الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعليه، ومع ما بيّناه من وجوب القراءة بالتّجويد نقول: لا يجوز أن يجعل ذلك حائلا دون قراءة القرآن لمن بذل وسعه للقراءة به لكنّه لم يحقّقه على وجهه لعجزه.
المبحث الرابع: مراتب التلاوة
المبالغة والتّكلّف لتحقيق إخراج الحروف من مخارجها قبيح مذموم، والاعتدال في كلّ شيء حسن محمود.
وقد جرى أهل العلم بالقراءة على تقسيم صور الأداء إلى أربع مراتب جدير بالقارئ مراعاتها ليبقى في حدود المشروع، هي كالتّالي:
الأولى: التّحقيق، وهو «عبارة عن إعطاء كلّ حرف حقّه: من إشباع المدّ، وتحقيق الهمزة، وإتمام الحركات، واعتماد الإظهار والتّشديدات، وتوفية الغنّات، وتفكيك الحروف، وهو بيانها وإخراج بعضها من بعض بالسّكت والتّرسّل واليسر والتّؤدة وملاحظة الجائز من الوقوف» (1).
(1) ابن الجزريّ في «النّشر» (1/ 205).
(2)
كالّذي قبله.
والثّانية: الحذر، وهو «عبارة عن إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها، بالقصر والتّسكين والاختلاس والبدل والإدغام الكبير وتخفيف الهمز، ونحو ذلك ممّا صحّت به الرّواية ووردت به القراءة، مع إيثار الوصل، وإقامة الإعراب، ومراعاة تقويم اللّفظ وتمكّن الحروف» (1).
ويشترط لجواز القراءة بهذا: أن لا يخرج القارئ به عن الأدنى في صفات الحروف، فلا يصيّر حروف المدّ الألف والواو والياء بمنزلة الحركات، ولا يذهب بصوت الحركة كلّيّا، ولا يغفل الغنّة، ولا يصير إلى ابتلاع حرف صحيح بعضه أو كلّه.
وهذا النّمط في القراءة يحتاج إليه لتثبيت الحفظ، أو لتكثير التّلاوة، ولا يساعد على الفقه والتّدبّر كما ينبغي.
والثّالثة: التّدوير، وهو مرتبة التّوسّط بين التّحقيق والحدر.
(1) ابن الجزريّ كذلك (1/ 207).
والمراد ب (القصر) قصر المدود، و (التّسكين) المنقول مثله عن بعض أئمّة القراءة في مثل: نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ [النّساء: 115] بتسكين الهاء في الموضعين، و (الاختلاس) عكس الإشباع، كالشّأن في إشباع الكسرة حتّى تكون ياء في قوله تعالى: تُرْزَقانِهِ [يوسف: 37]، والاختلاس بترك ذلك الإشباع، و (البدل) مثل: الصِّراطَ* بالصّاد والسّين، و (الإدغام الكبير) يكون بالتقاء حرفين متماثلين أو متجانسين أو متقاربين، كلاهما متحرّكان، فيسكّن الأوّل ويدغم في الثّاني، مثل: النَّاسَ سُكارى، يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ*، النُّفُوسُ زُوِّجَتْ.