المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ قولهم في الذم: - جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة - جـ ٣

[أحمد زكي صفوت]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثالث

- ‌مقدمة

- ‌فهرس مآخذ الخطب في هذا الجزء

- ‌الباب الرابع: الخطب والوصايا

- ‌في العصر العباسي

- ‌خطبة أبي العباس السفاح

- ‌ خطبة داود بن علي:

- ‌ خطبة داود بن علي وقد أرتج على السفاح:

- ‌ خطبة أخرى للسفاح بالكوفة:

- ‌ خطبة السفاح بالشام حين قتل مروان:

- ‌ خطبة عيسى بن علي حين قتل مروان:

- ‌ خطبة داود بن علي بمكة

- ‌ خطبته بالمدينة:

- ‌ خطبته وقد بلغه أن قومًا أظهروا شكاة بني العباس

- ‌ خطبته وقد أرتج عليه:

- ‌خطبة صالح بن علي:

- ‌ خطبة سديف بن ميمون:

- ‌ خطبة أبي مسلم الخراساني:

- ‌ خالد بن صفوان وأخوال السفاح:

- ‌ خالد بن صفوان ورجل من بني عبد الدار:

- ‌ خالد بن صفوان يرثي صديقًا له:

- ‌ خالد بن صفوان يمدح رجلًا:

- ‌ كلمات بليغة لخالد بن صفوان:

- ‌عمارة بن حمزة والسفاح

- ‌خطب أبي جعفر المنصور

- ‌خطبته بمكة

- ‌ خطبته بمكة بعد بناء بغداد:

- ‌ خطبته بمدينة السلام:

- ‌ خطبته وقد أخذ عبد الله بن حسن وأهل بيته:

- ‌ خطبته حين خروج محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن:

- ‌ خطبته وقد قتل أبا مسلم الخراساني:

- ‌ خطبة أخرى:

- ‌ قوله وقد قوطع في خطبته:

- ‌ المنصور يصف خلفاء بني أمية:

- ‌ المنصور يصف عبد الرحمن الداخل:

- ‌وصايا المنصور لابنه المهدي:

- ‌ وصية له:

- ‌ خطبة النفس الزكية حين خرج على المنصور:

- ‌ وصية عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي لابنه محمد "أو إبراهيم

- ‌ قول عبد الله بن الحسن وقد قتل ابنه محمد:

- ‌ امرأة محمد بن عبد الله والمنصور:

- ‌ جعفر الصادق والمنصور:

- ‌صفح المنصور عن سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب

- ‌ استعطاف أهل الشام أبا جعفر المنصور:

- ‌ استعطاف أهل الشام أبا جعفر المنصور أيضًا:

- ‌ أبو جعفر المنصور والربيع:

- ‌ مقام عمرو بن عبيد بين يدي المنصور:

- ‌ مقام رجل من الزهاد بين يدي المنصور:

- ‌ مقام الأوزاعي بين يدي المنصور:

- ‌ نصيحة يزيد بن عمر بن هبيرة للمنصور:

- ‌ معن بن زائدة والمنصور:

- ‌ معن بن زائدة وأحد زوّاره:

- ‌ المنصور وأحد الأعراب:

- ‌ أعرابية تعزي المنصور وتهنئه:

- ‌ وصية مسلم بن قتيبة:

- ‌ خطبة المهدي

- ‌مشاورة المهدي لأهل بيته في حرب خراسان

- ‌مدخل

- ‌ مقال سلام صاحب المظالم:

- ‌ مقال الربيع بن يونس

- ‌ مقال الفضل بن العباس:

- ‌ مقال علي بن المهدي:

- ‌ مقال موسى بن المهدي:

- ‌ مقال العباس بن محمد

- ‌ مقال هارون بن المهدي:

- ‌ مقال صالح بن عليّ

- ‌ مقال معاوية بن عبد الله:

- ‌ ابن عتبة يعزي المهدي ويهنئه:

- ‌ يعقوب بن داود يستعطف المهدي:

- ‌ رجل من أهل خراسان يخطب بحضرة المهدي:

- ‌ مقام صالح بن عبد الجليل بين يدي المهدي:

- ‌ عظة شبيب بن شيبة للمهدي:

- ‌ خطبته في تعزية المهدي بابنته:

- ‌ خطبة أخرى له في مدح الخليفة:

- ‌ كلمات لشبيب بن شيبة:

- ‌ خطبة يوسف بن القاسم بن صبيح الكاتب:يوم ولي الرشيد الخلافة

- ‌ خطبة هارون الرشيد

- ‌ وصية الرشيد لمؤَدِّب ولده الأمين:

- ‌ خطبة لجعفر بن يحيى البرمكي

- ‌ استعطاف أم جعفر بن يحيى للرشيد:

- ‌ خطبة يزيد بن مزيد الشيباني:

- ‌ خطبة عبد الملك بن صالح

- ‌ عبد الملك بن صالح يعزي الرشيد ويهنئه:

- ‌ غضب الرشيد على عبد الملك بن صالح:

- ‌ قوله بعد خروجه من السجن:

- ‌ وصية عبد الملك بن صالح لابنه:

- ‌ وصية أخرى له:

- ‌ كلمات حكيمة لابن السَّماك:

- ‌ ابن السَّماك والرشيد:

- ‌الفتنة بين الأمين والمأمون

- ‌مدخل

- ‌ خطبة العباس بن موسى

- ‌ خطبة عيسى بن جعفر:

- ‌ خطبة محمد بن عيسى بن نهيك:

- ‌ خطبة صالح صاحب المصلى:

- ‌ خطبة المأمون:

- ‌ وصية السيدة زبيدة لعلي بن عيسى بن ماهان:

- ‌ وصية الأمين لابن ماهان

- ‌ استهانة ابن ماهان بأمر طاهر بن الحسين:

- ‌ حزم طاهر وقوة عزمه:

- ‌ طاهر يشد عزيمة جنده:

- ‌ وصف الفضل بن الربيع غفلة الأمين:

- ‌ وصية الأمين لأحمد بن مزيد:

- ‌ مقال عبد الملك بن صالح للأمين:

- ‌ الشغب في جيش عبد الملك بن صالح:

- ‌ خطبة الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان:

- ‌ خطبة محمد بن أبي خالد:

- ‌ إطلاق الأمين من سجنه ورده إلى مجلس الخلافة:

- ‌ خطبة داود بن عيسى يدعو إلى خلع الأمين:

- ‌ خطبة الأمين وقد تولى الأمر عنه:

- ‌استعطاف الفضل بن الربيع للمأمون

- ‌ خطبة طاهر بن الحسين ببغداد بعد مقتل الأمين:

- ‌خطب المأمون

- ‌خطبته وقد ورد عليه نعي الرشيد

- ‌خطبته وقد سلم الناس عليه بالخلافة

- ‌ خطبته يوم الجمعة

- ‌خطبته يوم الأضحى

- ‌ خطبته يوم الفطر:

- ‌ خطبة ابن طباطبا العلوي:

- ‌ استعطاف إبراهيم بن المهدي المأمون:

- ‌ إبراهيم بن المهدي وبختيشوع الطبيب:

- ‌ استعطاف إسحاق بن العباس المأمون:

- ‌ أحد وجوه بغداد يمدح المأمون حين دخلها:

- ‌ أحد أهل الكوفة يمدح المأمون:

- ‌ محمد بن عبد الملك بن صالح بين يدي المأمون:

- ‌ الحسن بن سهل يمدح المأمون:

- ‌ يحيى بن أكثم يمدح المأمون:

- ‌ أحد بني هاشم والمأمون:

- ‌ رجل يتظلم إلى المأمون:

- ‌ عمرو بن سعيد والمأمون:

- ‌ الحسن بن رجاء والمأمون:

- ‌ سعيد بن مسلم والمأمون

- ‌ أبو زهمان يعظ سعيد بن مسلم

- ‌ وصية طاهر بن الحسين

- ‌ خطبة عبد الله بن طاهر:

- ‌ العباس بن المأمون والمعتصم

- ‌ استعطاف تميم بن جميل للمعتصم:

- ‌ بين يدي سليمان بن وهب وزير المهتدي بالله:

- ‌أحمد بن أبي داود والواثق

- ‌ابن أبي داود والواثق أيضا

- ‌ابن أبي داود وابن الزيات

- ‌ الجاحظ وابن أبي داود:

- ‌أبو العيناء وابن أبي داود

- ‌فهرس الجزء الثالث من جمهرة خطب العرب

- ‌الخطب والوصايا في العصر العباسي الأول

- ‌فهرس أعلام الخطباء:

- ‌ذيل جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة

- ‌فهرس المآخذ

- ‌الباب الأول: في خطب الأندلسيين والمغاربة

- ‌خطبة عبد الرحمن الداخل

- ‌عبد الرحمن الداخل ورجل من جند فنسرين

- ‌ عبد الرحمن الداخل ورجل من جنده يهنئه بفتح سرقسطة

- ‌ تأديب عبد الرحمن الأوسط لابنه المنذر:

- ‌ عبد الرحمن الأوسط وابنه المنذر أيضًا:

- ‌ يعقوب بن عبد الرحمن الأوسط وأحد خدامه:

- ‌ وفاء الوزير ابن غانم لصديقه الوزير هاشم بن عبد العزيز

- ‌ خطبة منذر بن سعيد البَلُّوطِي

- ‌ خطبة أخرى له

- ‌ أحد حساد الرمادي الشاعر والمنصور بن أبي عامر:

- ‌ ابن اللبانة الشاعر وعز الدولة بن المعتصم بن صمادح:

- ‌ دفاع ابن الفخار عن القاضي الوحيدي:

- ‌ موعظة ابن أبي رَندقة الطرطوشي

- ‌ خطبة ابن تومرت مؤسس دولة الموحدين:

- ‌ مقال لسان الدين بن الخطيب

- ‌ما خطب به لسان الدين تربة السلطان الكبير أبي الحسن المريني

- ‌ وصية لسان الدين بن الخطيب لأولاده:

- ‌ خطبة وعظية له:

- ‌ خطبة ابن الزيات المنزوعة الألف

- ‌ خطبة القاضي عياض التي ضمنها سور القرآن:

- ‌ خطبة سعيد بن أحمد المقري التي ضمنها سور القرآن:

- ‌ خطبة الكفعمي التي ضمنها سور القرآن أيضًا:

- ‌الباب الثاني في خطبة ووصايا مجهول عصرها أو قائلها

- ‌خطبة أبي بكر بن عبد الله بالمدينة

- ‌ وصية أعمى من الأزد لشاب يقوده:

- ‌ وصية رجل لآخر وقد أراد سفرًا:

- ‌ وصية رجل لابنه وقد أراد التزوج:

- ‌ وصية بعض العلماء لابنه:

- ‌ وصية لبعض الحكماء:

- ‌ عظة لبعض الحكماء:

- ‌ نصيحة لبعض الحكماء:

- ‌ كلمات شتى لبعض الحكماء:

- ‌ رجل من العرب والحجاج:

- ‌ كاتب وأمير:

- ‌ وصف الهلباجة:

- ‌ بعض البلغاء يصف رجلا:

- ‌ خمس جوارٍ من العرب يصفن خيل آبائهن:

- ‌ رجل من العرب يصف مطرًا:

- ‌الباب الثالث في نثر الأعراب قولهم في الوعظ والتوصية:

- ‌ مقام أعرابي بين يدي سليمان بن عبد الملك:

- ‌ أعرابي يعظ هشام بن عبد الملك:

- ‌ خطبة أعرابي

- ‌خبطة أخرى2

- ‌ أعرابية توصي ابنها وقد أراد السفر:

- ‌ أعرابية توصي ابنها:

- ‌ أعرابي يوصي ابنه:

- ‌ أعرابي ينصح لأخيه:

- ‌ أعرابي يعظ صاحبه:

- ‌ كلام أعرابي لابن عمه:

- ‌ كلمات حكيمة للأعراب:

- ‌أجوبة الأعراب

- ‌مجاربة أعرابي للحجاج

- ‌ مساءلة الحجاج أعرابيا فصيحا:

- ‌ مجاوبة أعرابي لعبد الملك بن مروان:

- ‌ مجاوبة أعرابي لخالد بن عبد الله القسري:

- ‌ أجوبة شتى:

- ‌قولهم في الاستمناح والاستجداء

- ‌أعرابي يجتدي عتبة بن أبي سفيان

- ‌ أعرابي يجتدي عمر بن عبد العزيز:

- ‌ خطبة أعرابي بين يدي هشام بن عبد الملك:

- ‌ مقام أعرابي بين يدي هشام:

- ‌ أعرابي يستجدي عبيد الله بن زياد:

- ‌ أعرابية تستجدي عبد الله بن أبي بكرة:

- ‌ أعرابي يستجدي خالد بن عبد الله القَسْرِيّ:

- ‌ أعرابي يستجدي معن بن زائدة:

- ‌ خطبة الأعرابي السائل في المسجد الحرام:

- ‌ خطبة الأعرابي السائل في المسجد الجامع بالبصرة:

- ‌صورى أخرى2

- ‌أعرابي يستجدي5

- ‌ أعرابية تستجدي:

- ‌ أعرابي يسأل رجلا حاجة له:

- ‌قولهم في بكاء الموتى:

- ‌ أعرابية تبكي ابنها:

- ‌ حديث امرأة سكنت البادية قريبًا من قبور أهلها:

- ‌ حديث امرأة مات ابنها بين يديها:

- ‌قولهم في الشكوى:

- ‌ أعرابي يشكو حاله:

- ‌ كلمات شتى في الشكوى:

- ‌ قولهم في العتاب والاعتذار:

- ‌ قولهم في المدح:

- ‌ قولهم في الذم:

- ‌ قولهم في الغزل:

- ‌قولهم في الوصف:

- ‌ ثلاثة غِلمة من الأعراب يصفون مطرا:

- ‌ أعرابي يصف أرضا:

- ‌ رائد يصف أرضا جدبة:

- ‌ أعرابي يصف أرضه وماله:

- ‌ أعرابي يصف بلدًا:

- ‌ أعرابي يصف أشد البرد:

- ‌ أعرابي يصف إبلا:

- ‌ أعرابي يصف ناقة:

- ‌ أعرابي يصف فرسا:

- ‌ أعرابي يصف خاتمًا:

- ‌ أعرابي يصف أطيب الطعام:

- ‌ أعرابي يصف السويق:

- ‌ أعرابي يصف الجمال:

- ‌ أبو المِخَشّ يصف ابنه:

- ‌ أعرابي يصف بنيه:

- ‌ أعرابي يصف أخويه:

- ‌قولهم في الدعاء:

- ‌ أدعية شتى:

- ‌ نوادر وملح لبعض الأعراب:

- ‌الباب الرابع في خطب النكاح:

- ‌ خطبة قريش في الجاهلية:

- ‌ خُطبة النبي صلى الله عليه وسلم في زواج السيدة فاطمة:

- ‌ خطبة الإمام عليّ كرم الله وجهه:

- ‌ خطبة عتبة بن أبي سفيان:

- ‌ خطبة شبيب بن شيبة:

- ‌ خطبة الحسن البصري:

- ‌ خطبة ابن الفقير:

- ‌ خطبة عمر بن عبد العزيز:

- ‌ خطبة أخرى له:

- ‌ خطبة بلال:

- ‌ خطبة خالد بن صفوان:

- ‌ خطبة أعرابي:

- ‌ خطبة المأمون:

- ‌الباب الخامس في خطب من أرتج عليهم

- ‌نوادر طريفة لبعض الخطباء

- ‌بدء الخطب وختامها:

- ‌فهرس ذيل الجمهرة:

الفصل: ‌ قولهم في الذم:

63-

‌ قولهم في الذم:

وذكر أعرابي قومًا فقال: "أولئك سُلِخَت أقفاؤهم بالهِجاء، ودُبِغَت وجوههم باللؤم، لبأسهم في الدنيا المَلَامة، وزادهم إلى الآخرة النَّدامة".

