج

- ‌المأخذ الأول: إيراد الأحاديث الضعيفة والمنكرة دون بيان:

- ‌1 - رواية مجاهد عن ابن عبّاس:

- ‌2 - رواية سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس:

- ‌3 - رواية عكرمة، عن ابن عبّاس:

- ‌4 - رواية أبي صالح باذام مولى أمّ هانئ، عن ابن عبّاس:

- ‌5 - رواية عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاس:

- ‌6 - رواية الضّحّاك بن مزاحم، عن ابن عبّاس:

- ‌7 - رواية عطيّة بن سعد العوفيّ، عن ابن عبّاس:

- ‌8 - رواية عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، عن ابن عبّاس:

- ‌المأخذ الثاني: إيراد الإسرائيليات:

- ‌فما أصل ذلك؟ وما معناه؟ وما حكمه

- ‌فخلاصة القول في الإسرائيليّات في نظر الصّحابة أنّها ثلاثة أقسام:

- ‌المبحث الثالث: التفسير بالرأي

- ‌المسألة الأولى: التّفسير باللّغة تفسير بالرّأي

- ‌المسألة الثّانية: صياغة كتابة التّفسير باللّغة المناسبة

- ‌المسألة الثّالثة: ترجمة معاني القرآن

- ‌المسألة الرّابعة: الوقاية من مزالق الرّأي في كتب التّفسير

- ‌المبحث الرابع: تسمية بعض جوامع التفسير

- ‌1 - المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

- ‌2 - أنوار التّنزيل وأسرار التّأويل

- ‌3 - البحر المحيط

- ‌4 - نظم الدّرر في تناسب الآيات والسّور

- ‌نقد هذه الكتب:

- ‌المبحث الخامس: تفاسير الفقهاء

- ‌1 - أحكام القرآن:

- ‌2 - أحكام القرآن:

- ‌3 - أحكام القرآن:

- ‌4 - الجامع لأحكام القرآن

- ‌المبحث السادس: التفاسير اللغوية

- ‌1 - إعراب القرآن

- ‌2 - مشكل إعراب القرآن

- ‌3 - إملاء ما منّ به الرّحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن

- ‌المبحث السابع: تفاسير الصوفية

- ‌المبحث الثامن: التفسير بالرأي الفاسد

- ‌الأوّل: الكشّاف عن حقائق التّنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التّأويل

- ‌والثّاني: مفاتيح الغيب، أو: التّفسير الكبير

- ‌المبحث التاسع: التفاسير المعاصرة

- ‌1 - تفسير المنار

- ‌2 - في ظلال القرآن

- ‌3 - التّحرير والتّنوير

- ‌4 - أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن

- ‌المبحث العاشر: تتمة

- ‌من المباحث المهمّة في تفسير القرآن، ممّا خصّ بالبحث: تفسير مشكل القرآن

- ‌من المناهج المبتكرة في التّفسير المعاصر للقرآن ثلاثة أنماط:

- ‌1 - التّفسير الموضوعيّ للقرآن:

- ‌2 - التّفسير العلميّ:

- ‌3 - التّفسير العدديّ للقرآن:

- ‌الفصل الخامس: قواعد التفسير

- ‌المبحث الأول: محتوى القرآن

- ‌الأصل الأوّل: أمثال القرآن

- ‌الأصل الثّاني: جدل القرآن

- ‌الأصل الثّالث: أحكام القرآن

- ‌كيف تستفاد الأحكام من القرآن

- ‌كيف تدلّ ألفاظ القرآن على الأحكام

- ‌المبحث الثاني: قواعد لغوية

- ‌1 - اتّباع معنى الكلمة القرآنيّة كما جاء به لسان العرب، وما عرف من كلامهم، وملاحظة الوجوه فيه

- ‌2 - هل في القرآن ألفاظ مترادفة

- ‌3 - الحقيقة والمجاز:

- ‌المجاز:

- ‌4 - الكناية:

- ‌5 - دلالة المشترك اللّفظيّ:

- ‌6 - فهم المراد باللّفظ من خلال السّياق

- ‌7 - ملاحظة تأثير القواعد النّحويّة:

- ‌8 - تأثير التّغيير الصّرفيّ في المعنى

- ‌9 - علوم المعاني البلاغيّة في القرآن:

- ‌10 - اشتمال القرآن على المحسّنات البديعيّة:

- ‌المبحث الثالث: قواعد أخرى

- ‌المقدمة السادسة أحكام قراءة القرآن

- ‌الفصل الأول: تجويد تلاوة القرآن

- ‌المبحث الأول: معنى التجويد وأصل استمداده

- ‌فهذان طريقان عرفنا بهما صفة تجويد القرآن:

- ‌المبحث الثاني: حكم القراءة بالتجويد

- ‌المبحث الثالث: كيف تضبط تلاوة القرآن

- ‌المبحث الرابع: مراتب التلاوة

- ‌الهدي النبوي في صفة الترتيل:

- ‌المبحث الخامس: الوقف والابتداء

- ‌تنبيهات:

- ‌الفصل الثاني: أخذ القرآن والاعتناء به

- ‌المبحث الأول: أمر الله تعالى باتّباع القرآن

- ‌المبحث الثاني: تعلم القرآن وتعليمه، والفضل فيه

- ‌المبحث الثالث: أمر السنة بالتمسك بالقرآن والعمل به

- ‌المبحث الرابع: الاعتناء بحفظ القرآن

- ‌هدي الصحابة في حفظ القرآن:

- ‌المبحث الخامس: الأمر بتعاهد القرآن خشية تفلّت حفظه

- ‌المبحث السادس: التحذير من هجر القرآن

- ‌والأقسام الّتي تكون عليها تلاوة القرآن من حيث حكمها ثلاثة:

- ‌الأوّل: فرض عين

- ‌والثّاني: فرض كفاية

- ‌والثّالث: تلاوة مندوبة

- ‌المبحث السابع: ما جاء في نسيان الحفظ للقرآن

- ‌الفصل الثالث: أدب تلاوة القرآن

- ‌المبحث الأول: آداب قارئ القرآن

- ‌هل يجوز أخذ الأجرة على تلاوة القرآن

- ‌وممّا يعين قارئ القرآن على التّدبّر أمور يراعيها حال التّلاوة، منها:

- ‌1 - أن يقرأ في موضع سكون

- ‌2 - أن يتهيّأ لتلاوته بصفاء الفكر

- ‌3 - أن يبدأ قراءته بالاستعاذة بالله من الشّيطان، فإنّها مطردة له

- ‌الأولى: حكمها:

- ‌والثّانية: صيغتها:

- ‌4 - أن يحسّن صوته بقراءته ما استطاع دون تكلّف

- ‌وعلى قارئ القرآن أن يحذر من القول في تفسيره بغير علم

- ‌المبحث الثاني: أحكام يحتاج إلى معرفتها القارئ

- ‌1 - الطّهارة لقراءة القرآن:

- ‌المسألة الأولى: الطّهارة من الحدث الأصغر:

- ‌المسألة الثّانية: الطّهارة من الحدث الأكبر:

- ‌المسألة الثّالثة: طهارة الموضع الّذي يقرأ فيه:

- ‌المسألة الرّابعة: السّواك لقراءة القرآن:

- ‌2 - أحكام متفرّقة:

- ‌أن يتوقّى استعمال آيات الكتاب للشّيء يعرض من أمر الدّنيا

- ‌ما يسمّى ب (التّنكيس) في القراءة وارد على معنيين:

- ‌قراءة البسملة أثناء السّورة:

- ‌الجمع في التّلاوة الواحدة بين قراءتين فأكثر من البدع المتأخّرة

- ‌القراءة بالقراءات الشّاذّة من المنكرات:

- ‌سجود التّلاوة:

- ‌الاجتماع لقراءة القرآن:

- ‌تكبير الختم:

- ‌دعاء الختم:

- ‌ختم التّلاوة بالتّصديق ممّا جرت به عادة القرّاء، وليس بسنّة:

- ‌استماع القرآن:

- ‌المبحث الثالث: أحكام تتعلق بالمصاحف

- ‌1 - مسّ المصحف مع الحدث:

- ‌2 - السّفر بالمصحف إلى أرض الكفّار:

- ‌ويتفرّع عن هذه المسألة: هل يجوز أن يعطى الكافر مصحفا يقرأ فيه بغرض دعوته إلى الإسلام

- ‌3 - بيع المصحف وشراؤه:

- ‌4 - تكريم المصحف:

- ‌أمّا التّعظيم الّذي وجدنا له أصلا في النّصوص أو فعل السّلف، فمثل:

- ‌تقبيل المصحف:

- ‌أن لا يقول: (مصيحف) تصغيرا، فهذا ممّا لا يناسب الاحترام

- ‌5 - ماذا يصنع بأوراق المصحف البالية

- ‌6 - فضل التّلاوة من المصحف:

- ‌خاتمة

- ‌مسرد المراجع

الفصل: ‌المبحث الثاني: ثبوت النسخ في الكتاب والسنة

المتقدّم غير مراد في التّكليف، وإنّما المراد ما جيء به آخرا، فالأوّل غير معمول به، والثّاني هو المعمول به.

وهذا المعنى جار في تقييد المطلق، فإنّ المطلق متروك الظّاهر مع مقيّده، فلا إعمال له في إطلاقه، بل المعمل هو المقيّد، فكأنّ المطلق لم يفد مع مقيّده شيئا، فصار مثل النّاسخ والمنسوخ.

وكذلك العامّ مع الخاصّ، إذ كان ظاهر العامّ يقتضي شمول الحكم لجميع ما يتناوله اللّفظ، فلمّا جاء الخاصّ أخرج حكم ظاهر العامّ عن الاعتبار، فأشبه النّاسخ والمنسوخ، إلّا أنّ اللّفظ العامّ لم يهمل مدلوله جملة، وإنّما أهمل منه ما دلّ عليه الخاصّ، وبقي السّائر على الحكم الأوّل.

والمبيّن مع المبهم كالمقيّد مع المطلق.

فلمّا كان كذلك استسهل إطلاق لفظ (النّسخ) في جملة هذه المعاني؛ لرجوعها إلى شيء واحد» (1).

‌المبحث الثاني: ثبوت النسخ في الكتاب والسنة

النّسخ واقع في نصوص الوحي بدلالة الكتاب والسّنّة، فمن أدلّة ذلك من كتاب الله تعالى ما يلي:

1 -

قوله عز وجل: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ

(1) الموافقات، للشّاطبيّ (3/ 108 - 109).

ص: 217

مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة: 106].

هذه الآية برهان صريح على وقوع النّسخ في القرآن، بمعنى الإزالة والتّبديل، وذلك بأن ينزل الله على نبيّه صلى الله عليه وسلم آية على خلاف آية نزلت قبلها، تغيّر حكمها إلى حكم جديد، هو أرفق بالنّاس أو أعظم لهم ثوابا وأفضل عاقبة ممّا كان لهم قبل ذلك.

كما في الآية دليل على إمكان نسخ الآية بوحي سواها، دون أن يكون ذلك الوحي قرآنا يتلى.

فإن قلت: فأين توجدنا ذلك فيها؟

قلت: في قوله عز وجل: نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها، ولم يقل:

(نأت بآية خير منها أو مثلها).

فإن قلت: لكن كيف يكون شيء غير الآية خيرا منها أو مثلها؟

قلت: التّفاضل بين الآيات ليس من جهة ألفاظها، فجميع ذلك كلام الله، وإنّما من جهة ما فيها من الشّرائع والأحكام بالنّسبة للمكلّف، فالأحكام هي الّتي تتفاضل فيكون بعضها خيرا من بعض، فإذا عادت الخيريّة إلى الأحكام دون اعتبار صيغتها ولفظها، فقد صحّ النّسخ بكلّ ما ثبت أنّ الله تعالى أوحاه لنبيّه صلى الله عليه وسلم.

فحاصل المعنى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بوحي خير منها أو مثلها)، وحيث صحّ نسخ الوحي بوحي خير منه للعباد، صحّ نسخه

ص: 218

بوحي مثله في درجته.

وهذا يدلّ على أنّ النّسخ كما يكون في القرآن، فإنّه يكون في

السّنّة، إذ تساويا في كونهما وحي الله وتنزيله، القرآن بلفظه ومعناه، والسّنّة بمعناها، كما يحقّق ذلك عموم قول الله تعالى: ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى 2 وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى 3 إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى 4 عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى 5 [النّجم: 2 - 5]، وقول الله عز وجل: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر: 7]، وعموم الآيات الآمرة بطاعة الرّسول صلى الله عليه وسلم، والنّصوص النّبويّة تواترت في هذا المعنى، ومن صريح ذلك حديث المقدام بن معدي كرب، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك شبعان على أريكته يقول:

عليكم بالقرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلّوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه، ألا لا يحلّ لكم الحمار الأهليّ، ولا كلّ ذي ناب من السّباع، ولا لقطة معاهد إلّا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه» (1).

