المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قولهم في الدعاء: - جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة - جـ ٣

[أحمد زكي صفوت]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌مقدمة

- ‌فهرس مآخذ الخطب في هذا الجزء

- ‌الباب الرابع: الخطب والوصايا

- ‌في العصر العباسي

- ‌خطبة أبي العباس السفاح

- ‌ خطبة داود بن علي:

- ‌ خطبة داود بن علي وقد أرتج على السفاح:

- ‌ خطبة أخرى للسفاح بالكوفة:

- ‌ خطبة السفاح بالشام حين قتل مروان:

- ‌ خطبة عيسى بن علي حين قتل مروان:

- ‌ خطبة داود بن علي بمكة

- ‌ خطبته بالمدينة:

- ‌ خطبته وقد بلغه أن قومًا أظهروا شكاة بني العباس

- ‌ خطبته وقد أرتج عليه:

- ‌خطبة صالح بن علي:

- ‌ خطبة سديف بن ميمون:

- ‌ خطبة أبي مسلم الخراساني:

- ‌ خالد بن صفوان وأخوال السفاح:

- ‌ خالد بن صفوان ورجل من بني عبد الدار:

- ‌ خالد بن صفوان يرثي صديقًا له:

- ‌ خالد بن صفوان يمدح رجلًا:

- ‌ كلمات بليغة لخالد بن صفوان:

- ‌عمارة بن حمزة والسفاح

- ‌خطب أبي جعفر المنصور

- ‌خطبته بمكة

- ‌ خطبته بمكة بعد بناء بغداد:

- ‌ خطبته بمدينة السلام:

- ‌ خطبته وقد أخذ عبد الله بن حسن وأهل بيته:

- ‌ خطبته حين خروج محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن:

- ‌ خطبته وقد قتل أبا مسلم الخراساني:

- ‌ خطبة أخرى:

- ‌ قوله وقد قوطع في خطبته:

- ‌ المنصور يصف خلفاء بني أمية:

- ‌ المنصور يصف عبد الرحمن الداخل:

- ‌وصايا المنصور لابنه المهدي:

- ‌ وصية له:

- ‌ خطبة النفس الزكية حين خرج على المنصور:

- ‌ وصية عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي لابنه محمد "أو إبراهيم

- ‌ قول عبد الله بن الحسن وقد قتل ابنه محمد:

- ‌ امرأة محمد بن عبد الله والمنصور:

- ‌ جعفر الصادق والمنصور:

- ‌صفح المنصور عن سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب

- ‌ استعطاف أهل الشام أبا جعفر المنصور:

- ‌ استعطاف أهل الشام أبا جعفر المنصور أيضًا:

- ‌ أبو جعفر المنصور والربيع:

- ‌ مقام عمرو بن عبيد بين يدي المنصور:

- ‌ مقام رجل من الزهاد بين يدي المنصور:

- ‌ مقام الأوزاعي بين يدي المنصور:

- ‌ نصيحة يزيد بن عمر بن هبيرة للمنصور:

- ‌ معن بن زائدة والمنصور:

- ‌ معن بن زائدة وأحد زوّاره:

- ‌ المنصور وأحد الأعراب:

- ‌ أعرابية تعزي المنصور وتهنئه:

- ‌ وصية مسلم بن قتيبة:

- ‌ خطبة المهدي

- ‌مشاورة المهدي لأهل بيته في حرب خراسان

- ‌مدخل

- ‌ مقال سلام صاحب المظالم:

- ‌ مقال الربيع بن يونس

- ‌ مقال الفضل بن العباس:

- ‌ مقال علي بن المهدي:

- ‌ مقال موسى بن المهدي:

- ‌ مقال العباس بن محمد

- ‌ مقال هارون بن المهدي:

- ‌ مقال صالح بن عليّ

- ‌ مقال معاوية بن عبد الله:

- ‌ ابن عتبة يعزي المهدي ويهنئه:

- ‌ يعقوب بن داود يستعطف المهدي:

- ‌ رجل من أهل خراسان يخطب بحضرة المهدي:

- ‌ مقام صالح بن عبد الجليل بين يدي المهدي:

- ‌ عظة شبيب بن شيبة للمهدي:

- ‌ خطبته في تعزية المهدي بابنته:

- ‌ خطبة أخرى له في مدح الخليفة:

- ‌ كلمات لشبيب بن شيبة:

- ‌ خطبة يوسف بن القاسم بن صبيح الكاتب:يوم ولي الرشيد الخلافة

- ‌ خطبة هارون الرشيد

- ‌ وصية الرشيد لمؤَدِّب ولده الأمين:

