المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب اللقطة 287 - عَنْ زيدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله - رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام - جـ ٤

[تاج الدين الفاكهاني]

فهرس الكتاب

- ‌باب دخول مكة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب التمتع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب الهدي

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب الغسل للمحرم

- ‌باب فسخ الحج إلى العمرة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌باب المحرم يأكل من صيد الحلال

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌كِتْابُ الْبُيُوعِ

- ‌ الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب ما نهي عنه من البيوع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العَاشِرُ

- ‌باب العرايا وغير ذلك

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب السلم

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الربا والصرف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب الرهن وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب اللقطة

- ‌باب الوصايا

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الفرائض

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌كِتْابُ النِّكَاحِ

- ‌الحديث الأول

- ‌بَابِ

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌باب الصداق

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كِتْابُ الطَّلَاق

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

الفصل: ‌ ‌باب اللقطة 287 - عَنْ زيدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله

‌باب اللقطة

287 -

عَنْ زيدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ اللُّقَطَةِ؛ الذَّهَبِ أَوِ (1) الوَرِقِ؟ فَقَالَ: "اعْرِفْ وِكَاءَها وَعِفَاصَهَا (2)، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ، فَاسْتَنْفِقْهَا، وَلْتكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ، فَأَدِّهَا إِلَيْهِ"، وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الإبِلِ، فَقَالَ:"مَالَكَ وَلَهَا! دَعْهَا؛ فَإِنَّ مَعَهَا حِذاءَهَا وَسِقَاءَها، تَرِدُ المَاءَ (3)، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حتَّى يَجِدَهَا رَبُّها"، وَسَأَلَهُ عَنِ الشَّاةِ، فَقَالَ:"خُذْهَا؛ فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ، أَوْ لأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ"(4).

(1) في "ز": "و".

(2)

في "ت": "وعقاصها".

(3)

في "ز": "المال".

(4)

* تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (91)، كتاب: العلم، باب: الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره، و (2243) كتاب: المساقاة، باب: شرب الناس والدواب من الأنهار، و (2295)، كتاب: في اللقطة، باب: ضالة الإبل، و (2296)، باب: ضالة الغنم، و (2297)، باب: إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها، و (2304)، باب: إذا =

ص: 495

* التعريف:

زيد بن خالد الجهني: يكنى أبا عبد الرحمن، وقيل: أبو طلحة، وقيل: أبو محمد، من جهينة، وهو (1) زَيْدُ بنُ خالدِ بنِ زيدِ بنِ ليثِ بنِ

= جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه؛ لأنها وديعة، و (2306)، باب: من عَرَّف اللقطة بعد سنة ردها عليه؛ لأنها وديعة عنده، و (2306) باب: من عَرَّف اللقطة ولم يدفعها إلى السلطان، و (4986)، كتاب: الطلاق، باب: حكم المفقود في أهله وماله، و (5761)، كتاب: الأدب، باب: ما يجوز من الغضب والشدة لأمر اللَّه، ومسلم (1722/ 5)، واللفظ له، و (1722/ 1 - 8)، في أول كتاب: اللقطة، وأبو داود (1704 - 1707)، في أول كتاب: اللقطة، والترمذي (1372، 1373)، كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في كتاب اللقطة وضالة الإبل والغنم، وابن ماجه (2507)، كتاب: اللقطة، باب: اللقطة.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"الاستذكار" لابن عبد البر (7/ 243)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (6/ 135)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (6/ 5)، و"شرح مسلم" للنووي (12/ 20)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 239)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1217)، "النكت على العمدة" للزركشي (ص: 257)، و"التوضيح" لابن الملقن (15/ 367)، و"فتح الباري" لابن حجر (5/ 78)، و"عمدة القاري" للعيني (2/ 107)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (4/ 242)، و"كشف اللثام" للسفاريني (5/ 129)، و"سبل السلام" للصنعاني (3/ 94)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (6/ 89).

(1)

قوله: "زيد خالد الجهني: يكنى أبا عبد الرحمن، وقيل: أبو طلحة، وقيل: أبو محمد من جهنية، وهو" ليس في "خ".

ص: 496

سُود (1) بنِ أسلمَ بنِ الحافِ -بتخفيف الفاء- بنِ قُضاعةَ.

رُوي له عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحدٌ وثمانون حديثًا، اتفقا على خمسة أحاديث، وانفرد مسلم بثلاثة.

رَوَى عنه: بُسْرُ (2) بنَ سعيدٍ، وعُبيدُ اللَّهِ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ عتبةَ بنِ مسعودٍ، ويزيدُ مولى المنبعِثِ، وعبدُ الرحمن بنُ أبي عَمْرَةَ.

