الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
251 -
عَنْ أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَلَقَّوُا الرُّكبَانَ، وَلَا يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيع بَعْضٍ، وَلَا تناجَشُوا، وَلَا يَبِعْ (1) حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تُصَرُّوا الغَنَمَ، وَمَنِ ابْتَاعَهَا، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا، إِنْ رَضِيَهَا، أَمْسكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا، رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمرٍ"(2).
وَفِي لَفْظٍ: "فَهُوَ بِالخِيَارِ ثَلَاثًا"(3).
(1) في "ت": "ولا يبيع".
(2)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (2033)، كتاب: البيوع، باب: لا يبيع على بيع أخيه، و (2043)، باب: النهي للبائع أَلَّا يُحفِّل الإبل والبقر والغنم وكل محفلة، و (2052)، باب: لا يبع حاضر لبادٍ بالسمسرة، و (2054)، باب: النهي عن تلقي الركبان، و (2574)، كتاب: الشروط، باب: ما لا يجوز من الشروط في النكاح، و (2577)، باب: الشروط في الطلاق، ومسلم (1515/ 9 - 12)، كتاب: البيوع، باب: تحريم بيع الرجل على بيع أخيه، وأبو داود (3443)، كتاب: الإجارة، باب: من اشترى مصراة فكرهها، والنسائي (4487)، كتاب: البيوع، باب: النهي عن المصراة، و (4496)، باب: بيع الحاضر للبادي.
(3)
رواه البخاري (2041)، كتاب: البيوع، باب: النهي للبائع ألا يُحفّل =
* الكلام على الحديث من وجوه:
الأول: قوله عليه الصلاة والسلام: "لا تلقوا الركبان": الأصل: (1) تَتَلَقَّوا (2)، فحذف (3) إحدى التاءين تخفيفًا، وقد تقدم أن شرطَ الحذف
= الإبل والبقر والغنم وكل محفلة، ومسلم (1524/ 24، 25)، كتاب: البيوع باب: حكم بيع المصراة، وأبو داود (3444)، كتاب: الإجارة، باب: من اشترى مصراة فكرهها، والنسائي (4489)، كتاب: البيوع، باب: النهي عن المصراة، والترمذي (1221)، كئاب: البيوع، باب: ما جاء في كراهية تلقي البيوع، وابن ماجه (2178)، كتاب: التجارات، باب: النهي عن تلقي الجلبان، باب: بيع المصراة.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (3/ 11)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (6/ 523)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (5/ 229)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 137)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 373)، و"شرح مسلم" للنووي (10/ 158)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 111)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 1094)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 228)، و"التوضيح" لابن الملقن (14/ 343)، و"طرح التثريب" للعراقي (6/ 63)، و"فتح الباري" لابن حجر (4/ 362)، و"عمدة القاري" للعيني (11/ 269)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (4/ 65)، و"كشف اللثام" للسفاريني (4/ 488)، و"سبل السلام" للصنعاني (3/ 26)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (5/ 327).
(1)
في "ز" و"ت" زيادة: "لا".
(2)
في "ت" زيادة: "الركبان".
(3)
في "ت": "فحذفت".
في مثل هذا (1) تجانُسُ الحركتين.
والرُّكْبان: جمعُ رَكْب (2).
قال الجوهري: الركب (3) أصحابُ الإبلِ في السفرِ دونَ الدوابِّ، وهم العشرةُ فما فوقها (4)، والجمعُ: أَرْكُب، والرَّكَبَةُ -بالتحريك- أقلُّ من الرَّكْب، والأُركوب -بالضم- أكثرُ من الركب، والرُّكبان: الجماعة منهم (5).
قلت: وراكبُ البعير يقال فيه: راكب، وراكبُ الفرس: فارس، واختلف أهلُ اللغة في راكب الحمار، هل يقال له: فارسٌ على حمار، أو لا يقال له (6) إلا حَمَّار؟
وصورةُ التلَقِّي: أن يتلقى الرجلُ طائفةً يحملون متاعًا، فيشتريه (7) منهم قبلَ أن يقدَموا (8) الأسواقَ، ويتعرفوا (9) سعرَه.
