الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
227 -
عَنْ حَفْصَةَ (1) زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّه! مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا مِنَ العُمْرَةِ وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟ فقَالَ: "إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ"(2).
(1) في "خ": "صفية"، وهو خطأ.
(2)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1491)، كتاب: الحج، باب: التمتع والإقران والإفراد بالحج، و (1610)، باب: فتل القلائد للبدن والبقر، و (1638)، باب: من لبد رأسه عند الإحرام وحلق، و (4137)، كتاب: المغازي، باب: حجة الوداع، و (5572)، كتاب: اللباس، باب: التلبيد، ومسلم (1229/ 176 - 179)، كتاب: الحج، باب: بيان أن القارن لا يتحلل إلا في وقت تحلل الحاج المفرد، وأبو داود (1856)، كتاب: المناسك، باب: في الإقران، والنسائي (2682)، كتاب: الحج، باب: التلبيد عند الإحرام، و (2781)، باب: تقليد الهدي، وابن ماجه (3046)، كتاب: المناسك، باب: من لبد رأسه.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (2/ 169)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (4/ 301)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 304)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 354)، و"شرح مسلم" للنووي (8/ 211)، =
الشأن هنا: الأَمْرُ والحالُ، والفعلُ منه: شَأَنَ؛ كضَرب (1)، يقال: لأَشْأَنَنَّ شَأْنَهُم؛ أي: لأُفسدنَّ أمرَهم، ويقال، اشْأَنْ شَأْنَكَ؛ أي: اعملِ الحسنةَ، وشَأَنْتُ شَأْنَهُ: قصدتُ قَصْدَهُ، وما شَأَنْتُ شَأْنَهُ؛ أي: لم أَكْتَرِثْ به (2).
والتلبيد: أن يجعل المحرِمُ في رأسه شيئًا من صَمْغ أو عسلٍ (3) ليتلبد شعرُه، بُقْيا عليه أن لا يتشعَّثَ في الإحرام، وقد يقومُ الصَّبِرُ وما أشبهَه مقامَ الصَّمْغ (4).
والتقليد: أن يُعَلَّق في عنق البَدَنَةِ شيءٌ ليُعلم أنها هديٌ.
وقولها: "ما شأنُ الناسِ قد حلُّوا":
ق: هذا الإحلالُ (5) هو الذي وقع للصحابة في فسخ الحج إلى
= و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 56)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 1526)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 213)، و"التوضيح" لابن الملقن (12/ 48)، و"طرح التثريب" للعراقي (5/ 35)، و"فتح الباري" لابن حجر (3/ 430)، و"عمدة القاري" للعيني (9/ 201)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (3/ 132)، و"كشف اللثام" للسفاريني (4/ 303)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (5/ 42).
(1)
في "ت": "حصره".
(2)
انظر: "الصحاح" للجوهري (5/ 2142)، (مادة: شأن).
(3)
في "خ": "بعسول" بدل "أو عسل".
(4)
انظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (7/ 197).
(5)
في "خ": "التحليل".
العمرة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم (1) أمرَهم بذلك ليحلُّوا بالتحلُّل من العمرة، ولم يَحِلَّ هو صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان ساقَ الهَدْيَ (2).
وقولها: "من عُمرتك" دليلٌ واضح على أنه عليه الصلاة والسلام كان قارنًا في حجة الوداع هذه؛ أي: من عُمرتك المضمومةِ إلى الحج.
وفيه: أن القارن لا يتحلل (3) بالطواف والسعي، ولابدَّ له في تحلُّلِه من الوقوف بعرفاتٍ، والرميِ، والحلقِ، والطوافِ؛ كما في الحاجِّ (4) المُفْرِد.
ح: وقد تأوله مَنْ يقول بالإفراد تأويلاتٍ ضعيفةً (5)، منها: أنها أرادت بالعمرة الحَجَّ؛ لأنهما يشتركان في كونهما قصدًا (6).
قال غيره: بناءً على النظر إلى الوضع (7) اللغوي، وهو أن العموم (8) الزيادة، والزيادة موجودة في الحج، أي: موجودة المعنى فيه، وهو
(1) في "ت" زيادة: "قد".
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 56).
(3)
في "ت": "لا يحلل".
(4)
في "ت": "الحج".
(5)
في "ت": "تأويلًا يضعفه".
(6)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (8/ 212).
(7)
في "ت": "الموضع".
(8)
في "ت": "العمرة".
ضعيف؛ لأن الاسم إذا انتقل إلى حقيقة عُرْفية، كانت اللغوية مهجورةً في الاستعمال.
وقيل: المراد بها: الإحرام.
وقيل: إنها ظنت أنه عليه الصلاة والسلام معتمرٌ.
وقيل: معنى "من عمرتك"، بعمرتك: بأن تفسخَ حجَّك إلى عمرة كما فعل غيرُك (1).
قلت: وهذا ضعيف جدًا، أو باطل؛ لأنه لا يعلم في لسان العرب استعمالُ (مِنْ) بمعنى الباء، وقد حصر النحويون معاني (مِنْ) في سبعة أقسام، ليس فيها أن تكون بمعنى الباء، على ما هو معلوم في كتب العربية، فإن شذَّ عن ذلك شيء، لم يُلْتفت إليه (2)
و (3) بالجملة: فهذه التأويلاتُ كلُّها ضعيفة كما ترى.
وفيه: استحبابُ التلبيد لشعرِ الرأس عند الإحرام.
وفيه: أن للتلبيد أثرًا في الإحلال إلى النحر.
وفيه: أن من ساق هديًا لم يحل حتى يوم النحر، وهو مأخوذ من قوله تعالى:{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196]، واللَّه أعلم.
(1) المرجع السابق، الموضع نفسه، و"المفهم" للقرطبي (3/ 355).
(2)
اعترضه ابن الملقن في "الإعلام"(6/ 260) بأنه وقع في القرآن العظيم "من" بمعنى الباء.
(3)
الواو ليست في "ت".