الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: أدب تلاوة القرآن
المبحث الأول: آداب قارئ القرآن
على قارئ القرآن أن يلتزم معه من الأحوال والآداب أمورا، منها:
إخلاص النّيّة في قراءته لله تعالى، لا يقصد به دنيا من ذكر أو جاه أو مال، كما هو الشّأن في كلّ عمل صالح الأصل أن تبتغى به الآخرة.
فعن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، قال:
دخل النّبيّ صلى الله عليه وسلم المسجد، فإذا فيه قوم يقرءون القرآن، قال:
وهذا الحديث يوجب أن تكون النّيّة في قراءة القرآن لوجه الله تعالى،
(1) حديث حسن. أخرجه أحمد (رقم: 14855) وأبو يعلى (رقم: 2197)
والبيهقيّ في «الشّعب» (رقم: 2643، 2644) من طرق عن أسامة بن زيد اللّيثيّ، عن محمّد بن المنكدر، عن جابر، به.
قلت: وإسناده حسن، أسامة بن زيد صدوق حديثه حسن، والحديث تقدّم ذكره بإسناد صحيح عن جابر، (ص: 442).
ويحذّر من حال من يجتهد في إتقان تلاوته وضبطها ولكنّه يريد بذلك أجرا عاجلا، ودنيا زائلة، وجاها فاسدا، فهذا من أخسر النّاس صفقة.
فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«إنّ أوّل النّاس يقضى يوم القيامة عليه:
رجل استشهد، فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتّى استشهدت، قال: كذبت، ولكنّك قاتلت لأن يقال: جريء، فقد قيل، ثمّ أمر به فسحب على وجهه حتّى ألقي في النّار.
ورجل تعلّم العلم وعلّمه، وقرأ القرآن، فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلّمت العلم وعلّمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنّك تعلّمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثمّ أمر به فسحب على وجهه حتّى ألقي في النّار.
ورجل وسّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كلّه، فأتي به
فعرّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحبّ أن ينفق فيها إلّا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنّك فعلت ليقال: هو جواد، فقد قيل، ثمّ أمر به فسحب على وجهه ثمّ ألقي في النّار» (1).
(1) حديث صحيح. أخرجه أحمد (رقم: 8277) ومسلم (رقم: 1905) والنّسائيّ (رقم: 3137) و «فضائل القرآن» (رقم: 108) من طرق عن ابن جريج، حدّثني يونس بن يوسف، عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة، به. ورواه غيره عن أبي هريرة كذلك.