الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
63-
قولهم في الذم:
وذكر أعرابي قومًا فقال: "أولئك سُلِخَت أقفاؤهم بالهِجاء، ودُبِغَت وجوههم باللؤم، لبأسهم في الدنيا المَلَامة، وزادهم إلى الآخرة النَّدامة".
وذكر أعرابي قومًا فقال: "لهم بيوتٌ تدخل حَبْوًا، إلى غير نَمارق1َ، ولا وسائِدَ، فُصُحُ الألسُن برَدِّ السائل، جِعَاد الأكفِّ عن النائِل2".
وقال أعرابي: "لقد صَغَّر فلانا في عيني عِظَمُ الدنيا في عينه، وكأنما يرى السائل إذا أتاه ملك الموت إذا رآه".
وسئل أعرابي عن رجل فقال: "ما ظنكم بِسكِّير لا يَفِيق، يتَّهم الصديق، ويعصي الشفيق، لا يكون في موضع إلا حَرُمت فيه الصلاة، ولو أفْلتت كلمة سوء لم تَضِر إلا إليه، ولو نزلت لعنة من السماء لم تقع إلا عليه".
1 النمارق جمع نمرقة "بالضم": وهي الوسادة الصغيرة.
2 النائل: العطاء، وهو جعد اليدين أو الأنامل "كشمس": أي بخيل، وقد جمعوا جعد الشعر على جعاد ككتاب كما في اللسان، فليكن هذا مثله، وقد جاء في الأصل "جعد" بدون ألف، وأراه محرفا؛ إذ لا يجمع جعد "بالفتح" على جعد بضم فسكون، ولا على جعد بضمتين.
وذكر أعرابي رجلا فقال: "إن فلانا ليُعْدِي بِإِثْمه، مَنْ تسمَّى باسمه، ولئن خيَّبني فلربَّ باقيةٍ قد ضاعت في طلب رجل كريم".
وذكر أعرابي رجلا فقال: "تغدوا إليه مَرَاكبُ الضلالة، فترجع من عنده ببذور الآثام، مُعْدِم مما تحب، مُكْثِر مما تكره، صاحب السوء قطعة من النار".
وقال أعرابي لرجل: "أنت والله ممن إذا سأل ألحف، وإذا سُئِل سوَّف وإذا حدث حلف، وإذا وعد أخلف، تنظر نظر حسود، وتُعْرِض إعراض حقود".
وسافر أعرابي إلى رجل فحرمه، فقال لمَّا سئل عن سفره:"ما رَبِحْنا في سفرنا إلا ما قصَرنا من صلاتنا، فأما الذي لقينا من الهواجر1، ولقيت منا الأباعر، فعقوبة لنا فيما أفَسْدَنا من حسن ظننا"، ثم أنشأ يقول:
رجعنا سالمين كما خرجنا
…
وما خابت سَرَيَّةُ سَالمينا
وذكر أعرابي رجلا فقال: "كان إذا رآني قرَّب من حاجب حاجبا، فأقول له: لا تقبِّح وجهك إلى قبحه، فوالله ما أتيتك لطمعٍ راغبا، ولا لخوف راهبا".
وذمّ أعرابي رجلا فقال: "عبد الفعال، حُرّ المقال، عظيم الرُِّواق، دَنِيء الأخلاق، الدهر يرفعه، ونفسه تضعه".
وقال أعرابي: "دخلت البصرة، فرأيت ثيات أحرار على أجساد عبيد، إِقْبَال
1 الهواجر جمع هاجرة: وهي شدة الحر.
حظهم إدبار حظ الكرام، شجر أصوله عند فروعه، شغلهم عن المعروف رغبتهم في المنكر".
وذكر أعرابي رجلًا فقال: "ذاك سُمّ المجالس، أعيا ما يكون عند جلسائه، أبلغُ ما يكون عند نفسه".
وذكر أعرابي رجلًا فقال: "ذلك من يداوي عقله من الجهل، أحوج منه إلى من يداوي عقله من المرض، إنه لا مرض أوجع من قِلَّة عقل".
وذكر أعرابي رجلًا لم يدرك بثأره فقال: "كيف يُدْرِك بثأره مَنْ في صدره من البَلْغَم حشو مُرَقَّعة، لو دُقَّت بوجهه الحجارة لرَضَّها1، ولو خلا بالكعبة لسرقها".
