الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الربا والصرف
الحديث الأول
270 -
عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الذَّهَبُ بِالوَرِقِ (1) رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالبُرُّ بِالبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، والشَّعِيرُ بِالشَّعِيرُ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ"(2).
(1) في "ز": "بالذهب".
(2)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (2027)، كتاب: البيوع، باب: ما يذكر في بيع الطعام والحكرة، و (2062)، باب: بيع التمر بالتمر، و (2065)، باب: بيع الشعير بالشعير، ومسلم (1586)، كتاب: المساقاة، باب: الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، وأبو داود (3348)، كتاب: البيوع، باب: في الصرف، والنسائي (4558)، كتاب: البيوع باب: بيع التمر بالتمر متفاضلًا يدًا بيد، و (2259، 2260)، باب: صرف الذهب بالورق.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (3/ 67)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (6/ 361)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 266)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 470)، و"شرح مسلم" للنووي (11/ 12)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 180)، و "العدة في =
* الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: قال الجوهريُّ: الذهب معروفٌ، وربما أُنِّثَ، والقطعةُ منه ذَهَبَةٌ (1)، ويجمع على: الأَذْهاب، والذُّهُوب (2).
والوَرِق: الدراهمُ المضروبة، وكذلك الرِّقَةُ -بتخفيف القاف والهاء بدل من الواو- كما هي في عِدَة، وزِنَة، ويجمعُ على رِقِينَ، وفي المثل: إِنَّ الرّقينَ تُغَطِّي أَفْنَ الأَفِينِ (3)، كأنهم يعنون: تغطِّي نقصَ الناقص -واللَّه أعلم-؛ لأنَّ الأفنَ (4): النقصُ.
وفي الوَرِق ثلاثُ لغات حكاهنَّ الفراء: وَرِق، ووِرْق (5)، ووَرْق (6)؛ مثل: كَبِد، وكِبْد، وكَبْد، وكَلِمة، وكِلْمَة، وكَلْمَة؛ لأنَّ منهم من ينقل كسرة الراء إلى الواو بعدَ التخفيف، ومنهم من يترُكُها على حالها (7).
= شرح العمدة" لابن العطار (2/ 1163)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 245)، و"التوضيح" لابن الملقن (14/ 310)، و"فتح الباري" لابن حجر (4/ 348)، و"عمدة القاري" للعيني (11/ 251)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (4/ 56)، و"كشف اللثام" للسفاريني (4/ 598)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (5/ 300).
(1)
في "ت": "من ذهب".
(2)
انظر: "الصحاح" للجوهري (1/ 129)، (مادة: ذهب).
(3)
في "ت": "تغطي أقن الأقين".
(4)
في "ت": "الأقن".
(5)
"ووِرْق" ليس في "ت".
(6)
في "ت": "وَدْق".
(7)
المرجع السابق، (4/ 1564)، (مادة: الورق).
الثاني: [رِبًا] مقصورٌ، وقد يُمد، ومثلُه الزِّنا والشِّرا، وفيضوضا (1)، كلُّها تُقصر وتُمد، وهو من رَبَا يَرْبُو، فيكتب بالألف، ويثنى بالواو، وأجاز الكوفيون كتبه وتثنيته بالياء؛ للكسرةِ في أوله، وغلَّطَهم البصريون، وأجاز الفراءُ كتابته (2) بالألف والياء والواو، والرِّماء -بالميم والمد-: هو الربا، وكذلك الرُّبْيَةُ -بضم الراء والتخفيف- لغةٌ في الربا، وأصلُه: الزيادة، رَبَا الشيء، يَرْبُو: إذا زادَ، وأَرْبى الرجلُ، وأَرْمَى: عامَلَ بالربا (3).
الثالث: أجمعَ المسلمونَ على تحريمِ الربا من حيثُ الجملة، وإن (4) اختلفوا في ضَابِطهِ وتفارِيعه (5)، قال اللَّه تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، والأحاديثَ فيه كثيرة مشهورة، حتَّى يقال: إن ما في المعاصي معصية أعظم من أكل الربا.
