الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تكبير الختم:
المراد به أن يقول القارئ: (الله أكبر) عقب كلّ سورة من قصار المفصّل، ابتداء بسورة الضّحى إلى أن يختم القرآن.
وهذا التّكبير روي فيه حديث لا يصحّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم (1)، وهو معروف
(1) رواه أحمد بن محمّد بن القاسم بن أبي بزّة البزّيّ، قال: سمعت عكرمة بن سليمان يقول: قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، فلمّا بلغت وَالضُّحى 1 قال: كبّر عند خاتمة كلّ سورة، فإنّي قرأت على عبد الله بن كثير، فلمّا بلغت وَالضُّحى 1 قال: كبّر حتى تختم، وأخبره ابن كثير أنّه قرأ على مجاهد فأمره بذلك، وأخبره مجاهد أنّ ابن عبّاس أمره بذلك، وأخبره ابن عبّاس أنّ أبيّ بن كعب أمره بذلك، وأخبره أبيّ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمره بذلك.
أخرجه الحاكم (رقم: 5325) وأبو عمرو الدّانيّ في «التّيسير» (ص: 227) والبيهقيّ في «الشّعب» (رقم: 2077، 2079، 2080، 2081) والذّهبيّ في «معرفة القرّاء» (1/ 175 - 176، 177) و «ميزان الاعتدال» (1/ 144 - 145) وابن الجزريّ في «النّشر» (2/ 412، 413، 414) من طرق عن البزّيّ، به.
قلت: تفرّد به البزّيّ، قال الحافظ أبو العلاء الهمدانيّ:«لم يرفع التّكبير إلّا البزّيّ، فإنّ الرّوايات قد تظافرت عنه برفعه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم» قال: «ورواه النّاس فوقفوه على ابن عبّاس ومجاهد» (النّشر: 2/ 413 - 414).
قال الحاكم: «حديث صحيح الإسناد» ، فتعقّبه الذّهبيّ في «التّلخيص» بقوله:
وقال في «الميزان» : «هذا حديث غريب، وهو ممّا أنكر على البزّيّ» ، وقال في «السّير» (12/ 51):«صحّح له الحاكم حديث التّكبير، وهو منكر» .
قلت: البزّيّ إمام في القراءة، لكنّه ضعيف في الحديث، فكأنّه اشتبه عليه أمر هذا =
عند القرّاء في قراءة عبد الله بن كثير أحد الأئمّة السّبعة، وكذلك عن غيره أنّهم كانوا يفعلونه.
= الحديث، فوقع إليه من طريق ابن كثير موقوفا أو مقطوعا، فرفعه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ومن لم يكن الحديث صنعته فهذا وارد عليه، وإن كان ذكيّا في غيره.
وممّا يقتضي التّنبيه أنّه وقع في بعض الطّرق عن البزّيّ قال: حدّثت محمّد بن إدريس الشّافعيّ، فقال لي:«إن تركت التّكبير فقد تركت سنّة من سنن نبيّك» .
ونقل ابن الجزريّ عن ابن كثير المفسّر قوله: «هذا يقتضي تصحيحه لهذا الحديث» (النّشر: 2/ 415).
قلت: في ثبوت هذا عن الشّافعيّ الإمام نظر، فإنّ في طريق الرّواية إليه رجلا مكّيّا يقال له (موسى بن هارون) لا يعرف، ووقع في بعض الطّرق:(الشّافعيّ) بالنّسبة فقط دون ذكر الاسم، وفي رواية:(إبراهيم بن محمّد الشّافعيّ)، وإبراهيم هذا هو ابن عمّ الإمام. والمقصود أن تعلم أنّ الّذي قاله ابن كثير لا يفيد في قبول الحديث.
(1)
القوّاس هو: أبو الحسن أحمد بن محمّد بن علقمة المكّيّ، من حملة قراءة ابن كثير المعتمدين. والبزّيّ هو المذكور في التّعليق السّابق، من الضّابطين لقراءة ابن كثير.
(2)
أراد في حال عرض القراءة عليه من قبل الطّلبة.
(3)
هذا المذهب يستلزم عدّ البسملة آية منها.
(4)
النّشر، لابن الجزريّ (2/ 411).
وقال ابن الجزريّ: «صحّ عند أهل مكّة قرّائهم وعلمائهم وأئمّتهم ومن روي عنهم، صحّة استفاضت واشتهرت وذاعت وانتشرت حتّى بلغت حدّ التّواتر، وصحّت أيضا عن أبي عمرو من رواية السّوسيّ (1)، وعن أبي جعفر من رواية العمريّ (2)» (3).
والمقصود بيان أنّ هذا التّكبير ليس من البدع، لكن ينبغي أن لا يفعله القارئ إلّا أن يكون منقولا له في الرّواية الّتي يقرأ بها، كقراءة ابن كثير.
وهذا إن وقع وكان سائغا لأحد في زماننا فهو لقارئ مختصّ؛ لأنّ العامّة اليوم إنّما يقرأ أكثرهم برواية حفص عن عاصم، وأهل المغرب الإسلاميّ يقرءون بقراءة نافع من روايتي ورش وقالون، وهؤلاء لم ينقل تكبير الختم في قراءتهم، فعليه فلا ينبغي العمل به.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيميّة عن جماعة اجتمعوا في ختمة وهم يقرءون لعاصم وأبي عمرو، فإذا وصلوا إلى سورة (الضّحى) لم يهلّلوا ولم يكبّروا إلى آخر الختمة، ففعلهم ذلك هو الأفضل أم لا؟
فأجاب: «نعم، إذا قرءوا بغير حرف ابن كثير كان تركهم لذلك هو
(1) السّوسيّ: هو أبو شعيب صالح بن زياد أحد الثّقات من رواة قراءة أبي عمرو بن العلاء أحد الأئمّة السّبعة.
(2)
العمريّ هذا هو الزّبير بن محمّد، أحد الثّقات راوي قراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع أحد الأئمّة القرّاء العشرة.
(3)
النّشر (2/ 410).