الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والاستفهام.
[3]
أن تبحث عمّا يتعلّق به الجارّ والمجرور.
[4]
أن تلاحظ صلة الموصول وعائده.
[5]
أن تحدّد صاحب الحال، وهو الموصوف حاله.
8 - تأثير التّغيير الصّرفيّ في المعنى
.
وذلك من جهة الأصالة والزّيادة والحذف، وغير ذلك.
كالفرق بين لفظي (الضّلال) و (الإضلال) بسبب الزّيادة الصّرفيّة، والفرق بين اسطعوا واسْتَطاعُوا* [الكهف: 97] في الحذف، وفائدة التّكرير في قوله تعالى: فَكُبْكِبُوا فِيها [الشّعراء: 94].
والتّغيير الطّارئ على أبنية الأفعال يكسبها كثيرا من دقيق المعاني، والقرآن مقصود أن يراعى فيه جميع ذلك، فدلالة (فعل) غير (فعّل) وكلاهما غير (أفعل)، وهكذا.
9 - علوم المعاني البلاغيّة في القرآن:
اشتمل القرآن من أنواع (علم المعاني) على أحسنها، ففيه:
استعمالات الألفاظ في حقائقها، وفي مجازاتها بقرائنها الدّالّة على ذلك، وهذا باب واسع، وهو عظيم الفائدة، ضروريّ لمتدبّر القرآن، محلّه كتب البلاغة، وجوامع التّفسير، وبعض المصنّفات الخاصّة فيه، كبعض ما كتب سلطان
العلماء عزّ الدّين بن عبد السّلام، لكن لا بدّ من تنبيه على المراد على سبيل الإيجاز بالإشارة، فمن ذلك:
[1]
مجيء الخبر والإنشاء يراد بكلّ منهما أصل ما يساق له، كما يقوم أحدهما مقام الآخر مجازا بقرينة، وأمثلته كثيرة.
[2]
مجيء صيغ الأمر والنّهي والاستفهام والتّمنّي والنّداء يراد بها حقائقها، كما تخرج للدّلالة على معان مجازيّة بالقرائن، والقرآن مليء بهذا.
[3]
التّعبير بلفظ الماضي عمّا لم يكن بعد تأكيدا لوقوعه، كقوله تعالى: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ [النّحل: 1].
ولاحظ أنّ (كان) خاصّة قد تدلّ على الماضي والحال والاستقبال، واستعمالها في القرآن بهذا المعنى كثير، كقوله تعالى:
وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً [النّساء: 148].
كذلك يأتي اللّفظ المضارع معناه الماضي لفائدة، كقوله تعالى:
فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ [البقرة: 91]، والمعنى: لم قتلتم.
[4]
دلالة التّنكير أو التّعريف وفائدة كلّ في محلّه.
دخل أبو الفرج غلام ابن شنبوذ على عضد الدّولة زائرا، فقال له: يا أبا الفرج، إنّ الله يقول: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ [النّحل: 69]، ونرى العسل يأكله المحرور فيتأذّى به، والله الصّادق في قوله؟ قال: أصلح الله الملك، إنّ الله لم يقل: فيه الشّفاء للنّاس،
بالألف واللّام الّذين يدخلان لاستيفاء الجنس، وإنّما ذكره منكّرا، فمعناه: فيه شفاء لبعض النّاس دون بعض (1).
[5]
معرفة المقيّدات اللّفظيّة، كالتّقييد بالنّعوت كقوله تعالى:
وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النّساء: 92]، وبالعطف كقوله تعالى: جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ [المائدة: 97]، وهذا عطف بيان، وهكذا.
[6]
دلالة القصر، كما في قوله: لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ* [الصّافّات: 35]،
فقصرت الألوهيّة على الله، وقوله: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ [فاطر: 28]، قصرت الخشية على العلماء، وهكذا.
[7]
تمييز الوصل والفصل بين الجمل.
فالوصل: الرّبط بين الجملتين بحرف العطف الواو، كما في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ 119 [التّوبة: 119].
والفصل: قطع الارتباط بين الجملتين، ويكون لأسباب، منها:
أن يكون الاتّصال تامّا بين الجملتين، كقوله تعالى: وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ 133 [الشّعراء: 132 - 133]، فالجملة الثّانية بدل من الأولى، ولو وصلتا بالعطف لزم أن تكون إحداهما غير الأخرى.
