الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"لا تستأصلوا شَأْفة1 أعداء ترجون صداقتهم، واستبقوهم لأشدّ عداوةً منهم" -يشير إلى استبقائهم، ليستعان بهم على أعداء الدين.
"نفح الطيب 2: 70".
1 الشأفة: قرحة تخرج من أسفل القدم فتكوى فتذهب، أو إذا قطعت مات صاحبها، والأصل، واستأصل الله شأفته: أذهبه كما تذهب تلك القرحة، أو معناه أزاله من أصله.
عبد الرحمن الداخل ورجل من جند فنسرين
…
1-
عبد الرحمن الداخل ورجل من جند قنسرين:
ولما أذعن يوسف صاحب الأندلس لعبد الرحمن، واستقر ملكه، واستحضر الوُفُود إلى قرطبة، فانثالوا1 عليه، ووالى القعود لهم في قصره عدة أيام، في مجالس يكلم فيها رؤساءهم ووجوههم، بكلام سَرَّهم، وطيَّب نفوسهم.
وفي بعض مجالسهم هذه مَثَل بيد يديه رجل من جند قِّنِسْرِين2 يستجديه، فقال له:
"يابن الخلائف الراشدين، والسادة الأكرمين، وإليك فَرَرْت، وبك عُذْت، من زمنٍ ظلومٍ، ودهرٍ غَشُوم، قلَّلَ المال، وكثَّر العيال، وشَعَّث3 الحال، فصيَّر إلى نداك المآل، وأنت وليُّ الحمد والمجد، والمرجوَّ للرِّفْد4".
فقال له عبد الرحمن مسرعا:
"قد سمعنا مقالتك، وقضينا حاجتك، وأمرنا بعونك على دهرك، على كُرْهنا لسوء مقامك، فلا تعودَنَّ ولا سِواك لمثله، من إراقة ماء وجهك بتصريح المسألة، والإلحاف في الطِّلْبة5، وإذا أَلَمَّ بك خَطْبٌ، أو حَزَبَك6 أمر، فارفعه إلينا في رقعة لا تعْدُوك، كيما نستر عليك خَلَّتك، ونكُفُّ شمات العدو عنك، بعد رفعك لها إلى مالِكِك ومالِكِنا -عز وجهه- بإخلاص الدعاء، وصدق النية".
1 انثال: انصب، أي تتابعوا وتوافدوا عليه.
2 بالشام.
3 شعث الأمر: نشره وفرقه.
4 الرفد: العطاء والصلة.
5 الطلبة: الطلب.
6 أي اشتد عليك، والخلة الحاجة.