الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثامن
282 -
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَامَلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (2203)، كتاب: المزارعة، باب: المزارعة بالشطر ونحوه، ومسلم (1551/ 1)، كتاب: المساقاة، باب: المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع، وأبو داود (3408)، كتاب: البيوع، باب: في المساقاة، والنسائي (3929، 3930)، كتاب: المزارعة، باب: ذكر اختلاف الألفاظ المأثورة في المزارعة، والترمذي (1383)، كتاب: الأحكام، باب: ما ذكر في المزارعة، وابن ماجه (2467)، كتاب: الرهون، باب: معاملة النخيل والكرم.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (3/ 97)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (6/ 153)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 208)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 413)، و"شرح مسلم" للنووي (10/ 208)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 218)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1204)، والتوضيح لابن الملقن (15/ 244)، و"فتح الباري" لابن حجر (5/ 13)، و"عمدة القاري" للعيني (12/ 167)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (4/ 178)، و"كشف اللثام" =
"الشرح:
الشَّطْرُ هنا: النصف، والشَّطرُ -أيضًا- النَّحْوُ، والقَصْدُ، ومنه قولُه تعالى:{وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144]؛ أي: نحوه (1).
وقد (2) ذهب مالك، والشافعيُّ: إلى جواز المساقاة لأجلِ هذا الحديث، وأنكرَها أبو حنيفة؛ لأجل ما فيها من الغَرَر، وبيع الثمرِ قبلَ الزَّهْو، وحملَ حديثَ خيبرَ هذا على أنهم كانوا عَبيدًا له عليه الصلاة والسلام، فما أَخَذَ، فله، وما أَبْقَى، فَلَهُ.
والحجَّةُ عليه أن نقول:
أولًا: هذا لا نُسلِّمُه، ولو سلَّمناه على طريق التنزُّل أنه افتتَحها عَنْوةً، وأقرَّهم فيها على نحو ما قال، لم يجز الرّبا بَيْنَ العبدِ وسيده، فلا يُغنيه ما قال، قاله (3) الإمام المارزي.
وأيضًا: فإنه ليس بمجرد الاستيلاء يحصُل الاسترقاقُ للبالغين (4)، واللَّه أعلم.
والقائلون بجواز المساقاة اختلفوا، فمنعها داودُ إلَّا في النخل، ومنعها الشافعي إلَّا في النخل والكَرْم، وأجازها مالكٌ في جميع الثمر
= للسفاريني (5/ 82)، و"سبل السلام" للصنعاني (3/ 77)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (7/ 6).
(1)
انظر: "الصحاح" للجوهري (2/ 697)، (مادة: شطر).
(2)
"قد" ليست في "ز".
(3)
"قاله" ليس في "ز".
(4)
"للبالغين" ليس في "ز".
إذا احتيجَ فيها للمساقاة (1)، والمشهورُ عندنا: منعُها في الزرع، إلا إذا عجز عنه (2) صاحبُه.
فأما (3) داودُ، والشافعيُّ، فرأياها (4) رُخصةً، فقَصَراها على ما وقعت عليه، فلم يتحقق داودُ إلا النخلَ خاصَّة، ولم يتحقق الشافعيُّ إلا النخلَ والكرمَ، ونحن قِسْنا بقيةَ الشجر عليهما؛ لكونها (5) في معناهما، ولا مانعَ من القياس إذا عُقل المعنى.
وللشافعيِّ -أيضًا- قولٌ نحو (6) ذلك؛ كما نقول؛ كما (7) نقله ابنُ هبيرة، واللَّه أعلم، وبذلك (8) -أيضًا- (9) قال أحمدُ (10)(11).
ومتى تجوز المساقاة؟ فمذهبُنا: جوازُها ما لم تَطِبِ الثمرةُ، وفي جوازها بعدَ الطيب قولان:
(1) في "ت": "إلى المساقاة".
(2)
في "ت": "عن".
(3)
في "ز" و"ت": "وأما".
(4)
في النسخ الثلاث: "فرأياه"، والصواب ما أثبت.
(5)
في "ت": "لكونهما".
(6)
في "ز": "بجواز".
(7)
في "ز" و"ت": "على".
(8)
في "ز" زيادة: "قال".
(9)
"أيضًا" ليس في "ت".
(10)
في "ز" زيادة: "بن حنبل".
(11)
انظر: "الإفصاح" لابن هبيرة (2/ 47).
قال الإمام: وعند الشافعيِّ لا تجوز المساقاةُ (1) وقد ظهرت الثمرةُ، وقَدَّرَ الظاهرَ منها مملوكًا جميعُه لربِّ النخل، وهو عينٌ قائمة، فكأنه باعَ نصفَه قبلَ الزَّهْوِ بخدمة العامل.
وعندنا: أن المعاملة إنما وقعتْ على التنمية (2) بنصف النامي (3)، وذلك غيرُ موجود، والموجودُ قبلَ هذا غيرُ مقصود، فلم يؤثر في جواز المساقاة (4).
قلت: ولأحمدَ (5) روايتان، أظهرُهما: الجوازُ؛ كما نقول (6).
فإذا ثبت هذا، فلتعلمْ (7): أن للمساقاة عندنا -على قول ابن القاسم- شروطًا لا تصحُّ إلا بها:
أن تكونَ (8) في كلِّ (9) أصلٍ من الشجر، أو ما يقومُ مقامه؛ كالورد، والياسمين.
(1) من قوله: "فمذهبنا جوازها. . . " إلى هنا سقط من "ت".
(2)
في "خ": "التتمة".