وقد ذكر ابنُ بكير: أن رجلًا جاء إلى مالكِ بنِ أنسٍ (6)، فقال: يا أبا عبد اللَّه! (7) رأيت رجلًا سكرانًا يتعافر يريد أن يأخذَ القمرَ،
(1) في "ت": "وحصوصا".
(2)
من قوله: "بالألف، ويثنى بالواو" إلى هنا ليس في "ت".
(3)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (11/ 8). وانظر: "الصحاح" للجوهري (6/ 2350)، (مادة: ربا).
(4)
من قوله: "لأنَّ الأفن: النقص. . . " إلى هنا ليس في "ز".
(5)
"وتفاريعه": بياض في "ت".
(6)
"بن أنس" ليس في "ت".
(7)
في "ت" زيادة: "إني".
فقلت (1): امرأتي طالق إن كان يدخلُ جوفَ ابنِ آدم أشرُّ من الخمر، فقال مالك: ارجعْ حتَّى أنظرَ في مسألتك، فأتاه من الغد، [فقال: ارجعْ حتى أنظرَ في مسألتك، فأتاه من الغد، فقال: ارجعْ حتى أنظرَ في مسألتك، فأتاه من الغد] (2)، فقال له: امرأتُك طالق؛ إنِّي (3) تصفَّحْتُ كتابَ اللَّه، وسنةَ نبيه صلى الله عليه وسلم، فلم أر شيئًا أشدَّ من الربا؛ لأنَّ اللَّه تعالى أَذِنَ فيه بالحرب (4).
قلت: يريد: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 278 - 279]، فليعلم الفقيهُ قدرَ ما أنعمَ اللَّه عليه، وَفَّقنا اللَّهُ للعملِ بما عَلِمنا، وسامحَنَا فيما أهملْنا (5) من ذلك (6)، إنه وليُّ ذلك، والقادرُ عليه، لا ربَّ سواه.
الرابع: نصَّ في هذا الحديث على تحريم الربا في أربعة أشياء: الذهب، والورق، والبر، والشعير.
وفي بعض أحاديث "مسلم" زيادة: التمر، والملح.
(1) في "ز" زيادة: "له".
(2)
ما بين معكوفتين ليس في "ت".
(3)
في "ت": "إذ".
(4)
انظر: "تفسير القرطبي"(3/ 364).
(5)
في "ت": "أهملناه".
(6)
في "ز": "وهمنا وأهلنا" بدل "أهملنا من ذلك".
فقال أهل الظاهر: باختصاص هذه الستة؛ بناء على أصلهم الفاسد في نفي القياس، وقال جماعة العلماء سواهم: لا يختص بالستة (1)، بل يتعدَّى إلى ما في معناها، وهو ما شاركها في العلَّة، التي هي سبب تحريم الربا في الستة (2).
ثم اختلفوا في العلة التي هي سببُ تحريم الربا في الستة (3):
فذهب مالك إلى أن علَّة التحريم في النقدين كونُهما جوهَرَي الأثمان، وأما الأربعةُ، فلكونها تُدَّخر للقوت، أو تصلُحُ للقوت، فعلى هذا لا يجري الربا عنده في الحديد والرصاص وما أشبهَهُما، ولا في الرمان، والبطيخ، والتفاح، ونحو ذلك.
وبذلك قال الشافعي -أيضًا- في النقدين، وأما في الأربعة، فقال في القديم، تبعًا لسعيد بن المسيب: إن العلَّة كونُه مطعومًا يُكال أو يوزن، فحرم الربا في كل مطعوم يُكال أو يوزن، ونفاه عما سواه (4)؛ كالسفرجل، والبطيخ، وقال في الجديد: العلَّة كونُه مطعومًا فقط، سواءٌ كان مكيلًا، أو موزونًا، أم لا، ولا ربا فيما سوى المطعوم غيرِ الذهبِ والفضة، هذا هو الصحيح من مذهب الشافعي على ما نقله ح
(1) قوله: "بناء على أصلهم الفاسد في نفي القياس، وقال جماعة العلماء سواهم: لايختص بالستة" ليس في "خ".
