الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
87-
وصية أخرى له:
عن يزيد بن عِقَال قال:
وصى عبد الملك بن صالح ابنه وهو أمير سَرِيَّة، ونحن ببلاد الروم فقال له:
"أنت تاجر الله لعباده، فكن كالمضارب الكيِّس، الذي إن وجد ربحًا تَجَر، وألا احتفظ برأس المال، ولا تطلب الغنيمة حتى تجوزَ السلامة، وكن من اجتيالك على عدوِّك، وأشدَّ خوفا من احتيال عدوك عليك1".
"البيان والتبيين 2: 54".
1 أوردت هذه الوصية في الجزء الثاني ص185 معزوه إلى عبد الملك بن مروان كما أوردها صاحب العقد، ويؤيد ذلك ما رواه الطبري، ج 8: 37؛ إذ يقول: "وفي سنة84 كانت غزوة عبد الله بن عبد الملك بن مروان الروم، ففتح فيها المصيصة -كسفينة-" وعزاها الجاحظ إلى عبد الملك بن صالح كما ترى في هذه الرواية.
88-
كلمات حكيمة لابن السَّماك:
وقال محمد بن صبح -المعروف بابن السَّماك1:
"خير الإخوان أقلُّهم مصانعة في النصيحة، وخير الأعمال أحلاها عاقبة، وخير الثناء ما كان على أفواه الأخيار، وأشرف السلطان ما لم يخالطه البَطَر، وأغنى الأغنياء من لم يكن للحرص أسيرًا، وخير الإخوان من لم يخاصِم، وخير الأخلاق أعونها على الورع، وإنما يُخْتَبَر ذلُّ الرجال عند الفاقة والحاجة".
"زهر الآداب 2: 205".
1 كان زاهدًا عابدًا حسن الكلام صاحب مواعظ، وهو كوفي، قدم بغداد زمن الرشيد فمكث بها مدة، ثم رجع إلى الكوفة فمات بها سنة 183هـ.
89-
ابن السَّماك والرشيد:
وذكر محمد بن هارون عن أبيه قال: حضرت الرشيد، وقال له الفضل بن الربيع يا أمير المؤمنين قد أحضرت ابن السَّماك كما أمرتني، قال: أدخله، فدخل، فقال له:
عِظْني، قال: يا أمير المؤمنين: اتَّق الله وحده لا شريك له، واعلم أنك واقف غدًا بين يدي الله رَبَّك، ثم مصروفٌ إلى إحدى منزلتين، لا ثالثةَ لهما: جنة أو نار، فبكى هارون حتى اخْضَلَّتْ1 لحيته، فأقبل الفضل على ابن السَّماك، فقال: سبحان الله! وهل يتخالجُ أحدًا شكٌ في أن أمير المؤمنين مصروف إلى الجنة إن شاء الله؟ لقيامه بحق الله، وعدله في عباده، وفضله، فلم يَحْفَل بذلك ابن السَّماك من قوله، ولم يلتفت إليه وأقبل على أمير المؤمنين، فقال: يا أمير المؤمنين إن هذا -يعني الفضل بن الربيع- ليس والله معك ولا عندك في ذلك اليوم، فاتق الله وانظر لنفسك، فبكى هارون حتى أشفقنا عليه، وأفحم الفضل بن الربيع، فلم ينطق بحرف حتى خرجنا.
قال: دخل ابن السَّماك على الرشيد يومًا، فبينا هو عنده إذ استسقى ماء، فأُتِي بِقُلَّة من ماء، فلما أهوى بها إلى فِيِهِ ليشربها، قال له ابن السَّماك: على رِسْلك2 يا أمير المؤمنين: بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم لو مُنِعَت هذه الشَّرْبة، بكم كنت تشتريها؟ قال: بنصف ملكي، قال: اشرب هنَّأَك الله، فلما شربها، قال له: أسألك بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم لو مُنْعِتَ خروجها من بدنك، بماذا كنت تشتريها، قال: بجميع ملكي، قال ابن السَّماك: إن ملكًا قيمته شربة ماء لجدير إلا يُنَافس فيه، فبكى هارون، وأشار الفضل بن الربيع إلى ابن السَّماك بالانصراف فانصرف".
"تاريخ الطبري 10: 119، وشرح ابن أبي الحديد م1: ص149".
1 ابتلت.
2 الرسل: التؤدة.