المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ثلاثة غلمة من الأعراب يصفون مطرا: - جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة - جـ ٣

[أحمد زكي صفوت]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌مقدمة

- ‌فهرس مآخذ الخطب في هذا الجزء

- ‌الباب الرابع: الخطب والوصايا

- ‌في العصر العباسي

- ‌خطبة أبي العباس السفاح

- ‌ خطبة داود بن علي:

- ‌ خطبة داود بن علي وقد أرتج على السفاح:

- ‌ خطبة أخرى للسفاح بالكوفة:

- ‌ خطبة السفاح بالشام حين قتل مروان:

- ‌ خطبة عيسى بن علي حين قتل مروان:

- ‌ خطبة داود بن علي بمكة

- ‌ خطبته بالمدينة:

- ‌ خطبته وقد بلغه أن قومًا أظهروا شكاة بني العباس

- ‌ خطبته وقد أرتج عليه:

- ‌خطبة صالح بن علي:

- ‌ خطبة سديف بن ميمون:

- ‌ خطبة أبي مسلم الخراساني:

- ‌ خالد بن صفوان وأخوال السفاح:

- ‌ خالد بن صفوان ورجل من بني عبد الدار:

- ‌ خالد بن صفوان يرثي صديقًا له:

- ‌ خالد بن صفوان يمدح رجلًا:

- ‌ كلمات بليغة لخالد بن صفوان:

- ‌عمارة بن حمزة والسفاح

- ‌خطب أبي جعفر المنصور

- ‌خطبته بمكة

- ‌ خطبته بمكة بعد بناء بغداد:

- ‌ خطبته بمدينة السلام:

- ‌ خطبته وقد أخذ عبد الله بن حسن وأهل بيته:

- ‌ خطبته حين خروج محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن:

- ‌ خطبته وقد قتل أبا مسلم الخراساني:

- ‌ خطبة أخرى:

- ‌ قوله وقد قوطع في خطبته:

- ‌ المنصور يصف خلفاء بني أمية:

- ‌ المنصور يصف عبد الرحمن الداخل:

- ‌وصايا المنصور لابنه المهدي:

- ‌ وصية له:

- ‌ خطبة النفس الزكية حين خرج على المنصور:

- ‌ وصية عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي لابنه محمد "أو إبراهيم

- ‌ قول عبد الله بن الحسن وقد قتل ابنه محمد:

- ‌ امرأة محمد بن عبد الله والمنصور:

- ‌ جعفر الصادق والمنصور:

- ‌صفح المنصور عن سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب

- ‌ استعطاف أهل الشام أبا جعفر المنصور:

- ‌ استعطاف أهل الشام أبا جعفر المنصور أيضًا:

- ‌ أبو جعفر المنصور والربيع:

- ‌ مقام عمرو بن عبيد بين يدي المنصور:

- ‌ مقام رجل من الزهاد بين يدي المنصور:

- ‌ مقام الأوزاعي بين يدي المنصور:

- ‌ نصيحة يزيد بن عمر بن هبيرة للمنصور:

- ‌ معن بن زائدة والمنصور:

- ‌ معن بن زائدة وأحد زوّاره:

- ‌ المنصور وأحد الأعراب:

- ‌ أعرابية تعزي المنصور وتهنئه:

- ‌ وصية مسلم بن قتيبة:

- ‌ خطبة المهدي

- ‌مشاورة المهدي لأهل بيته في حرب خراسان

- ‌مدخل

- ‌ مقال سلام صاحب المظالم:

- ‌ مقال الربيع بن يونس

- ‌ مقال الفضل بن العباس:

- ‌ مقال علي بن المهدي:

- ‌ مقال موسى بن المهدي:

- ‌ مقال العباس بن محمد

- ‌ مقال هارون بن المهدي:

- ‌ مقال صالح بن عليّ

- ‌ مقال معاوية بن عبد الله:

- ‌ ابن عتبة يعزي المهدي ويهنئه:

- ‌ يعقوب بن داود يستعطف المهدي:

- ‌ رجل من أهل خراسان يخطب بحضرة المهدي:

- ‌ مقام صالح بن عبد الجليل بين يدي المهدي:

- ‌ عظة شبيب بن شيبة للمهدي:

- ‌ خطبته في تعزية المهدي بابنته:

- ‌ خطبة أخرى له في مدح الخليفة:

- ‌ كلمات لشبيب بن شيبة:

- ‌ خطبة يوسف بن القاسم بن صبيح الكاتب:يوم ولي الرشيد الخلافة

- ‌ خطبة هارون الرشيد

- ‌ وصية الرشيد لمؤَدِّب ولده الأمين:

- ‌ خطبة لجعفر بن يحيى البرمكي

- ‌ استعطاف أم جعفر بن يحيى للرشيد:

- ‌ خطبة يزيد بن مزيد الشيباني:

- ‌ خطبة عبد الملك بن صالح

- ‌ عبد الملك بن صالح يعزي الرشيد ويهنئه:

- ‌ غضب الرشيد على عبد الملك بن صالح:

- ‌ قوله بعد خروجه من السجن:

- ‌ وصية عبد الملك بن صالح لابنه:

- ‌ وصية أخرى له:

- ‌ كلمات حكيمة لابن السَّماك:

- ‌ ابن السَّماك والرشيد:

- ‌الفتنة بين الأمين والمأمون

- ‌مدخل

- ‌ خطبة العباس بن موسى

- ‌ خطبة عيسى بن جعفر:

- ‌ خطبة محمد بن عيسى بن نهيك:

- ‌ خطبة صالح صاحب المصلى:

- ‌ خطبة المأمون:

- ‌ وصية السيدة زبيدة لعلي بن عيسى بن ماهان:

- ‌ وصية الأمين لابن ماهان

- ‌ استهانة ابن ماهان بأمر طاهر بن الحسين:

- ‌ حزم طاهر وقوة عزمه:

- ‌ طاهر يشد عزيمة جنده:

- ‌ وصف الفضل بن الربيع غفلة الأمين:

- ‌ وصية الأمين لأحمد بن مزيد:

- ‌ مقال عبد الملك بن صالح للأمين:

- ‌ الشغب في جيش عبد الملك بن صالح:

- ‌ خطبة الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان:

- ‌ خطبة محمد بن أبي خالد:

- ‌ إطلاق الأمين من سجنه ورده إلى مجلس الخلافة:

- ‌ خطبة داود بن عيسى يدعو إلى خلع الأمين:

- ‌ خطبة الأمين وقد تولى الأمر عنه:

- ‌استعطاف الفضل بن الربيع للمأمون

- ‌ خطبة طاهر بن الحسين ببغداد بعد مقتل الأمين:

- ‌خطب المأمون

- ‌خطبته وقد ورد عليه نعي الرشيد

- ‌خطبته وقد سلم الناس عليه بالخلافة

- ‌ خطبته يوم الجمعة

- ‌خطبته يوم الأضحى

- ‌ خطبته يوم الفطر:

- ‌ خطبة ابن طباطبا العلوي:

- ‌ استعطاف إبراهيم بن المهدي المأمون:

- ‌ إبراهيم بن المهدي وبختيشوع الطبيب:

- ‌ استعطاف إسحاق بن العباس المأمون:

- ‌ أحد وجوه بغداد يمدح المأمون حين دخلها:

- ‌ أحد أهل الكوفة يمدح المأمون:

- ‌ محمد بن عبد الملك بن صالح بين يدي المأمون:

- ‌ الحسن بن سهل يمدح المأمون:

- ‌ يحيى بن أكثم يمدح المأمون:

- ‌ أحد بني هاشم والمأمون:

- ‌ رجل يتظلم إلى المأمون:

- ‌ عمرو بن سعيد والمأمون:

- ‌ الحسن بن رجاء والمأمون:

- ‌ سعيد بن مسلم والمأمون

- ‌ أبو زهمان يعظ سعيد بن مسلم

- ‌ وصية طاهر بن الحسين

- ‌ خطبة عبد الله بن طاهر:

- ‌ العباس بن المأمون والمعتصم

- ‌ استعطاف تميم بن جميل للمعتصم:

- ‌ بين يدي سليمان بن وهب وزير المهتدي بالله:

- ‌أحمد بن أبي داود والواثق

- ‌ابن أبي داود والواثق أيضا

- ‌ابن أبي داود وابن الزيات

- ‌ الجاحظ وابن أبي داود:

- ‌أبو العيناء وابن أبي داود

- ‌فهرس الجزء الثالث من جمهرة خطب العرب

- ‌الخطب والوصايا في العصر العباسي الأول

- ‌فهرس أعلام الخطباء:

- ‌ذيل جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة

- ‌فهرس المآخذ

- ‌الباب الأول: في خطب الأندلسيين والمغاربة

- ‌خطبة عبد الرحمن الداخل

- ‌عبد الرحمن الداخل ورجل من جند فنسرين

- ‌ عبد الرحمن الداخل ورجل من جنده يهنئه بفتح سرقسطة

- ‌ تأديب عبد الرحمن الأوسط لابنه المنذر:

- ‌ عبد الرحمن الأوسط وابنه المنذر أيضًا:

- ‌ يعقوب بن عبد الرحمن الأوسط وأحد خدامه:

- ‌ وفاء الوزير ابن غانم لصديقه الوزير هاشم بن عبد العزيز

- ‌ خطبة منذر بن سعيد البَلُّوطِي

- ‌ خطبة أخرى له

- ‌ أحد حساد الرمادي الشاعر والمنصور بن أبي عامر:

- ‌ ابن اللبانة الشاعر وعز الدولة بن المعتصم بن صمادح:

- ‌ دفاع ابن الفخار عن القاضي الوحيدي:

- ‌ موعظة ابن أبي رَندقة الطرطوشي

- ‌ خطبة ابن تومرت مؤسس دولة الموحدين:

- ‌ مقال لسان الدين بن الخطيب

- ‌ما خطب به لسان الدين تربة السلطان الكبير أبي الحسن المريني

- ‌ وصية لسان الدين بن الخطيب لأولاده:

- ‌ خطبة وعظية له:

- ‌ خطبة ابن الزيات المنزوعة الألف

- ‌ خطبة القاضي عياض التي ضمنها سور القرآن:

- ‌ خطبة سعيد بن أحمد المقري التي ضمنها سور القرآن:

- ‌ خطبة الكفعمي التي ضمنها سور القرآن أيضًا:

- ‌الباب الثاني في خطبة ووصايا مجهول عصرها أو قائلها

- ‌خطبة أبي بكر بن عبد الله بالمدينة

- ‌ وصية أعمى من الأزد لشاب يقوده:

- ‌ وصية رجل لآخر وقد أراد سفرًا:

- ‌ وصية رجل لابنه وقد أراد التزوج:

- ‌ وصية بعض العلماء لابنه:

- ‌ وصية لبعض الحكماء:

- ‌ عظة لبعض الحكماء:

- ‌ نصيحة لبعض الحكماء:

- ‌ كلمات شتى لبعض الحكماء:

- ‌ رجل من العرب والحجاج:

- ‌ كاتب وأمير:

- ‌ وصف الهلباجة:

- ‌ بعض البلغاء يصف رجلا:

- ‌ خمس جوارٍ من العرب يصفن خيل آبائهن:

- ‌ رجل من العرب يصف مطرًا:

- ‌الباب الثالث في نثر الأعراب قولهم في الوعظ والتوصية:

- ‌ مقام أعرابي بين يدي سليمان بن عبد الملك:

- ‌ أعرابي يعظ هشام بن عبد الملك:

- ‌ خطبة أعرابي

- ‌خبطة أخرى2

- ‌ أعرابية توصي ابنها وقد أراد السفر:

- ‌ أعرابية توصي ابنها:

- ‌ أعرابي يوصي ابنه:

- ‌ أعرابي ينصح لأخيه:

- ‌ أعرابي يعظ صاحبه:

- ‌ كلام أعرابي لابن عمه:

- ‌ كلمات حكيمة للأعراب:

- ‌أجوبة الأعراب

- ‌مجاربة أعرابي للحجاج

- ‌ مساءلة الحجاج أعرابيا فصيحا:

- ‌ مجاوبة أعرابي لعبد الملك بن مروان:

- ‌ مجاوبة أعرابي لخالد بن عبد الله القسري:

- ‌ أجوبة شتى:

- ‌قولهم في الاستمناح والاستجداء

- ‌أعرابي يجتدي عتبة بن أبي سفيان

- ‌ أعرابي يجتدي عمر بن عبد العزيز:

- ‌ خطبة أعرابي بين يدي هشام بن عبد الملك:

- ‌ مقام أعرابي بين يدي هشام:

- ‌ أعرابي يستجدي عبيد الله بن زياد:

- ‌ أعرابية تستجدي عبد الله بن أبي بكرة:

- ‌ أعرابي يستجدي خالد بن عبد الله القَسْرِيّ:

- ‌ أعرابي يستجدي معن بن زائدة:

- ‌ خطبة الأعرابي السائل في المسجد الحرام:

- ‌ خطبة الأعرابي السائل في المسجد الجامع بالبصرة:

- ‌صورى أخرى2

- ‌أعرابي يستجدي5

- ‌ أعرابية تستجدي:

- ‌ أعرابي يسأل رجلا حاجة له:

- ‌قولهم في بكاء الموتى:

- ‌ أعرابية تبكي ابنها:

- ‌ حديث امرأة سكنت البادية قريبًا من قبور أهلها:

- ‌ حديث امرأة مات ابنها بين يديها:

- ‌قولهم في الشكوى:

- ‌ أعرابي يشكو حاله:

- ‌ كلمات شتى في الشكوى:

- ‌ قولهم في العتاب والاعتذار:

- ‌ قولهم في المدح:

- ‌ قولهم في الذم:

- ‌ قولهم في الغزل:

- ‌قولهم في الوصف:

- ‌ ثلاثة غِلمة من الأعراب يصفون مطرا:

- ‌ أعرابي يصف أرضا:

- ‌ رائد يصف أرضا جدبة:

- ‌ أعرابي يصف أرضه وماله:

- ‌ أعرابي يصف بلدًا:

- ‌ أعرابي يصف أشد البرد:

- ‌ أعرابي يصف إبلا:

- ‌ أعرابي يصف ناقة:

- ‌ أعرابي يصف فرسا:

- ‌ أعرابي يصف خاتمًا:

- ‌ أعرابي يصف أطيب الطعام:

- ‌ أعرابي يصف السويق:

- ‌ أعرابي يصف الجمال:

- ‌ أبو المِخَشّ يصف ابنه:

- ‌ أعرابي يصف بنيه:

- ‌ أعرابي يصف أخويه:

- ‌قولهم في الدعاء:

- ‌ أدعية شتى:

- ‌ نوادر وملح لبعض الأعراب:

- ‌الباب الرابع في خطب النكاح:

- ‌ خطبة قريش في الجاهلية:

- ‌ خُطبة النبي صلى الله عليه وسلم في زواج السيدة فاطمة:

- ‌ خطبة الإمام عليّ كرم الله وجهه:

- ‌ خطبة عتبة بن أبي سفيان:

- ‌ خطبة شبيب بن شيبة:

- ‌ خطبة الحسن البصري:

- ‌ خطبة ابن الفقير:

- ‌ خطبة عمر بن عبد العزيز:

- ‌ خطبة أخرى له:

- ‌ خطبة بلال:

- ‌ خطبة خالد بن صفوان:

- ‌ خطبة أعرابي:

- ‌ خطبة المأمون:

- ‌الباب الخامس في خطب من أرتج عليهم

- ‌نوادر طريفة لبعض الخطباء

- ‌بدء الخطب وختامها:

- ‌فهرس ذيل الجمهرة:

الفصل: ‌ ثلاثة غلمة من الأعراب يصفون مطرا:

68-

‌ ثلاثة غِلمة من الأعراب يصفون مطرا:

عن الأصمعي قال: مررت بغلمة من الأعراب يتماقَلون1 في غدير، فقلت لهم: أيكم يصف لي الغيث وأعطيه درهما؟ فخرجوا إليّ فقالوا: كلنا، وهم ثلاثة، فقلت لهم: صفوا، فأيكم ارتضيت وصفه أعطيته الدرهم، فقال أحدهم:

"عَنَّ لنا عارض قصرًا2، تسوقه الصَّبا، وتَحْدُوه الجنوب، يَحْبُو حَبْوَ المُعْتَنِك3؛ حتى إذا ازْلَأَمَّت4 صدوره، وانتحلت خُصُوره، ورجَّع هديره، وصعق زئيره، واستقل نشاطه5، وتلامّ خصاصه، وارتعج ارتعاصه، وأوفدت سِقَابُه6، وامتدت أطنابه، تدارك ودقه، وتألق برقه، وحفزت تواليه7، وانسفحت عَزَالِيه، فغادر الثَّرى عَمِدًا8، والعَزَاز ثَئِدًا، والحُثُّ عِقَدًا9، والضَّحَاضِح متواصية، والشِّعَاب متداعية".

1 يتغاطون في الماء.

2 عن: عرض، والقصر: العشي، والصبا: ريح تهب من مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار.

3 عنك الرمل كنصر: تعقد ارتفع فلم يكن فيه طريق، ورملة عانك: فيها في تعقد لا يقدر البعير على المشي فيها إلا أن يحبو، واعتنك البعير واستعنك: حبا في العانك فلم يقدر على السير. وقال رؤبة:

أفَرُبَّمَا نَجَّيْتَ مِنْ تِلْكَ الدُوَكْ

أَوْدَيْتُ إِنْ لَمْ تَحْبُ حَبْوَ المُعْتَنِكْ

4 ازلأمت: ارتفعت، والخصور جمع خصر: وهو وسط الإنسان، والترجيع: ترديد الصوت في الحلق.

5 النشاص ككتاب وسحاب: السحاب المرتفع، أو المرتفع بعضه فوق بعض وخصاصه: فرجه، وأصله الفرج بين الأثافي والثقب الصغير وكل خلل أو خرق في باب ومنخل وبرقع ونحوه، وارتعج: ارتعد، وارتعص: تلوى وانتفض، وارتعص الرمح: اشتد اهتزازه.

6 أوفدت: أشرقت، والسقاب جمع سقب كشمس وهو عمود الخباء، والأطناب جمع طنب كعنق وهو حبل طويل يشد به الوتد.

7 حفزه كضربه: دفعه من خلفه، والتوالي: الأعجاز والمآخير، والعزالي بكسر اللام وفتحها جمع عزلاء: وهي مصب الماء من الراوية ونحوها، وانسفحت: انصبت، من سفح الدم أراقه.

8 عمد الثرى كفرح: بلله المطر حتى إذا قبضت عليه تعقد لندوته، والعزاز: الأرض الصلبة مكان ثئد: ند من الثأد بالتحريك وهو الندى.

9 الحث: اليابس الخشن من الرمل، والعقد ككتف وجبل: ما تعقد من الرمل وتراكم، والضحضح كجعفر والضحضاح: الماء اليسير، متواصية: متواصلة، والشعاب جمع شعبة كفرصة: وهي المسيل في الرمل، وما عظم من سواقي الأودية، وصدع في الجبل يأوي إليه المطر.

ص: 307

وقال الآخر: "تراءت المَخَايل1 من الأقطار، تَحِنُّ حَنِين العِشَار، وتَتَرامي بشهب النار، وقواعدها متلاحِكَة2، وبواسِقُها متضاحِكَة، وأرجاؤها متقاذِفَة، وأعجازها مترادِفَة، وأرحاؤها متراصفة، فوصلت الغرب بالشرق، والوَبْل بالوَدْق، سحًّا دراكًا3، متتابعًا لكَّاكًا، فضحضحت الجَفَاجِف4، وأنهَّرت الصفَاصِف، وحوَّضت الأصالف، ثم أقلعت محمودة الآثار، مَوْمُوقة الخِْيار".

