الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويرتع عماله، فذلك الذي باع آخرته بدنيا غيره، وأمير يرتع ويظلف عماله، فذالك شر الأكياس.
واعلم يا أمير المؤمنين أنك قد ابتليت بأمر عظيم، عرض على السموات والأرض والجبار، فأبين أن يحملنه وأشفقن منه، وقد جاء عن جدك في تفسير قول الله عز وجل:{لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَ ا} أن الصغيرة التبسم، والكبيرة الضحك، وقال: فما ظنكم بالكلام وما عملته الأيدي؟ فأعيذك بالله أن يخيل إليك أن قرابتك برسول الله صلى الله عليه وسلم تنفع مع المخالفة لأمره، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا صفية عمة محمد، ويا فاطمة بنت محمد، استوهبا أنفسكما من الله، إني لا أغني عنكما من الله شيئًا "، وكان جدك الأكبر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم إمارة، فقال:"أي عم، نفس تحييها، خير لك من إمارة لا تحصيها" نظرًا لعمه، وشفقة عليه أن يلي فيجوز عن سنته جناح بعوضة، فلا يستطيع له نفعًا، ولا عنه دفعًا، هذه نصيحتي إن قبلتها فلنفسك عملت، وإن رددتها فنفسك بخست، والله الموفق للخير والمعين عليه، قال: بلى، نقبلها ونشك عليها، وبالله نستعين.
"العقد الفريد 1: 305، وعيون الأخبار م 2: ص 338".
47-
نصيحة يزيد بن عمر بن هبيرة للمنصور:
ودخل يزيد بن عمر بن هبيرة1 على أمير المؤمنين المنصور، فقال: يا أمير المؤمنين: توسع توسعًا قرشيًّا، ولا تضق ضيقًا حجازيًّا.
ويروى أنه دخل يومًا، فقال له المنصور حدثنا، فقال: "يا أمير المؤمنين:
1 ولي قنسرين الوليد بن يزيد بن عبد الملك، وجمع له مروان بن محمد ولاية البصرة والكوفة، وكان آخر من جمع له العراقان من الولاة، لما استظهرت عليه جيوش خراسان، وهزمت عسكره لحق بمدينة واسط، فتحصن بها. ولما بويع السفاح بالخلافة وجه أخاه أبا جعفر المنصور لقتاله، فحصره بواسط شهورًا، ثم أمنه وافتتح البلد صلحًا، ثم قتله.