(2)
قوله: "بل يتعدى إلى ما في معناها، وهو ما شاركها في العلة، التي هي سبب تحريم الربا في الستة" ليس في "ت".
(3)
من قوله: "بل يتعدى إلى ما في معناها. . . " إلى هنا ليس في "ز".
(4)
"سواه": بياض في "ت".
في "شرح المهذب"(1).
ع: وخالفهما أبو حنيفة -يعني: مالكًا، والشافعي- في الجميع، فقال: إن العلَّة في الذهب الوزنُ، وفي الأربعة الكيلُ (2).
قلت: وقال ابنُ هبيرة: قال أبو حنيفة، وأحمد، في أظهر الروايات عنه، وهي اختيار الخرقي وشيوخِ أصحابِه: العلَّةُ في الأعيان الأربعة الباقيةِ زيادةُ كيل في جنسِ المَكيلات، فكلُّ ما جمعه الجنسُ والكيلُ، فالتحريم فيه ثابتٌ إذا بِيعَ متفاضِلًا؛ كالحنطة، والشعير، والنورة، والجِصِّ، والأُشنان، وما أشبَهَهُ.
وعن أحمد رواية ثانية في علَّة الأعيان الأربعة: أنها مأكولٌ مكيلٌ، أو مأكولٌ موزونٌ، فعلى هذه الرواية لا ربا فيما (3) يؤكل وليسَ بمكيل ولا موزونٍ؛ مثل: الرمان، والسفرجل، والبطيخ، والخيار، ولا في غير المأكول ممَّا يُكال ويوزن؛ كالنورة، والجص.
وعنه رواية ثالثة في علة الأعيان الأربعة: أنه مأكولُ جنس، فعلى هذه الرواية يحرُم ما كان مأكولًا خاصةً، ويدخل في (4) التحريم سائرُ المأكولات (5)، ويخرجُ منه ما ليس بمأكول (6).
(1) انظر: "المجموع في شرح المهذب" للنووي (9/ 387).
(2)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 259).
(3)
في "ت" زيادة: "ليس".
(4)
"في" ليست في "خ".
(5)
في "ت": "ما كان من المأكولات".
(6)
انظر: "الإفصاح" لابن هبيرة (1/ 331).
ع: فخرج من ذلك أن مالكًا تطلَّبَ علَّته، فحرَّم التفاضلَ في الزبيب؛ لأنَّه كالتمر (1) في الاقتيات، وحَرَّمَ التفاضُلَ في القطنية؛ لأنها في معنى القمح والشعير، ويرى أن علَّة الثمنية لم يتفق وجودُها إلَّا في الذهب والفضة (2)، ولو اتفق أن يجيز (3) النَّاس بينهم الجلود، لنهى عن التفاضل فيها.
وأما الشافعي، فتطلَّب علَّته، فحرمَ التفاضُلَ في كل مطعوم.
وأبو حنيفة يحرِّمه في كل مَكيل أو موزونٍ.
فأما مالك، فإنه استلوحَ ما قال؛ لأجل أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لو أراد الكيلَ أو الوزنَ، لاكتفى بأحدِ هذه الأربعة، ولا يظهرُ للزيادة على الواحدة (4) فائدةٌ، وكلامُه صلى الله عليه وسلم كلُّه فوائدُ، لا سيما في تعليم الشرائع، وبيانِ الأحكام، ولذا (5) كان يقتصرُ على واحدٍ منها لو كانت العلَّة كونَها مطعومةً؛ لأن الواحدَ منها كما سواه ممَّا ذُكر معه في الحديث، ويقول: لما علم النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن المرادَ: الاقتياتُ، أرادَ أن يُبينه بالتنبيه عليه؛ ليبقي للعلماء مجالًا في الاجتهاد، ويكونَ داعيًا لبحثهم الذي هو من أعظم القُرَب إلى اللَّه عز وجل، وليوسِّعَ لأمته في التعبُّد على حسب
(1) في "ت": "كالثمر".