فقال الثالث: والله ما خِلْتُه بلغ خُمْسًا، فقال: هلمَّ الدرهم أصفه لك، فقلت: لا، أو تقول كما قالا، قال: لأَبُذَّنَّهَما5 وصفًا، ولأُوقِفَنَّهما رصفًا، فقلت: هاتِ لله أبوك، فقال: "بينما الحاضر بين الباس والإبلاس، قد غَمَرهم الإشفاق، رَهْبَة الإِمْلاق، وقد جفت الأنواء6، ورفرف البلاء، واستولى القُنُوط على القلوب، وكثُر الاستغفار من الذنوب، ارتاح ربك لعباده، فأنشأ سحابًا مُسْتَجْهِرًا7 كَنَهْوَرًا مُعْنَوْنِكًا مُحْلَوْلِكًا، ثم استقل وأخزَأَلَّ، فصار كالسماء دون السماء،

1 مخايل جمع مخيلة "بضم الميم وكسر الخاء" والمخيلة والمخيلة "بتشديد الياء المكسورة" السحابة التي تحسبها ما طرة، والعشار جمع عشراء كنفساء: وهي الناقة التي مضى لحملها عشرة أشهر أو ثمانية، أو هي كالنفساء من النساء، والشهب جمع شهاب ككتاب: وهو شعلة من نار ساطعة.

2 قواعدها: أسافلها، وأصله من قواعد البيت: أي أساسه، متلاحكة: أي قد اشتد التئامها، والمتلاحكة: الناقة الشديدة الخلق، وبواسقها: أعاليها جمع باسقة، من بسق: أي طال وارتفع، ومتضاحكة أي يضحك فيها برقها، متقاذفة: أي يقذف بعضها بعضا بالمطر، وأرحاؤها: أوساطها، متراصفة: متراكمة قد رصف بعضها فوق بعض.

3 أي صبا متتابعة، ولكاكا: متزاحما من اللكاك ككتاب وهو الزحام.

4 الجفاجف جمع جفجف كجعفر: وهي الأرض المرتفعة ليست بالغليظة، وضحضحها: جعلت فيها ضحاضح والصفاصف جمع صفصف كجفر: وهو المحتوى من الأرض، وأنهر الماء: أساله، والأصلف والصلفاء: ما صلب من الأرض، والجمع أصالف، وحوضت جعلت فيها حياضًا.

5 بذة: فاته وغلبه، والحاضر: ساكن الحضر، والباس: العذاب والشدة، والإبلاس: التحير واليأس: والإشفاق: الخوف، والإملاق: الفاقة.

6 الأنواء جمع نوء: وهو في الأصل سقوط النجم في المغرب مع الفجر وطلوع آخر يقابله في ساعته من المشرق، وكانت العرب تضيف الأمطار والرياح والحر والبرد إليها.

7 مستجهرا: لم أجد هذه الكلمة في كتب اللغة، وربما كان الأصل:"مستنهرا" من استنهر الشيء إذا اتسع، والمحلوك: الشديد السواد، وقد تقدم معنى اعتنك واستعنك: واعنونك افعوعل من هذه المادة، ولم أجده في كتب اللغة.

ص: 308

وكالأرض المَدْحُوَّة1 في لوح الهواء، فأَحْسَبَ السُّهُول وأتْأَقَ الهُجُول، وأحيا الرجاء، وأمات الضَّرَّاء، وذلك من فضل رب العالمين".

قال: فملأَ والله اليَفَعُ صدري، فأعطيت كل واحد درهمًا، وكتبت كلامهم.

"بلوغ الأرب 3: 252".

1 المبسوط، واللوح: الهواء وأحسبها: أرواها، من أحسبه إذا أطعمه وسقاه حتى شبع وروي، وأتأق: ملأ، والهجول جمع هجل كشمس: وهو المطمئن من الأرض، واليفع واليافع: الشاب.

ص: 309

69-

أعرابي يصف مطرا:

عن الأصمعي قال: سألت أعرابيًّا عن مطر صابَهم بعد جَدْب فقال:

"ارتاح لنا ربك بعد ما استولى علىّ الظنون، وخامر القلب القُنُوط، فأنشأ بِنَوْء الجَبْهَة1 قَزَعَةً كالفَرْضِ من قِبَل العين، فاحْزَأَلَّت عند ترجُّل النهار، لإِزْمِيم السِّرار2؛ حتى إذا نهضت في الأفق طالعة، أمر مسخِّرها الجنوب فتَنَسَّمَت لها، فانتشرت أحضانها، واحْمَوْمَت أركَانُها، وبَسَقَ عنانها3 واكْفَهَرَّت رحاها، وانبعجت كُلَاها، وذَمَرَت أُخْرَاها أولاها، ثم استطارت عَقَائِقُها، وتَقَعْقَعَت صواعقها، ثم ارْثَعَنَّتْ4 جوانبها، وتداعت سواكبها، ودَرَّت حوالبها فكانت الأرض طَبقًا5، سَحَّ فَهَضَبَ، وعَمَّ فأحْسَبَ، فَعَلَّ القِيعَان، وضَحْضَحَ الغِيطان، وجَوَّخ الأضواج6، وأترع الشراج، فالحمد لله الذي جعل كِفَاءَ إساءتنا إحسانًا، وجزاءً ظلمنا غُفْرَانًا".

"بلوغ الأرب 3: 253".

1 الجبهة: منزل للقمر، قزعة: قطعة من السحاب والفرض: الترس، والعين: القبلة، ترجل النهار: ارتفع.

2 الإزميم: ليلة من ليالي المحاق -والمحاق مثلثة: ثالث ليال من آخر الشهر- والسرار: آخر ليلة من الشهر، وأحضانها جمع حضن كحمل: وهو جانب الشيء وناحيته، واحمومت: اسودت.

