الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعتسافا وعجلة، وأنا في ثَغْر1 من ثغور المسلمين، كَلِب عدوه، شديد شوكته، وإن أهملت أمره لم آمن دخول الضرر والمكروه على الجنود والرعية، وإن أقمت عليه لم آمن فَوْتَ ما أحب من معونة أمير المؤمنين وموازرته وإيثار طاعته، فانصرفوا حتى أنظر في أمري، ويصحَّ الرأي فيما أعتزم عليه من مسيري إن شاء الله".
ثم بعث معهم بكتاب إلى الأمين، يسأله أن يعفيه من الشخوص إليه، وأن يقرَّه على عمله؛ إذ يرى أن ذلك أعظم غناء على المسلمين.
"تاريخ الطبري 10: 146".
1 الثغر: موضع المخافة من فروج البلدان.
95-
وصية السيدة زبيدة لعلي بن عيسى بن ماهان:
ونمى الشر بين الأخوين، واستطار شرره، وبعث الأمين جيشًا كثيفًا بقيادة علي بن عيسى بن ماهان لحرب المأمون، وأعد المأمون للقائه جيشًا بقيادة طاهر بن الحسين فلما أراد عليٌّ الشخوص إلى خراسان، ركب إلى باب السيدة زُبَيدة1 والدة الأمين فودَّعها، فقالت له:
"يا عليُّ، إن أمير المؤمنين، وإن كان ولدي، إليه تناهت شفقتي، وعليه تكامل حِذْري، فإني على عبد الله منعطفة مشفقة لما يحدث عليه من مكروه وأذى، وإنما ابني ملك نافس أخاه في سلطانه، وغاراه2 على ما في يده، والكريم يؤْكل لحمه، ويميته غيره، فاعرف لعبد الله حق والده وأُخوَّته، ولا تجْبَهه3 بالكلام، فإنك لست نظيره، ولا تقتسِره4 اقتسار العبيد، ولا تُرْهنه بقيد ولاغُلّ5، ولا تمنع منه جارية لا خادمًا، ولا تعنِّف عليه في السير ولا تساوره في المسير، ولا تركب قبله،
1 هي السيدة زُبَيدة أم جعفر بنت جعفر بن المنصور وليس في خلفاء بني العباس مَنْ أمه وأبوه هاشميان سواء.
2 في الأصل: "غاره" وأراه محرفا عن "غاراه" غاريته مغاراة وغراء: لاججته.
3 جبهه كمنعه: لقيه بما يكره.
4 قسره واقتسره: قهره.
5 أرهنه: أضعفه، وفي الفخري:"ولاة توهنه" وأوهنه: أضعفه أيضًا، وللغل: القيد.