(2)
في "ت": "الورق".
(3)
"يجيز" ليس في "ت".
(4)
في "ت": "الواحد".
(5)
في "ت": "وكذا".
تتبُّعِ أقوالِ علمائهم، ولربما (1) كانت التوسعةُ أصلحَ للخلق أحيانًا، فنصَّ على البُرِّ الذي هو أعلى المقتاتات، ثم نصَّ على الشعيرِ الذي هو أدناها؛ لينبِّهَ بالطرفين على الوسط، وتُنظمَ الحاشيتان ما بينهما، وإذا أراد إنسانٌ ذكرَ جملةِ الشيء، فربما كان ذكر طرفيه ونهايته أدلَّ على استيفائه من اللفظِ الشامِل له.
ولما عهدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عادةَ النَّاس في زمنه أكلَ البُرِّ مع السَّعَة والاختيار، والشعير مع الضرورة والإقتار، كان ذكرُه لهما تنبيهًا على السلْت، والأرز، والذرة، والدخن، لأ [ن] مَن اعتادَ أكلَها في بعض البلاد، إما (2) أن يأكلَها في حال سَعَته، فيكون ذكرُ القمحِ منبهًا له على حكمها، أو في حال ضيقته، فيكون ذكرُ الشعير منبهًا له، و (3) لو اتفق أن يكون الدخنُ أو غيرهُ هو المقتاتَ في زمنه في قوت أهل الإقتار، لأمكنَ (4) أن ينبه به بدلًا من الشعير، وأما التمرُ، فإنه، وإن كان يُقتات (5)، ففيه ضربٌ من التفكُّه، والطبعُ يستحليه (6)، حتَّى إنه يؤكل على غير جهة (7) الاقتيات، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يرفعَ اللَّبْس لأجل هذا المعنى الذي انفرد، وينصُّ
(1) في "ت": "وربما".
(2)
في "ت": "فإما".
(3)
في "ت": "أو".
(4)
في "ت": "لا يمكن".
(5)
في "ت": "ليقتات".
(6)
في "ت": "يستحيله".
(7)
في "ت": "وجه".
عليه مُشيرًا إلى كل مُقتات، وإن كان فيه زيادةُ معنى، فإن ذلك لا يُخرجه عن بابه.
ولما علم صلى الله عليه وسلم أن هذه الأقواتَ، لا يصحُّ اقتياتُها (1) إلَّا بعدَ إصلاحها، وإذا لم تكن (2) مصلحة تكاد تلحق بالعدم الذي لا ينتفع به في القوت، أعطى ما لا قوام (3) لها إلَّا بها (4) حكمَها، ونبَّهَ بالملح على ما سواه ممَّا يحلّ محلَّه في (5) إصلاحها، أنه لا يُقتات منفردًا؛ ولكنه يَجعل ما ليس بقوت قوتًا.
قال: وأما الشافعيُّ، فإنه استلوحَ ما ذهبَ إليه من قوله صلى الله عليه وسلم في حديثٍ آخر:"الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ، مِثْلًا بِمِثْل"، فيقول: إني وإن (6) لم أزاحمكم في تطلُّب التعليل، فإن عمومَ هذا نصُّ مذهبي، وإن زاحمتكم فيه، فإنه يشير إلى ما قلت؛ لأنَّه علَّق الحكمَ بالطعام، وهو مشتقٌّ من الطُّعْم، ومعنى الاشتقاق هو علَّةُ الأحكام.
وأما أبو حنيفة، فإنه سلك -أيضًا- قريبًا من هذا المسلك، فقال: فإن عاملَ خيبرَ لما باع الصاعَ بالصاعين، أنكرَ ذلك صلى الله عليه وسلم، فقال:
(1) في "ت": "اقتناؤها".
(2)
في "خ": "يكن".
(3)
في "ت": "إعظامًا لأقوام" بدل "أعطى ما لا قَوامَ".