وذكر أعرابي قومًا فقال: "لهم بيوتٌ تدخل حَبْوًا، إلى غير نَمارق1َ، ولا وسائِدَ، فُصُحُ الألسُن برَدِّ السائل، جِعَاد الأكفِّ عن النائِل2".

وقال أعرابي: "لقد صَغَّر فلانا في عيني عِظَمُ الدنيا في عينه، وكأنما يرى السائل إذا أتاه ملك الموت إذا رآه".

وسئل أعرابي عن رجل فقال: "ما ظنكم بِسكِّير لا يَفِيق، يتَّهم الصديق، ويعصي الشفيق، لا يكون في موضع إلا حَرُمت فيه الصلاة، ولو أفْلتت كلمة سوء لم تَضِر إلا إليه، ولو نزلت لعنة من السماء لم تقع إلا عليه".

1 النمارق جمع نمرقة "بالضم": وهي الوسادة الصغيرة.

2 النائل: العطاء، وهو جعد اليدين أو الأنامل "كشمس": أي بخيل، وقد جمعوا جعد الشعر على جعاد ككتاب كما في اللسان، فليكن هذا مثله، وقد جاء في الأصل "جعد" بدون ألف، وأراه محرفا؛ إذ لا يجمع جعد "بالفتح" على جعد بضم فسكون، ولا على جعد بضمتين.

ص: 292

وذكر أعرابي رجلا فقال: "إن فلانا ليُعْدِي بِإِثْمه، مَنْ تسمَّى باسمه، ولئن خيَّبني فلربَّ باقيةٍ قد ضاعت في طلب رجل كريم".

وذكر أعرابي رجلا فقال: "تغدوا إليه مَرَاكبُ الضلالة، فترجع من عنده ببذور الآثام، مُعْدِم مما تحب، مُكْثِر مما تكره، صاحب السوء قطعة من النار".

وقال أعرابي لرجل: "أنت والله ممن إذا سأل ألحف، وإذا سُئِل سوَّف وإذا حدث حلف، وإذا وعد أخلف، تنظر نظر حسود، وتُعْرِض إعراض حقود".

وسافر أعرابي إلى رجل فحرمه، فقال لمَّا سئل عن سفره:"ما رَبِحْنا في سفرنا إلا ما قصَرنا من صلاتنا، فأما الذي لقينا من الهواجر1، ولقيت منا الأباعر، فعقوبة لنا فيما أفَسْدَنا من حسن ظننا"، ثم أنشأ يقول:

رجعنا سالمين كما خرجنا

وما خابت سَرَيَّةُ سَالمينا

وذكر أعرابي رجلا فقال: "كان إذا رآني قرَّب من حاجب حاجبا، فأقول له: لا تقبِّح وجهك إلى قبحه، فوالله ما أتيتك لطمعٍ راغبا، ولا لخوف راهبا".

وذمّ أعرابي رجلا فقال: "عبد الفعال، حُرّ المقال، عظيم الرُِّواق، دَنِيء الأخلاق، الدهر يرفعه، ونفسه تضعه".

وقال أعرابي: "دخلت البصرة، فرأيت ثيات أحرار على أجساد عبيد، إِقْبَال

1 الهواجر جمع هاجرة: وهي شدة الحر.

ص: 293

حظهم إدبار حظ الكرام، شجر أصوله عند فروعه، شغلهم عن المعروف رغبتهم في المنكر".

وذكر أعرابي رجلًا فقال: "ذاك سُمّ المجالس، أعيا ما يكون عند جلسائه، أبلغُ ما يكون عند نفسه".

وذكر أعرابي رجلًا فقال: "ذلك من يداوي عقله من الجهل، أحوج منه إلى من يداوي عقله من المرض، إنه لا مرض أوجع من قِلَّة عقل".

وذكر أعرابي رجلًا لم يدرك بثأره فقال: "كيف يُدْرِك بثأره مَنْ في صدره من البَلْغَم حشو مُرَقَّعة، لو دُقَّت بوجهه الحجارة لرَضَّها1، ولو خلا بالكعبة لسرقها".

وذكر أعرابي رجلًا فقال: "تسهر والله زوجته جوعًا إذا سهِر الناس شبعًا، ثم لا يخاف مع ذلك عاجلَ عارٍ، ولا آجل نارٍ، كالبهيمة أكلت ما جمعت، ونكحت ما وجدت".