(1) حديث صحيح. أخرجه أحمد (28/ 410 رقم: 17174) وأبو داود (رقم:

4604) وابن نصر في «السّنّة» (رقم: 244، 403) والطّبراني في «الكبير» (20/ رقم: 668، و 20/ رقم: 670) وغيرهم، من طرق عن حريز بن عثمان، عن عبد الرّحمن بن أبي عوف، عن المقدام، به.

قلت: وإسناده صحيح، وله طرق غير هذا.

ص: 219

وكان إمام أهل الشّام التّابعيّ حسّان بن عطيّة يقول: كان جبريل ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسّنّة، كما ينزل عليه بالقرآن، فيعلّمه إيّاها كما يعلّمه القرآن (1).

فكأنّه يعني قوله تعالى: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى 5 وهو جبريل عليه السلام.

أمّا معنى قوله: أَوْ نُنْسِها فهو من الإنساء، وهو رفع الله عز وجل لها من الصّدور، كما قال الله سبحانه لنبيّه صلى الله عليه وسلم: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (6) إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ [الأعلى: 6 - 7]، وقد ثبت أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان قد قرأ قرآنا ثمّ أنسيه، وأقرأ أصحابه قرآنا فأزاله الله من صدورهم بقدرته.

ومن الدّليل على صحّة ذلك ما حدّث به أبو أمامة بن سهل بن حنيف عن رهط من الأنصار من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم:

أنّه قام رجل منهم في جوف اللّيل يريد أن يفتتح سورة قد كان وعاها، فلم يقدر منها على شيء إلّا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، فأتى باب النّبيّ صلى الله عليه وسلم حين أصبح، يسأل النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ثمّ جاء آخر، وآخر، حتّى اجتمعوا، فسأل بعضهم بعضا: ما جمعهم؟ فأخبر بعضهم بعضا بشأن تلك السّورة، ثمّ أذن لهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فأخبروه خبرهم وسألوه عن السّورة،

(1) أثر صحيح. أخرجه الدّارميّ في «مسنده» (رقم: 594) وابن نصر في «السّنّة» (رقم: 102، 402) وإسناده صحيح.

ص: 220

فسكت ساعة لا يرجع إليهم شيئا، ثمّ قال:«نسخت البارحة» ، فنسخت من صدورهم ومن كلّ شيء كانت فيه (1).

وكان الحسن البصريّ يقول في هذه الآية ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها: أقرئ- يعني النّبيّ صلى الله عليه وسلم قرآنا ثمّ نسّاه، فلم يكن شيئا، ومن القرآن ما قد نسخ وأنتم تقرءونه (2).

فهذا أولى ما قيل في معنى هذه اللّفظة، ويأتي لهذا مزيد استدلال.

(1) حديث صحيح. أخرجه الطّحاويّ في «شرح المشكل» (5/ 272 رقم: 2035) والبيهقيّ في «دلائل النّبوّة» (7/ 157) وابن الجوزيّ في «نواسخ القرآن» (ص: 110 - 111) والواحديّ في «الوسيط» (1/ 189) من طريق أبي اليمان، قال: حدّثنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزّهريّ، حدّثني أبو أمامة، به.

قلت: وهذا إسناد صحيح.

تابع شعيبا: يونس بن يزيد الأيليّ، عن الزّهريّ، قال: حدّثنا أبو أمامة بن سهل ونحن في مجلس سعيد بن المسيّب، لا ينكر ذلك، أنّ رجلا، فذكره ولم يذكر «الرّهط» .

أخرجه الطّحاويّ (رقم: 2034) وابن الجوزيّ (ص: 111 - 112).

وكذلك أخرجه أبو عبيد في «النّاسخ والمنسوخ» (رقم: 17) من طريق عقيل بن خالد ويونس الأيليّ، كرواية الطّحاويّ الأخيرة.