(3)
في "ز": "الباقي".
(4)
انظر: "المعلم" للمازري (2/ 275)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 208).
(5)
في "ز" زيادة: "بن حنبل".
(6)
في "ز": "يقول".
(7)
في "ز": "فليعلم".
(8)
في "خ": "يكون".
(9)
"كل" ليس في "ز".
الثاني: قبل طيبها، أو قيل وجودها.
الثالث: أن يكون للعامل جزءٌ شائع، أو الجميعُ.
الرابع: أن لا ينفرد أحدُهما بزيادة على الآخر.
الخامس: أن يكون بلفظ المساقاة.
السادس: أن لا يَشترطَ على العامل غيرَ عملِ المساقاة.
السابع: أن لا يشترط عليه (1) شيئًا (2) يبقى بعد انقضائها (3).
الثامن: أن لا يكون سنةً محدودة (4).
قال في "الكتاب": والشاذُّ (5) في المساقاةِ إلى الجذادِ، ولا يجوز شهرًا، ولا سنةً محدودة، وهي (6) إلى الجذاد إذا لم يؤجِّلا، وإن كانت تُطْعِمُ في العام مرتين، وهي إلى الجذاد الأول حتى يُشترط الثاني، ويجوز أن يساقيه بسنينَ (7) ما لم يكثرْ جدًا (8)(9).
(1)"عليه" ليس في "ت".
(2)
"شيئا" ليس في "خ".
(3)
في "ت": "انقضائه".
(4)
انظر: "الرسالة" لابن أبي زيد (ص: 111).
(5)
في "ت": "والشأن".
(6)
في "خ": "وهو".
(7)
في "ز" و"ت": "سنين".
(8)
في "خ": "جذاذه".
(9)
وانظر: "مواهب الجليل" للحطاب (5/ 378).
ولتَعْلَمْ: أن المساقاةَ عندنا من العقود اللَّازمة، تنعقدُ (1) باللفظ، وتلزمُ به، بخلاف القِراض الذي لا ينعقدُ ولا يلزم إلا بالعمل دونَ اللفظ.
واختُلف في المزارعة، فقيل: إنها تنعقد وتلزمُ باللفظ، وقيل: لا تنعقدُ ولا تلزم إلا بالعمل، وقيل: إنها (2) تنعقد وتلزمُ بالشروع في العمل.
وأما الشركة، فلا تلْزم باللفظ ولا بالعمل.
واختُلف بم (3) تنعقدُ؟ فقيل (4): (5) باللفظ، وقيل: بالعمل، والقولان قائمان من "المدونة"، قاله القاضي أبو الوليد بن رشد رحمه اللَّه تعالى.
تذنيب: إذا وقعت المساقاة فاسدةً؛ لفقدانِ شرطٍ من الشروط المذكورة، أو غيرها، فالثمرةُ لربّ الحائط، وللعاملِ أجْرُ مثلِه، إلا في أربع مسائل، فله مساقاةُ مثلِه عندَ ابن القاسم:
أحدُها: إذا عُقدت (6) المساقاةُ بعد طيبِ الثمرة.
والثانية: إذا شرط العاملُ أن يعينه ربُّ المال بنفسه.
(1) في "ز": "ينعقد".
(2)
"إنها" ليست في "ت".
(3)
في "ت": "ثم".
(4)
"فقيل" ليس في "ت".
(5)
في "ز" زيادة: "تنعقد".
(6)
في "ز" و"ت": "عَقَدَ".
والثالثة: إذا اجتمعت المساقاةُ مع البيع.
والرابع: إذا عقدَ معه المساقاةَ سنين، على أن يكونَ له في سَنة نصفُ الثمرة (1)، وفي سنة أخرى ثلثُ الثمرة (2)، قاله الشيخُ أبو عمران الفاسي (3) رحمه الله.
قال: ولا يجوز للعامل أن يشترط على ربِّ الحائط سَلَفًا يُسلفه إياه في عَقْد المساقاة، ولا يُفرد ما (4) يعملُه معه، فإن ترك ذلك، فله أجرُ مثله، واللَّه أعلم (5).
وقوله عليه الصلاة والسلام: "من تمر (6) أو زرع"، يحتج به الليثُ، والشافعي، ومَنْ قال بقولهما في: كراءِ الأرض بالجزء منها، وفي جواز المساقاة والمزارعة معًا.
(7)
ومالكٌ -في آخرين- يمنعون من اجتماعهما، ويمنعون المزارعةَ بالجزء، ويجيزون المساقاةَ (8)، إلا ما كان تبعًا من الأرض بين الثمار، فيجوز عند مالك دخولُه في الشرط، وإلغاؤه للعامل.
(1) في "ز": "الثمر".
(2)
في "ز": "الثمر".
(3)
في "ت": "القابسي".
(4)
في "ز": "معروفًا" بدل "يفرد ما".
(5)
وانظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (2/ 189).
(6)
في "ت": "ثمر".
(7)
في "ز": "وقال".
(8)
من قوله: "والمزارعة معًا. . . " إلى هنا سقط من "ت".
وأبو حنيفةَ، وزفرُ يمنعانهما مجتمعين، ومفترقين.
ونحن نتأول هذا الحديث تأويلات: إمّا أن يكون الزرعُ هنا تبعًا للنخل، أو يكون كلَّ عقدٍ منفردٍ، فزارعَ قومًا بالشروط الجائزة في المزارعة، وساقَى آخرين، واللَّه أعلم، قاله ع (1)(2).
* * *
(1)"قاله ع" ليس في "ز".
(2)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 209).