3 بسق: ارتفع، والعنان: السحاب، رحاها؛ وسطها، وانبعجت؛ انشقت، والكلية من السحاب: أسفله -ومن المزادة رقعة مستديرة تخرز عليها تحت العروة- وذمرت: حضت، والتذامر: التحاض على القتال، وعقائقها بروقها المشبهة للعقائق.

4 ارثعن المطر: ثبت وجاد.

5 غيث طبق: عام واسع يطبق الأرض، وهضب كضرب:

6 جوخ السيل الوادي: إذا كسر جنبتيه واقتلع أجرافه، وفي الأصل "خوخ" وهو تصحيف والأضواج جمع ضوج كشمس: وهو منعطف الوادي، والشراج جمع شرج كشمس أيضًا: وهو مسيل الماء من الحرة "بفتح الحاء" إلى السهل.

ص: 309

70-

أعرابي يصف مطرًا:

عن عبد الرحمن عن عمه قال: سمعت أعرابيًّا من بني عامر بن لُؤَيِّ بن صَعْصَعَةَ يصف مطرًا فقال:

"نشأ عند القصر، بنَوْء الغَفْر1، حَبِيٍّا عارضًا، ضاحكًا وامضًا، فَكَلَا ولا2 ما كان، حتى شَجِيت به أقطار الهواء، واحتجبت به السماء، ثم أطرق3 فاكْفَهرَّ، وتراكم فادْلَهَمَّ، وبسق فازْلَأَمَّ، ثم حَدَتْ به الريح، فحنَّ، فالبرق مُرْتَعِج، والرعد مُتَبَوِّج4، والخَرْج متبعِّج، فأَثْجَم ثلاثًا، متحيِّرًا هثْهَاثًا5، أخلافه حاشِكَة، ودُفَعه متواشكة، وسَوَامُه متعاركة، ثم وَدَّع مُنْجِمًا6، وأقلع مُتْهَمًا، محمود البلاء، مُتْرِع النِّهاء، مشكور النَّعماء، بِطَوْلِ7 ذي الكبرياء".

"بلوغ الأرب 3: 254".

1 القصر: العشي، والغفر: منزل القمر، والحبي: السحاب يشرف من الأفق على الأرض، أو الذي بعضه فوق بعض.

2 قال في اللسان: "والعرب إذا أرادوا تقليل مدة فعل أو ظهور شيء خفي قالوا: كان فعله كلا، وربما كرروا فقالوا كلا ولا، قال الشاعر: يكون نزول القوم فيها كلا ولا:"، والشجا: ما اعترض في الحلق من عظم ونحوه، وقد شجي به كرضي.

3 هو من أطرقت الإبل: تبع بعضها بعضا، وادلهم: اسود.

4 التبوج: الصياح، والخرج: السحاب أول ما ينشأ، متبعج: متشقق.

5 الثهاث: السريع، حاشكة: كثيرة الماء، متواشكة: يسارع بعضها بعضًا، والسوام: الإبل الراعية.

6 أنجم المطر وغيره: أقلع، ومتهمًا: أي سائر نحو تهامة، والنهاء جمع نهى بالكسر والفتح وهو القدير.

7 أي بفضله وقدرته.

ص: 310

71-

أعرابي يصف مطرا:

عن أبي عبيدة قال: خرج النعمان في بعض أيامه في عقب سماء، فلقي أعرابيا على ناقة، فأمر فأُتي به، قال: كيف تركت الأرض وراءك؟ فقال:

"فِيح رُحاب1، منها السهول ومنها الصِّعاب، منشوطة بحبالها، حاملة لأثقالها"، قال: إنما سألتك عن السماء! قال:

"مُطِلَّة2 مستقلة، على غير سقاب ولا أطناب، يختلف عصراها، ويتعاقب سِرَاجاها، قال: ليس عن هذا أسألك! قال: فَسَلْ ما بدا لك، قال: هل صاب الأرض غيث؟ قال:

"نعم: أغمضت3 السماء في أرضنا ثلاثا رَهْوًا، فَثَّرت وأرْزَغَتْ، ورَسَّغَت، ثم خرجت من أرض قومي أقرؤها4، فإذا هي متواصية، لا خَطِيطة بينها، حتى هبطت بعشار، فتداعى السحاب من الأقطار، فجاءنا بالسيل الخرَّار، فعفا5 الآثار، وملأ الجِفَار، وقوَّر عالي الأشجار، فأحجر الحضَّار، ومنع السُّفَّار، ثم أقلع عن نفع وإضرار، فلما اتلأَبَّت6 لي القيعان، ووَضَحَت السُّبُل في الغيطان، وفات العَنَانُ، من أقطار الأعنان، فلم أجد وَزَرًا إلا الغِيران، ففات وِجار الضبُع، فغادرتُ السهول

1 فيح جمع فيحاء: واسعة، وكذا رحاب، منشوطة: مشدودة، من نشط الحبل كنصر عقده "وأنشطه: حله".

2 مطلة: مرتفعة، وكذا مستقلة، والسقاب جمع سقب كشمس: وهو عمود الخباء، والعصران: الليل والنهار، وسراجاها: الشمس والقمر.