(1) في "ت": "ما" بدل "هذا".
(2)
في "ز": "راكب" وهو خطأ.
(3)
"الركب" ليس في "خ".
(4)
في "ت": "فوقهم".
(5)
انظر: "الصحاح" للجوهري (1/ 138)، (مادة: ركب).
(6)
"له" ليس في "ز" و"ت".
(7)
في "ت": "فيشريه".
(8)
في "ز": "تقدموا".
(9)
في "ت": "ويعرفوا".
قال الإمام أبو عبد اللَّه: والنهيُ عنه معقولُ المعنى، وهو ما يلحق الغيرَ من الضرر، ولكن ينقدح هاهنا في نفس المتأمل (1) معارضة، فيقول (2): المفهومُ من منعِ (3) بيعِ الحاضرِ للبادِي (4): أن لا يستقصيَ (5) البادي (6)، وأن يوجدَ السبيل لغَيْيه، والمفهومُ من النهي عن التلقي: أن لا يُغْبَنَ البادي، بدليل قوله هنا (7): فإذا أتى سيدُه السوقَ، فهو بالخيار، والانفصالُ عن هذا أنَّا كنا قد (8) قدمنا أن الشرع في هذه المسألة وأخواتها مبني (9) على مصلحة (10) الناس، والمصلحةُ تقتضي أن يُنظر للجماعة على الواحد، ولا تقتضي أن يُنظر للواحد على الواحدِ، ولما كانَ البادي إذا باع بنفسه، انتفع سائرُ (11) أهلِ السوقِ، فاشترُوا ما يشترونه رخيصًا، وانتفع (12) به سائرُ سكانِ البلد، نُظِر لأهلِ البلدِ عليه، ولما كان إنما
(1) في "ت": "تفسير المسائل" بدل "نفس المتأمل".
(2)
في "ت": "فيكون".
(3)
"منع" ليس في "ز".
(4)
في "ت": "البادي".
(5)
في "ز": "لا يستنقص".
(6)
في "خ" و"ت": "للبادي".
(7)
"هنا" ليس في "ت".
(8)
"قد" ليس في "ت".
(9)
في "خ": "بنى"، وفي "ز":"تبنى".
(10)
في "ت": "مصالح".
(11)
في "خ": "اتسع"، وفي "ت":"اتبع سائر التلقي" والصواب ما أثبت.
(12)
في "خ" و"ت": "اتسع"، والصواب ما أثبت.
ينتفع بالرخيصِ المتلقِّي خاصة، وهو واحدٌ في قبالةِ الواحدِ الذي هو البادي، ولم يكن في إباحة المتلقى (1) مصلحة، لاسيما وتضاف (2) إلى ذلك علَّة ثانية، وهي (3) لحوقُ الضرر بأهل السوقِ في انفراد المتلقِّي عنهم بالرخيصِ، وقطعِ الموادِّ عنهم (4)، وهم أكثرُ من المتلقِّي، فنظر لهم عليه، فعادت المسألة إلى المسألة الأولى، فصارا أصلًا واحدًا، وانقلب ما ظنَّه الظانُّ في هذا من التناقض بأن صارا (5) مِثلين يؤكد (6) بعضُهما بعضًا.
وقد اختلف المذهبُ عندنا فيمن لم يَقْصِدِ التلقِّيَ، ولم يبرزْ إليه خارجَ المدينةِ، بل مَرَّ به (7) على بابه بعضُ البُداة، هل يَشتري منه ما يحتاج إليه (8) قبلَ وصوله إلى السوق؟
فقيل بالمنع؛ لعموم الحديث.
وقيل: بالجواز؛ لأن هذا لم يقصِدِ الضررَ، ولا الاستبداد دونَ أهلِ السوق، فلم يمنع، وقد جُعل له في بعض هذه الطرق هاهنا الخيارُ
(1)"المتلقى" ليس في "ت"، وفي المطبوع من "المعلم":"التلقي".
