الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا تصدّقوا أهل الكتاب، ولا تكذّبوهم، وقولوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا الآية [البقرة: 136]» (1).
فخلاصة القول في الإسرائيليّات في نظر الصّحابة أنّها ثلاثة أقسام:
1 -
خبر جاء في القرآن أو السّنّة ما يصدّقه، فهو حقّ.
2 -
خبر جاء في القرآن أو السّنّة ما يكذّبه، فهو باطل.
3 -
خبر لم يأت ما يصدّقه أو يكذّبه، فلا يوصف بكونه حقّا أو باطلا.
وعلى هذا جرى أكثر من جاء بعدهم من تلامذتهم من التّابعين، كأصحاب ابن عبّاس، فإذا استثنيت تفسير مجاهد، فما أقلّ تلك الأخبار عنهم، لكن وقع من آخرين توسّع في ذلك، مثل: كعب الأحبار، ووهب بن منبّه، وشهر بن حوشب، ونوف البكاليّ، وتبيع بن عامر الحميريّ، ثمّ محمّد بن إسحاق صاحب «السّيرة» ، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج.
واتّباع منهج الصّحابة في ذلك عاصم ممّا في تلك الأخبار من الأباطيل، كالّذي يحكونه في شأن الأنبياء من النّقائص، وبدء الخليقة من الغرائب المخالفة والخرافة.
ولا ريب أنّ ما يؤخذ على كتب التّفسير بالمأثور، هو ذكر تلك الأخبار
(1) حديث صحيح. أخرجه البخاريّ (رقم: 4215، 6928، 7103) وابن جرير (21/ 3) والبيهقيّ في «الكبرى» (10/ 163) و «الشّعب» (رقم: 5207).
ونحوه من حديث أبي نملة الأنصاريّ، ومن حديث عطاء بن يسار مرسلا.
بمنزلة ما يذكر في تفسير الآية لبيان معناها من النّصوص النّبويّة والشّواهد اللّغويّة، مع السّكوت عن نقدها.
وهذا خطأ جسيم، فتلك الأخبار إن سلمت من النّكارة فإنّها لا تثبت لذاتها، إنّما تقبل بشواهدها، كما تقدّم، فإذا لزم ذلك فقد أغنانا ذكر شاهدها عنها، وإن كانت لا شاهد لها، فمجرّد ذكرها منزّلة منزلة التّفسير للآية يقدح من المعاني في الأذهان ما يكون لبعض النّاس بمنزلة خبر الصّادق الّذي لا ينطق عن الهوى، خاصّة مع ما تمتاز به تلك الأخبار من الغرابة، والنّفس تميل بالطّبع إلى مثل ذلك.
ولم يزل نقد ذكر الإسرائيليّات في كتب التّفسير ممّا لا يغفله محقّقو العلماء على مرّ العصور، وتنبيههم على ضرورة إبعادها عن
كتب العلوم الإسلاميّة، خاصّة التّفسير، كتأكيدهم على تنقية تلك الكتب من الأحاديث الضّعيفة والموضوعة.
قال أبو بكر بن عيّاش: قلت للأعمش: ما لهم يتّقون تفسير مجاهد؟ قال: «كانوا يرون أنّه يسأل أهل الكتاب» (1).
وقال إسماعيل بن أبي أويس: سمعت خالي مالك بن أنس، وسأله رجل عن زبور داود؟ فقال له مالك: ما أجهلك! ما أفرغك! أما لنا في نافع عن ابن عمر عن نبيّنا، ما شغلنا بصحيحه عمّا بيننا وبين داود عليه السلام؟! (2).
(1) أخرجه ابن سعد في «الطّبقات» (5/ 467) وإسناده صحيح.
(2)
أخرجه الخطيب في «أخلاق الرّاوي» (رقم: 1489) وإسناده حسن.