الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: شروط صحة القراءة
لا تصحّ القراءة إلّا إذا حقّقت شروطا ثلاثة:
الأوّل: موافقتها للعربيّة بوجه من الوجوه.
ولا يوجد في قراءات القرّاء المعروفين ما هو خارج عن العربيّة.
قال ابن الجزريّ: «ولا يصدر مثل هذا إلّا على وجه السّهو والغلط وعدم الضّبط، ويعرفه الأئمّة المحقّقون، والحفّاظ الضّابطون، وهو قليل جدّا، بل لا يكاد يوجد» (1). كما قطع- رحمه الله باستحالة وجود ما يصحّ نقله ويوافق رسم المصحف؛ وهو مع ذلك ممّا لا يسوغ في العربيّة (2).
الثّاني: موافقتها لرسم أحد المصاحف العثمانيّة ولو احتمالا.
والمصاحف العثمانيّة قد اختلفت في رسمها في شيء قليل، وكلّه كلام الله تعالى، كقوله عز وجل: وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [الحديد: 24] هكذا في مصاحف مكّة والبصرة والكوفة، وبه قرأ جميع السّبعة غير نافع وابن عامر، فهذان قرآ على ما في مصاحف المدينة والشّام، وذلك بغير هُوَ.
(1) النّشر (1/ 16)، وذكر عن بعضهم أمثلة لذلك وقال:«والنّظر في ذلك لا يخفى» ، كما ذكر بعض المحكيّ عن حمزة الزّيّات وهو من السّبعة، وقال:«تتّبعت ذلك فلم أجده منصوصا لحمزة لا بطرق صحيحة ولا ضعيفة» (النّشر 1/ 17).
(2)
النّشر (1/ 429).
وكقوله: وَلا يَخافُ عُقْباها 15 [الشّمس: 15] وفلا يخاف عقباها.
قال الإمام أبو عبيد: «هذه الحروف الّتي اختلفت في مصاحف الأمصار كلّها منسوخة من الإمام الّذي كتبه عثمان، رضي الله عنه، ثمّ بعث إلى كلّ أفق ممّا نسخ بمصحف، ومع هذا؛ إنّها لم تختلف في
كلمة تامّة ولا في شطرها، إنّما كان اختلافها في الحرف الواحد من حروف المعجم، كالواو والفاء والألف وما أشبه ذلك، إلّا الحرف الّذي في الحديد وحده، قوله: فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ، فإنّ أهل العراق زادوا على ذينك المصرين (يعني المدينة والشّام): هو، وأمّا سائرها
…
فليس لأحد إنكار شيء منها ولا جحده، وهي كلّها عندنا كلام الله» (1).
وجائز أن يكون الوجه في اختلاف الرّسم لهذه الحروف هو:
أنّه حين كتبت أصولها جميعا بإشراف أمير المؤمنين عثمان، من قبل أمناء الوحي زيد بن ثابت وإخوانه، رأوا إمكان تضمين تلك المصاحف بعض الحروف المسموعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ممّا تعذّر عليهم رسمه جميعا في مصحف واحد، ففرّقت فيها لتبقى محفوظة على الأمّة، كبعض صور اختلاف الأحرف السّبعة الّتي نزل عليها القرآن.
والمقصود هنا: أنّ من شرط صحّة القراءة أن تكون موافقة لرسم واحد من هذه المصاحف الّتي عليها قراءات الأئمّة المعتمدين.
(1) فضائل القرآن (ص: 333).