الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والهلاك أسرع إليه من السيل إلى قيعان1 الرمل، وقد خشيت والله أن يهلك بهلاكه، ونعطَب بعطَبه.
وأنت فارس العرب وابن فارسها، وقد فَزِع إليك في لقاء هذا الرجل "طاهر"، وأطمعه فيما قبلك أمران؛ أمَّا أحدهما فصدق طاعتك، وفضل نصيحتك؛ والثاني يمن نَقِيبتك2، وشدة بأسك، وقد أمرني بإزاحة علتك، وبسط يدك فيما أحببت، غير أن الاقتصاد رأس النصيحة، ومفتاح اليمن والبركة، فأنجز حوائجك، وعَجِّل المبادرة إلى عدوك، فإني أرجو أن يوليك الله شرف الفتح، ويَلُمّ بك شعث هذه الخلافة والدولة".
فأجاب بالسمع والطاعة، غير أنه طلب مطالب لم تَرُقْ في عين الأمين فغضب عليه، وأمر بسجنه.
"تاريخ الطبري 10: 158 وزهر الآداب 2: 158".
1 القيعان جمع قاع: وهو أرض مطمئنة سهلة قد انفرجت عنها الجهال والآكام.
2 النقيبة: النفس والطبيعة.
101-
وصية الأمين لأحمد بن مزيد:
ثم ندب عمه أحمد بن مزيد، فلما أراد الشخوص دخل على الأمين، فقال: أوصني أكرم الله أمير المؤمنين، فقال:
"أوصيك بخصال عدة، إياك والبغي فإنه عِقَال1 النصر، ولا تقدِّم رجلًا إلا باستخارة، ولا تشهر سيفًا إلا بعد إعذار، ومهما قدرت عليه باللين، فلا تتعدَّه إلى الخَرَق والشَّرَه، وأحسن صحابة من معك من الجند، وطالعني بأخبارك في كل يوم، ولا تخاطر بنفسك في طلب الزُّلْفَة2 عندي، ولا تستقها فيما تَخَوَّف رجوعه علي، وكن لعبد الله أخًا مصافيا، وقرينًا برًّا، وأحسن مجامعته، وصحبته ومعاشرته، ولا تخذله إن استنصرك، ولا تبطئ عنه إذا استصرخك، ولتكن أيديكما3 واحدة، وكلمتكما متفقة".
1 العقال في الأصل: الحبل الذي تقيد به الدابة.
2 الزلفة والزلفى: القربة.
3 أي أنت وعبد الله بن حميد بن قحطبة.