(2)
في "ت": "وتنضاف".
(3)
في "خ" و"ت": "وهو".
(4)
"عنهم" ليس في "ت".
(5)
في "ت": "فإن صار".
(6)
في "ت": "يوكل".
(7)
في "ت": "عليه".
(8)
"إليه" ليس في "ت".
إذا جاء السوق، ولم يفسخ البيع، لما كان النهي لحق الخلق، لا لحقِّ اللَّه سبحانه (1)، ومن لم تثبت (2) عنده هذهِ الزيادةُ، ورأى أن النهيَ يدلُّ على فساد المنهيِّ عنه، فسخ البيع، قال: وفي ذلك اضطرابٌ في المذهب (3).
قلت: وانظر: إذا تلقى الركبانَ ليبيع منهم، لا ليشتريَ، هل يُشرع له ذلك، أم لا؟ (4)
ويلوح من هذا (5) الحديث إثباتُ الخيارِ للمغبونِ؛ لأنه إذا ثبتَ أن النهيَ (6) عن التلقِّي لكي لا يُغبنَ الجالبُ، لم يكن لإثباتِ الخيارِ له معنى إلا لأجلِ الغبن، و (7) لأنه يرجو الزيادة في السوق (8).
ع: وخالف أبو حنيفة في هذا، فلم يأخذ بهذا الحديث، وأجاز التلقِّيَ، إلا أن يضرَّ بالناس، فيكره.
وقال الأوزاعي مثلَه.
(1) في "ت": "عنه" بدل "سبحانه".
(2)
في "ت": "لم يثبت".
(3)
من قوله: "للواحد على الواحد. . . " إلى هنا ليس في "ز".
(4)
قوله: ليس في "ز".
(5)
"هذا" ليس في "خ" و"ز".
(6)
في "ت": "المنهي".
(7)
في "ت": "أو".
(8)
انظر: "المعلم" للمازري (2/ 246).
واختُلف فيه إذا وقع، فعن مالك وبعضِ أصحابه: أنه ينهى، ولا ينتزع (1) منه، ورأى بعض أصحابنا (2) فسخَ بيع المتلقِّي.
والشافعي، وأحمد يَرَيان (3) للباع الخيارَ، كما جاء في الحديث، ومال إليه بعضُ أصحابنا، والمشهور عن مالك وأكثرِ أصحابه: أن يعرض على أهل السوق، فإن لم يكن سوقٌ، فأهلُ المصر، يشترك فيها (4) مَنْ شاء منهم.
وقال الإِصطخري: إنما يكون البائع بالخيار إذا اشتُريت بأقلَّ من ثمنها (5).
قلت: وقال الخطابي: وهو قول قد يخرج على معاني الفقه (6).
وقال ح: إن كان الشراء بسعرِ البلد أو أكثرَ فوجهان:
الأصحُّ: لا خيارَ له؛ لعدم الغبن.
والثاني: ثبوتُه؛ لإطلاق الحديث (7).
(1) في "ت": "ولا ينزع".
(2)
في "ت": "أصحابه".
(3)
في "خ": "بأن" بدل "يريان".
(4)
في "ز": "فيه".
(5)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 140).
(6)
انظر: "معالم السنن" للخطابي (3/ 109).
(7)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (10/ 163).
ق: واذا قلنا بثبوت الخيار، فهل هو على الفور، أو يمتد إلى ثلاثة أيام؟ [فيه] خلافٌ للشافعية (1).
ع (2): واختُلف عندنا في حدِّ التلقِّي الممنوعِ، فعن مالك: كراهةُ ذلك على مسيرة يومين، وعن مالك تخفيفُه وإباحتُه على (3) ستة أميال، ولا خلاف في منعه إذا كان قربَ المِصْرِ وأطرافه.
وقال بعض المتأخرين: وكذلك يجوز تلقِّيها في أول السوق، لا في خارجه، وكذلك لو لم يكن للسلعة سوق، فشراؤها إذا دخلت البلدَ جائز، وإن لم تبلغْ أسواقَه (4). انتهى.