وروى عنه من وَلَدِهِ جماعةٌ: أبو حرب، و (3) عبدِ الرحمن، وخالدٌ، ومنظورٌ بنو زيد بن خالدٍ، ومن التابعين: عطاءُ بنُ يسار، وعطاءُ بنُ أبي رباح، وعروةُ بنُ الزبير.

وروى الحافظُ أبو عليِّ بنُ السَّكَن في كتاب "الصحابة" له، عن محمدِ بنِ عمرو، قال (4) لرجل من الجهنيين: ما بالُ زيدِ بنِ خالدٍ أَبَنَهُ أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وغيرُه أقدمُ سابقةً؟ قال: إنه كان لا يقرُّ (5) بجواره سخط للَّه إلا غيَّره (6).

ماتَ بالمدينة، وقيل: بالكوفة سنةَ ثمان وتسعين، وقيل: سنة ثمان وستين، وله خمسٌ وثمانون سنة رضي الله عنه (7).

(1) في "خ" و"ت": "سرد".

(2)

في "ت": "بشر".

(3)

في "خ" زيادة: "أبو".

(4)

في "ت" زيادة: "قيل".

(5)

في "ت": "لا يغر".

(6)

في "ت": "لا غير".

(7)

وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (4/ 344)، و"الجرح =

ص: 497

* الشرح:

اللُّقَطَةُ: -بضم اللام وفتح القاف- في اللغة المشهورة، وجاء فيها: إسكانُ القاف، لغة ثانية، وهي القياس؛ لأن الأولى حَقُّها أن تكون لمن (1) يكثر التقاطه؛ كالهُزَأَة (2) والضُّحَكَة، ونحوِ ذلك.

وقد روى الليثُ بنُ المظفر عن الخليل فيما حكى الأزهري: أنه قال: اللُّقَطة: الذي يلتقط الشيء، بتحريك القاف، واللُّقْطَة: ما يُلتقط.

قال الأزهري: وهذا (3) الذي قاله قياس؛ لأن فُعْلَة في أكثر كلامهم جاء فاعلًا، وفُعَلَة جاء مفعولًا، غير أن كلامَ العرب جاء في اللُّقَطة على غير القياس.

قال: وأجمع أهلُ اللغة ورواةُ الأخبار أن اللقطة: هي الشيء الملتَقَطُ (4).

= والتعديل" لابن أبي حاتم (3/ 562)، و"الثقات" لابن حبان (3/ 139)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (2/ 549)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (2/ 355)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 199)، و"تهذيب الكمال" للمزي (10/ 63)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (2/ 603)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (3/ 354).

(1)

في "خ": "لما".

(2)

في "ت": "كالهمزة".

(3)

في "ت": "وقال هذا" مكان "وهذا".

(4)

انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص: 264).

ص: 498

وفيها لغةٌ ثالثة: لُقاطَة: بضم اللام، ورابعة: لَقَطة: بفتح اللام والقاف (1).

وحقيقتها: كلُّ مالِ معصومٍ معرضٍ للضياعٍ في عامرِ البلادِ وغامِرِها (2)، وأصلُ الالتقاط: وجود الشيء عن غير طلب وَتَحَرٍّ (3).

وأمَّا الضّالَّةُ: فقال الأزهريُّ وغيره: لا تقع (4) إلا على الحيوانِ، وأما الأمتعةُ، وما سوى الحيوانِ، فيقال فيه: لُقَطَة، ولا يقال: ضَالٌّ. قالوا: ويقال للضّوالِّ الهَوامي، والهَوافي، واحدتُها هَامِيَةٌ وهَافِيَةٌ، وهَمَتْ، وهَفَتْ، وهَمَلَتْ: إذا ذهبتْ على وجهها بلا راعٍ (5).

وقوله: "سُئل عن اللقطةِ؛ الذهَبِ والوَرِق"، هو بالألف واللام في اللقطة غيرَ مضافة، والذهبُ والورقُ بدلٌ منهما (6).

وقوله صلى الله عليه وسلم: "اعرفْ عِفاصَها (7) ووِكاءَها"؛ أي: تَعَرَّفْ ذلك؛ لتعلمَ

(1) وقد نظمها ابن مالك في قوله:

لُقَاطَةٌ ولُقْطَةٌ ولُقَطَهْ

ولَقْطَةٌ ما لَاقِطٌ قَدْ لَقَطَهْ

انظر: "المطلع" لابن أبي الفتح (ص: 282).

(2)

انظر: "جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص: 458).

(3)

في "ت": "وقصد".

(4)

في "ت": "لا يقع".