3 أي دامت ولازمت، والرهو: السكون والثرة من العيون: الغزيرة كالثرارة، وقد ثرت هي، والرزغة بالتحريك: الوحل، وأرزغ المطر الأرض بلها ولم تسل، ورسغ المطر: كثر وثرى الأرض حتى تبلغ يد الحافر عنه إلى أرساغه.

4 أتتبعها، والخطيطة: الأرض لم تمطر بين ممطورتين، أو التي مطر بعضها، وعشار: موضع.

5 محاها وطمسها، والجفار جمع جفر كشمس: البئر التي لم تطو، وقورها: قطع من وسطها خرقا مستديرا، وأحجر، من أحجر الضب: أي أدخله في جحره، والحضار جمع حاضر وهو المقيم في الحضر، والسفار جمع سافر وهو المسافر لا فعل له.

6 استقامت، والعنان: السحاب والأعنان من السماء: نواحيها والوزر الملجأ، والغيران جمع غار: وهو الكهف في الجبل، والوجار بالكسر والفتح: جحر الضبع وغيرها.

ص: 311

كالبحار، تتلاطم بالتيار، والحزُون متلفِّعة بالغُثَاء1، والوحوش مقذوفة على الأرجاء، فما زلت أطأ السماء، وأخوض الماء، حتى وطِئْت أرضكم".

"بلوغ الأرب 3: 257".

1 الغثاء: البالي من ورق الشجر المخالط لزبد السيل.

ص: 312

72-

أعرابي يصف مطرا:

عن أبي عبيد قال: وقف أعرابي على قوم من الحاج فقال:

"يا قومي بدا شأني، والذي ألْفَجَني1 إلى مسألتكم، إن الغيث كان قد قوي عنَّا ثم تكرْفَأ السحاب، وشَصَا الرَّبَاب، وادْلَهَمَّ سَيِّقه2، فارتجس رَيقْه، وقلنا: هذا عام باكر الوَسْمِيِِّ3، محمود السُّمِي، ثم هبَّت له الشمال، فحزَأَلَّت طَخَارِيرُه4، وتفزَّع كِرْفِئُه متباشرا، ثم تتابع لمعان البرق؛ حيث تَشِيمُه الأبصار، وتجده النظَّار، ومَرَتِ5 الجُنُوب ماءه، فقوَّض الحي مُزْلَئِمِيِّن نحوه، فَسَرَّحنا المال فيه وكان وخمًا وَخيمًا، فأساف المال، وأضفَّ الحال، فرحِم الله امرأ جاد بِمَيْر، أو دل على خَيْر".

"بلوغ الأرب 3: 258".

1 ألجأني، وقوى المطر: احتبس، وتكرفأ: تراكم، وشصا: ارتفع، والرباب: السحاب الأبيض

2 ادلهم: اسود، والسيق: السحاب لا ماء فيه، والريق: تردد الماء على وجه الأرض.

3 الوسمي: مطر الربيع الأول، سمي بذلك لأنه يسم الأرض بالنبات، والسمي جمع سماء: وهو المطر أو المطرة الجيدة.

4 الطخارير جمع طخرور كعصفور بالخاء والحاء: اللطخ من السحاب، والكرفئ: السحاب المرتفع المتراكم، وتقزع: تفرق وانقشع، وشام البرق: نظر إليه أين يقصد.

5 هو من مرى الناقة كرمى: مسح ضرعها لتدر، مزلئمين: ماضين مرتحلين إليه، وأساف المال: أهلكه، والسواف كجبان وشجاع: الموت في الناس والمال، ساف سوفا أي هلك، وأسافه الله، ويقال أيضًا أساف الرجل: وقع في ماله السواف أي الموت: وأضف من الضفف كسبب وهو الضيق والشدة، أصابهم من العيش ضفف أي شدة.

ص: 312

73-

أعرابي يصف مطرا:

عن عبد الرحمن عن عمه قال:

قال أبو مُجِيب -وكان أعرابيا من بني ربيعة بن مالك: "لقد رأيتُنا في أرضٍ

ص: 312

عَجْفَاء1، وزمان أَعْجَف، وشجر أَعْسَم، في قُفٍّ غليظ فبينما نحن كذلك؛ إذ أنشأ الله تعالى من السماء غيثًا مستكِفًّا2 نَشْؤُه، مُسْبَلَةً عَزَالِيه، ضِخَامًا قطرهُ، جَوْدًا صوبُه زاكيًا، أنزله الله تعالى رزقًا لنا، فَعَيَّش به أموالَنا، ووَصَل به طرقنا، وأصابنا وإنا لَبِنَوْطِةٍ3 بعيدة الأرجاء، فاهْرَمَّعَ مطرها، حتى رأيتنا وما نرى غير السماء والماء وضَهَوَات الطَّلح4، وضرب السيل النِّجَاف، وملأ الأودية فَزَعَبَها، فما لبثنا إلا عشرا، حتى رأيتها روضة تَنْدَى".

"بلوغ الأرب 3: 259".

1 ليس بها نبات، وأصله من العجف بالتحريك وهو الهزال، وأعسم: يابس، وأصله من العسم بالتحريك وهو يبس في مفصل الرسغ تعوج منه اليد والقدم، والقف: ما غلظ من الأرض وارتفع، لم يبلغ أن يكون جبلا: وأنشأ الله السحاب: رفعه.

