الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحراب بحروف تخالف المصحف، ممّا
يعزى إلى مصحف أبيّ بن كعب وابن مسعود، فنهي عن ذلك، واستتيب، فتاب (1).
سجود التّلاوة:
هذا باب جليل ينبغي لصاحب القرآن أن يعتني بمعرفته، وهو السّجود عند تلاوة آيات مخصوصة، كان التّالي في صلاة أو خارجها.
وتفصيل ذلك لا يحتمله هذا المقام، وقد استوعبته قدر طاقتي في كتابي «تحرير البيان في سجود القرآن» ، وأكتفي هنا بذكر جمل يستفاد تفصيلها من هناك:
المواضع الّتي يشرع عند تلاوتها السّجود أربعة عشر، كلّها عزائم، وهي: الآية (206) من الأعراف، و (15) من الرّعد، و (49 - 50) من النّحل عند الفراغ من الآية الثّانية، و (107 - 109) من الإسراء، و (58) من مريم، و (18) و (77) من سورة الحجّ، وهي السّورة الّتي فضّلت بسجدتين، و (60) من الفرقان، و (25 - 26) من النّمل، عند الفراغ من الثّانية، و (15) من السّجدة، و (37 - 38) من فصّلت، عند الآية الثّانية، و (62) من النّجم، و (21) من الانشقاق، و (19) من العلق.
(1) انظر ذلك في ترجمته في: «تاريخ بغداد» للخطيب (1/ 280)، «المنتظم» لابن الجوزيّ (13/ 392 - 393)، «معرفة القرّاء» للذّهبيّ (1/ 277 - 279).
يسجد القارئ والمستمع عند الفراغ من تلاوة الآيات المشار إليها.
أمّا السّجود في الآية (24) من سورة (ص) فسنّة، لكنّه ليس لأجل التّلاوة، إنّما هي سجدة توبة، فلا يفعل في الصّلاة.
وحكم السّجود للتّلاوة أنّه سنّة وليس بواجب، خلافا للحنفيّة، ولو سجد المستمع ولم يسجد القارئ فلا بأس، ولا تشترط له شرائط الصّلاة على التّحقيق، ولا نصّ على إلحاقه بها، والقياس في العبادات ممتنع، ولم يشترط له النّبيّ صلى الله عليه وسلم ما يشترط للصّلاة من طهارة واستقبال قبلة وستر عورة، ودعوى الاتّفاق على اشتراط ذلك لسجود التّلاوة منتقضة.
وممّا جاء في فضله:
حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قرأ ابن آدم السّجدة فسجد اعتزل الشّيطان يبكي، يقول: يا ويله، أمر ابن آدم بالسّجود فسجد فله الجنّة، وأمرت بالسّجود فأبيت فلي النّار» (1).
وحديث معدان بن أبي طلحة، قال: لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنّة، أو قال: قلت: بأحبّ الأعمال إلى الله، فسكت، ثمّ سألته فسكت، ثمّ سألته الثّالثة، فقال: سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «عليك بكثرة السّجود لله، فإنّك لا
(1) حديث صحيح. أخرجه مسلم وغيره، تفصيل تخريجه في «تحرير البيان» (رقم: 201).
تسجد لله سجدة إلّا رفعك الله بها درجة، وحطّ عنك بها خطيئة».
قال معدان: ثمّ لقيت أبا الدّرداء، فسألته؟ فقال لي مثل ما قال لي ثوبان (1).
فقوله صلى الله عليه وسلم: «سجدة» لفظ نكرة في سياق النّفي، مفاده العموم، فيستغرق كلّ أنواع السّجود.
أمّا ما يقول السّاجد للتّلاوة في سجوده من الذّكر فإنّ أثبت شيء فيه ما دلّت عليه عمومات الأحاديث: (سبحان ربّي الأعلى)، فهذا يقال في كلّ سجود، في صلاة أو غيرها، كما يجوز فيه الدّعاء، لما صحّ من كون حال السّجود من مظانّ الإجابة.
لا بأس أن يقرأ الإنسان القرآن على أيّ حال كان عليه: قائما وقاعدا ومستلقيا، راكبا وماشيا، كاسيا وعاريا، حيث لم يرد ما يمنع ذلك.
والقرآن أعظم الذّكر، وقد قال الله تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ
(1) حديث صحيح. أخرجه أحمد (5/ 276، 280) ومسلم (رقم: 488) والتّرمذيّ (رقم: 388، 389) والنّسائيّ (رقم: 1139) وابن ماجة (رقم: 1423) من طريق الوليد بن مسلم، قال: سمعت الأوزاعيّ قال: حدّثني الوليد بن هشام المعيطيّ، حدّثني معدان، به. وقال التّرمذيّ:«حديث حسن صحيح» .