الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعدله فيمن بها من الخاصَّة والعوام، لم يزل يدل على حسن اختيارك بحُسن سيرته، ويُرْضى الله تعالى ويرضى الناسَ بظاهره وسريرته، ما عَلِمْنَا عليه من سُوء، ولا دَرَيْنا له موقِف خِزي، ولم يزل جاريًا على ما يُرضي الله تعالى ويرضيك ويرضينا، إلى أن تعرضت بنو حسون للطعن في أحكامه، والهَدِّ من أعلامه، ولم يعلموا أن اهتضام المقدَّم راجع على المقدِّم، بل جمحوا في لجِاجِهِم، فعَمَوا وصَمُّوا، وفعلوا وأمضوا ما به هَمُّوا، وإلى السحب يرفع الكفَّ من قد جَفَّ عنه مَسِيلُ عينٍ ونهر".
فملا سمعه بلاغة أعقَبَتْ نصرَه ونصرَ صاحبه.
"نفح الطيب 2: 240".
13-
موعظة ابن أبي رَندقة الطرطوشي
المتوفى سنة520هـ:
للأفضل بن أمير الجيوش
دخل ابن أبي رندقه الطُّرْطُوشي1 مرة على الأفضل2 بن أمير الجيوش فوعظه، وقال له:
"إن الأمر الذي أصبحت فيه من الملك، إنما صار إليك بموت من كان قَبْلك، وهو خارج عن يدك، بمثل ما صار إليك، فاتق الله فيما خوَّلك من هذه الأمة، فإن الله عز وجل سا ئِلُك عن النَّقِير والقطمير والفَتِيل3، واعلم أن الله عز وجل آتي سليمان بن داود
1 هو الفقيه العالم أبو بكر محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري الطرطوشي "بضم الطاءين، وقد تفتح الطاء الأولى، نسبة إلى طرطوشة من بلاد الأندلس" ويعرف بابن أبي رندقة وكان زاهدًا عابدًا متورعًا متقللا من الدنيا قوالا للحق، رحل إلى المشرق، ودخل بغداد والبصرة، وسكن الشأم مدة، ودرس بها، وكان الأفضل بن أمير الجيوش يكرهه، فلما ولي بعده المأمون بن البطائحي أكرم الطرطوشي إكرامًا كثيرًا، وله ألَّف الشيخ "سراج الملوك" وتوفي بالإسكندرية سنة520هـ.
2 هو الوزير الأفضل بن بدر الجمالي أمير الجيوش المشهور، وكان أبوه بدر الجمالي حاكم عكا، فأرسل إليه الخليفة الفاطمي المستنصر يسأله القدوم إلى مصر لإصلاح أحوالها المضطربة إذ ذك، فقدم إليها، وتولى شئونها، وقام معوجَّها، وصارت له فيها الكلمة النافذة، ثم لابنه الأفضل.
3 النقير: النقرة التي في ظهر النواة، والقطمير: القشرة الرقيقة التي بين النواة والتمرة، والفتيل: ما يكون في شق النواة.