الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكنّه ليس بسنّة، وإنّما يقال فيه: هو حسن جائز، وحسنه من جهة أنّ قراءة الختمة عمل صالح كثير الثّواب على التّلاوة، ومن أسباب إجابة الدّعاء أن يقدّم الإنسان بين يدي دعائه عملا صالحا.
ختم التّلاوة بالتّصديق ممّا جرت به عادة القرّاء، وليس بسنّة:
قول التّالي عند ختم التّلاوة: (صدق الله العظيم) لم يرد فيه حديث ولا أثر، وأصل ذلك في أقدم ما رأيت ما ذكره الحكيم التّرمذيّ الصّوفيّ من علماء المائة الثّالثة، فإنّه قال في جملة أشياء من الأدب مع القرآن:«وإذا انتهت قراءته أن يصدّق ربّه، ويشهد بالبلاغ للرّسل صلوات الله عليهم، ويشهد على ذلك أنّه حقّ، فيقول: صدقت ربّنا، وبلّغت رسلك، ونحن على ذلك من الشّاهدين، اللهمّ اجعلنا من شهداء الحقّ، القائمين بالقسط، ثمّ يدعو بدعواته» (1)، ثمّ رأيت جماعة
تابعوه على ذكره، منهم الحليميّ صاحب «شعب الإيمان» (2) وعلى أثره البيهقيّ (3)، وممّن بعدهم أبو عبد الله القرطبيّ المفسّر (4).
وأمّا الصّيغة المستعملة عند القرّاء اليوم (صدق الله العظيم)، فأصلها
(1) نوادر الأصول، للحكيم (ص: 333 - الطّبعة المختصرة).
(2)
ذكر ذلك في «المنهاج في شعب الإيمان» (2/ 210).
(3)
في كتابه «شعب الإيمان» (2/ 319) نقلا عن الحليميّ.
(4)
في «الجامع لأحكام القرآن» (1/ 27 - 28) والتّذكار (ص: 126).
في سنّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم في غير ما خبر، من ذلك:
حديث بريدة بن الحصيب، رضي الله عنه، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل الحسن والحسين، رضي الله عنهما، عليهما قميصان أحمران، يعثران ويقومان، فنزل فأخذهما، فصعد بهما المنبر، ثمّ قال:«صدق الله إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ* [التّغابن: 15]، رأيت هذين فلم أصبر» ثمّ أخذ في الخطبة (1).
أقول: ولا يدلّ هذا الحديث وشبهه على استحسان صنيع القرّاء فيما يفعلونه عقب كلّ تلاوة، فإنّهم جعلوه كالسّنّة الثّابتة بمنزلة الاستعاذة المأمور بها عند الابتداء، وهذا غلط على الشّرع، صيّر العامّة يظنّون ذلك كالجزء الّذي لا بدّ منه لختم التّلاوة.
لكن في الحديث دلالة على حسن ذلك لو وقع أحيانا، وخير الهدي هدي محمّد صلى الله عليه وسلم، وحيث لم يرد عنه جعله من سنّة التّلاوة،
فالواجب الوقوف عند ذلك، فإنّه كان أشدّ الأمّة تعظيما لكلام ربّه تعالى.
(1) حديث صحيح. أخرجه أحمد (5/ 354) وأبو داود (رقم: 1109) والتّرمذيّ (رقم: 3774) والنّسائيّ (رقم: 1413، 1585) وابن ماجة (رقم: 3600) من طرق عن الحسين بن واقد، قال: حدّثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه، به.
قلت: وإسناده صحيح، وقال التّرمذيّ:«حديث حسن غريب» .