الثاني: قوله: عليه الصلاة والسلام: "وَلَا يَبِعْ (5) بَعْضكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ":
قال الإمام: معناه: لا يَسُمْ على سَوْمه، وقد صَرَّحَ بذلك في حديثٍ آخرَ من "كتاب مسلم"(6).
قلت: وقد فُسّرَ السَّومُ على السَّوم: بأن يأخذ شيئًا ليشتريَه، فيقول له إنسانٌ: رُدَّهُ لأبيعَ منك خيرًا منه وأرخصَ، أو يقول لصاحبه:
(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 113).
(2)
في "ت": "ح".
(3)
في "ت": "وإباحة" بدل "وإباحته على".
(4)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 140).
(5)
في "ت": "ولا يبيع".
(6)
من قوله: "قلت: وقال الخطابي. . . " إلى هنا ليس في "ز".
اشتره (1) لأشتريَه منكَ بأكثرَ.
قال الإمام: وعلَّته (2) ما يؤدِّي إليه من الضرر، وقد كره بعض أهل العلم بيع المزايدة في الحِلَق؛ خوفًا من الوقوع في ذلك، وإن قلنا: إنه منع (3) من ذلك مع (4) التراكن إلى البيع، خرج بيعُ الحلقِ من ذلك (5).
ع (6): معنى لا يَبعْ (7) هاهنا (8) لا يشتري، وأما بيعُه سلعتَه على بيعِ أخيه، فغيرُ منهيٍّ عنه (9)، والأَوْلى أن يكون على ظاهره، وهو أن يعرض سلعتَه على المشتري برُخْصٍ ليزهِّدَه في شراءِ تلكَ السلعة التي ركن إليها أولًا من عند الآخر، فيشتمل عليه النهي، فيكون على ظاهره.
والشراءُ والبيعُ ينطلق على المتبايِعَيْن معًا، واختُلف في هذا، أعني: فيما وقع من الخِطْبة على الخِطْبة، أو السومِ على السومِ بعدَ التراكُن، هل يُفسخ العقد، أم لا؟
(1) في "ز": "لا تبعه".
(2)
في "ت": "وعلة".
(3)
في "ت": "امتنع".
(4)
في "ت": "بعد".
(5)
انظر: "المعلم" للمازري (2/ 138).
(6)
من هنا وحتى بداية الحديث التاسع من هذا الباب ليس في "ز".
(7)
في "ت": "لا يبيع".
(8)
في "ت": "هنا".
(9)
"عنه" ليس في "خ".
فذهب الشافعي، والكوفيون، وجماعة من العلماء: إلى إمضاء العَقْد، وأن النهيَ (1) ليس على الوجوب.
وقال داود: هو على الوجوب، ويُفسخ.
ولمالك قولان؛ كالمذهبين، وفي النكاح قول ثالث: الفسخ قبل البناء، والمُضِيُّ بعده، ولا خلاف أن فاعل ذلك عاصٍ (2).
ق: وتَصرَّفَ بعض الفقهاء في هذا النهي (3)، وخَصَّصَه بما إذا لم يكن في الصورة غَبْنٌ فاحش، فإن [كان] المشتري مغبونًا غبنًا فاحشًا، فله أن يُعلمه ليفسخَ (4) ويبيعَ منه بأرخصِ، وفي معناه: أن يكون البائع مغبونًا، فيدعوه إلى الفسخ، فيشتريه منه بأكثر (5).
الثالث: قوله عليه الصلاة والسلام: "ولا تَناجَشُوا": هو كما تقدَّم في "تَلَقَّوا" من حذف إحدى التاءَين، وهو تَفاعَلُوا؛ من النَّجْش، وأصلُ النجش؟ الاستئارةُ (6)، ومنه نَجَشْتُ الصيدَ، أَنْجُشُهُ -بضم الجيم- نَجْشًا: إذا استثرته (7)، سُمي الناجِشُ في السلعة (8) ناجشًا؛ لأنه
(1) في "ت": "النفي".