(5)

انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي"(ص: 265).

(6)

في "ت": "منها".

(7)

في "ت": "عقاصها".

ص: 499

صِدْقَ واصفِها من كَذِبه؛ لئلا يختلط بماله، ويشتبه.

والعِفاصُ (1) -بكسر العين وبالفاء والصاد المهملة-، وهو الوعاء الذي يكون فيه النفقة، جلدًا كان، أو غيرَه.

قال الخطابي: وأصلُ العفاص (2): الجلد الذي يلبس رأسَ القارورة؛ لأنه كالوعاء له، فأما الذي يدخل في فم القارورة؛ من خشبةٍ، أو جلدةٍ، أو خرقةٍ مجموعة، ونحوِ ذلك، فهو الصِّمام (3) -بكسر الصاد-، يقال: عَفَصْتُها عَفْصًا (4): إذا شددتُ العِفاص عليها، أو (5) أَعْفَصْتُها إِعْفاصًا (6): إذا جعلتُ لها عفاصًا (7).

وأما الوكاء: فهو الخيطُ الذي يُشَدُّ به الوعاء، يقال: أَوْكَيْتُه إِيكاءً، فهو موكًى، بغير همز.

ع: وقاله بعضُهم بالقصر، يعني: الوِكَا، قال: وهو وهمٌ، والصوابُ الأولُ عند أهل اللغة (8).

(1) في "ت": "والعقاص".

(2)

في "ت": "العقاص".

(3)

المرجع السابق، (ص: 264).

(4)

في "ت": "عقصتها عقصًا".

(5)

في "ز": "و".

(6)

في "ت": "أعقصتها إعقاصًا".

(7)

في "ت": "عقاصًا".

(8)

انظر: "إكمال المعلم"(6/ 9)، و"مشارق الأنوار" كلاهما للقاضي (2/ 286).

ص: 500

وقوله عليه الصلاة والسلام: "ثُمَّ عَرِّفْها سَنَةً": إتيان (ثم) هنا يدل على المبالغة وشدةِ التثبُّتِ في معرفة العِفاص (1) والوِكاء؛ إذ كان وضعها (2) للتراخي والمُهْلَة، فكأنه عبارةٌ عن قوله: لا تعجَلْ، وتَثَبَّتْ في عرفان ذلك، واللَّه أعلم.

وفيه: دليلٌ على وجوب التعريف سنةً، والمعنى: إذا أخذْتَها، فعرِّفْها سنةً.

وأما الأخذُ، فهل هو واجبٌ، أو لا؟ فيه تفصيلٌ عندنا، وهو: أنه إن علم الخيانةَ من نفسه، حرمَ عليه أخذُها (3)، وإن خافها، كُره له الأخذُ، وإن أَمِنَها، فقولان: بالاستحباب، والكراهة.

وروى أشهبُ: أما الدنانير، وشيءٌ له بالٌ، فأحبُّ إليَّ أن يأخذَها، وليسَ كالدراهم (4)، وما لا بالَ له، ولا أُحِبُّ له أن يأخذَ الدراهمَ.

وحكى القاضي أبو بكر عن مالك، الكراهةَ مطلقًا، وهو اختيارُ الشيخ أبي إسحاق.

فإن كانت اللقطةُ بين قومٍ غيرِ مأمونين، والإمامُ عدلٌ، وجبَ عليه أخذُها، وكذلك إذا عرفَ صاحبَها، وخشيَ تلافَها إن لم يأخذها، وجبَ عليه أخذُها، واللَّه أعلم.

(1) في "ت": "العقاص".

(2)

في "ت": "وصفها".

(3)

في "خ": "أخذ".

(4)

في "ز": "كالدرهم".

ص: 501

والتعريف:

أن يَنْشُدَها في المواضع التي يجتمعُ (1) الناسُ إليها، ودُبُرَ الصلواتِ على أبوابِ المساجدِ (2) والجوامعِ (3)، وحيث يظنُّ أن ربَّها هناكَ، ويُعَرِّفها في كل يومين أو ثلاثة، ولا يجبُ عليه أن يدع التصرُّفَ في حوائجه ويعرِّفَها.

وفي ذكر الجنسِ في التعريفِ خلافٌ.

ثم له أن يعرفها بنفسه، ويدفعها للإمام يعرِّفُها إذا كان عدلًا، أو يدفعُها لمن يثقُ به ممن يقوم مقامَه في تعريفها، ويستأجر عليها منها مَنْ يعرّفها إن كان ممن لا يعرِّفُ مثلُه.

ولا يجوز له أن يسافر بها إلى بلدٍ آخرَ ليعرِّفَها به، ولو وجدَها (4) في الصحراءِ بينَ مدينتين، لعرَّفَها بينهما.