وهذا لا يضرّ، من أجل أنّ شعيبا ثقة متقن، ومن جهة أخرى فإنّ أبا أمامة صحابيّ صغير، ولد في حياة النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ومن جهة ثالثة: إقرار سعيد بن المسيّب له على ما حدّث به.

(2)

أثر صحيح. أخرجه ابن جرير (1/ 475، 476) وإسناده صحيح.

ص: 221

وعلى القراءة الأخرى: نُنْسِها من النّسء، وهو التّأخير، والمعنى على ما تقدّم ذكره في المبحث السّابق عن الزّركشيّ.

2 -

وقوله تعالى: وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ 101 قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ 102 [النّحل: 101 - 102].

قال مجاهد: وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ رفعناها فأنزلنا غيرها.

وقال قتادة: هو كقوله: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها (1).

قلت: وهذه الآية دلّت بلا خفاء على ثبوت النّسخ في القرآن، وسكتت عن إمكانه في غيره من الوحي، لكن لك أن تستدلّ منها على وقوع النّسخ في السّنّة الّتي أوحاها الله لنبيّه صلى الله عليه وسلم بطريق الأولى.

3 -

وقوله سبحانه: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ [الرّعد: 39].

هذه آية عامّة فيما يشاء الله محوه وما يشاء إثباته، كمحو الذّنوب بالمغفرة، ومحو الحكم بإبداله بغيره، والآية بسواها، وعلم جميعه عنده سبحانه في كتاب، ما محا منه وما أثبت.

وعليه فيصحّ قول من فسّر هذه الآية بإدراج النّاسخ والمنسوخ فيها، كما

(1) صحيحان عن مجاهد وقتادة. أخرجهما ابن جرير في «تفسيره» (14/ 176) بإسنادين صحيحين.

ص: 222

روي عن ابن عبّاس (1).

وصحّ عن عكرمة مولى ابن عبّاس قوله: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ قال: ينسخ الآية بالآية فترفع، وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ: أصل الكتاب (2).

وقال قتادة: قوله: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ، هي مثل قوله:

ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها، وقوله: وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ أي:

جملة الكتاب وأصله (3).

4 -

وقوله جلّ وعلا: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ [يونس: 15].

(1) فأخرج عنه ابن جرير (13/ 169) وأبو جعفر النّحّاس في «معاني القرآن» (3/ 502 - 503) وابن الجوزيّ في «نواسخ القرآن» (ص: 85 - 86) من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاس:

يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ قال: من القرآن، يقول: يبدّل الله ما يشاء فينسخه، وَيُثْبِتُ ما يشاء فلا يبدّله، وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ يقول: وجملة ذلك عنده في أمّ الكتاب: النّاسخ والمنسوخ، وما يبدّل وما يثبت، كلّ ذلك في كتاب.

قلت: وهذا الأثر ضعيف الإسناد، وإن كان معناه محتملا صحيحا.

(2)

أخرجه ابن الجوزيّ في «نواسخ القرآن» (ص: 86 - 87) بإسناد صحيح.

(3)

أثر صحيح. أخرجه ابن جرير (13/ 169) وإسناده صحيح.

وروي القول بنحو ذلك عن جماعة من السّلف غير من ذكرت.

ص: 223

ودلالة هذه الآية على المقصود في قوله: ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي الآية، ففيها برهان على أنّ الله عز وجل هو الّذي يبدّل الآية بالآية، لا سبيل إلى ذلك إلّا بوحيه وتنزيله.

فهذه المواضع الأربعة في كتاب الله أدلّة على إثبات وقوع النّسخ في بعض ما أنزل الله على نبيّه صلى الله عليه وسلم، خاصّة الموضعين الأوّلين، فهما من أبين شيء وأظهره لإثبات ذلك.

وقد تظافرت الرّوايات الثّابتة من جهة النّقل على أنّ النّسخ قد وقع لبعض القرآن والأحكام المنزلة، كما سيأتي التّمثيل بطائفة منه.

وتواتر عن أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم ذكر النّسخ والقول به.

كما ذهب إلى القول به عامّة أئمّة الإسلام من السّلف والخلف.

قال ابن الجوزيّ: «انعقد إجماع العلماء على هذا إلّا أنّه قد شذّ من لا يلتفت إليه» (1).

ولم يعرف إنكاره عن منتسب إلى العلم إلى القرن الرّابع، حين اشتدّ فشوّ البدع، وذلك بتأويل فاسد سآتي على ذكره في الشّبهات.

