الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الرهن وغيره
الحديث الأول
275 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها (1): أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اشترى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ (2).
(1) في "ز" زيادة: "أنها قالت".
(2)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (1991)، كتاب: البيوع، باب: شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة، و (1990)، باب: شراء الحوائج بنفسه، و (2088)، باب: شراء الطعام إلى أجل، و (2133)، كتاب: السلم، باب: الكفيل في المسلم، و (2134)، باب: الرهن في السلم، و (2256)، كتاب: الاستقراض، باب: من اشترى بالدين وليس عنده ثمنه، أو ليس بحضرته، و (2374)، كتاب: الرهن، باب: من رهن درعه، و (2378)، باب: الرهن عند اليهود وغيرهم، و (2759)، كتاب: الجهاد، باب: ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم والقميص في الحرب، و (4197)، كتاب: المغازي، باب: وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم (1603/ 125)، واللفظ له، و (1603/ 124، 126)، كتاب: المساقاة، باب: الرهن وجوازه في الحضر والسفر، والنسائي (4609)، كتاب: البيوع، باب: الرجل يشتري الطعام إلى أجل، ويسترهن البائع منه الثمن رهنًا، و (4650)، باب: مبايعة أهل الكتاب، وابن ماجه (2436)، كتاب: الرهون، باب: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. =
* الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: قال الهروي: قال ابنُ عرفةَ: الرهن في كلام العرب هو الشيءُ الملزومُ، يقال هذا رَاهنٌ (1) لك؛ أي: دائمٌ محبوسٌ عليك، قال: وقوله تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21]؛ أي: محبوسٌ بعمله (2)، وقوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38]؛ أي: محبوسة بكسبها، وكل شيء ثبتَ ودامَ (3)، فقد رَهَنَ (4).
(5)
قال الجوهري: والجمعُ رِهان، مثل: حَبْل، وحِبَال، وقولُ أبي (6) عمرِو بن العلاء: رُهُن -بضم الهاء-، قال الأخفش، وهي قبيحة لا يجمع فَعْلٌ على فُعُلٍ، إلَّا قليلًا شاذًا؛ كسَقْفٍ وسُقُفٍ، قال: ويكون
= * مصَادر شرح الحَدِيث:
"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 303)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 517)، و"شرح مسلم" للنووي (11/ 39)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 196)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1181)، و"فتح الباري" لابن حجر (4/ 433)، و"عمدة القاري" للعيني (11/ 182)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (4/ 18)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (5/ 351).
(1)
في "خ": "رهن".
(2)
في "ز": "بعلمه".
(3)
في "ز": "وداوم".
(4)
انظر: "لسان العرب" لابن منظور (13/ 189)، (مادة: رهن).
(5)
في "ت": زيادة: "و".
(6)
في "ت": "وقرأ أبو".
رُهُنٌ جمعًا لِرهان (1)؛ فإنه يجمع رَهْنٌ على رِهان، ثم يجمع رهان على رُهُن؛ مثل: فِراش وفُرُش، تقول منه: رَهَنْتُ الشيءَ عندَ فلانٍ، ورَهَنْتُهُ الشيءَ، وأَرْهَنْتُهُ الشيءَ، بمعنًى (2).
الثاني: هذا الحديث أصلٌ في مشروعية الرهن في الحَضَر، وأما في السَّفر، فهو ثابت بقوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]، حتَّى قال مجاهدٌ، وداودُ: لا يجوز الرهنُ إلَّا في السفر، وخالفهما الجمهورُ، والحديث يردُّ عليهما، وهو مقدَّم على دليل خطاب الآية (3).
الثالث: قيل: إنما اشترى النبي صلى الله عليه وسلم الطعامَ من اليهودي، ورَهَنه درعَه (4) دونَ أصحابه؛ بيانًا (5) للجواز.
وقيل: لأنَّه (6) لم يكن هناك طعامٌ فاضلٌ عن حاجة أصحابه (7) إلَّا عندَه.
وقيل: لأنَّ أصحابه (8) رضي الله عنهم لا يأخذون رَهْنَه صلى الله عليه وسلم، ولا يقبضون منه
(1) في "ت": "كرهان".
(2)
انظر: "الصحاح" للجوهري (5/ 2128)، (مادة: رهن).
(3)
من قوله: "وقول أبي عمرو بن العلاء. . . " إلى هنا ليس في "ز".
(4)
في "ت": "الدرع".
(5)
في "ت": "قيل".
(6)
في "ت": "إنه".
(7)
في "ز" و"ت": "صاحبه".
(8)
في "ت": "الصحابة".
الثمنَ، فعدلَ إلى معاملة اليهودي؛ لئلا يضيِّقَ على أحد من أصحابه.
الرابع: أجمعَ المسلمون على معاملة أهلِ الذمة وغيرِهم من الكفارِ إذا لم يُتحقق تحريمُ ما معهم، إلَّا ما استُثني من بيع المسلم منهم السلاحَ، والمصحفَ، والعبدَ المسلم، ونحو ذلك (1)، ومنع (2) ابنُ حبيب بيعَ الحريرِ والكتانِ والبُسطِ والطعامِ من أهل الحرب، وتأوَّلَ ذلك، أما عندَ الشدائد، فيطمع أن يتمكن منهم لضعف الجوع، وما عداه ممَّا (3) يتجملون (4) به في حروبهم وأعيادهم.
ورهن النبيِّ صلى الله عليه وسلم الدرعَ عند اليهودي (5)؛ لأنَّه لم يكن من أهل حرب، وإلا، فرهنُهما ممن يُخشى منه التقوا بها كبيعِها، واللَّه أعلم.
الخامس: فيه: الحكمُ بثبوت أملاك أهل الذمة على ما في أيديهم.
وفيه: ما كان عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم من التقلُّل من الدنيا، وملازمة الفقر، وإن كان ذلك أشرفَ من حالة الغني.
وقد قيل: إنه عليه الصلاة والسلام لم يمتْ إلَّا غنيًا؛ لتركه أرضَ فَدَك وبغلَتَه البيضاءَ، وغيرَ ذلك.
والخلافُ في مسألة الغني والفقر، وتفضيلِ أحدِهما على الآخر
(1)"ونحو ذلك" ليس في (ت).
(2)
في "ت": "وقال".
(3)
"مما" ليس في "ت".
(4)
في "ز": "يتحملون".
(5)
في "ت": "اليهود".
مشهورٌ، والكلام عليه موضع غير هذا.
وفيه: اتخاذُ الدرعِ والعُدَدِ للأعداء، والتحصُّنُ منهم، وإن كان غيرَ قادحِ في التوكُّل، وإليه الإشارةُ بقوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] الآيةَ] (1)(2).
* * *
(1) من قوله: "الخامس: فيه الحكم بثبوت أملاك. . . " إلى هنا سقط من "ز".
(2)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 304).