(4)
في "ت": "بما".
(5)
في "ت": "وفي".
(6)
في "ت": "فإن".
"لَا تَفْعَلُوا، وَلَكِنْ مِثْلًا بِمِثْلِ، وَبِيعُوا (1) هَذَا، وَاشْتَرُوا بِثَمَنِهِ مِنْ هَذَا"، فكذلك الميزان، ومعلومٌ أنه لم يرد نفسَ الميزان، وإنما أرادَ نفسَ الموزون، فكأنه قال: وكذا (2) الموزونُ، وإن زاحمتكم فيه، كان ذكرُ (3) الوزنِ مشيرًا إلى العلَّة.
وقال أصحابنا في الردِّ عليه: إن علَّته تُجيز الربا في القليل الذي لا يتأتى فيه الكيل، وعموم قوله صلى الله عليه وسلم:"البر بالبر"، الحديث، يوجب منع (4) الربا فيه، فقد صارت العلَّة أُخذت من أصل ينقُضُها عمومُه، وذلك ممَّا يُبطل التعليل. انتهى كلامه رحمه اللَّه تعالى (5).
وقد نقلوا الإجماع على جواز بيعِ الربويِّ (6) بربويٍّ لا يُشاركه في العلَّة، متفاضِلًا، ومؤجَّلًا؛ كبيع الحنطةِ وما في معناه (7) بالذهب أو (8) الوَرِق، وبيعِ الشعير وغيرِه من المكيل بالفضة.
(1) في "ت": "أو بيعوا".
(2)
في "ت": "وكذلك".
(3)
في "ت": "ذلك".
(4)
قوله: "الربا في القليل الذي لا يتأتى فيه الكيل، وعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "البر بالبر" الحديث يوجب منع "ليس في "خ".
(5)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 259) وما بعدها.
(6)
في "ت": "ربوي".
(7)
في"ت": "معناها".
(8)
في "ت": "و".
(1)
على أنه لا يجوزُ بيعُ الربويِّ بجنسِه وأحدُهما مؤجَّل.
وعلى أنه لا يجوزُ التفاضلُ (2) إذا بيعَ بجنسِه حالًا؛ كالذهبِ بالذهب.
وعلى أنه لا يجوزُ التفرُّقُ قبلَ التقابض إذا باعَه بجنسِه، أو بغيرِ جنسه ممَّا يشاركه في العلَّة؛ كالذهب بالفضة، والحنطةِ بالشعير.
وعلى أنه يجوزُ التفاضلُ عند اختلافِ الجنس إذا كان يَدًا بيد؛ كصاعِ حنطةٍ بصاعِ أَرُزٍّ، لا خلافَ بين العلماء في هذا كلِّه، إلَّا ما حُكي عن ابن عباس من تخصيصِ الربا (3) بالنَّسيئة، وقد قيل: إنه رجعَ عن ذلك، والحمدُ للَّه.
ولتعلمْ: أن التبايُع يقع في ثلاثة أوجه: عرضٌ بعرضُ وعينٌ بعين، وعرضٌ بعين.
ويقع التبايُع (4) بهذه الأجناس على ثلاثة أوجه أيضًا: يؤخران جميعًا، وينقدان جميعًا، وينقد أحدهما ويؤخر الآخر (5).
فإن نقدا جميعًا، كان ذلك بيعًا بنقد.
(1) في "ت" زيادة: "وأجمعوا".
(2)
في "ت" زيادة: "عند الاختلاف".
(3)
في "ت": "البر".
(4)
في "ت": "التابع".
(5)
في "ت": "ويؤخر أحدهما وينقد الآخر".
فإن بيع العينُ بعينٍ مثلهِ (1)؛ كالذهب بالذهب، سُمي: مُرَاطلة.
وإن بيع بعين خلافه؛ كالذهب بالورق، سمي: صرفًا؛ لصرفِهِ عن مقتضى البياعات من جواز التفاضل، وقيل: لصريفِهما (2) وتصويتِهما في الميزان، وهذا تردُّه المراطلة.