- ‌ خطبة لجعفر بن يحيى البرمكي

- ‌ استعطاف أم جعفر بن يحيى للرشيد:

- ‌ خطبة يزيد بن مزيد الشيباني:

- ‌ خطبة عبد الملك بن صالح

- ‌ عبد الملك بن صالح يعزي الرشيد ويهنئه:

- ‌ غضب الرشيد على عبد الملك بن صالح:

- ‌ قوله بعد خروجه من السجن:

- ‌ وصية عبد الملك بن صالح لابنه:

- ‌ وصية أخرى له:

- ‌ كلمات حكيمة لابن السَّماك:

- ‌ ابن السَّماك والرشيد:

- ‌الفتنة بين الأمين والمأمون

- ‌مدخل

- ‌ خطبة العباس بن موسى

- ‌ خطبة عيسى بن جعفر:

- ‌ خطبة محمد بن عيسى بن نهيك:

- ‌ خطبة صالح صاحب المصلى:

- ‌ خطبة المأمون:

- ‌ وصية السيدة زبيدة لعلي بن عيسى بن ماهان:

- ‌ وصية الأمين لابن ماهان

- ‌ استهانة ابن ماهان بأمر طاهر بن الحسين:

- ‌ حزم طاهر وقوة عزمه:

- ‌ طاهر يشد عزيمة جنده:

- ‌ وصف الفضل بن الربيع غفلة الأمين:

- ‌ وصية الأمين لأحمد بن مزيد:

- ‌ مقال عبد الملك بن صالح للأمين:

- ‌ الشغب في جيش عبد الملك بن صالح:

- ‌ خطبة الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان:

- ‌ خطبة محمد بن أبي خالد:

- ‌ إطلاق الأمين من سجنه ورده إلى مجلس الخلافة:

- ‌ خطبة داود بن عيسى يدعو إلى خلع الأمين:

- ‌ خطبة الأمين وقد تولى الأمر عنه:

- ‌استعطاف الفضل بن الربيع للمأمون

- ‌ خطبة طاهر بن الحسين ببغداد بعد مقتل الأمين:

- ‌خطب المأمون

- ‌خطبته وقد ورد عليه نعي الرشيد

- ‌خطبته وقد سلم الناس عليه بالخلافة

- ‌ خطبته يوم الجمعة

- ‌خطبته يوم الأضحى

- ‌ خطبته يوم الفطر:

- ‌ خطبة ابن طباطبا العلوي:

- ‌ استعطاف إبراهيم بن المهدي المأمون:

- ‌ إبراهيم بن المهدي وبختيشوع الطبيب:

- ‌ استعطاف إسحاق بن العباس المأمون:

- ‌ أحد وجوه بغداد يمدح المأمون حين دخلها:

- ‌ أحد أهل الكوفة يمدح المأمون:

- ‌ محمد بن عبد الملك بن صالح بين يدي المأمون:

- ‌ الحسن بن سهل يمدح المأمون:

- ‌ يحيى بن أكثم يمدح المأمون:

- ‌ أحد بني هاشم والمأمون:

- ‌ رجل يتظلم إلى المأمون:

- ‌ عمرو بن سعيد والمأمون:

- ‌ الحسن بن رجاء والمأمون:

- ‌ سعيد بن مسلم والمأمون

- ‌ أبو زهمان يعظ سعيد بن مسلم

- ‌ وصية طاهر بن الحسين

- ‌ خطبة عبد الله بن طاهر:

- ‌ العباس بن المأمون والمعتصم

- ‌ استعطاف تميم بن جميل للمعتصم:

- ‌ بين يدي سليمان بن وهب وزير المهتدي بالله:

- ‌أحمد بن أبي داود والواثق

- ‌ابن أبي داود والواثق أيضا

- ‌ابن أبي داود وابن الزيات

- ‌ الجاحظ وابن أبي داود:

- ‌أبو العيناء وابن أبي داود

- ‌فهرس الجزء الثالث من جمهرة خطب العرب

- ‌الخطب والوصايا في العصر العباسي الأول

- ‌فهرس أعلام الخطباء:

- ‌ذيل جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة

- ‌فهرس المآخذ

- ‌الباب الأول: في خطب الأندلسيين والمغاربة

- ‌خطبة عبد الرحمن الداخل

- ‌عبد الرحمن الداخل ورجل من جند فنسرين

- ‌ عبد الرحمن الداخل ورجل من جنده يهنئه بفتح سرقسطة

- ‌ تأديب عبد الرحمن الأوسط لابنه المنذر:

- ‌ عبد الرحمن الأوسط وابنه المنذر أيضًا:

- ‌ يعقوب بن عبد الرحمن الأوسط وأحد خدامه:

- ‌ وفاء الوزير ابن غانم لصديقه الوزير هاشم بن عبد العزيز

- ‌ خطبة منذر بن سعيد البَلُّوطِي

- ‌ خطبة أخرى له

- ‌ أحد حساد الرمادي الشاعر والمنصور بن أبي عامر:

- ‌ ابن اللبانة الشاعر وعز الدولة بن المعتصم بن صمادح:

- ‌ دفاع ابن الفخار عن القاضي الوحيدي:

- ‌ موعظة ابن أبي رَندقة الطرطوشي

- ‌ خطبة ابن تومرت مؤسس دولة الموحدين:

- ‌ مقال لسان الدين بن الخطيب

- ‌ما خطب به لسان الدين تربة السلطان الكبير أبي الحسن المريني

- ‌ وصية لسان الدين بن الخطيب لأولاده:

- ‌ خطبة وعظية له:

- ‌ خطبة ابن الزيات المنزوعة الألف

- ‌ خطبة القاضي عياض التي ضمنها سور القرآن:

- ‌ خطبة سعيد بن أحمد المقري التي ضمنها سور القرآن:

- ‌ خطبة الكفعمي التي ضمنها سور القرآن أيضًا:

- ‌الباب الثاني في خطبة ووصايا مجهول عصرها أو قائلها

- ‌خطبة أبي بكر بن عبد الله بالمدينة

- ‌ وصية أعمى من الأزد لشاب يقوده:

- ‌ وصية رجل لآخر وقد أراد سفرًا:

- ‌ وصية رجل لابنه وقد أراد التزوج:

- ‌ وصية بعض العلماء لابنه:

- ‌ وصية لبعض الحكماء:

- ‌ عظة لبعض الحكماء:

- ‌ نصيحة لبعض الحكماء:

- ‌ كلمات شتى لبعض الحكماء:

- ‌ رجل من العرب والحجاج:

- ‌ كاتب وأمير:

- ‌ وصف الهلباجة:

- ‌ بعض البلغاء يصف رجلا:

- ‌ خمس جوارٍ من العرب يصفن خيل آبائهن:

- ‌ رجل من العرب يصف مطرًا:

- ‌الباب الثالث في نثر الأعراب قولهم في الوعظ والتوصية:

- ‌ مقام أعرابي بين يدي سليمان بن عبد الملك:

- ‌ أعرابي يعظ هشام بن عبد الملك:

- ‌ خطبة أعرابي

- ‌خبطة أخرى2

- ‌ أعرابية توصي ابنها وقد أراد السفر:

- ‌ أعرابية توصي ابنها:

- ‌ أعرابي يوصي ابنه:

- ‌ أعرابي ينصح لأخيه:

- ‌ أعرابي يعظ صاحبه:

- ‌ كلام أعرابي لابن عمه:

- ‌ كلمات حكيمة للأعراب:

- ‌أجوبة الأعراب

- ‌مجاربة أعرابي للحجاج

- ‌ مساءلة الحجاج أعرابيا فصيحا:

- ‌ مجاوبة أعرابي لعبد الملك بن مروان:

- ‌ مجاوبة أعرابي لخالد بن عبد الله القسري:

- ‌ أجوبة شتى:

- ‌قولهم في الاستمناح والاستجداء

- ‌أعرابي يجتدي عتبة بن أبي سفيان

- ‌ أعرابي يجتدي عمر بن عبد العزيز:

- ‌ خطبة أعرابي بين يدي هشام بن عبد الملك:

- ‌ مقام أعرابي بين يدي هشام:

- ‌ أعرابي يستجدي عبيد الله بن زياد:

- ‌ أعرابية تستجدي عبد الله بن أبي بكرة:

- ‌ أعرابي يستجدي خالد بن عبد الله القَسْرِيّ:

- ‌ أعرابي يستجدي معن بن زائدة:

- ‌ خطبة الأعرابي السائل في المسجد الحرام:

- ‌ خطبة الأعرابي السائل في المسجد الجامع بالبصرة:

- ‌صورى أخرى2

- ‌أعرابي يستجدي5

- ‌ أعرابية تستجدي:

- ‌ أعرابي يسأل رجلا حاجة له:

- ‌قولهم في بكاء الموتى:

- ‌ أعرابية تبكي ابنها:

- ‌ حديث امرأة سكنت البادية قريبًا من قبور أهلها:

- ‌ حديث امرأة مات ابنها بين يديها:

- ‌قولهم في الشكوى:

- ‌ أعرابي يشكو حاله:

- ‌ كلمات شتى في الشكوى:

- ‌ قولهم في العتاب والاعتذار:

- ‌ قولهم في المدح:

- ‌ قولهم في الذم:

- ‌ قولهم في الغزل:

- ‌قولهم في الوصف:

- ‌ ثلاثة غِلمة من الأعراب يصفون مطرا:

- ‌ أعرابي يصف أرضا:

- ‌ رائد يصف أرضا جدبة:

- ‌ أعرابي يصف أرضه وماله:

- ‌ أعرابي يصف بلدًا:

- ‌ أعرابي يصف أشد البرد:

- ‌ أعرابي يصف إبلا:

- ‌ أعرابي يصف ناقة:

- ‌ أعرابي يصف فرسا:

- ‌ أعرابي يصف خاتمًا:

- ‌ أعرابي يصف أطيب الطعام:

- ‌ أعرابي يصف السويق:

- ‌ أعرابي يصف الجمال:

- ‌ أبو المِخَشّ يصف ابنه:

- ‌ أعرابي يصف بنيه:

- ‌ أعرابي يصف أخويه:

- ‌قولهم في الدعاء:

- ‌ أدعية شتى:

- ‌ نوادر وملح لبعض الأعراب:

- ‌الباب الرابع في خطب النكاح:

- ‌ خطبة قريش في الجاهلية:

- ‌ خُطبة النبي صلى الله عليه وسلم في زواج السيدة فاطمة:

- ‌ خطبة الإمام عليّ كرم الله وجهه:

- ‌ خطبة عتبة بن أبي سفيان:

- ‌ خطبة شبيب بن شيبة:

- ‌ خطبة الحسن البصري:

- ‌ خطبة ابن الفقير:

- ‌ خطبة عمر بن عبد العزيز:

- ‌ خطبة أخرى له:

- ‌ خطبة بلال:

- ‌ خطبة خالد بن صفوان:

- ‌ خطبة أعرابي:

- ‌ خطبة المأمون:

- ‌الباب الخامس في خطب من أرتج عليهم

- ‌نوادر طريفة لبعض الخطباء

- ‌بدء الخطب وختامها:

- ‌فهرس ذيل الجمهرة:

الفصل: ‌قولهم في الدعاء:

‌قولهم في الدعاء:

97-

دعاء أعرابي:

قال أبو حاتم: أملى علينا أعرابي يقال له مَرْثَد:

"اللهم اغفر لي، والجِلْد بارد، والنفسُ رَطْبة، واللسان منطلق، والصحف منشورة، والأقلام جارية، والتوبة مقبولة، والأنفس مِرِّيحَة1، والتضرع مرجُوّ، قبل آنِ الفراق، وحَشَكِ النفس2، وعَلَزِ الصدر3، وتَزَيُّل الأوصال4، ونُصُول الشعر، واحتياف5 التراب، وقبل أن لا أقدر على استغفارك حين يَفْنى العمل، ويحضر الأجل، وينقطع الأمل.

أعنِّي على الموت وكُرْبَته، وعلى القبر وغَمَّتِه6، وعلى الميزان وخِفَّته، وعلى الصِّراط وزَلَّته، وعلى يوم القيامة وروعته، اغفر لي مغفرة عَزْمًا، لا تغادر ذنبًا، ولا تدعَ كربا، اغفر لي جميع ما افترضت عليّ ولم أُؤَدِّه إليك، اغفر لي جميع ما تُبْتُ إليك منه ثم عُدْتُ فيه.

يا رب تظاهرتْ7 عليّ منك النِّعم، وتداركتْ عندك منِّي الذنوب، فلك الحمد على النعم التي تظاهرت، وأستغفرك للذنوب التي تداركت، وأمسيت عن عذابي غنيًّا، وأصبحت إلى رحمتك فقيرا.

1 مرح كفرح: أشر وبطر ونشط واختال وتبختر فهو مرح ومريح.

2 الحسك: شدة النزع.

3 العلز: قلق وخفة وهلع يصيب المريض والمحتضر.

4 تزيلت وتزايلت: تفرقت، والأوصال: المفاصل.

5 الاحتياف: افتعال من الحيف وهو الجور، والمراد أكل تراب القبر الجثة، والذي في كتب اللغة "التحيف" تحيفت الشيء: إذا تنقصته من حافاته.

6 فعله من غم الشيء: أي غطاء فانغم، أو هي "غمته" بالضم: أي بلائه وكرب عذابه.