قال أبو جعفر النّحّاس: «من المتأخّرين من قال: ليس في كتاب الله عز وجل ناسخ ولا منسوخ، وكابر العيان، واتّبع غير سبيل المؤمنين» (2).

(1) نواسخ القرآن، لابن الجوزيّ (ص: 84).

(2)

النّاسخ والمنسوخ، للنّحّاس (ص: 40)، وانظر:«الفقيه والمتفقّه» للخطيب البغداديّ (1/ 332)، و «إحكام الفصول» للباجي (ص: 324) و «المسوّدة» لآل تيميّة (ص: 175).

ص: 224

ورأى بعض العلماء أنّه لم يخالف في ثبوت النّسخ أحد من أهل الإسلام، وأنّ ما نسب إلى بعض المتأخّرين فهو على ندرته خلاف منهم في اللّفظ لا في المعنى (1).

واعلم أنّ مبدأ النّسخ ثابت في شرائع الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام، ولا تأتي شريعة رسول على الوفاق التّامّ لشريعة رسول آخر، كما قال الله تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً [المائدة: 48]، ونعلم أنّ الله تعالى نسخ بعض ما كان من الشّرائع في التّوراة برسالة عيسى عليه السلام، كما قال تعالى: وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ [آل عمران: 50]، ثمّ نسخ الله عن العباد ممّا كان شريعة في التّوراة والإنجيل، وذلك بما بعث به نبيّه محمّدا صلى الله عليه وسلم من الكتاب والحكمة، كما قال عز وجل:

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ الآية [الأعراف: 157].

(1) انظر ما حكاه ابن حزم في «الإحكام في أصول الأحكام» (4/ 70).

والّذي يشار إليه بذلك الرّأي من المتأخّرين، هو: أبو مسلم الأصفهانيّ، واسمه:

محمّد بن بحر، كاتب مفسّر معتزليّ، ولد سنة (254 هـ) وتوفّي سنة (322 هـ)، مترجم في «معجم الأدباء» لياقوت (18/ 35) و «بغية الوعاة» للسّيوطيّ (1/ 59).

ص: 225

فإذا تبيّن هذا دلّ على أنّ النّسخ في نفس الشّريعة الواحدة ما دام الوحي ينزل جائز غير ممتنع.

وقد ذكر جحد النّسخ في شرائع الله عن طائفة من اليهود، بشبهة أنّه يلزم من إثباته اعتقاد البداء (1)، وهذا من ضلالهم وجهلهم بالله وحكم أفعاله تبارك وتعالى.

وهذا الّذي فرّ منه اليهود بالجحد، وقعت فيه طائفة من باطنيّة الرّافضة الملاحدة، فنسبوا إلى ربّهم هذا الاعتقاد الفاسد (2)، تعالى الله عن قولهم علوّا كبيرا.

(1) البداء: ظهور الرّأي بعد أن لم يكن (التعريفات، للجرجانيّ، ص: 62).

وانظر: «الإحكام» لابن حزم (4/ 68)، و «التّلخيص» للجوينيّ (2/ 462)، و «إحكام الفصول» للباجيّ (ص: 326).

وذكر هذه العقيدة عن هذه الطّائفة من اليهود جاء في مواضع عديدة، منها:

«الفصل» لابن حزم (1/ 180 - 181)، «الملل والنّحل» للشّهرستانيّ (ص: 178).

(2)

ذكرت هذه العقيدة عن المختار بن أبي عبيد الثّقفيّ الكذّاب الّذي ادّعى النّبوّة، كما في «الملل والنّحل» للشّهرستانيّ (ص: 118 - 119)، وحكاها طائفة من العلماء عن الرّافضة، فانظر:«مقالات الإسلاميّين» للأشعريّ (1/ 109، 2/ 153)، «البرهان» للجوينيّ (2/ 1295، 1300)، «المستصفى» للغزّاليّ (ص: 131)، «شرح المنار» لابن الملك (2/ 710)، «المسوّدة» لآل تيميّة (ص: 185).

وفي بيان فساد هذه العقيدة انظر: «الواضح» لابن عقيل (4/ 198 - 203، 239 - 240)، «التّلخيص» للجوينيّ (2/ 469)، «الإحكام» للآمديّ (3/ 109).

ص: 226