وسمع أعرابي رجلًا يَزْعَق فقال: "ويحك! إنما يستجاب لمؤمن أو مظلوم، ولست بواحد منهما، وأراك يخِفّ عليك ثِقْل الذنوب، فيَحُسن عندك مقابح العيوب".

1 رضها: دقها.

ص: 294

وذكر أعرابي رجلًا بِضَعف فقال: "سيئ الرَّويَّة، قليل التقيَّة، كثير السِّعاية، ضعيف النكاية".

وذكر أعرابي رجلا فقال: "عليه كل يوم من فعله شاهد بفسقه، وشهادات الأفعال أعدل من شهادات الرجال".

وذكر أعرابي رجلا بِذِلَّة فقال: "عاش خاملا، ومات مَوْتُورا".

وقال أعرابي لرجل شريف البيت دنيء الهمة: "ما أحوجك أن يكون عرضك لمن يصونه، فتكون فوق ما أنت دونه".

وذكر أعرابي رجلا فقال: "إن حَدَّثْتَه يسابقك إلى ذلك الحديث، وإن سكت عنه أخذ في التُّرُّهَات1".

وذكر أعرابي رجلا راكبا هواه فقال: "والله لهو أقصد إلى ما يهواه، من الطُّرق إلى المياه، وأقْفَره ذلك أو أغناه".

وقال أعرابي: "ليت فلانًا أقالني من حسن ظني به، فأختم بصواب إذ بدأت بخطأ، ولكن من لم تُحْكِمْه التجارب، أسرعُ بالمدح إلى من يستوجب الذم، وبالذم إلى من يستوجب المدح".

1 الترهات جم ترهة: وهي الباطل.

ص: 295

وقال أعرابي لرجل: "هل أنت إلا أنت لم تَغَيَّر؟ ولو كنت من حديد مُحْمًى ووُضِعت على عين لم تَذُب".

وقال أعرابي لأخيه: "قد كنت نهيتك أن تدِّنس عرضك بعرض فلان، وأعلمك أنه سمين المال، ومهزول المعروف، من المرزوقين فجأة، قصير عمر الغِنَي، طويل عمر الفقر".

وقلا أعرابي: "لا ترك الله مُخًّا في سُلَامَى1 ناقةٍ حملتني إليك، وللدَّاعِي عليها أحق بالدعاء عليه، إذ كلفها المسير إليك".

وذكر أعرابي رجلا فقال: "لا يُؤْنِس جارا، ولا يُؤْهِل دارا، ولا يبعث نارا".

وذكر أعرابي امرأة قبيحة فقال: "تُرْخِي ذيلها على عُرْقُوبَي نعامة، وتُسْدِل خمارها على وجه كالجِعالة2".

وقال أعرابي لامرأة: "والله إنك لمشرفة الأذنين، جاحظة العينين، ذات خلق متضائل: يعجبك الباطل، إن شبعت بطرت، وإن جعت صخبت3، وإن رأيت حسنا دفنته، وإن رأيت سيئًا أذعته، تكرمين من حَقَرك، وتَحْقِرين من أكرمك".

"العقد الفريد 2: 90- 93".

1 السلاميات: عظام الأصابع.

2 الجعالة: خرقة ينزل بها القدر.

3 الصخب: شدة الصوت.

ص: 296

وسأل أعرابي رجلا فحرمه، فقال له أخوه:"نزلت والله بواد غير ممطور، وأتيت رجلا بك غير مسرور، فلم تُدْرِك ما سألت، ولا نِلْتَ ما أمَّلت، فارتحل بِنَدَم، أو أَقِم على عَدَم".

"العقد الفريد 2: 92، وزهر الآداب 2: 5".

ودخلت أعرابية على حَمْدونة بنت المهدي، فلما خرجت سُئِلت فقالت:"والله لقد رأيتها فما رأيت طائِلا، كأنَّ بطنها قِرْبة، كأن ثديها دُبَّة، كأن استها رفعَة1، كأن وجهها وجه ديك قد نَفَش عِفَريَتَهُ2 يقاتل ديكًا".