وإن بيع العرض بعين، سمي العين ثمنًا، والعرضُ مثمونًا.
وإن كانا مؤخرين جميعًا، فذلك الدَّينُ بالدَّين، وليس ببيع شرعي؛ لأنَّه منهيٌّ عنه على الجملة.
وإن نقد أَحدُهما، وأُخِّرَ الآخرُ، كان المؤخَّرُ هو العين، والمتقدمُ هو العرض (3)، سمي ذلك بيعًا إلى أجل، وإن كان العكس (4)، سُمي سَلَمًا وسَلَفًا.
ولو كانا عرضين مختلفين، سمي ذلك: سَلَمًا، وسَلَفًا، ولا نبالي ما تقدم منهما و (5) تأخر (6).
هذا من حيث الجملة، وتفصيلُه وتفريعه في كتب الفقه (7).
(1) في "ت": "بمثله" بدل "بعين مثله".
(2)
في "ت": "تصريفهما".
(3)
"والمتقدم هو العرض" ليس في "ت".
(4)
في "ت": "بالعكس".
(5)
في "ت": "أو".
(6)
انظر: "المعلم" للمازري (2/ 297).
(7)
من قوله: "وأما الأربعة، فلكونها تدخر للقوت. . . " إلى هنا سقط من "ز".
الخامس: قوله عليه الصلاة والسلام: "البرُّ بالبرِّ، والشعيرُ بالشعير": ظاهره: أنهما صنفان، وهو مذهبُ الثوري، وأبي حنيفة، والشافعي، وفقهاء المحدثين، وآخرين.
وقال مالك، والليث (1)، والأوزاعي، ومعظمُ علماء المدينة والشام من المتقدمين (2): إنهما صنفٌ واحد، وهو محكيٌّ عن عمرَ، وسعدٍ، وغيرِهما من السلف رضي الله عنهم (3).
واتفقوا على أن الدُّخْنَ (4) صنفٌ، والذرةَ صنفٌ، والأرزَّ صنفٌ، إلَّا الليثَ بنَ سعد، وابنَ وهب من أصحابنا، فقالا: هذه الثلاثة صنفٌ واحد (5).
السادس: قوله عليه الصلاة والسلام: "هاء وهاء".
قال الإمام: بعض المحدثين يقولون: (ها) بالقصر، وحُذَّاقُ أهل اللغة يمدُّونها (6)، ويجعلون ذلك بدلًا من الكاف؛ لأنَّ أصلها (7): هاكَ، يقولون: هاكَ السيفَ، بمعنى: خذه، ويقال (8) للاثنين: هاؤُما،
(1)"والليث" ليس في "ز".
(2)
في "ز": "علمائنا" بدل "علماء المدينة والشام من المتقدمين".
(3)
"وهو محكي عن عمر، وسعد، وغيرهما من السلف رضي الله عنهم" ليس في "ز".
(4)
في "ت": "الدخر".
(5)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 268).
(6)
في "ت": "يمد فيها".
(7)
في "ت": "أصل".
(8)
في "ت": "ويقولون".
وللجمع هاؤُم، قال اللَّه تعالى:{هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَ} [الحاقة: 19](1).
قلت: قولُ الإمام: لأن أصلَها (2) هاكَ يوهمُ أن الكافَ من نفس الكلمة في الأصل؛ كالدال من زيد، وليس ذلك مرادَه (3)؛ إنما يريد: أن ذلك أصلُها استعمالًا، لا بناءً، وهو حرفُ خطاب؛ كالكاف في ذلك، وأولئك، لا حظَّ لها في الاسمية، ويدل على ذلك استعمالُ الهمزة في موضعها؛ كما في الحديث، فيقولون هاءَ للمذكر -بفتح الهمزة-، وهاءِ -بكسرها- للمؤنث، فلما وقعَ موقعَ الكاف ما لا يكون إلَّا حرفًا، عُلم أنها حرف، وربما قالوا: هَاءَكَ -بفتح الهمزة والكاف-، وهاكِ -بكسر الكاف-؛ كأنهم جمعوا بينهما توكيدًا للخطاب، فالكاف (4) هنا -أيضًا- حرف، لأن (ها) من أسماء الأفعال -كما تقدم-، وأسماءُ الأفعال لا تُضاف.
