الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثّالث: صحّة الإسناد إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
فهذه الثّلاثة شروط صحّة القراءة، ولا بدّ من اجتماعها، وإلّا فلا تكون القراءة صحيحة معدودة من القرآن على سبيل القطع واليقين.
المبحث الثالث: فوائد اختلاف القراءات
اختلاف القراءات من باب اختلاف التّنوّع، لا اختلاف التّضادّ، وحيث تصحّ القراءة، كقراءات القرّاء السّبعة؛ فإنّ لها من المعاني شيئا عظيم الأثر، توقن معه نفس العارف أنّ هذا القرآن بجميع وجوه قراءاته من عند الله، فمن أبرز تلك الفوائد:
1 -
التّخفيف على الأمّة ورفع الحرج عنها بالقراءة على الوجه المتيسّر لها خاصّة ما يتّصل بأحكام مخارج الحروف وصفاتها ونحو ذلك.
ولقد علمنا أنّ من حكمة إنزال القرآن على سبعة أحرف التّيسير على الأمّة، والاختلاف في القراءات الصّحيحة جزء من اختلاف الأحرف السّبعة الّتي أنزل عليها القرآن.
2 -
الإبانة عن الإعجاز بتنوّع وجوه التّلاوة، فإنّ الاختلاف في الحرف ربّما دلّ على معان من العلم لا توجد في الحرف الآخر، فتكون الكلمة الواحدة تؤدّى على صورتين أو أكثر من النّطق تدلّ كلّ صورة منها على معنى غير الّذي دلّت عليه الأخرى.
وذلك مثل:
[1]
قوله تعالى: وَأَرْجُلَكُمْ [المائدة: 6] بفتح اللّام عطفا على الأيدي في الغسل في قراءة نافع وابن عامر والكسائيّ وعاصم من رواية حفص، وبكسر اللّام عطفا على الرءوس في المسح في قراءة الباقين وعاصم من رواية أبي بكر بن عيّاش.
وهذه الثّانية دلّت على المسح على الخفّين في قول كثير من أهل العلم.
[2]
وقراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائيّ: سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ 137 [الشّعراء: 136 - 137] أي: ما جئت به كذب وافتراء الأوّلين، وقرأ باقي السّبعة: خُلُقُ أي عادة، فردّوا عليه وعظه قائلين: هذا الّذي نحن عليه عادة الأوّلين وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ 138 [الشّعراء: 138].
3 -
تفسير الإجمال في قراءة أخرى، كما في قراءة وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة: 222] لأكثر السّبعة، ويَطْهُرْنَ لحمزة والكسائيّ ورواية عن عاصم، ففي الأولى إجمال في احتمال أن تكون طهارتهنّ بمجرّد انقطاع الدّم، وفي الثّانية إبانة عن كون ذلك باغتسالهنّ بعد انقطاع الدّم.