الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المذكورين هنا من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم، كما يجوز أن يكون عند بعضهم بعضه لا كلّه.
الصّورة الثّانية: الحفظ في السّطور
.
لم يكن الاعتماد على الصّدور وحده كافيا لحفظ القرآن الّذي أراد الله تعالى أن يبقى دستورا للبشر إلى قيام السّاعة، فإنّ حفظ الصّدور لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتريه ما كتب الله على بني آدم من النّسيان والوهم، وبناء الثّقة في الدّين عليه مجرّدا غير ممكن، لذلك كان التّدوين والكتابة ضرورة لا بدّ منها لحفظه وإبقاء قدسيّته، والقرآن نفسه أشعر بضرورة الكتابة في مواضع كثيرة، فإنّ الله تعالى سمّاه (الكتاب)، وهذا يقتضي أن يكون مكتوبا.
ولذا كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم قد اتّخذ جماعة مأمونة من أصحابه ممّن كان
يعرف الكتابة يكتبون ما كان ينزل عليه من القرآن، كما كان الإذن فيه عامّا لكلّ من شاء أن يكتب، وقد قال لهم:
«لا تكتبوا عنّي شيئا غير القرآن، فمن كتب عنّي شيئا غير القرآن فليمحه» (1).
(1) حديث صحيح. أخرجه أحمد في «مسنده» (رقم: 11085، 11087، 11158، 11344، 11536) ومسلم (رقم: 3004) والنّسائيّ في «الكبرى» (رقم: 8008) من طرق عن همّام بن يحيى، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدريّ، قال: =
وعلّة ذلك مدركة، وهي الخوف من أن يختلط بالقرآن ما ليس منه.
ومن أعيان كتّاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: عليّ بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وأبيّ بن كعب، ومعاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنهم.
وكانوا جميعا من آمن النّاس على كلام الله تعالى، وهم مزكّون من رسول الله صلى الله عليه وسلم باختياره لهم لهذه الوظيفة الثّقيلة، بل مزكّون من الله تعالى بإقرار نبيّه صلى الله عليه وسلم على اتّخاذهم لذلك.
ومن لم يكن في موضع الثّقة فإنّ الله تعالى فضحه، كما وقع لذاك الّذي كان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يغيّر ما كان يمليه عليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
فعن أنس بن مالك، رضي الله عنه:
أنّ رجلا كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أملى عليه سَمِيعاً بَصِيراً كتب سَمِيعاً عَلِيماً، فإذا كان سَمِيعاً عَلِيماً كتب
سَمِيعاً بَصِيراً، وكان قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان من قرأهما فقد قرأ قرآنا كثيرا، قال: فتنصّر الرّجل، وقال: إنّما كنت أكتب ما شئت عن محمّد، قال: فمات فدفن فلفظته الأرض، ثمّ دفن فلفظته، قال أنس:
قال أبو طلحة: فأنا رأيته منبوذا على ظهر الأرض (1).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، به.
وانظر تعليقي على كتاب «المقنع» لابن الملقّن (1/ 337 - 339).
(1)
حديث صحيح. أخرجه الطّيالسيّ (رقم: 2020) وأحمد (رقم: 13573) وعبد بن حميد (رقم: 1354) من طرق عن حمّاد بن سلمة، قال: أخبرنا ثابت، عن أنس، به.
قلت: وإسناده صحيح. وقوله: «ليس من النّاس» أي ما وقع له.