وقد حكى ثابتٌ وغيرُه من أهل اللغة هَأْ -بالقصر-؛ مثل: خَفْ، وللاثنين هاءا؛ مثل: خافا، وللجميع هاؤوا؛ مثل: خافوا، وللمؤنث هاكِ، ومنهم من لا يثنيها ولا يجمعها على هذه اللغة، ولا يغيرها في التأنيث، ويقول في الجميع:(ها) بلفظ واحد.
قال السيرافي: كأنهم جعلوها (5) صوتًا مثل صَهْ، ومَنْ ثنى وجمع،
(1) انظر: "المعلم" للمازري (2/ 304).
(2)
في "ت": "أصله" بدل "لأنَّ أصلها".
(3)
في "ت": "مؤداه".
(4)
في "ت": "والكاف".
(5)
في "ت": "جعلوا هاء".
قال للمؤنث: هائي، وبعضهم يقول هاكِ، وفيها لغة أخرى:"هاء" بالكسر مهموزة، الذكر والأنثى سواء، لكن يزيد في المؤنث "ياء"، ويقول: هاءي (1)، وفيها لغة أُخرى حكاها بعضهم:(ها)(2) -بالقصر-؛ كما يقول بعضُ المحدثين، وأكثرُ أهل اللغة ينكرونها، فرواية المحدثين (هَا وهَا) -بالقصر- على هذا، أو على اللغة الثانية سُهلت فيه الهمزة.
قال الهروي: ومعناها: أن يقول كلُّ واحد منهما لصاحبه: ها، فيعطيه ما (3) بيده.
ع: وهذا يُصَحِّح (4) روايةَ المحدثين.
وقال الخطابي: قوله عليه الصلاة والسلام: "هَا وهَا" معناه: التقابض.
و (5) قال هو وغيره: إن الصوابَ المدُّ والفتحُ (6).
وقد أنشد بعضُ أهل اللغة في ذلك:
(1) قوله: "وفيها لغة أخرى "هاءِ" بالكسر مهموزة، الذكر والأنثى سواء، لكن يزيد في المؤنث "ياء" ويقول: هاءي" ليس في "خ".
(2)
"ها" ليست في "ت".
(3)
في "ت" زيادة: "في".
(4)
في "خ": "صحح".
(5)
الواو ليست في "ت".
(6)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 262).
لَمَّا رَأَتْ فِي قَامَتِي انْحِنَاءَ
…
وَالمَشْيَ بَعْدَ قَعسٍ إِحْنَاءَ
أَجْلَتْ وَكَانَ حُبُّهَا إِجْلَاءَ
…
وَجَعَلَتْ نِصْفَ غَبُوقي مَاءَ
تَمْزُجُ لِي مِنْ بُغْضِهَا السِّقَاءَ
…
ثُمَّ تَقُولُ مِنْ بَعِيدٍ هَاءَ
دَحْرَجَةً إِنْ شِئْتَ أَوْ إِلْقَاءَ
…
ثُمَّ تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ دَاءَ
لَا يَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ شِفَاءَ (1)
فهذا شاهدٌ على اللغة الفصحى، وهي (2) المدُّ؛ كما في الحديث، ولا يجوز أن يكونَ ضرورةً؛ إذ لا يجوزُ في الشعر مَدُّ المقصور، وإنما يجوز قصرُ الممدود؛ رجوعًا إلي الأصل؛ إذ الأصلُ (3) القصرُ، واللَّه أعلم.
* * *
(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 181)، وعنه نقل المؤلف رحمه الله هذه الأبيات. وانظر:"سر صناعة الإعراب" لابن جني (2/ 478).
(2)
في "ت": "وهو".
(3)
في "ت" زيادة: "في".