(2)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 549).
(3)
في "ت": "المعنى".
(4)
في "ت": "يفسخ".
(5)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 113).
(6)
في "ت": "الاستتارة".
(7)
انظر: "الصحاح" للجوهري (3/ 1021)، (مادة: نجش).
(8)
"في السلعة" ليس في "ت".
يثُير (1) الرغبةَ فيها ويرفع ثمنها (2).
وقال ابن قتيبة: أصلُ النَّجْش: الخَتْلُ، وهو الخِدَاعُ، ومنه قيل للصائِدِ ناجشٌ؛ لأنه يَخْتِلُ الصيدَ، ويحتال عليه، وكلُّ من استثارَ شيئًا فهو ناجِشٌ.
وقال الهروي: قال أبو بكر: النَّجْشُ: المدحُ والإطراء (3)، و (4) على هذا معنى الحديث، وعلى هذا يكون معنى الحديث: لا يمدحَ أحدُكم السلعةَ، ويزيد في ثمنِها بلا رغبة، والصحيح الأول (5).
قال الإمام: وصفتُه عند الفقهاء: أن يزيدَ في السلعة ليغترَّ به غيرُه، لا ليشتريَها، فإن وقع ذلك، وعلم أن الناجش من قبل البائع، كان المشتري بالخيار بين أن يُمضي البيع، أو يَرُدَّه.
وحكى القزوينيُّ عن مالكٍ: أن بيع النجشِ مفسوخٌ، واعتلَّ بأنه منهيٌّ عنه.
قال: وهكذا اعتلَّ ابنُ الجَهْمِ لمَّا ردَّ على الشافعي، فقال (6): الناجشُ عاصٍ، فكيف يكون مَنْ عصى اللَّه -تعالى- يتمُّ بيعُه، ولو
(1) في "ت": "لا يستثر".
(2)
"ويرفع ثمنها" ليس في "خ".
(3)
في "ت": "والاضطراب".
(4)
الواو ليست في "ت".
(5)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (10/ 159).
(6)
من قوله: "من قبل البائع. . . " إلى هنا ليس في "ت".
صحَّ هذا، نفذ النكاحُ في الإحرام والعِدَّة (1).
الرابع: قوله عليه الصلاة والسلام: "ولا يبعْ (2) حاضرٌ لبادٍ": هذا محمول عند مالك على أهلِ العمودِ ممن لا يعرفُ الأسعارَ، وأما من يقرُب من المدينة، ويعرفُ الأسعارَ (3)، فلا يدخلُ (4) في ذلك.
قال الإمام: واختُلف عندنا في الشراءِ هل يمتنع كما امتنع البيعُ له؟ فقيل: هو بخلاف البيع؛ لأنه إذا صار الثمنُ في يديه أشبهَ أهلَ الحضر فيما يشترونه، فيجوز أن يشتري له الحاضرُ، فإن وقعَ البيعُ على الصفَةِ التي نُهي عنها، ففي فَسْخِهِ خلاف (5).
ع: وفي المذهب عندنا (6) قولٌ آخر: إنه على العموم التامِّ في كل بادٍ، وكلِّ طارِىء على بلدٍ، وإن كان من أهل الحضر (7)، وهو قولُ أصبغَ، وكأنه تأول التشبيه (8) بالبدوي على الطارئ والجاهل.
ومفهومُ العلَّة في الحديث يقويه قولُه عليه الصلاة والسلام:
(1) انظر: "المعلم" للمازري (2/ 140).
(2)
في "ت": "ولا يبيع".
(3)
في "ت": "السعر".
(4)
في "ت": "تدخل".
(5)
المرجع السابق، (2/ 139).
(6)
"عندنا" ليس في "ت".
(7)
في "ت": "لمصر".
(8)
في "ت": "التنبيه".
"دَعِ النَّاسَ في غَفَلَاتِهِمْ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْض"(1).