وذكر أعرابي رجلًا فقال: "تسهر والله زوجته جوعًا إذا سهِر الناس شبعًا، ثم لا يخاف مع ذلك عاجلَ عارٍ، ولا آجل نارٍ، كالبهيمة أكلت ما جمعت، ونكحت ما وجدت".
وسمع أعرابي رجلًا يَزْعَق فقال: "ويحك! إنما يستجاب لمؤمن أو مظلوم، ولست بواحد منهما، وأراك يخِفّ عليك ثِقْل الذنوب، فيَحُسن عندك مقابح العيوب".
1 رضها: دقها.
وذكر أعرابي رجلًا بِضَعف فقال: "سيئ الرَّويَّة، قليل التقيَّة، كثير السِّعاية، ضعيف النكاية".
وذكر أعرابي رجلا فقال: "عليه كل يوم من فعله شاهد بفسقه، وشهادات الأفعال أعدل من شهادات الرجال".
وذكر أعرابي رجلا بِذِلَّة فقال: "عاش خاملا، ومات مَوْتُورا".
وقال أعرابي لرجل شريف البيت دنيء الهمة: "ما أحوجك أن يكون عرضك لمن يصونه، فتكون فوق ما أنت دونه".
وذكر أعرابي رجلا فقال: "إن حَدَّثْتَه يسابقك إلى ذلك الحديث، وإن سكت عنه أخذ في التُّرُّهَات1".
وذكر أعرابي رجلا راكبا هواه فقال: "والله لهو أقصد إلى ما يهواه، من الطُّرق إلى المياه، وأقْفَره ذلك أو أغناه".
وقال أعرابي: "ليت فلانًا أقالني من حسن ظني به، فأختم بصواب إذ بدأت بخطأ، ولكن من لم تُحْكِمْه التجارب، أسرعُ بالمدح إلى من يستوجب الذم، وبالذم إلى من يستوجب المدح".
1 الترهات جم ترهة: وهي الباطل.
وقال أعرابي لرجل: "هل أنت إلا أنت لم تَغَيَّر؟ ولو كنت من حديد مُحْمًى ووُضِعت على عين لم تَذُب".
وقال أعرابي لأخيه: "قد كنت نهيتك أن تدِّنس عرضك بعرض فلان، وأعلمك أنه سمين المال، ومهزول المعروف، من المرزوقين فجأة، قصير عمر الغِنَي، طويل عمر الفقر".
وقلا أعرابي: "لا ترك الله مُخًّا في سُلَامَى1 ناقةٍ حملتني إليك، وللدَّاعِي عليها أحق بالدعاء عليه، إذ كلفها المسير إليك".
وذكر أعرابي رجلا فقال: "لا يُؤْنِس جارا، ولا يُؤْهِل دارا، ولا يبعث نارا".
وذكر أعرابي امرأة قبيحة فقال: "تُرْخِي ذيلها على عُرْقُوبَي نعامة، وتُسْدِل خمارها على وجه كالجِعالة2".
وقال أعرابي لامرأة: "والله إنك لمشرفة الأذنين، جاحظة العينين، ذات خلق متضائل: يعجبك الباطل، إن شبعت بطرت، وإن جعت صخبت3، وإن رأيت حسنا دفنته، وإن رأيت سيئًا أذعته، تكرمين من حَقَرك، وتَحْقِرين من أكرمك".
"العقد الفريد 2: 90- 93".
1 السلاميات: عظام الأصابع.
2 الجعالة: خرقة ينزل بها القدر.
3 الصخب: شدة الصوت.
وسأل أعرابي رجلا فحرمه، فقال له أخوه:"نزلت والله بواد غير ممطور، وأتيت رجلا بك غير مسرور، فلم تُدْرِك ما سألت، ولا نِلْتَ ما أمَّلت، فارتحل بِنَدَم، أو أَقِم على عَدَم".
"العقد الفريد 2: 92، وزهر الآداب 2: 5".