ثم وجوبُ التعريف سنةً يختصُّ بالمال الكثير (5) الذي لا يفسُدُ.

فأما القليلُ الذي لا (6) يفسُد؛ فإن كان تافهًا؛ بحيث يعلم أن صاحبه في العادة لا يتبعه؛ لقلته، فهذا لا يعرَّف أصلًا، وإن كان -على

(1) في "ز" و"ت": "تجتمع".

(2)

"المساجد و" ليس في "ت".

(3)

في "ز": "والجامع".

(4)

في "خ": "وجد".

(5)

في "خ": "الكبير".

(6)

"لا" ليس في "ز".

ص: 502

قلَّته- له قدرٌ ومنفعة، وقد شحَّ (1) به صاحبُه، وتتبعه (2)، فهذا يُعَرَّف أيامًا مظنةَ طلبِه على المشهور، وقيل: سَنةً كالكثير (3)، وهذا كالمِخْلاة، والدَّلْو، والحَبْل.

وأما ما (4) يفسُد؛ كالطعام، فإن كان في قرية، أو رُفقة (5) له فيهم قيمة، فقيل: إن تصدَّقَ به (6)، فلا غُرْمَ عليه لصاحبه، وإن أكلَه، غُرِمَه؛ لانتفاعه به، وقيل: يَغْرَمُه مطلقًا، وظاهرُ "الكتاب": لا غُرْمَ عليه مطلَقًا، أكلَه، أو (7) تصدَّقَ به.

وفي معنى الطعام الشاةُ يجدُها بالبعد في العمران، حيث يَعْسُر جَلْبُها (8)، ويخشى عليها إن تركَها، وأما إن لم تكن رفقة وجماعةٌ، فلا شيء عليه فيما أكلَ من طعامٍ التقطه (9)(10).

وفروعُ اللقطة مستوفاةٌ في كتبِ الفقهِ، واللَّه أعلم.

(1) في "ت": "يشح".

(2)

في "ت": "ويتبعه".

(3)

في "خ": "كالكبير".

(4)

"خ" زيادة: "لا" وهو خطأ.

(5)

في "ت": "رفقة أو قرية".

(6)

في "خ": "يقبل أن يصدَّق به".

(7)

في "ز": "و".

(8)

في "ت": "حملها".

(9)

في "خ": "اللقطة".

(10)

وانظر: "الذخيرة" للقرافي (9/ 108) وما بعدها.

ص: 503

وقوله عليه الصلاة والسلام: "فإن لم تُعْرَفْ (1)، فاسْتَنْفِقْها": هو على الإباحة دون الوجوب.

وقوله: "ولتكُنْ وديعةً عندَك".

ق: يحتمل أن يراد بذلك بعد الاستنفاق، ويكون قوله:"وديعةً عندك" فيه (2) مجازٌ في لفظة الوديعة فإنها تدل على الأعيان، وإذا استنفق اللقطة لم تكن عينًا، فيجوز بلفظ الوديعة (3) عن كون الشيء بحيث يُرَدُّ إذا جاء رَبُّهُ.

قال (4): ويحتمل أن يكون (5) قوله: "ولتكن" الواو فيه بمعنى: أو، فيكون حكمُها حكمَ الأماناتِ والودائع؛ فإنه إذا لم يتملكها، بقيت عنده على حكمِ الأمانة، فهي كالوديعة.

وقوله: "فإن جاءَ صاحبُها يومًا من الدهر، فَأدِّها إليه":

فيه: دليلٌ على وجوب الردِّ على المالك إذا تبين كونُه (6) صاحبَها (7)،

(1) في "ز": "يعرف".

(2)

في "ت": "في".

(3)

قوله: "فإنها تدل على الأعيان، وإذا استنفق اللقطة لم تكن عينًا، فيجوز بلفظ الوديعة" ليس في "خ".

(4)

"قال" ليس في "ت".

(5)

"أن يكون" ليس في "خ".

(6)

في "ت": "كون".

(7)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 241).

ص: 504

لكن بشرطِ أن يصفَ العِفاصَ (1)، والوِكاءَ، أو تقومَ (2) بينةٌ على دعواه.

واختُلف عندنا في معرفة عددها إن كانت دنانيرَ، أو دراهمَ، والمشهور: اعتبارُه، ومنشأ الخلاف: ذكرُه في حديث أُبَيٍّ (3)، والإعراضُ عنه في حديث زيدِ بنِ خالدٍ.