7 من تظاهروا إذا تعاونوا: أي تتابعت

ص: 324

اللهم إني أسألك نجاح الأمل، عند انقطاع الأجل، اللهم اجعل خير عملي ما ولي أجلي، اللهم اجعلني من الذين إذا أعطيتهم شكروا، وإذا ابتليتهم صبروا، وإذا أذْكرتهم ذكروا، واجعل لي قلبًا توَّابًا أوَّابًا، لا فاجرا ولا مُرْتَابًا، اجعلني من الذين إذا أحسنوا ازدادوا، وإذا أساءوا استغفروا.

اللهم لا تحقِّق عليّ العذاب1، ولا تقطع بي الأسباب، واحفظني في كل ما تحيط به شفقتي، وتأتي من ورائه سَبْحَتي2، وتعجَِز عنه قوَّتِي، أدعوك دعاء ضعيفٍ عَمَلُه، متظاهِرَة ذُنُوبه، ضنينٍ على نفسه، دعاءَ مَنْ بَدَنُه ضعيف، ومُنَّتُه3 عاجزة، قد انتهت عُدَّته، وخَلَقَت4 جِدَّته، وتمَّ ظِمْؤُه. اللهم لا تخيِّبني وأنا أرجوك، ولا تعذِّبني وأنا أدعوك، والحمد لله على طول النَّسِيئَة5، وحسن التِّباعة6، وتشنُّج العروق، وإساغة الريق، وتأخر الشدائد، والحمد لله على حِلمه بعد علمه، وعلى عفوه بعد قدرته، والحمد لله الذي لا يُودَي7 قتيله، ولا يخيبُ سُولُه، ولا يُرَدّ رَسُولُه، اللهم إني أعوذ بك من الفقر إلا إليك، ومن الذلِّ إلا لك، وأعوذ بك أن أقول زورا، أو أغْشَى فُجُورًا، أو أكون بك مغرورا، وأعوذ بك من شماتة الأعداء، وعُضَال الداء، وخَيْبَة الرجاء، وزوال النِّعْمَة".

"العقد الفريد 2: 77، والبيان والتبيين 3: 224-137-138".

1 يشير إلى قوله تعالى: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} .

2 فعلة من السبح: وهو التقلب والانتشار في الأرض، والإبعاد في السير، والتصرف في المعاش.

3 المنة: القوة.

4 خلق الثوب كنصر وكرم وسمع، بل، والظم: ما بين الشربتين والوردين.

5 الإمهال والتأخير.

6 التباعة مثل التبعة بفتح فكسر. قال الشاعر:

أكلت حنيفة ربها

زمن التقحم والمجاعة

لم يحذروا من ربهم

سوء العواقب والتباعة

"لأنهم كانوا قد اتخذوا إلها من حيس فعبدوه زمنا، ثم أصابتهم مجاعة فأكلوه"، والحيس كشمس: تمر يخلط بالسمن واللبن المخيض فيعجن شديدًا، ثم يندر منه نواه.

7 ودى القتيل كوعى: أعطى ديته، والسول: وهو ما سألته.

ص: 325

98-

دعاء أعرابي:

ودعا أعرابي وهو يطوف بالكعبة فقال:

"إلهي مَنْ أولى بالتقصير والزلل مني وأنت خلقتني؟ ومن أولى بالعفو منك عني وعلمك بي ماضٍ، وقضاؤك بي محيط؟ أطعتك بقوتك والمنَّة لك، وعصيتك بعلمك، فأسألك يا إلهي -بوجوب رحمتك وانقطاع حجتي، وافتقاري إليك وغناك عني- أن تغفر لي وترحمني.

إلهي لم أُحْسِن حتى أعطيتني، فتجاوز عن الذنوب التي كتبت عليّ، اللهم إنا أطعناك في أحب الأشياء إليك: شهادة أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، ولم نَعْصِك في أبغض الأشياء إليك: الشرك بك، فاغفر لي ما بين ذلك.

اللهم إنك آنَسُ المُؤْنِسِين لأوليائك، وأحضرهم للمتوكلين عليك، إلهي أنت شاهدهم وغائبهم، والمطلِّع على ضمائرهم، وسِرِّي لك مكشوف، وأنا إليك ملهوف، إذا أَوْحَشَتْنِي الغُرْبَة آنَسَنِي ذِكْرُك، وإذا أَكَبَّت عليّ الغموم لَجَأت إلى الاستجارة بك؛ علمًا بأن أَزِمَّة الأمور كلِّها بيدك، ومصدرها عن قضائك، فأقْلِلْني1 إليك مغفورا لي، معصوما بطاعتك بقية عمري، يا أرحم الراحمين".

1 أقله: حمله.