قال: وذهب أبو حنيفة، وعطاء، ومجاهد، ومن قال بقولهم:[إلى] أن الحديث غيرُ معمول به، وأن ذلك مباح، ثم اختلفوا في تأويل الحديث وعلَّة ردَّه، فقال بعضهم: إنما كان ذلك (2) مخصوصًا بزمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما اليوم، فلا، وظاهرُ قولِ هؤلاء: أنه منسوخ.
وقال آخرون: بل يردُّه حديث: النَّصِيحَةُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ (3)، وإلى هذا أشار البخاري في "كتابه"، وإدخاله في الترجمة:"لا يَبعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: وَإِذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيَنْصحْهُ" (4)؛ لإدخاله داخلَ الباب مع الحديث المذكور، وحديث: "النَّصِيحَةُ (5) للَّهِ وَرَسُولهِ وَلِعَامَّةِ المُسْلِمِينَ" (6).
(1) رواه مسلم (1522)، كتاب: البيوع، باب: تحريم بيع الحاضر للبادي، من حديث جابر رضي الله عنه، وليس فيه:"في غفلاتهم".
(2)
"ذلك" ليس في "ت".
(3)
روى البخاري (57)، كتاب: الإيمان، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة"، ومسلم (56)، كتاب: الإيمان، باب: بيان أن الدين النصيحة، من حديث جرير بن عبد اللَّه رضي الله عنه قال: بايعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم.
(4)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 418)، من حديث أبي زيد رضي الله عنه. وذكره البخاري في "صحيحه"(2/ 757) معلقًا.
(5)
من قوله: "لكل مسلم، وإلى هذا أشار البخاري. . . " إلى هنا ليس في "ت".
(6)
رواه مسلم (55)، كتاب: الإيمان، باب: بيان، أن الدين النصيحة، =
وقيل: بل كان هذا النهيُ عن تربُّصِ الحاضرِ سلعةَ البادي، والزيادةِ في السوق إلى أن يبيعَها بسعرِ يومِئِذٍ (1)؛ لأن الباديَ غيرُ مقيم، فيبيع بسعرِ يومه، فيرتفق بذلك الناسُ، فإذا قال له الحضري: أنا أتربَّصُ لك بها، وأبيعُها لك، حرمَ الناسَ ذلكَ الرفقَ.
وقيل: إنما ذلك في البلاد الضيقة التي يَستبين فيها الضررُ، وغلاءُ السعر إذا لم يبع الجالبُ متاعه، فأما البلادُ الواسعة التي لا تظهر (2) في ذلك فيها، فلا بأسَ.
وقيل: ذلك على الندب، ليس على الوجوب.
ثم اختلف من أوجبه إذا وقع، فعند الشافعي، وابن وهب، وسحنون من أصحابنا: يُمضى، وعن ابن القاسم: يُفسخ ما لم يَفتْ (3).
قلت: وفيما إذا استشار البدويُّ البلديَّ (4) في ادِّخاره وبيعِه على التدريج وجهانِ لأصحاب الشافعي.
ق: واعلمْ: أن أكثر هذه الأحكام تدور بين اعتبار المعنى، واتِّباع معنى اللفظ، ولكن ينبغي أن يُنظر (5) في المعنى إلى الظهور والخفاء،
= من حديث تميم الداري رضي الله عنه.
(1)
في "ت": "يومه".
(2)
في "ت": "لا يظهر".
(3)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 556).
(4)
في "ت": "الحضري".
(5)
في "ت": "تنظر".
فحيثُ يظهر ظهورًا كثيرًا، فلا بأس باتباعه، وتخصيصِ النصِّ به، أو تعميمِه على قواعد القياسيين، وحيث يخفى، ولا يظهرُ ظهورًا قويًا (1)، فاتباعُ اللفظ أولى (2).
الخامس: قوله عليه الصلاة والسلام: "ولا تُصَرُّوا الغنَم": هو بضم التاء وفتح الصاد المهملة وبعد الراء واو وألف؛ مثل قوله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32].
ع: وهو الصوابُ على مذهب العلماء كافةً في شرح المُصَرَّاة واشتقاقها.
