الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتحفيظهم قصار السّور من آخر المصحف، كما يدلّ عليه ما حدّث به التّابعيّ الجليل سعيد بن جبير، قال:
إنّ الّذي تدعونه (المفصّل) هو المحكم، قال: وقال ابن عبّاس:
«توفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين، وقد قرأت المحكم» (1).
و (المفصّل) من سورة (ق) إلى آخر المصحف على ما حقّقته في كتابي (تحرير البيان في سجود القرآن).
ولسنا نقول: السّنّة أن يبدأ بحفظ قصار السّور، بل له أن يحفظ من أيّ القرآن شاء، وإنّما في هذا الهدي مراعاة الأيسر في الحفظ ليبدأ به.
المبحث الخامس: الأمر بتعاهد القرآن خشية تفلّت حفظه
تعاهد القرآن حاصل بأمرين: إدمان تلاوته، والعمل به، وتقدّم في المبحث الثّاني ذكر الأمر به من حديث عقبة بن عامر، وهو مؤكّد بأحاديث صحيحة أخرى:
1 -
فعن أبي موسى الأشعريّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«تعاهدوا القرآن؛ فإنّه أشدّ تفلّتا من قلوب الرّجال من الإبل من عقله» (2).
(1) حديث صحيح. أخرجه أحمد (رقم: 2283، 2601، 3125، 3357) والبخاريّ (رقم: 4748، 4749) من طريق أبي بشر جعفر بن إياس، عن سعيد، به.
(2)
حديث صحيح. أخرجه أحمد وابنه عبد الله (4/ 411) عن محمّد بن الصّبّاح، قال: حدّثنا إسماعيل بن زكريّا، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى، به.
قلت: وهذا إسناد صحيح، وبريد هو ابن عبد الله بن أبي بردة.
والحديث متّفق عليه: أخرجه البخاريّ (رقم: 4746) ومسلم (رقم: 791) من طريق أبي أسامة عن بريد، بنحوه، وخرّجته من «المسند» لزيادة «من قلوب الرّجال» .
2 -
وعن عبد الله بن مسعود، قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «بئس ما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل نسّى، واستذكروا القرآن، فإنّه أشدّ تفصّيا من صدور الرّجال من النّعم» (1).
3 -
وعن عبد الله بن عمر، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إنّما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقّلة: إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت» (2).
(1) حديث صحيح. متّفق عليه: أخرجه البخاريّ (رقم: 4744، 4745، 4752) ومسلم (رقم: 790).
(2)
حديث صحيح. متّفق عليه: أخرجه البخاريّ (رقم: 4743) ومسلم (رقم:
789).
تنبيه: أخرج هذا الحديث مسلم، والنّسائيّ في «فضائل القرآن» (رقم: 68) والفريابيّ في «الفضائل» (رقم: 157، 158) وابن نصر في «قيام اللّيل» (ص:
161) والرامهرمزيّ في «الأمثال» (ص: 89) والبيهقيّ في «الشّعب» (رقم:
1963) من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إنّما مثل القرآن كمثل الإبل المعقّلة، إذا عاهدها صاحبها على عقلها أمسكها، وإذا أغفلها ذهبت، إذا قام صاحب القرآن فقرأه باللّيل والنّهار ذكره، وإذا لم يقرأه نسيه» .
هذه الزّيادة لم تأت عن نافع من وجه يصحّ إلّا هذا، والحديث محفوظ من حديث نافع من رواية مالك وعبيد الله بن عمر وغيرهما من أصحاب نافع دون هذه الزّيادة، فالقلب أميل إلى كونها مدرجة ليست من أصل الحديث، والله أعلم.