"العقد الفريد 2: 92، والأمالي 2: 156".

وذم أعرابي رجلا فقال: "أفسد آخرته بصلاح دنياه، ففارق ما أصلح غير راجع إليه وقَدِم على ما أفسد غيرَ منتقل عنه، ولو صَدَق رجل نفسه ما كَذبته، ولو ألقى زِمَامه أوطأه راحِلته".

"زهر الآداب 2: 6".

قال الأصمعي: سمعت أعرابية تقول لرجل تخاصمه: "والله لو صُوِّر الجهل لأظلم معه النهار، ولو صُوِّر العقل لأضاء معه الليل، وإنك من أفضلهما لمُعْدِم فخفِ الله، واعلم أن من ورائك حَكَما لا يحتاج المُدَّعى عنده إلى إحضار بَيِّنَةٍ".

"زهر الآداب 3: 163".

وقال أعرابي يَعِيب قومًا: "هم أقل الناس ذُنُوبا إلى أعدائهم، وأكثر جُرْمًا إلى أصدقائهم، يصومون عن المعروف، ويُفْطِرون على الفحشاء".

"البيان والتبيين 3: 230، العقد الفريد 2: 90".

1 شجرة عظيمة.

2 عفرية الديك: ريش عنقه.

ص: 297

ووصف أعرابي رجلا فقال: "صغير القدر، قصير الشَّبْر1، ضيِّق الصدر، لئيم النَّجر2، عظيم الكبر، كثير الفخر".

"البيان والتبيين 1: 157، والعقد الفريد 2: 91".

وذكر أعرابي أمير فقال: " يقضي بالعشوة، ويطيل النَّشْوَة، ويقبل الرشْوَة3".

"البيان والتبيين 2: 50، والعقد الفريد 2: 91".

وسمع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أعرابيًّا يقول: "اللهم اغفر لأم أوفَى" قال: "ومَنْ أم أوفى؟ "، قال. "امرأتي، وإنها لحمقاء مِرْغَامَة4، أكُولٌ قامَّةٌ5 لا تَبْقَى لها حامَّة6، غير أنها حسناء فلا تُفْرَك7، وأم غلمان فلا تترك".

"البيان والتبيين 2: 47".

عن عبد الرحمن عن عمه قال: سمعت امرأة من العرب تخاصم زوجها وهي تقول: "والله إن شُرْبك لاشْتِفَاف8، وإن ضِجْعَتَك لانْجِعَاف9، وإن شِمْلَتَك لالْتِفَافَ، وإنك لَتَشْبَع ليلة تُضَاف، وتنام ليلة تخاف"، فقال لها:"والله إنك لَكَرْوَاء الساقين10، قَعْوَاء الفخذين11، مَقَّاء الرُّفْغَيْن12، مُفَاضة الكَشْحَين13 ضَيفُك جائع، وشَرُّك شائع". "الأمالي 1: 104".

1 الشبر: القد.

2 النجر: الأصل.

3 العشوة والنشوة والرشوة بتثليث الشين في الثلاثة، العشوة: ركوب الأمر على غير بيان، والنشوة: السكر، والرشوة: الجعل والبرطيل "بكسر الباء".

4 المرغامة: المغضبة ليعلها.

5 قامة: اسم فاعل، من قم: أي أكل ما على الحوان، وقمه: كنسه.

6 الحامة: الخاصة.

7 فرك زوجته وفركته كسمع، وكنصر شاذ: أبغضته، ورجل مفرك بالتشديد تبغضه النساء وامرأة مفركة: يبغضها الرجال.

8 اشتف ما في الإناء: شربه كله.

9 الانجعاف: الانصراع.

10 الكرواء: الدقيقة الساقين.

11 القعواء: الدقيقة، أو الدقيقة الفخذين، وقيل هي المتباعدة ما بين الفخذين "كالفجواء".

12 الرفغ: أصل الفخذ، والمقاء: الدقيقة الفخذين، أو الطويلة من المقق بالتحريك وهو الطول.

13 المفاضة: المسترخية، والكشحان: الخاصرتان.

ص: 298