الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صورى أخرى2
…
36-
صورة أخرى:
ورواها صاحب العقد فقال: وقف أعرابي على حَلْقة يونس فقال:
"الحمد لله، وأعوذ بالله، أن أُذَكِّر به وأنساه، إنا أناس قَدِمنا المدينة ثلاثون رجلا لاندفِن ميتا ولا نتحول من منزل وإن كَرِهناه، فرحم الله عبد تَصَدَّق على ابن السبيل، ونِضو طريق، وفَلَّ سَنة، فإنه لا قليل من الأجر، ولا غنًى عن الله، ولا عمل بعد الموت، يقول الله عز وجل: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} إن الله لا يستقرض من عَوَزٍ، ولكن ليبلوَ خِيار عباده".
"العقد الفريد 2: 82".
37-
أعرابي يستجدي:
وقال المدائني: سمعت أعرابيًّا يسأل وهو يقول:
"رحم الله امرأ لم تَمُجَّ أُذُنَاه كلامي، وقَدَّم لنفسه مَعَاذَةً1 من سوء مقامي، فإن البلاد مُجْدِبة، والدار مُضَيَّعة، والحال سيئة2، والحياء زاجر ينهى عن كلامكم، والعُدْم عاذِرٌ يحملني على إخباركم، والدعاء إحدى الصَّدَقتين، فرحم الله امرأ أمَرَ بِمَيْرٍ3، أو دعا بخير"، فقال له بعض القوم: مِمَّن الرجل؟ فقال: "مِمَّن لا تنفعكم معرفَتُه، ولا تضركم جهالته، ذلُّ الاكتساب، ويمنع من عز الانتساب".
"البيان والتبيين 3: 217، والعقد الفريد 2: 81، والأمالي 1: 138".
1 المعاذة والمعاذ والعياذ: الالتجاء.
2 وفي الأمالي "والحال مسغبة" أي مجيعة.
3 مار عياله ميرا: جلب لهم الميرة "بالكسر" وهي الطعام، وفي العقد: فرحم الله امرأ يمير، وداعيًا يجبر".
38-
أعرابي يستجدى:
وقال الأصمعي: أصابت الأعراب أعوام جَدْبة وشدة وَجَهْد، فدخلت طائفة منهم البصرة وبين يديهم أعرابي وهو يقول: "أيها الناس، إخوانكم في الدين، وشركاؤكم في الإسلام، عَابِرُو سبيل،
وأفلال بُؤْس، وصَرْعى جَدْب، تتابعت علينا سنون ثلاثة، غَبَّرت1 النِّعَم، وأهلكت النَّعَم، فأكلْنا ما بقيَ من جلودها فوق عظامها، فلم نزل نعلِّل بذلك أنفسنا، ونمنِّى بالغيث قلوبنا، حتى عاد مُخُّنَا عظاما، وعاد إشراقنا ظلاما، وأقبلنا إليكم يصرعنا الوَعْر، ويُكِنّنا2 السهل، وهذه آثار مصائبنا لائحة في سِمَاتنا، فرحم الله متصدقا من كثير، ومُوَاسِيًا من قليل، فلقد عظُمت الحاجة، وكَسَف البال، وبلغ المجهود، والله يَجْزِي المتصدقين".
1 غبره لطخه بالغبار: أو هي "غيرت" بالياء.
2 أي يسترنا.
39-
أعرابي يستجدي:
وقال الأصمعي: كنت في حَلْقة بالبصرة إذ وقف علينا أعرابي سائلا، فقال:"أيها الناس، إن الفقر يهتك الحجاب، ويُبْرِزُ الكعاب1، وقد حملتنا سِنُون المصائب، ونَكَبات الدهور، على مركَبِها الوَعْر، فواسُوا أبا أيتام، ونِضْوَ زمان، وطَرِيد فَاقَةٍ، وطريح هَلَكة، رحمكم الله".
1 جارية كعاب: نهد ثديها.
40-
أعرابي يستجدي:
وقال الأصمعي: وقف أعرابي علينا فقال:
"يا قوم: تتابعت علينا سِنُون بتغير وانتقاص، فما تركت لنا هُبْعًا ولا رُبَعًا1، ولا عافطة، ولا نافِطَة2، ولا ثاغِيَة ولا راغِبَة، فأماتت الزرع، وقتلت الضَّرع، وعندكم من مال الله فضلُ نعمة، فأعينوني من عطيَّة ما آتاكم الله، وارحموا أبا أيتام، وَنِضْوَ زمان، فلقد خَلّفتُ أقواما يمرَضون ولا يكفّنون ميتهم، ولا ينتقلون من منزل، وإن كَرِهوه، ولقد مشيت حتى انتعلت الدِّماء، وجُعْت حتى أكلتُ الثَّرَى".
1 الهبع: الفصيل ينتج في آخر النتاج، والربع: الفصيل ينتج في الربيع، وهو أول النتاج.
2 النافطة: النعجة، من العفط: وهو الضرط، عفطت كضرب: ضرطت فهي عافطة، والعفط أيضا: نثير الضأن تنثر بأنوفها كما ينثر الحمار، والنافطة: العنز، من النفط، نفطت العنز كضرب: نثرت بأنفها أو عطست فهي نافطة، أو لأنها تنفط ببولها: أي تدفعه دفعًا، أو النافطة إتباع للعافطة، أو العافطة: الأمة الراعية، والنافطة: الشاة.