الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - بيع المصحف وشراؤه:
اختلف أهل العلم من السّلف في الإذن في ذلك أو عدمه على مذاهب، تعود إجمالا إلى ثلاثة:
الأوّل: كراهة بيعها وشرائها.
وهو قول عبيدة السّلمانيّ، وعلقمة بن قيس النّخعيّ، ومحمّد بن سيرين، وإبراهيم النّخعيّ (1).
والثّاني: كراهة بيعها دون شرائها.
وهذا روي عن عمر بن الخطّاب، ولم يصحّ (2)، لكن صحّ عن عبد الله بن عبّاس في إحدى الرّوايتين، وجابر بن عبد الله الأنصاريّ (3).
كما صحّ عن عبد الله بن عمر، قال:«وددت أنّ الأيدي تقطع في بيع المصاحف» (4).
(1) أخرجه أبو عبيد في «الفضائل» (ص: 390) عنهم سوى علقمة، وسعيد بن منصور (رقم: 111) عن ابن سيرين وحده، و (رقم: 123) عن عبيدة وحده، وعبد الرّزّاق (رقم: 14523) عن علقمة وحده، وأسانيدهم صحيحة.
(2)
أخرجه ابن أبي داود في «المصاحف» (ص: 159، 160).
(3)
أخرجه عبد الرّزّاق (رقم: 14521) وابن أبي داود (ص: 173) عن ابن عبّاس، وأبو عبيد في «الفضائل» (ص: 389) عن جابر.
(4)
أخرجه عبد الرّزّاق (رقم: 14525) وابن أبي داود (ص: 161) بإسناد صحيح.
وعن عبد الله بن شقيق العقيليّ، قال:«كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون بيع المصاحف، وتعليم الغلمان بالأجر، ويعظّمون ذلك» (1).
كذلك صحّ القول بالكراهة عن شريح القاضي، ومسروق بن الأجدع، وسعيد بن المسيّب، وعبد الله بن يزيد الخطميّ، وسعيد بن جبير، والزّهريّ (2).
والثّالث: جواز بيعها وشرائها.
رويت الرّخصة فيه عن عبد الله بن مسعود (3).
وصحّ عن عبد الله بن عبّاس: أنّه سئل عن بيع المصاحف؟ فقال:
إنّما يأخذون أجور أيديهم (4).
وصحّ عن عامر الشّعبيّ قال: «إنّما يأخذ ثمن ورقه وأجر كتابته» (5).
(1) أثر صحيح. أخرجه عبد الرّزّاق (رقم: 14534) وسعيد بن منصور (رقم: 104).
(2)
أخرجه عبد الرّزّاق (رقم: 14519، 14520) وسعيد بن منصور (رقم: 110، 112) عن شريح ومسروق والخطميّ، وعبد الرّزّاق (رقم: 14517) عن ابن المسيّب وحده، و (رقم: 14516) عن الزّهريّ وحده، وسعيد بن منصور (رقم:
121، 122) وأبو عبيد (ص: 389) عن سعيد بن جبير وحده.
(3)
أخرجه البيهقيّ في «الكبرى» (6/ 17) وضعّفه، وهو كذلك.
(4)
أخرجه ابن أبي داود (ص: 175) بإسناد صحيح.
(5)
أخرجه عبد الرّزّاق (رقم: 14527) وسعيد بن منصور (رقم: 117، 118) بإسناد صحيح.
وذهب إلى الجواز كذلك: الحسن البصريّ، وسعيد بن جبير في الرّواية الأخرى، وأبو الشّعثاء جابر بن زيد (1).
وأمّا من بعدهم من أهل العلم فلم تخرج مذاهبهم عن هذه الثّلاثة.
والوجه في المذهب الأوّل خوف التّأكّل بالقرآن ببيع المصاحف، وعدم الإعانة على ذلك بشرائها.
والوجه في الثّاني في الإذن بالشّراء: مسيس الحاجة إلى المصاحف.
والوجه في الثّالث البناء على الأصل، إذ المنفعة في البيع حاصلة بسبب ما يبذل في كتابته من جهد، وما يحتاج إليه في إعداده من ورق ومادّة كتابة وجلد وغير ذلك، وتلك أشياء مقوّمة، يجوز بيعها وشراؤها، هذا مع ما ينضمّ إليه من حاجة النّاس إلى المصاحف.
وهذا الثّالث هو أصحّ مذاهبهم، إذ لو صحّح أصل المنع لذهبت به على النّاس مصالح عظيمة، فذلك ممّا يقلّ به انتشار المصحف، كما أنّا إذا تركنا كلّ أحد إلى اختياره في كتابة المصاحف لعجز أكثر النّاس، كما أنّه سيكتبه من يحسن ومن لا يحسن، بخلاف أن تختصّ به طائفة تحسن كتابته وطباعته ومراجعته وتغليفه، فتجعله بين أيدي النّاس ميسور الأخذ، محكم الصّنعة،
(1) أخرجه أبو عبيد (ص: 391) عن الحسن والشّعبيّ وابن جبير، وعبد الرّزّاق (رقم: 14528) وسعيد بن منصور (رقم: 113، 115) عن أبي الشّعثاء والحسن والشّعبيّ، وسعيد (رقم: 116) عن الحسن وحده بأسانيد صحيحة.