الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن دعا الناس إلى ذَمِّهِ
…
ذَمُّوه بالحق وبالباطل
ولله دَرُّ القائل:
ما كل ما فوق البسيطة كافيا
…
فإذا قَنِعت فكل شيء كافي
والأمثال يضربها لذي اللُّبِّ الحكيم، وذو البصر يمشي على الصراط المستقيم، والفَطِن يقنع بالقليل، ويستدلّ باليسير، والله سبحانه خليفتي عليك، لا ربَّ سواه".
"نفح الطيب 1: 493".
20-
خطبة ابن الزيات المنزوعة الألف
"توفي سنة728":
وخطب أحمد بن الحسن بن علي بن الزيات1 خطبة ألغيت الألف من حروفها على كثرة ترددها في الكلام، وهي:
"حمدتُ ربِّي من كريم محمود، وشكرته عزَّ من عظيم معبود، ونزَّهْتُه عن جهل كلِّ مُلْحِد كفور، وقَدَّسْتُه عن قول كل مفسد غرور. كبير لو تَقَوَّم في فهم لُحدّ2، قدير لو تَصَوَّر في رسم لُحدَّ3، لو عَرَتْه4 فِكَرة تصوُّر لَتَصَوَّر ولو حَدَّتْْه فكرة لَتَقَدَّر5، لو فهمت له كيفية لبطل قِدَمه، ولو عُلِمَت له كيفية لحَصَل عَدَمُه، ولو حُصِر في ظرف لقطع بتجسُّمه، ولو قهره وصف لصدع6 بتقسُّمه، ولو فرض له شبح لَرَهِقه7 كيفٌ. عظيم من غير تركيب قٌطْر، عليم من
1 هو أحمد بن الحسن بن علي بن الزيات الخطيب المتصوف، من أهل بلش ما لقة ولد سنة 649هـ، وتوفي سنة 728هـ. قال فيه لسان الدين بن الخطيب:"كان بفتح مجالسه أكثر الأحيان بخطب غريبة، يطبق بها مفاصل الأغراض التي يشرع فيها، وينظم الشعر دائما في مراجعته ومخاطبته وإجازته من غير تأن ولا روية، حتى اعتاده ملكة، واستعمل في السفارات بين الملوك لدحض السخائم، وإصلاح الأمور، فكانوا يوجبون حقه، ويلتمسون بركته ودعاءه" وله تصانيف كثيرة ذكرها ابن الخطيب.
2 أي لعرف، من الحد: وهو التعريف.
3 من التحديد، أي لصارت له ذات محدودة، ولو أنه قال:"قديم" بدل "قدير" لناسب أن يقول بعده: "لجد" بالجيم المفتوحة أي لصار جديدا حادثا.
4 عرته: أي اعترته وتناولته، وفي الأصل "عدته" بالدال وأراه محرفا، وتصور أي تمثل في صورة، يقال: صوره فتصور.
5 لتقدر: أي صار له قدر مجسم، وفي الأصل "لتعذر" وأراه محرفا.
6 صدع به: جهر.
7 رهقه: غشيه ولحقه.
غير ترتيب فكر، موجود من غير شيء يُمْسِكه، معبود من غير وهم يدركه، كريم من غير عوض يَلْحَقُه، حكيم من غير عَرَض يلحقه1، قويّ من غير سبب يجمعه، عليّ من غير سبب يرفعه، لو وجد له جنس لعُورِض في قيُّوميته2، لو ثبت له حس لنُوزِع في ديَمُومِيَّته3.
ومنها: تقدَّس وعزَّ فعله، وتنزَّه عزَّ اسمه وفضله، جلَّ قاهر قدرته، وعزَّ باهرُ عِزَّته، وعظمت صِفَتُه، وكثرت مِنَّتُه، فَتَقَ ورَتَقَ، وصَوَّرَ وخَلَقَ، وقََطَع ووصل ونصر وخذل، حمدْته حمد من عَرَف ربه، ورَهِب ذنبه، وصَفَّت حقيقة يقينه قلبه، وزَكَّت4 بصيرة دينه لُبُّه، وربط سلك سلوكه وشَدَّ5، وهَدَمَ صَرْحَ عُتُوِّه وهَدَّ، وحَرَسَ مَعْقِل عقله وحَدَّ، وطرد غرور غِرَّته6 ورَذَلَه7، عَلِمَ عِلْمَ تحقيق فنحا نحوه، نُقِرُّ له عز وجل بثبوت ربوبيته وقِدَمه، ونعتقد صدور كلِّ جوهر وعرض عن جوده وكَرَمِه، ونشهد بتبليغ محمد صلى ربُّه وسلم عليه، ورسوله وخير خلقه، ونُعْلِن بنهوضه في تبيين فرضه، وتبليغ شرعه، وضرب قُبَّةِ شرعه فنسخت كل شرع، وجدَّدَ عزيمته فَقَمَع عدوه خير قمع، قَوَّم كل مُقَوَّم بقويم سنته، وكريم هديه، وبيَّن لقومه كيف يَرْكَنُون8، ففازوا بقصده وسديد سعيه، بشَّر مُطِيعَه فظَفَر برحمته، وحَذَّر عاصِيَه فَشَقِيَ بنقمته.
وبعد: فقد نصحتكم لو كنتم تعقلون، وهديتكم لو كنتم تعلمون، بُصِّرتم لو كنتم تبصرون، وذُكِّرْتُم لو كنتم تذكرون، ظهرت لكم حقيقة نشركم،
1 يلحقه الأول: أي يناله ويأخذه، ويلحقه الثاني بمعنى يتصف به.
2 القيوم: من أسمائه تعالى، أي الذي لا ند له.
3 الديمومة: الدوام.
4 زكت: ظهرت.
5 في الأصل "وشيد" وأراه محرفا عن "شد" إذ هي التي تلائم قوله قبلها "وربط".
6 الغرة: الغفلة.
7 رذله وأرذله: عده رذلا.
8 ركن إلى الشيء ركونا: مال إليه واطمأن، أي بين لهم كيف يركنون إلى الحق والصواب، وقد كانوا من قبله يعمهون في ضلالتهم ويخبطون.