(1) معرفة القرّاء الكبار، للذّهبيّ (1/ 333 - 334). وأبو الفرج هذا هو محمّد بن أحمد بن إبراهيم، من أئمّة القراءات والتّفسير، توفّي سنة (388 هـ).
ومنها: أن يكون بين الجملتين ارتباط، لكن منع من الوصل مانع، مثل قوله تعالى: وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [البقرة: 14 - 15]، فلو وصلت جملة اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ لكانت معطوفة على قول المنافقين: إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ.
[8]
ملاحظة الاستئناف:
وهو الكلام المنقطع عمّا قبله في السّياق، كقوله تعالى: وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً لَعَنَهُ اللَّهُ [النّساء: 117 - 118].
وقد تدخل عليه الواو، كقوله تعالى: لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ، فجملة وَنُقِرُّ مستأنفة، والواو للاستئناف.
وقد تدخل كذلك الفاء، ويقال فيها ما يقال في الواو، كقوله تعالى: فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ* [البقرة: 117]، فجملة فَيَكُونُ* استئنافيّة.
[9]
رعاية مواقع الإيجاز ومواقع الإطناب:
عن الرّبيع بن سليمان، قال: قال رجل للشّافعيّ: يا أبا عبد الله، ما البلاغة؟ قال:«البلاغة أن تبلغ إلى دقيق المعاني بجليل القول» قال:
فما الإطناب؟ قال: «البسط ليسير المعاني في فنون الخطاب» ، قال:
فأيّما أحسن عندك: الإيجاز أم الإسهاب؟ قال: «لكلّ من المعنيين منزلة، فمنزلة الإيجاز عند التّفهّم في منزلة الإسهاب عند الموعظة، ألا ترى أنّ الله تعالى إذا احتجّ في كلامه كيف يوجز، وإذا وعظ كيف يطنب، في مثل قوله محتجّا: لَوْ
كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [الأنبياء: 22]، وإذا جاءت الموعظة جاء بأخبار الأوّلين، وضرب الأمثال بالسّلف الماضين» (1).
[10]
ملاحظة أسلوب الالتفات.
وهو العدول في الكلام من حال إلى حال، كالعدول من حال التّكلّم إلى الخطاب، مثل قوله تعالى: وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ [الأنعام: 71 - 72]، أو من الخطاب إلى الغيبة، كقوله تعالى: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ [يونس: 22].
[11]
ملاحظة وقوع الحذف في الكلام.
مثل حذف الجواب اختصارا في قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى [الرّعد: 31] أي:
لكان هذا القرآن.
ومنه حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مكانه، كقوله تعالى:
الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ [البقرة: 197]، أي: وقت الحجّ.
وحذف الموصوف وإقامة الصّفة مكانه، كقوله تعالى: وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً [الإسراء: 59] أي: آية مبصرة (2).
وهذا باب كبير.
(1) أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقّه» (رقم: 707) بإسناد صالح.
(2)
وفي الحذف في القرآن تأصيل للعزّ بن عبد السّلام في «الإمام» (ص: 204).
قال العزّ بن عبد السّلام: «القاعدة أن يحمل القرآن على أصحّ المعاني، وأفصح الأقوال، فلا يحمل على معنى ضعيف، ولا على لفظ ركيك، وكذلك لا يقدّر فيه من المحذوفات إلّا أحسنها وأشدّها موافقة وملاءمة للسّياق» (1).
[12]
ورود الزّيادة.
كما في زيادة (لا) في سياق النّفي في قوله: ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ [الأعراف: 12] أي: أن تسجد.
وزيادة (ما) في قوله: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ* [النّساء: 155]، فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ [آل عمران: 159].
وفائدة الزّيادة: التّوكيد، وهو من أساليب العرب معروف في كلامها.
وذهب بعض أهل العلم إلى منع القول: (في القرآن حروف زائدة)(2)، وأكثرهم على صحّة ذلك، والوصف لها بالزّيادة ليس على معنى خلوّها من الفائدة، فالزّيادة في المبنى زيادة في المعنى، وإنّما هي تسمية اصطلاحيّة.
[13]
ملاحظة التّقديم والتّأخير.
كقوله تعالى: أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً [الكهف: 1 - 2] أي: أنزل على عبده الكتاب قيّما ولم يجعل له عوجا.
