الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن بيّنت وجه ذلك (1).
وظنّ بعض العلماء أنّ مذهب الشّافعيّ ومن وافقه إنّما هو لأجل
عدم وجود المثال له: أن تكون في كتاب الله آية قد نسخت بسنّة، وهذا الظّنّ خطأ، من جهة أنّ الشّافعيّ قد فسّر استدلاله وبيّنه، وليس فيه شيء من هذا، ثمّ إنّ مثاله سيأتي، وإن كان الشّافعيّ قد تأوّله.
المذهب الثّاني: صحّة نسخ الآية بسنّة
.
وهذا مذهب الحنفيّة (2)، وطائفة من المالكيّة (3)، واختاره بعض أعيان
(1) انظر ما تقدّم (ص: 218 - 220).
وقد وضع بعض الحمقى في هذه المسألة حديثا: فأخرج ابن عديّ في «الكامل» (2/ 443) والدّارقطنيّ (4/ 145) وابن الجوزيّ في «العلل المتناهية» (رقم: 190) ونصر المقدسيّ في «تحريم نكاح المتعة» (رقم: 33) والحازميّ في «الاعتبار» (ص: 58) من طريق محمّد بن داود القنطريّ، حدّثنا أبو عبّاد جبرون بن واقد الإفريقيّ، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزّبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلامي لا ينسخ كلام الله، وكلام الله لا ينسخ كلامي، وكلام الله ينسخ بعضه بعضا» .
قال ابن عديّ: «منكر» ووافقه الحازميّ، وقال الذّهبيّ في «الميزان» (1/ 388):«موضوع» ، وقال في جبرون: «متّهم، فإنّه روى بقلّة حياء
…
» فذكر هذا الحديث.
(2)
انظر: «المغني في أصول الفقه» للخبّازيّ (ص: 255)، «شرح المنار» لابن الملك (2/ 717)، «النّاسخ والمنسوخ» للنّحّاس (ص: 53)، «الواضح» لابن عقيل (4/ 259).
(3)
انظر: «الإحكام» للباجيّ (ص: 350 - 356، 358 - 359)، «الواضح» لابن عقيل (4/ 259)، «المسوّدة» لآل تيميّة (ص: 182).
الشّافعيّة كإمام الحرمين الجوينيّ (1) والغزّاليّ (2)، وهو الرّواية الثّانية عن أحمد بن حنبل (3)، واختيار ابن حزم الظّاهريّ (4).
واستدلال أصحاب هذا المذهب بما سبق تأصيله أنّ السّنّة وحي كالقرآن، وما فرض الله عز وجل من طاعة نبيّه صلى الله عليه وسلم، وبالإجماع بأنّ بيان النّبيّ صلى الله عليه وسلم للقرآن حجّة ملزمة كالقرآن، لقوله تعالى: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النّحل: 44]، والنّسخ بيان (5).
ومثال المنسوخ حكمه من القرآن بسنّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم، قوله تعالى:
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى [البقرة: 180].
ففرض الوصيّة للوالدين بهذه الآية منسوخ بقوله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله قد أعطى كلّ ذي حقّ حقّه، فلا وصيّة لوارث» (6).
(1) انظر: «البرهان» للجوينيّ (2/ 1307)، «التّلخيص» له (2/ 520).
(2)
انظر: «المستصفى» للغزّالي (ص: 147).
(3)
انظر: «الواضح» لابن عقيل (4/ 290).
(4)
انظر: «الإحكام» لابن حزم (4/ 107 - 108)، «المحلّى» له (1/ 52).
(5)
انظر: «السّنّة» لابن نصر المروزيّ (ص: 69 - 70)، «تأويل مختلف الحديث» لابن قتيبة (ص: 229 - 230)، وما ذكرته من المصادر في التّعليقات على هذا المذهب.
(6)
حديث صحيح. أخرجه أحمد (36/ 628 رقم: 22294) وأبو داود (رقم:
2870، 3565) والتّرمذيّ (رقم: 2120) وابن ماجة (رقم: 2713) من طرق عن إسماعيل بن عيّاش، حدّثنا شرحبيل بن مسلم الخولانيّ، قال: سمعت أبا أمامة الباهليّ، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجّة الوداع، فذكره.
قلت: وإسناده جيّد، وقال التّرمذيّ:«حديث حسن» ، وهو حديث مشهور له شواهد.