الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونفي سنة، والثّيّب بالثّيّب جلد مائة والرّجم» (1).
وهذا النّوع من النّسخ فرض على الفقيه تمييزه في نصوص الكتاب والسّنّة، ذلك لما له من الأثر في الأحكام العمليّة، وهو الّذي اجتهد المصنّفون في باب النّسخ في تتبّعه وجمعه.
المبحث الثاني: نسخ التلاوة مع بقاء الحكم
وهذا النّوع قليل الوجود في النّصوص المنقولة إلينا، وثبوت حكمه مع نسخ تلاوته إنّما عرف عن طريق النّقل الثّابت.
ومن أمثلته ما يلي:
1 -
عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال:
إنّ الله بعث محمّدا صلى الله عليه وسلم بالحقّ، وأنزل عليه الكتاب، فكان ممّا أنزل الله آية الرّجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها (وفي رواية: وقد قرأتها: الشّيخ والشّيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة)، رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، (وفي رواية: ولولا أن يقولوا: أثبت في كتاب الله ما ليس فيه، لأثبتّها كما أنزلت)، فأخشى إن طال بالنّاس زمان أن يقول قائل: والله، ما نجد آية الرّجم في كتاب الله، فيضلّوا بترك فريضة
أنزلها الله، والرّجم في كتاب الله
(1) حديث صحيح. تقدّم تخريجه (ص: 257).
حقّ على من زنى إذا أحصن من الرّجال والنّساء، إذا قامت البيّنة، أو كان الحبل، أو الاعتراف (1).
2 -
وعن عمر بن الخطّاب كذلك، قال:
ثمّ إنّا كنّا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: أن لا ترغبوا عن آبائكم، فإنّه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم، أو: إنّ كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم (2).
3 -
وعن زيد بن أرقم، قال:
لقد كنّا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضّة لابتغى إليهما آخر، ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التّراب، ويتوب الله على من تاب (3).
4 -
وعن أبيّ بن كعب:
(1) حديث صحيح. متّفق عليه، والرّواية الأخرى لابن ماجة، والثّانية لأحمد والنّسائيّ. وتقدّم تخريجه (ص: 178).
(2)
حديث صحيح. أخرجه البخاريّ (رقم: 6442)، وهو جزء من حديثه في قصّة الرّجم.
(3)
حديث صحيح. أخرجه أحمد (32/ 31 رقم: 19280) وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص: 323) والبزّار (رقم: 3639 - كشف الأستار) والطّبرانيّ في «الكبير» (5/ 207 رقم: 5032) من طرق عن يوسف بن صهيب، قال: حدّثني حبيب بن يسار، عن زيد، به. قلت: وإسناده صحيح.
أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك، فقرأ عليه: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ، فقرأ فيها: إنّ ذات الدّين عند الله الحنيفيّة المسلمة، لا اليهوديّة ولا النّصرانيّة، من يعمل
خيرا فلن يكفره. وقرأ عليه: ولو أنّ لابن آدم واديا من مال لابتغى إليه ثانيا، ولو كان له ثانيا لابتغى إليه ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التّراب، ويتوب الله على من تاب (1).
ومن هذا القبيل ما حدّث به أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال:
أنزل الله عز وجل في الّذين قتلوا ببئر معونة قرآنا قرأناه، حتّى نسخ بعد: أن بلّغوا قومنا أن قد لقينا ربّنا، فرضي عنّا ورضينا عنه (2).
(1) حديث جيّد الإسناد. أخرجه الطّيالسيّ (رقم: 539) وأحمد (5/ 131) والتّرمذيّ (رقم: 3898) وعبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (5/ 132) وأبو نعيم في «الحلية» (رقم: 5272) والحاكم (رقم: 2889) والضّياء في «المختارة» (رقم:
1162، 1163) من طرق عن شعبة بن الحجّاج، عن عاصم، قال: سمعت زرّ بن حبيش يحدّث، عن أبيّ، به.
قلت: عاصم هذا هو ابن أبي النّجود، مقرئ صدوق جيّد الحديث. وقال التّرمذيّ:«حديث حسن صحيح» ، وقال الحاكم:«صحيح الإسناد» .
(2)
حديث صحيح. متّفق عليه: أخرجه البخاريّ (رقم: 2647 ومواضع أخرى) ومسلم (رقم: 677).
وبئر معونة موضع بين مكّة والمدينة، قتل عنده المشركون سريّة من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم عدّتهم سبعون رجلا من قرّاء القرآن، كما جاء في روايات حديث أنس هذا.