2 مستكفا: مستديرا كالكفة، "والكفة بالكسر وبضم كل مستدير"، وصوبه: مطره.

3 النوطة: الأرض يكثر بها الطلح "والطلح: شجر عظام" والموضع المرتفع عن الماء، أو ليس بواد ولا تلعة بل بين ذلك، واهرمع: كثر وأسرع.

4 الضهوة: بركة الماء، والنجاف جمع نجف بالتحريك وبهاء: مكان لا يعلوه الماء، أو هي أرض مستديرة مشرفة على ما حولها، وزعبها: ملأها.

ص: 313

74-

أعرابي يصف مطرا:

ودخل أعرابي على سليمان بن عبد الملك فقال:

"أصابتك سماء في وجهك يا أعرابي"، قال: "نعم يا أمير المؤمنين، غير أنها سحَّاء طَحْنَاء وَطْفَاء1، كأن هَوَادِيَها الدِّلاء، مُرْجَحِنَّة النواحي، موصولة بالآكام تكاد تمسُّ هَامَ الرجال، كثير زَجَلُها2، قاصف رعدُها، خاطف3 برقها، حَثِيث وَدْقُها، بَطِيء مسيرها، مُثْعَنْجِرُ قطرها، مظلم نَوْؤُهَا، قد لجِئت الوحش إلى أوطانها، تبحث عن أصولها بأظلافها، متجمعة بعد شتاتها، فلولا اعتصامنا يا أمير المؤمنين

1 سحابة وطفاء: مسترخية لكثرة مائها، أو هي الدائمة السح الحثيثة، هواديها: أوائلها ومقادمها، مرجحنة: ثقيلة مهتزة.

2 الزجل: الجلبة ورفع الصوت، مثعنجر: سائل منصب، ولجأ إليه كمنع وفرح، وأظلاف جمع ظلف بالكسر وهو للبقرة والشاة والظبي وشبهها كالقدم لنا، والقنن جمع قنة، وهي قمة الجبل.

3 زدت هذه الكلمة كي يستقيم بها الكلام والظاهر أنها سقطت من الأصل في الطبع.

ص: 313

بِعِضَاهِ الشجر، وتعلُّقنا بِقُنَن الجبال، لكنا جُفَاء1 في بعض الأودية، ولَقَمِ الطريق، فأطال الله للأمة بقاءك، ونسألها في أَجَلِك ببركتك، وعاد الله بك على رعيتك، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد".

فقال سليمان: "لَعَمْرُ أبيك لئن كانت بديهة لقد أُحسنت، وإن كانت مُحَبَّرَةً لقد أجدت" قال: بل محبرة مَهْدُورة يا أمير المؤمنين، قال:"يا غلام أعطِه، فوالله لَصِدْقه أعجب إلينا من صِفًته".

"العقد الفريد 2: 96".

1 الجفاء: الزبد، ولقم الطريق: معظمه ووسطه، وفي الأصل:"لغم" وهو تحريف.

ص: 314

75-

أعرابية تصف مطرا:

عن الأصمعي قال: "كان شيخ من الأعراب في خِبائِه، وابنه له بالفِنا1، إذا سمع رعدًا فقال: ما تَرَين يا بُنَيَّة؟ قالت: أراها حوَّاء قَرْحاء2، كأنها أقرَابُ أتانٍ قَمْرَاء، ثم سمع راعدة أخرى فقال: كيف ترينها؟ قالت: أراها جَمَّة التَّرْجاف3 متساقطةَ الأكناف تتألق بالبرق الوَلَّافِ، قال: هلُمِّي المِغْرَفَة، انْتَئِى4 نُؤْيًا".

"بلوغ الأرب 3: 251".

1 الفناء: ما اتسع أمام الدار.

2 حواء: وصف من الحوة بالضم وهي حمرة إلى السواد، والقرحة بالضم: وجه الفرس دون الغرة، والوصف منه أقرح وقرحاء، والأقراب جمع قرب كقفل عتق: وهو الخاصرة، والقمرة بالضم: بياض فيه كدرة، حمار أقمر، وأتان قمراء.

3 كثيرة الاضطراب، الولاف: المتتابع، من ولف البرق كوعد ولفًا وولافا بالكسر: تتابع.

4 النؤي: الحفير حول الحياء يمنع السيل، وانتأيته عملته.

ص: 314

76-

أعرابية تصف مطرا:

عن الأصعمي قال: كان أعرابي ضرير تقوده ابنته، وهي ترعى غُنَيْمات لها، فرأت سحابا فقالت: يا أبت جاءتك السماء، فقال: كيف ترينها؟ قالت: كأنها فرس دَهْمَاء1 تَجُرّ جِلَالَها، قال: ارَعْى غنيماتِك، فرعت مَلِيّا، ثم قالت: يا أبت جاءتك السماء، قال: كيف ترينها: قالت؟ كأنها عين جمل طَرِيف2 قال: ارعَي

1 سوداء، والجلال جمع جل بالضم والفتح: ما تلبسه الدابة لتصان به.

2 الجمل ينتقل من مرعى إلى مرعى.

ص: 314