(1) الإشارة إلى الإيجاز، للعزّ بن عبد السّلام (ص: 220).
(2)
انظر: «البرهان» للزّركشي (2/ 178).
وقوله عز وجل: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى 129 [طه: 129]، أي: ولولا كلمة سبقت من ربّك وأجل مسمّى لكان لزاما.
[14]
دلالة القسم في القرآن.
أنماط القسم في القرآن لها من الدّلالة ما خرجت به عن القسم الواقع من الخلق؛ لذا فإنّ معرفة معانيها ووجوهها جزء مهمّ في تفسير القرآن.
وللعلّامة ابن القيّم فيها كتاب مفرد، اسمه:«التّبيان في أقسام القرآن» .
[15]
التّوكيد والتّكرار.
التّوكيد: عبارة عن تقويه مدلول اللّفظ المذكور أوّلا بلفظ مذكور ثانيا مستقلّ بالإفادة (1).
ويكون بتكرار اللّفظ أو معناه، كما يكون بأدوات مخصوصة، ومحلّ بسطه كتب النّحو.
والمقصود هنا أن يلاحظ: أنّ التّوكيد من أساليب الكلام، وفائدته: تمكين المعنى في نفس المخاطب، وهذا لا ينبغي أن يكون محلّ نزاع.
أمّا التّكرار، فإنّه يفيد التّوكيد، لكنّه غير مقصور عليه، فقد يأتي التّكرار لغير التّوكيد؛ لذا فعلى متدبّر القرآن أن يطلب ما وراء ذلك الأسلوب من دقيق المعاني.
(1) الإبهاج في شرح المنهاج، للسّبكيّين (1/ 244).
فلو قلت في قوله تعالى: أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (34) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى 35 [القيامة: 34 - 35]: هذا التّكرار لمجرّد التّوكيد، فقد حجبت نفسك عمّا هو أولى بالاعتبار في معنى الآية.
ومن هذا القبيل تكرار القصّة في القرآن، فلها في كلّ موضع من
الدّلالة ما يختلف عن الموضع الآخر، وأدنى ما يفيده تكرارها تمكين العبرة بتلك القصّة من نفس المخاطب.
ولا تجد في القرآن إعادة مجرّدة للقصّة، وعلامة ذلك أنّك لا ترى قصّة يتّفق سياقها في الموضعين، فضلا عن الاتّفاق في الدّلالة والمقصود.
[16]
ذكر الشّيء على العموم، ثمّ تخصيص الأفضل منه، كقوله تعالى: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى [البقرة: 238].
(1) الإبهاج في شرح المنهاج، للسّبكيّين (1/ 247).
[17]
ملاحظة الدّلالات اللّغويّة لحروف المعاني بحسب استعمالها.
والمراد بها: الحروف الّتي تدلّ على معنى في غيرها، كحروف الجرّ والتّوكيد والقسم، وغيرها.
وفيه مؤلّفات مفيدة محقّقة للغرض، منها:«مغني اللّبيب» للإمام جمال الدّين ابن هشام، و «الجنى الدّاني في حروف المعاني» للحسن بن قاسم المراديّ، و «رصف المباني في شرح حروف المعاني» لأحمد بن عبد النّور المالقيّ، ومطوّلات الكتب المؤلّفة في علوم القرآن تناولت ذلك أيضا.
وهاهنا مسألة جديرة بالتّنبيه، وهي تناوب حروف المعاني، خصوصا حروف الجرّ، وذلك بمجيء الحرف بمعنى الآخر، كما قيل في قوله تعالى: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [طه: 71]، أي: على جذوع النّخل.
فهذا ممّا اختلف فيه أئمّة العربيّة من البصريّين مع أكثر الكوفيّين ومن تبعهم من المتأخّرين، فمذهب البصريّين: أنّ حروف المعاني لا
ينوب بعضها عن بعض، ولكلّ حرف معناه، ويتأوّلون الفعل الّذي تعلّق به الحرف على تضمينه معنى فعل يتعدّى بذلك الحرف، والآخرون قالوا بصحّة ذلك.
مثاله قوله تعالى: وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا [الأنبياء: 77]، فعند البصريّين: ونجّيناه من القوم، وعند الكوفيّين:
ونصرناه على القوم.