الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول: تواتر نقل القرآن
المبحث الأول: تعريف التواتر
التّواتر في اللّغة:
قال الجوهريّ: «واترت الكتب فتواترت، أي: جاءت بعضها في إثر بعض وترا وترا، من غير أن تنقطع» (1).
وفي «شرح القاموس» (2): «أصل هذا من الوتر، وهو الفرد، وهو أنّي جعلت كلّ واحد بعد صاحبه فردا فردا، والخبر المتواتر: أن يحدّثه واحد بعد واحد، وكذلك خبر الواحد مثل المتواتر» .
فمقتضى اللّغة أنّ التّواتر في النّقل تتابع الرّواة برواية الفرد عن الفرد يأتي الواحد في إثر الآخر دون انقطاع.
وأمّا في الاصطلاح: فتفاوتت العبارات عند أصحاب الفنون وتباينوا في ذلك تباينا كبيرا، ولكنّهم جميعا اتّفقوا على أنّ التّواتر في الأخبار: هو ما أفاد القطع بصحّتها وأسقط الظّنّ.
بعضهم يشترط رواية العدد عن العدد، وهذا شرط مع شدّة اضطرابهم فيه فإنّه لا يفيده الاستعمال اللّغويّ، وينبغي في باب التّعاريف أن يكون في اللّغة أصل للمعنى الاصطلاحيّ.
أمّا إذا قلنا: التّواتر رواية الخبر بطريق يفيد العلم، واكتفينا بهذا في التّعريف، لكان أصحّ، ثمّ تراعى الأسباب الّتي يخلص بها إلى هذه النّتيجة.
وهذه الأسباب هي المعبّر عنها بالقرائن الّتي تحتفّ بالخبر، كصدق النّاقل، أو موافقة غيره له مع امتناع الاتّفاق بينهم على الكذب والغلط.
فالنّبيّ صلى الله عليه وسلم روى القرآن عن جبريل عليه السلام، ورواه جبريل عليه السلام عن الله ربّ العالمين، وهذه رواية فرد عن فرد، لكنّها أعلى طريق لإفادة العلم واليقين.
فههنا الاعتبار بصفات النّاقل.
ومسألة من العلم تثبت في السّنّة، يجتمع النّقلة في الأمصار الإسلاميّة في زمن الرّواية على نقلها، لكلّ أهل بلد أسانيدهم وطرقهم فيها حتّى تنتهي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، كسنّة المسح على الخفّين، فهذا ممّا لا يرتاب في إفادته القطع واليقين أنّه كان من سنّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وهاهنا الاعتبار بصفات النّاقل، مع العدد واختلاف البلدان المانع من التّواطؤ على الغلط.
ويقابل ذلك حديث يروى عن عدد كثير من الصّحابة إلى كلّ واحد