الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يسمّى ب (التّنكيس) في القراءة وارد على معنيين:
الأوّل: قراءة السّورة معكوسة، وقد يفعل للإبانة عن تمكّن الحفظ، فيبدأ من آخر السّورة إلى أوّلها بعكس الآيات.
وهذا الفعل مذموم قبيح، وعليه يتنزّل الذّمّ الوارد عن بعض السّلف في التّنكيس في التّلاوة.
فعن أبي وائل شقيق بن سلمة، قال: قيل لعبد الله بن مسعود: إنّ فلانا يقرأ القرآن منكوسا، فقال عبد الله:«ذاك منكوس القلب» (1).
وقبح هذا من جهة أنّ ترتيب السّورة توقيفيّ، كما بيّنّاه قبل؛ فلذا يجب التّرتيب في تلاوة الآيات كما هي في السّورة.
قال ابن مفلح المقدسيّ: «وعند شيخنا- يعني ابن تيميّة- ترتيب الآيات واجب؛ لأنّ ترتيبها بالنّصّ» (2).
والثّاني: التّنكيس في السّور، كأن يقرأ (النّاس) ثمّ (الفلق).
فهذا جائز لا يتناوله ذمّ، إلّا فيما بين الفاتحة وغيرها في الصّلاة؛ لأنّه
(1) أثر صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة (رقم: 30298) وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص: 119) والبيهقيّ في «الشّعب» (رقم: 2312، 2313) من طرق عن الأعمش، عن أبي وائل، به. وإسناده صحيح.
(2)
الفروع (1/ 421)، وانظر:«مجموع الفتاوى» (13/ 214)، «التّبيان» للنّوويّ (ص: 50).
خلاف السّنّة؛ والسّبب في أنّ التّرتيب في القراءة ليس بواجب، يعود إلى كون ترتيب السّور في المصحف إنّما وقع باجتهاد الصّحابة، لكن نبّه بعض العلماء على استحباب ترتيبها على ما هي عليه في المصحف، ولم يوجب ذلك أحد، إنّما ذهب بعضهم إلى كراهة التّنكيس فيها (1).
ينبغي لصاحب القرآن أن لا يقول: (سورة صغيرة)، إنّما
يقول: (سورة قصيرة)، ولا يقول:(سورة خفيفة)، إنّما يقول:(سورة يسيرة)؛ تعظيما للقرآن.
فقد كان السّلف يقولون: (قصار السّور).
وعن عاصم بن سليمان الأحول، قال: قال خالد الحذّاء لابن سيرين: سورة خفيفة، فقال ابن سيرين: «من أين
(1) البيان والتّحصيل، لابن رشد (1/ 241)، التّبيان، للنّوويّ (ص: 49)، فتح الباري، لابن حجر (9/ 40)، الفواكه الدّواني، للنّفراويّ (1/ 184)، حاشيتا قليوبي وعميرة (1/ 175)، الفروع (1/ 421)، شرح المنتهى، للبهوتيّ (1/ 181).
والقول بالجواز والكراهة روايتان عن أحمد، وانظر:«التّمام» لابن أبي يعلى (1/ 160)، والمحقّقون من الحنابلة على الجواز، كما يفيده ما في «الفروع» (1/ 421).
تنبيه: أمّا التّنكيس في الكلمات فهذا إن وقع بقصد؛ فهو من اللّعب بآيات الله واتّخاذها هزوا، وحرمته ممّا لا يجوز التّردّد فيه، ونصّ على التّحريم الحنابلة، ذكره ابن مفلح وغيره، ولم يقل بالحلّ أحد.