الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منهم إسناد أو أسانيد، ومع ذلك لا يصحّ، فهو لا يفيد الظّنّ الرّاجح، فضلا عن اليقين، كحديث:«من حفظ على أمّتي أربعين حديثا» (1).
ومثله إشاعة تظهر في النّاس، يتناقلها الجمع عن الجمع، فإذا بحثت عن مخرجها وجدتها ترجع إلى الكذب.
المبحث الثاني: نقل القرآن
لا ريب أن طريق نقل القرآن الرّواية.
لكن ما منزلتها في الرّوايات؟ هل نقلت إلينا بطريق التّواتر الّذي يعني أنّ القرآن قطعيّ الثّبوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
القرآن رسالة النّبيّ صلى الله عليه وسلم، أنزله الله تعالى قانونا للحياة، فحين كان نبيّه صلى الله عليه وسلم يتلوه على النّاس لم يحمله عنه فرد واحد، بل حملته الأمّة كلّها يومئذ.
وقد تقدّم في المقدّمة الثّانية شرح الكيفيّة الّتي جمع بها القرآن، وأنّه كان يحفظ في الصّدور وفي السّطور، وذلك تحقيقا لوعد الله تعالى بحفظه، ليبقى حجّة على النّاس إلى أن تقوم السّاعة.
فترى هذا القرآن قد اجتمع عامّة الصّحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على
(1) وهو حديث روي عن بضعة عشر صحابيّا، وهو على طريقة من يراعي مجرّد العدد في التّواتر يعدّه متواترا، وهذا غلط كبير في العلم، فإنّ الحديث ليس بضعيف فقط، بل شديد الضّعف، كما شرحته في جزء خاصّ.
الاعتناء بنقله وضبط تلاوته وأدائه وروايته، وبقي النّاس ينسخون المصاحف عن أصول الصّحابة، ويقرءون بأداء النّقلة المتقنين، في جميع البلدان، وهو كتاب واحد، برسم واحد، يتلى على أنواع من الأداء قد تلقّتها الأجيال عن الأجيال، لا يزيد فرد على فرد في تلاوته على ما في هذا المصحف، وتأتي عليه القرون بعد القرون لا يزال منه شيء عن موضعه، فهذه دور المخطوطات في العالم كلّه في بلاد الإسلام وغيرها فيها ما لا يحصيه إلّا الله من المصاحف الّتي كتبت في الأزمان والبلدان المختلفة، لا ترى مصحفا يختلف عن الآخر في شيء، وهذه بيوت المسلمين لا يكاد يخلو بيت من مصحف، انظر فيها مشرّقا أو مغرّبا، فلن ترى بينها اختلافا.
هذا أحد طريقي نقل القرآن، وهو هذا المصحف وحمل الأمّة له جيلا عن جيل.
أمّا إن جئت إلى قراءات القرّاء، فإنّ الأسانيد بها قد انتهت إلى الدّواوين المتواترة عن أصحابها، وهي الكتب الّتي صنّفها أئمّة القراءة في وجوه الأداء للقرآن كما تلقّوها عن أئمّته الكبار، فلمّا صار ذلك علما مضبوطا في كتب خاصّة فقد أغنى النّاس عن استمرار الإسناد إلى اليوم.
وذلك كتدوين الحديث في الكتب، فإنّه أغنى الأمّة عن الاشتغال بالإسناد بعدها، فهذا «صحيح البخاريّ» مثلا، فهو مقطوع بصحّته إليه، وإن كانت أغلب الأسانيد منه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم غير متواترة، وهذه مفارقة بينه وبين القرآن، فالقرآن بقراءات أئمّة القراءة
محفوظ إلى أولئك الأئمّة