وكذلك (4) اختُلف إذا وصفَها، هل يلزمُه مع ذلك يمينٌ، أم لا؟ والمشهور عندنا: لا يلزمه، وكذلك لو أتى ببعض العلامات المغلبة على الظن صدقه، هل يُعطى بها (5)، أو لابدَّ من جميع العلامات؟ خلافٌ عندنا -أيضًا-، فلو عرف العفاصَ (6) دون الوِكاء، أو العكس (7)، استؤني بها، ثم دُفعت إليه، ولو عرف رجلٌ عفاصها (8) أو وكاءها (9) وحده، وعرف آخرُ عددَ الدنانير ووزنَها، كانت لمن عَرَفَ (10) العِفاص (11) أو الوِكاء،

(1) في "ت": "العقاص".

(2)

في "ز": "يقوم".

(3)

رواه البخاري (2294)، كتاب: اللقطة، باب: وإذا أخبره رب اللقطة بالعلامة دفع إليه، ومسلم (1723)، في أوائل كتاب: اللقطة.

(4)

في "ز": "وكذا".

(5)

في "ز" و"ت": "يعطاها".

(6)

في "ت": "العقاص".

(7)

في "ت": "بالعكس".

(8)

في "ت": "عقاصها".

(9)

في "ت": "الوكاء".

(10)

في "ز": "عَرَّفَها".

(11)

في "ت": "العقاص".

ص: 505

وقيل: تُقسم (1) بينهما بعدَ التحالُف (2).

وقوله: "وسأله عن ضالَّةِ الإبل" إلى آخره.

فيه: دليلٌ على منع التقاطِها، والتعرُّضِ لها؛ لأنها تَرِدُ الماء، وترعى الشجرَ، وتعيش بلا راعٍ، وتمتنع عن أكثر السباع.

وقوله عليه الصلاة والسلام: "معها حِذاؤها وسِقاؤها": من بليغ المجاز، وحُسْن الاستعارة؛ فإنه يريد بالحِذاء: أخفافَها (3)، يقول: إِنها تقوى على السير، وقطعِ البلاد.

وقد قال بعض الأَعراب لأَمَةٍ له غليظةِ القدمين: أَطِرِّي؛ فإنَّك ناعِلَةٌ (4)، جعلها؛ لغلظ قدميها، وقوتها على المشي، كأَنَّ لها نعلين.

وأراد-عليه الصلاة والسلام بالسِّقاء: قُوَّتَها على وردِ (5) الماء، فتحملُ رِيَّها في أكراشِها (6).

قال الخطابي: فإن كانت الإبل مهازيلَ لا تنبعثُ، فإنها بمنزلة الغنم التي قيل فيها: هي لكَ، أو لأخيكَ، أو للذئبِ.

واختُلف عندَنا في إِلحاق البقر، والخيل، والحمير، بالإبل على

(1) في "ت": "يقسم".

(2)

وانظر: "التاج والإكليل" لابن المواق (6/ 70).

(3)

في "ت": "أخفاها".

(4)

في "ت": "فأنكرنا عليه" مكان "فإنك ناعلة".

(5)

في "ز" و"ت": "ورود".

(6)

في "ت": "أكراها".

ص: 506

ثلاثة أقوال:

ثالثها لابن القاسم (1): تُلحق البقرُ دونَ غيرها إذا كانت بمكانٍ لا يُخاف عليها فيه من السباع (2).

وقوله: "وسأَلَه عن الشاةِ" إلى آخر الحديث، دليلٌ على جواز التقاطِها، ونَبَّهَ عليه الصلاة والسلام على علَّةِ الجوازِ بخوفِ ضياعِها إن لم تُلتقط، فتتلف على مالكها من غير أن ينتفعَ بها غيرُه، وهو أن ياكلَها الذئبُ، ونحوُ ذلك، وفرق عليه الصلاة والسلام بينها وبين ضالَّة الإِبلِ بما تقدمَ، وكَأَنَّهُ (3) عليه الصلاة والسلام يقولُ: لَكَ أن تأخذَها؛ لأنها معرَّضةٌ للذئبِ، وضعيفةٌ عن الاستقلالِ، وهي مترددة بين أن تأخذَها أنتَ، أو صاحبُها، أو أخوكَ المسلمُ الذي يمرُّ بها، أو الذئبُ، فلهذا جازَ التقاطُها دونَ ضالَّة الإبلِ (4)، واللَّه أعلم.

* * *

(1)"لابن القاسم" ليس في "ز".

(2)

انظر: "جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص: 458).

(3)

في "ت": "وكان".

(4)

قوله: "أو أخوك المسلم الذي يمر بها، أو الذئب، فلهذا جاز التقاطها دون ضالة الإبل" ليس في "ز".

ص: 507