ص: 326

99-

دعاء أعرابي:

وقال الأصمعي: حَجَجت فرأيت أعرابيا يطوف بالكعبة ويقول:

يا خير مَوْفُود سَعَى إليه الوُفَّد1، قد ضَعُفت قوتي، وذهبت مُنَّتي، وأتيت إليك بذنوب لا تغسِلها الأنهار، ولا تحملها البحار، أستجير برضاك من سُخْطِك، وبعفوك من عقوبتك، ثم التفت فقال: "أيها المشفقون، ارحموا من شَمِلته الخَطَايا،

1 وفد إليه وعليه: قدم، وهم وفود ووفد كشمس وركع وأوفاد.

ص: 326

وغمَرَته البلايا، ارحموا من قطع البلاد، وخلَّف ما مَلَك من التِّلاد. ارحموا من وبَّخته الذنوب، وظَهَرت منه العيوب، ارحموا أسير ضُرٍّ، وطريد فقر، أسألكم بالذي أعملتم الرَّغبة إليه، إلا ما سألتم الله أن يهب لي عظيم جُرْمِي"، ثم وضع في حَلْقه بالباب خَدَّه وقال: ضَرَعَ خدِّي لك، وذلَّ مقامي بين يديك، ثم أنشأ يقول:

عظيم الذنب مكروب

من الخيرات مسلوب

وقد أصبحت ذا فقر

وما عندك مطلوب

ص: 327

100-

دعاء أعرابي:

وسمع أعرابي بعرفات عَشَيَّة عرفة وهو يقول:

"اللهم إن هذه عشية من عشايا محبَّتِك، وأحد أيام زُلْفَتِك1، يأمُل فيها من لَجَأَ إليك من خلقك أن لا يُشْرَك بك شيئًا، بكل لسان فيها يُدْعَى، ولكل خير فيها يُرْجَى، أتتك العُصَاة من البلد السَّحِيق2، ودعتك العُنَاة3 من شُعَب المَضِيق، رجاء ما لا خُلْفَ له من وعدك، ولا انقطاع له من جزيل عطائك، أبدت لك وجوهها المَصُونة، صابرة على وَهَجِ السَّمَائِم4، وبَرْد الليالي، ترجو بذلك رضوانك، يا غفار، يا مُسْتَزَادًا من نعمه، ومُسْتَعَاذًا من نِقَمِه، ارْحَمْ صوتَ حزين دعاك بزفير وشهيق".

ثم بسط كلتا يديه إلى السماء وقال: "اللهم إن كنت بسطتُ يدي إليك داعيًا

1 الزلفة: القربة.

2 البعيد.

3 العناة جمع عان من عنا: أي ذل وخضع، وفي رواية الأمالي:"أتتك الضوامر من الفج العميق، وجابت إليك المهارق من شعب المضيق" والضوامر الإبل المهزولة، والمهارق جمع مهرق "بضم الميم وفتح الراء": الصحراء الملساء.

4 السمائم جمع سموم كصبور: وهي الريح الحارة تكون غالبًا بالنهار، وفي رواية الأمالي:"على لفح السمائم، وبرد ليل التمائم" -وليل التمام "ككتاب" وليل تمامي: أطول ليالي الشتاء- وفي رواية الأمالي: "نعمتك تظاهرها على عند القفلة، فكيف أيأس منها عند الرجعة" -وأصل الغفل "بالتحريك": والرجوع من السفر: ويطلق على الابتداء في السفر كما هنا تفاؤلا بالرجوع.

ص: 327

فطالما كَفَيْتَنِي ساهيًا، بنعمتك التي تظاهرتْ عليَّ عِنْد الغفلة، فلا أيأس بها عند التوبة، لا تقطع رجائِي منك لما قدَّمت من اقتراف1 آثامك، وإن كنت لا أصِل إليك إلا بك، فهب لي يا ربِّ الصلاح في الولد، والأمْنَ في البلد، والعافية في الجسد وعافِنِي من شرّ الحسد، ومن شر الدهر النَّكَد2".

"العقد الفريد 2: 77، والأمالي 2: 323".

1 اقترف الذنب: أتاه وفعله.

2 يقال: رجل نكد ككتف وسبب وشمس وأنكد: شؤم عسر.