ودخلت أعرابية على حَمْدونة بنت المهدي، فلما خرجت سُئِلت فقالت:"والله لقد رأيتها فما رأيت طائِلا، كأنَّ بطنها قِرْبة، كأن ثديها دُبَّة، كأن استها رفعَة1، كأن وجهها وجه ديك قد نَفَش عِفَريَتَهُ2 يقاتل ديكًا".
"العقد الفريد 2: 92، والأمالي 2: 156".
وذم أعرابي رجلا فقال: "أفسد آخرته بصلاح دنياه، ففارق ما أصلح غير راجع إليه وقَدِم على ما أفسد غيرَ منتقل عنه، ولو صَدَق رجل نفسه ما كَذبته، ولو ألقى زِمَامه أوطأه راحِلته".
"زهر الآداب 2: 6".
قال الأصمعي: سمعت أعرابية تقول لرجل تخاصمه: "والله لو صُوِّر الجهل لأظلم معه النهار، ولو صُوِّر العقل لأضاء معه الليل، وإنك من أفضلهما لمُعْدِم فخفِ الله، واعلم أن من ورائك حَكَما لا يحتاج المُدَّعى عنده إلى إحضار بَيِّنَةٍ".
"زهر الآداب 3: 163".
وقال أعرابي يَعِيب قومًا: "هم أقل الناس ذُنُوبا إلى أعدائهم، وأكثر جُرْمًا إلى أصدقائهم، يصومون عن المعروف، ويُفْطِرون على الفحشاء".
"البيان والتبيين 3: 230، العقد الفريد 2: 90".
1 شجرة عظيمة.
2 عفرية الديك: ريش عنقه.
ووصف أعرابي رجلا فقال: "صغير القدر، قصير الشَّبْر1، ضيِّق الصدر، لئيم النَّجر2، عظيم الكبر، كثير الفخر".
"البيان والتبيين 1: 157، والعقد الفريد 2: 91".
وذكر أعرابي أمير فقال: " يقضي بالعشوة، ويطيل النَّشْوَة، ويقبل الرشْوَة3".
"البيان والتبيين 2: 50، والعقد الفريد 2: 91".
وسمع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أعرابيًّا يقول: "اللهم اغفر لأم أوفَى" قال: "ومَنْ أم أوفى؟ "، قال. "امرأتي، وإنها لحمقاء مِرْغَامَة4، أكُولٌ قامَّةٌ5 لا تَبْقَى لها حامَّة6، غير أنها حسناء فلا تُفْرَك7، وأم غلمان فلا تترك".
"البيان والتبيين 2: 47".
عن عبد الرحمن عن عمه قال: سمعت امرأة من العرب تخاصم زوجها وهي تقول: "والله إن شُرْبك لاشْتِفَاف8، وإن ضِجْعَتَك لانْجِعَاف9، وإن شِمْلَتَك لالْتِفَافَ، وإنك لَتَشْبَع ليلة تُضَاف، وتنام ليلة تخاف"، فقال لها:"والله إنك لَكَرْوَاء الساقين10، قَعْوَاء الفخذين11، مَقَّاء الرُّفْغَيْن12، مُفَاضة الكَشْحَين13 ضَيفُك جائع، وشَرُّك شائع". "الأمالي 1: 104".
1 الشبر: القد.
2 النجر: الأصل.
3 العشوة والنشوة والرشوة بتثليث الشين في الثلاثة، العشوة: ركوب الأمر على غير بيان، والنشوة: السكر، والرشوة: الجعل والبرطيل "بكسر الباء".
4 المرغامة: المغضبة ليعلها.
5 قامة: اسم فاعل، من قم: أي أكل ما على الحوان، وقمه: كنسه.
6 الحامة: الخاصة.
7 فرك زوجته وفركته كسمع، وكنصر شاذ: أبغضته، ورجل مفرك بالتشديد تبغضه النساء وامرأة مفركة: يبغضها الرجال.
8 اشتف ما في الإناء: شربه كله.
9 الانجعاف: الانصراع.
10 الكرواء: الدقيقة الساقين.
11 القعواء: الدقيقة، أو الدقيقة الفخذين، وقيل هي المتباعدة ما بين الفخذين "كالفجواء".
12 الرفغ: أصل الفخذ، والمقاء: الدقيقة الفخذين، أو الطويلة من المقق بالتحريك وهو الطول.
13 المفاضة: المسترخية، والكشحان: الخاصرتان.