الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بدينها، وذلك يوجب أن يخاطب كلّ جيل بلغته.
والبقاء في إطار الاتّباع للسّلف في التّفسير، لا يعني الجمود على حكاية ألفاظهم، فهذا يرفضه منهج السّلف ذاته، فإنّهم بكلامهم أرادوا تبصير العباد بالقرآن، وإنّك لتجد
في كلام ابن عبّاس أو مجاهد في التّفسير ما يحتاج إلى تفسير لجمهور النّاطقين بالعربيّة في زماننا، فضلا عن عموم المسلمين، وإنّما المطلوب الاهتداء ببيانهم، والحذر من الإتيان بما يخالفه.
المسألة الثّالثة: ترجمة معاني القرآن
.
المقصود بالتّرجمة: نقل الكلام من لغة إلى لغة أخرى، كنقل كلام من العربيّة إلى الإنجليزيّة، أو العكس.
وهي نوعان: 1 - حرفيّة، وهي ما تأتي على سبيل المطابقة، بنقل اللّفظ إلى نظيره في اللّغة الأخرى، مع الموافقة في النّظم والتّرتيب.
2 -
تفسيريّة، وهي بيان معنى الكلام في لغة أخرى، بما يتطابق فيه المقصود في اللّغة المنقول عنها واللّغة المنقول إليها، دون تقيّد بمراعاة المقابلات اللّفظيّة.
وترجمة القرآن واقعة على هذين المعنيين، وكلاهما تخرجان القرآن عن قرآنيّته، فعربيّته وصف لازم له، وإن كان رسالة إلى جميع النّاس.
والتّرجمة بأيّ نوعيها كانت هي من قبيل التّفسير للقرآن، ولأجل هذا
يتفاوت المترجمون في الإبانة عن المراد، وتختلف عباراتهم في اللّغة المترجم إليها، بل تختلف المعاني وتتعدّد، بمنزلة ما يقع من الاختلاف بين المفسّرين.
وبخصوصها ثلاثة تنبيهات: التّنبيه الأوّل: يجب أن يتّصف المترجم بصفات المفسّر، ويتقيّد بالمنهج المتقدّم شرحه في التّفسير، مع خصلة زائدة، وهي: أن يكون متمكّنا في اللّغتين جميعا تمكّن أهل كلّ منهما العارفين بهما.
ولما نعلم من القصور في الواقع المشاهد عن تحقيق الشّروط اللّازمة في الشّخص الواحد، فإنّي أرى ضرورة حفظ الدّين توجب أن لا يقتصر في ترجمة معاني القرآن على عمل شخص واحد، مهما ظنّ تمكّنه في التّرجمة، بل تؤلّف لها لجان تجمع بين من تجتمع فيه خصال المفسّر، ومقتدرين أكفاء في معرفة اللّسانين، مع الأمانة والدّين.
وسبب ذلك: أنّ شأن التّرجمة خطير، فإنّ من ترجمت له معاني القرآن بلغته، لا سبيل لديه لمعرفة الإسلام والقرآن إلّا تلك التّرجمة، بخلاف من لسانه العربيّة، فإنّ كلام الله بين يديه دون الوسائط.
التّنبيه الثّاني: لا يصحّ أن يلقّن غير العربيّ أنّ هذه التّرجمة لمعاني القرآن بلغته، هي القرآن، إنّما يجب أن يبصّر أن هذه اجتهاد
بشر في بيان معاني كلام الله، جائز عليه الوهم والغلط والقصور، وواجب أن يبيّن ذلك ضمن تلك التّرجمات؛ لأنّنا رأينا من النّاس من أهل تلك اللّغات من