ص: 328

101-

دعاء أعرابي:

ودعا أعرابي فقال: "يا عِمَاد من لا عماد له، ويا رُكْنَ من لا ركن له، ويا مُجِيرَ الضَّعْفَى1، ويا منقذ الهَلْكَى، ويا عظيم الرجاء، أنت الذي سبَّح لك سَوَادُ الليل، وبياض النهار، وضوء القمر، وشعاع الشمس، وحفيف الشجر، ودَوَيّ الماء2 يا مُحْسِن، يا مُجْمِل، يا مُفْضِل، لا أسألك الخير بخيرهم عندك، ولكني أسألك برحمتك، فاجعل العافية لي شعارا ودثارا3، وجُنَّةً دون كل بلاء".

1 الضعفى جمع ضعيف.

2 المعنى: آن هذه الكائنات تدعوا المتأمل فيها إلى تسبيحه جل شأنه.

3 الشعار: ما يلبس على شعر الجسد، والدثار: ما يلبس فوق الشعار، والجنة: الوقاية.

ص: 328

102-

دعاء أعرابي:

وقال الأصمعي: سمعت أعرابيًّا في فلاة من الأرض، وهو يقول في دعائه:

"اللهم إن استغفاري إياك مع كثرة ذنوبي لَلُؤُم، وإن تركي الاستغفار مع معرفتي بِسَعَة رحمتك لَعَجْز، إلهي كم تحبَّبَت إليّ بنعمتك، وأنت غنيّ عنِّي، وكم أتبغَّض إليك بذنوبي، وأنا فقير إليك، سبحان من إذا توعَّد عفا، وإذا وَعَدَ وَفَى".

ص: 328

103-

دعاء أعرابي:

قال: وسمعت أعرابيا يقول في دعائه: "اللهم إن ذنوبي إليك لا تضرك؛ وإن رحمتك إياي لا تَنْقُصُك، فاغفر لي ما لا يضرك، وهب لي ما لا يَنْقُصُك".

ص: 329

104-

دعاء أعرابي:

وقال: سمعت أعرابيا وهو يقول في دعائه: "اللهم إني أسألك عمل الخائفين، وخوف العاملين حتى أَتَنَعَّم بترك النعيم1 طمعا فيما وعدت. وخوفا مما أوعدت اللهم أَعِذْنِي من سَطَوَاتك، وأَجِرْنِي من نِقْمَاتك، سبقت لي ذنوب، وأنت تغفر لمن يَحُوب2، إليك بك أتوسَّلُ، ومنك إليك أَفِرُّ".

1 أي في الدنيا

2 حاب يحوب: أثم.

ص: 329

105-

دعاء أعرابي:

وقال: سمعت أعرابيا يقول: "اللهم إن قوما آمنوا بك بألسنتهم، لِيَحْقِنُوا دماءهم، فأدركوا ما أمَّلوا، وقد آمنا بك بقلوبنا، لتجيرنا من عذابك، فأَدْرِك منا ما أَمَّلنا".

ص: 329

106-

دعاء أعرابي:

قال: ورأيت أعرابيا متعلقا بأستار الكعبة، رافعا يديه إلى السماء، وهو يقول:"ربِّ أتراك معذِّبَنا، وتوحيدُك في قلوبنا؟ وما إخالك نفعل! ولئن فعلت لِتَجْمَعُنا مع قوم طالما أبغضناهم لك".

ص: 329

107-

دعاء أعرابي:

وقال: سمعت أعرابيا يقول في صلاته: "الحمد لله حمدا لا يَبْلَى جديده، ولا يُحْصَى عديده1. ولا يبلغ حدوده، اللهم اجعل الموت خير غائب ننتظره، واجعل القبر خير بيت نَعْمُرُه، واجعل ما بعده خيرا لنا منه. اللهم إن عينيّ قد اغْرَوْرَقَتا دموعا من خشيتك، فاغفر الزَّلَّة، وعُدْ بحلمك، على جهل مَنْ لم يرجُ غيرك".

1 عدده

ص: 330

108-

دعاء أعرابي:

وقال: رأيت أعرابيا أخذ بحلقتيّ باب الكعبة وهو يقول:

"سائلك عند بابك، ذهبت أيامه، وبقيت آثامه، وانقطعت شهوته، وبقيت تَبَاعَتُه، فارضَ عنه، وإن لم ترضَ عنه فاعفُ عنه غير راضٍ".

ص: 330

109-

دعاء أعرابي:

قال: ودعا أعرابي عند الكعبة فقال: "اللهم إنه لا شرف إلا بفعال، ولا فعال إلا بمال، فأعطني ما أستعين به على شرف الدنيا والآخرة".

