الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا شبيه بالّذي تقدّمه، صادر ممّن خالط الإيمان والقرآن قلبه، فأدرك أثره في نفسه، ممّن كان إليهم مرجع النّاس لأخذ القرآن.
وآخره مشهور عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، لكنّه إنّما يصحّ من قول ابن مسعود، ولم يثبت مرفوعا (1).
المبحث الثالث: أمر السنة بالتمسك بالقرآن والعمل به
1 -
عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إنّ لله أهلين من النّاس» قالوا: يا رسول الله، من هم؟ قال:
«هم أهل القرآن، أهل الله وخاصّته» (2).
قال ابن الأثير: «أي: حفظة القرآن العاملون به هم أولياء الله والمختصّون به اختصاص أهل الإنسان به» (3).
(1) بيّنت علّته بتفصيل في «الذّيل» المشار إليه في التّعليقين السّابقين.
(2)
حديث حسن. أخرجه الطّيالسيّ (رقم: 2124) وأحمد (رقم: 12279، 12292، 13542) وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص: 88) والنّسائيّ كذلك (رقم: 56) وابن ماجة (رقم: 215) وابن الضّريس (رقم: 75) والحاكم (رقم:
2046) من طرق عن عبد الرّحمن بن بديل بن ميسرة العقيليّ، عن أبيه، عن أنس، به.
قلت: وإسناده حسن، ابن بديل صدوق حسن الحديث.
وله متابع عند الدّارميّ (رقم: 3206) يزيده قوّة.
(3)
النّهاية في غريب الحديث (1/ 83).
2 -
وعن أبي شريح الخزاعيّ، رضي الله عنه، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«أبشروا، أبشروا، أليس تشهدون أن لا إله إلّا الله، وأنّي رسول الله؟» قالوا: نعم، قال: «فإنّ هذا القرآن سبب
طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسّكوا به، فإنّكم لن تضلّوا ولن تهلكوا بعده أبدا» (1).
وفي هذا بيان أنّ الاعتصام بكتاب الله سبب العصمة من الضّلال، ولا يتمّ ذلك إلّا بالإقبال عليه تعلّما وتدبّرا وعملا.
3 -
وعن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، قال:
«القرآن مشفّع، وماحل مصدّق (2)، من جعله أمامه قاده إلى الجنّة، ومن
(1) حديث صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة (رقم: 29997) وعبد بن حميد (رقم:
483) وابن نصر في «قيام اللّيل» (ص: 162) وابن حبّان (رقم: 122) والبيهقيّ في «الشّعب» (رقم: 1942، 2013) من طريق أبي خالد الأحمر، عن عبد الحميد بن جعفر، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي شريح، به. وإسناده صحيح.
وقيل في هذا الإسناد: عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة.
أخرجه أحمد بن منيع (كما في «المطالب العالية» رقم: 3866)، والأوّل أصحّ.
وله شاهد من حديث جبير بن مطعم مرفوعا بنحوه.
أخرجه البزّار (رقم: 120 - كشف) والطّبرانيّ في «المعجم الصّغير» (رقم:
1018) و «الكبير» (رقم: 1539) من طريق أبي داود الطّيالسيّ، حدّثنا أبو عبادة الأنصاريّ، حدّثنا الزّهريّ، عن محمّد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، به.
قلت: وإسناده لا يعتبر به، أبو عبادة هذا اسمه عيسى بن عبد الرّحمن، وهو متروك الحديث ليس بثقة، وفيما ذكرته أوّلا غنية عن هذا.
(2)
ماحل مصدّق: خصم مصدّق القول ضدّ من ترك العمل به.
جعله خلف ظهره ساقه إلى النّار» (1).
وإنّما هذا في العمل بالقرآن، فهو يشفع لهم يوم العرض على ربّ العالمين، شاهدا لهم، ومن ثمّ قائدا إلى جنّته ورحمته، بخلاف المعرضين عنه، فسيكون خصما لهم وحجّة عليهم يوم القيامة، ومن ثمّ سائقا إلى النّار.
4 -
وعن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، قال:
(1) حديث صحيح. أخرجه البزّار (رقم: 122 - كشف الأستار) وابن حبّان (رقم: 124) والبيهقيّ في «الشّعب» (رقم: 2010) من طريق أبي كريب محمّد بن العلاء، حدّثنا عبد الله بن الأجلح، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، به. قلت: وهذا إسناد جيّد، ابن الأجلح صدوق جيّد الحديث، وسائر الإسناد ثقات، وروايات الأعمش عن أبي سفيان جيّدة.
ولا يضرّ هذا الإسناد أن روي الحديث بإسناد آخر للأعمش موقوفا على ابن مسعود، فالأعمش حافظ مكثر لا ينكر له ذلك، وأبو كريب رواه عن ابن الأجلح عن الأعمش بالإسنادين. كذلك أخرجه البزّار (رقم: 121) بهذا الإسناد إلى الأعمش، عن المعلّى الكنديّ، عن ابن مسعود، قوله.
والرّواية عن ابن مسعود في ذلك صحيحة من بعض الطّرق غير طريق الأعمش، وهي وإن كانت موقوفة اللّفظ، إلّا أنّها مرفوعة حكما، فهي شاهد قويّ لحديث جابر.
(2)
حديث صحيح. متّفق عليه: أخرجه البخاريّ (رقم: 4737، 7091) ومسلم (رقم: 815).