الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثّيّب بالثّيّب جلد مائة والرّجم» (1).
فأشار صلى الله عليه وسلم بهذا إلى نسخ حكم حبس الزّواني في البيوت الوارد
في قوله تعالى: وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا [النّساء: 15].
3 - أن يعرف تاريخ المتقدّم والمتأخّر
.
فالمتأخّر في تشريعه ناسخ للمتقدّم، كما هو الشّأن في نسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة.
وممّا يفيد في هذا تمييز المتقدّم في نزوله بمعرفة المكّيّ والمدنيّ.
كما أنّ ممّا ينبغي أن يستفاد ممّا يتّصل بالنّسخ في السّنّة: أنّ ما وجدناه من الأحكام غير معلوم التّاريخ معارضا لأحكام جاءت في حجّة الوداع أو بعدها إلى وفاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فما جاء من تلك الأحكام في الحجّة أو بعدها
(1) حديث صحيح. أخرجه أحمد (5/ 313، 317، 318، 320) ومسلم (رقم:
1690) وأبو داود (رقم: 4415، 4416) والتّرمذيّ (رقم: 1434) والنّسائيّ في «الكبرى» (رقم: 7143، 7144) وابن ماجة (رقم: 2550) والدّارميّ (رقم:
2241) من طريق الحسن البصريّ، عن حطّان بن عبد الله، عن عبادة بن الصّامت، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، به.
قال التّرمذيّ: «حديث صحيح» . قلت: وقع في إسناده عند ابن ماجة خطأ.
ناسخ لما لم يعلم تاريخه؛ لأنّا نعلم أنّ تلك الشّرائع ممّا قد ختم به الدّين.
وإليك مثالين على ذلك:
الأوّل: حكم الشّرب قائما.
صحّ نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشّرب قائما من وجوه، منها:
حديث أبي سعيد الخدريّ وأنس بن مالك رضي الله عنهما: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم زجر عن الشّرب قائما (1).
وجاء الفعل النّبويّ على خلافه في حجّة الوداع، فعن ابن عبّاس رضي الله عنهما، قال: سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم، فشرب وهو قائم (2).
فهذا الحديث يزيل أثر النّهي عن الشّرب قائما.
والثّاني: صلاة المأمومين قياما والإمام قاعد.
فعن أنس بن مالك، رضي الله عنه: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط عن فرسه فجحشت ساقه أو كتفه، وآلى من نسائه شهرا، فجلس في مشربة (3) له
(1) حديث صحيح. أخرجه من حديث أبي سعيد: أحمد (17/ 379 رقم: 11278، و 18/ 75 رقم: 11509) ومسلم (رقم: 2025). وعن أنس كذلك عند أحمد (20/ 353 رقم: 13062، و 21/ 224، 470 رقم: 13618، 14105) ومسلم (رقم: 2024).
(2)
حديث صحيح. متّفق عليه: أخرجه البخاريّ (رقم: 1556، 5294) ومسلم (رقم: 2027).
(3)
آلى من نسائه: حلف لا يأتيهنّ، والمشربة: الغرفة.
درجتها من
جذوع، فأتاه أصحابه يعودونه، فصلّى بهم جالسا وهم قيام، فلمّا سلّم قال:«إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به، فإذا كبّر فكبّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإن صلّى قائما فصلّوا قياما» (1).
قال الحميديّ في هذا الحديث: هو في مرضه القديم، ثمّ صلّى بعد ذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلم جالسا والنّاس خلفه قياما لم يأمرهم بالقعود، وإنّما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم (2).
عنى صلاته صلى الله عليه وسلم بالنّاس في مرضه الّذي مات فيه، حين صلّى
قاعدا، وأبو بكر رضي الله عنه يأتمّ به قائما، والنّاس يأتمّون بأبي بكر قياما (3).
ولا ينبغي أن يكون مجرّد تأخّر إسلام الصّحابيّ راوي الحديث طريقا لتمييز التّقدّم والتّأخّر في النّسخ؛ لأنّ الصّحابة كان يحدّث بعضهم بعضا، إلّا أن يأتي في الرّوايتين دليل آخر يدلّ على ذلك.
…
(1) حديث صحيح. متّفق عليه: أخرجه البخاريّ (رقم: 371 ومواضع أخرى) ومسلم (رقم: 411).
(2)
ذكره عنه البخاريّ في «صحيحه» (1/ 245)، والحميديّ هو أبو بكر عبد الله بن الزّبير، أحد أعيان الأئمّة، وصاحب «المسند» ، ومن كبار شيوخ البخاريّ.
(3)
حديث صحيح. متّفق عليه: أخرجه البخاريّ (رقم: 655 ومواضع أخرى) ومسلم (رقم: 418) من حديث عائشة.