ص: 330

110-

دعاء أعرابي:

عن طاوُس قال: "بينا أنا بمكة إذ دفعت إلى الحجاج بن يوسف، فثَنَى لي وِسَادًا فجلست، فبينا نحن نتحدث إذ سمعت صوت أعرابي في الوادي رافعا صوته بالتلبية،

ص: 330

فقال الحجاج. عليّ بالمُلَبِّي. فأُتِي به فقال: من الرجل؟ قال: من أفناء الناس1 قال: ليس عن هذا سألتك. قال: نعم سألتني. قال: مِن أي البُلدان أنت؟ قال: من أهل اليمن. قال له الحجاج. فكيف خلَّفت محمد بن يوسف -يعني أخاه وكان عامِلَه على اليمن- قال: خلفته عظيما جَسِيما خَرَّاجًا ولَّاجا. فقال: ليس عن هذا سألتك، قال: نعم سألتني، قال: كيف خلَّفت سيرته في الناس؟ قال: خلَّفته ظلوما غشوما2، عاصيا للخالق، مطيعا للمخلوق، فازْوَّر3 من ذلك الحجاج، وقال.

ما أقدمك لهذا، وقد تعلم مكانته مني! فقال له الأعرابي: أَفَتَرَاهُ بمكانةٍ منك أعزَّ مني بمكانتي من الله تبارك وتعالى، وأنا وافد بيته، وقاضي دَيْنِه، ومصَدِّق نبيه صلى الله عليه وسلم؟ فَوَجَم4 لها الحجاج، ولم يُحِر له جوابا5، حتى خرج الرجل بلا إذن.

قال طاوس: فتبعته حتى أتى المُلْتَزِم فتعلق بأستار الكعبة، فقال: بك أعوذ، وإليك ألوذ، فاجعل لي في اللَّهَف إلى جوارك، والرِّضا بضَمَانك، مندوحةً6، عن منع الباخلين، وغِنًى عما في أيدي المستأثِرِين، اللهم عُدْ بِفَرَجك القريب، ومعروفك القديم، وعادتك الحسنة".

قال طاوس: ثم اختفى في الناس، فألفيته بعرفات قائما على قدميه وهو يقول:"اللهم إن كنت لم تقبل حجِّى ونَصَبي7 وتَعَبِي، فلا تَحْرِمْنِي أجر المُصَاب على مُصِيبَته، فلا أعلم مصيبة أعظم ممن ورد حَوْضك، وانصرف محروما من وجه رغبتك".

1 يقال: هو من أفناء الناس" إذا لم يعلم من هو، واحده فنو كحمل أو فنا كعصا.

2 ظلوما.

3 ازور: انحرف ومال: أي غضب منه.

4 وجم: سكت على غيظ.

5 أي لم يرده.

6 أي متسعا.

7 في الأصل "ونسبي" وأراه محرفا عن "نصبي" ويؤيده قوله بعد "وتعبي".

ص: 331

111-

دعاء أعرابي:

وقال الأصمعي. رأيت أعرابيا يطوف بالكعبة وهو يقول:

"إلهي عجَّتْ1 إليك الأصوات، بضروبٍ من اللغات، يسألونك الحاجات وحاجتي إليك إلهي أن تذكرني على طول البكاء، إذا نَسِيَني أهل الدنيا، اللهم هب لي حقك، وأرضِ عني خلقك، اللهم لا تُعْيِني في طلب ما لم تقدِّره لي، وما قدرته لي فيسِّره لي".

1 عج يعج بكسر العين وفتحها: صاح ورفع صوته.

ص: 332

112-

دعاء أعرابي:

قال: ودعت أعرابيه لابن لها وجَّهته إلى حاجة فقالت: "كان الله صاحبك في أمرك، وخليفتك في أهلك، ووَلِي نُجْح طَلِبتك1، امضِ مُصَاحِبًا مَكْلُوءًا2، لا أشمت الله بك عدوًّا، ولا أرى مُحِبِّيك فيك سوءًا".

"العقد الفريد 2: 76-79".

1 النجح: النجاح، والطلب: ما طلبته.

2 من كلأه كمنعه: حرسه.

ص: 332

113-

دعاء أعرابي:

وقال الأصمعي: خرجت أعرابية إلى مِنًى فقطع بها الطريق فقالت:

"يارب. أعطيتَ وأخذتَ، وأنعمتَ وسلبتَ، وكل ذلك منك عدل وفضل، والذي عظَّم على الخلائق أمرك، لا بَسَطْتُ لساني بمسألة أحدٍ غيرك، ولا بذلت رغبتي إلا إليك، يا قُرَّة أعين السائلين: أغْنِنِي بجودٍ منك أتبحبح1 في فَرَاديس

1 تبحبح: تمكن في المقام والحلول، وتبحيح الدار: توسطها، والفراديس جمع فردوس وهو البستان.

ص: 332