الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرآن في أكثر من معنى.
ومن أحسن الطّرق المساعدة على ذلك ويقدّم على الرّجوع إلى المعاجم اللّغويّة: تتبّع اللّفظة في مواردها في القرآن نفسه بمختلف اشتقاقاتها، فإنّ أحسن الطّرق في التّفسير: أن يفسّر القرآن بالقرآن، وهذا منه.
واعتنى بعض العلماء بإفراد دلالات الألفاظ والمصطلحات المتكرّرة في القرآن، بالتّأليف، ومن أجلّ الكتب فيه: «بصائر ذوي
التّمييز في لطائف الكتاب العزيز» للإمام مجد الدّين محمّد بن يعقوب الفيروزآباديّ صاحب «القاموس المحيط» ، المتوفّى سنة (817 هـ).
وسبق إليه غير واحد كذلك، من أقدميهم: ابن قتيبة في «مشكل القرآن» .
وممّا يندرج تحت هذه القاعدة ملاحظة الأضداد اللّغويّة في القرآن، كاستعمال (ظنّ) لليقين والتّردّد أو الشّكّ، كقوله تعالى: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ 20 [الحاقّة: 20] في اليقين، وقوله: وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ [القصص: 39] في الشّكّ.
2 - هل في القرآن ألفاظ مترادفة
؟
التّرادف: هو توالي كلمتين فأكثر دالّة على شيء واحد باعتبار واحد، مثل:(البرّ) و (القمح) و (الحنطة)، فهذه ألفاظ مختلفة لشيء واحد.
وعلامة صحّة التّرادف: إمكان حلول أحد اللّفظين محلّ الآخر، لو
حذفت أحدهما.
وأكثر أهل العلم على القول بصحّة وقوعه في اللّغة، ولم ينكره إلّا قليل من علماء العربيّة، أقدمهم أبو العبّاس ثعلب، وتبعه عليه تلميذه أبو الحسين بن فارس (1).
وعلى القول بثبوته، فلا يظنّ كثرة وقوعه في كلام العرب.
أمّا في القرآن، فطائفة على وجوده، وطائفة على عدمه، والقول بعدمه هو الصّحيح، إذ من قال بوجوده فيه لم يذكر له مثالا صالحا، إنّما ذكر مثل قوله تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً [المائدة: 48]، ولا تُبْقِي وَلا تَذَرُ 28 [المدّثّر: 28]، وأَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا [الأحزاب: 67]، وبَثِّي وَحُزْنِي [يوسف: 86].
وهذا ليس مترادفا، وليس اللّفظان في هذه المواضع بمعنى واحد، والأصل أنّ العطف يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه.
نعم، يوجد في القرآن استعمال الألفاظ المتقاربة المعاني، مثل:
(الخوف) و (الخشية)، و (الخشوع) و (الخضوع)، لا على سبيل التّرادف، وإنّما بمجيء اللّفظ مستقلّا عن الآخر.
(1) وانظر: «المحصول» للرّازيّ (1/ 347)، «الإبهاج في شرح المنهاج» لتقيّ الدّين السّبكيّ وابنه تاج الدّين (1/ 238، 241)، «الإحكام» للآمديّ (1/ 33)، «الكلّيّات» للكفويّ (2/ 108)، «مجموع الفتاوى» لابن تيميّة (13/ 183)، «روضة المحبّين» لابن القيّم (ص: 54)، «إرشاد الفحول» للشّوكانيّ (ص: 16).