قال: وقد رويناه عن بعضهم في غير مسلم: "تَصُرُّوا الإِبِلَ" -بفتح التاء وضم الصاد-؛ من الصَّرِّ، وعن بعضهم: بضم الأول بغير واو بعد الراء، على ما لم يُسمَّ فاعلُه، من الصَّرِّ -أيضًا-، وهو الربط، على تفسير الشافعيِّ ومَن اتبعه (3)(4).
قال الإمام: معناه: لا تجمعوا اللبنَ في ضَرْعِها حتى يعظُمَ، ومنه: صَرَيْتُ الماءَ في الحوض؛ أي: جمعتُه، والصراةُ: المياهُ المجتمعة (5).
(1) في "ت": "ظهرًا قريبًا".
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 115).
(3)
في "ت": "تابعه".
(4)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 142).
(5)
انظر: "المعلم" للمازري (2/ 251).
قال الجوهري: وصَرى الماءَ في ظهره (1) زمانًا؛ أي: احْتَبَسَه، وصرى بولَه صَرْيًا؛ أي (2): قطعه، وصَرَّيْتُ الشاةَ تَصْرِيَةً: إذا لم تحلُبْها أيامًا حتى يجتمعَ اللبنُ في ضرعها، والشاةُ مُصَرَّاةٌ (3).
قال الخطابي: اختلف أهل العلم في تفسير (4) المُصَرَّاة، ومن أين أُخذت واشتُقَّت:
فقال الشافعي: التصرية: أن تُربط أخلافُ الناقة أو الشاة، وتُترك من الحلب اليومين والثلاثة حتى يجتمعَ فيها لبن، فيراه مشتريها كثيرًا، فيزيد في ثمنها؛ لما يراه من كثرة لبنها، فإذا حلبها بعدَ تلك (5) الحلبة حلبةً أو اثنتين، عرفَ أن ذلك ليس بلبنها، وهذا غررٌ للمشتري.
قلت: إن كان هذا تفسيرًا للتصرية، فهو صحيح، وإن كان حدًّا، فحدُّه عند قوله: أو الثلاثة، والباقي ليس من الحدِّ في شيء، إنما هو تعليلٌ للتصرية، لا التصريةُ.
وقال أبو عبيدة (6): المُصَرَّاةُ: الناقة أو البقرة أو الشاة التي صُرِّيَ
(1) في "ت": "ظهوره".
(2)
في "ت": "أو".
(3)
انظر: "الصحاح" للجوهري (6/ 2399)، (مادة: صرى).
(4)
"تفسير" ليس في "خ".
(5)
في "خ" و"ت": "ذلك"، والصواب ما أثبت.
(6)
كذا في "خ" و"ت"، والصواب:"أبو عبيد".
اللبنُ في ضَرْعها؛ يعني (1): حُقن فيه، وجُمع أيامًا، فلا يحلب، وأصلُ التصرية: حبسُ الماء وجمعُه، يقال منه: صَرَيْتُ الماءَ، ويقال: إنما سُميت المُصَرَّاة؛ لأنها مياهٌ اجتمعت.
قال أبو عبيد: ولو كان من الربط، لكانَ مَصْرورَةً، أو مُصَرَّرَةً.
قال الخطابي -كأنه يريد ردًّا على الشافعي-: وقولُ أبي عُبيد حسن، وقولُ الشافعي صحيحٌ، والعربُ تَصُرُّ ضُروعَ الحَلُوباتِ إذا أرسلَتْها تسرحُ، ويُسمون ذلك الرباطَ: الصِّرارَ، فإذا راحت، حُلَّتْ تلك الأَصِرَّةُ، وحُلبت.
ومن هذا حديثُ أبي سعيد الخدري: "لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَحُلَّ صِرَارَ ناَقَةٍ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا؛ فَإِنَّهُ خَاتَمُ أَهْلِهَا عَلَيْهَا"(2)، ومن هذا قول عنترة: العبدُ لا يُحسِن الكرَّ، إنما يُحسن الحَلْبَ والصَّرَّ.
قال: ويحتمل أن تكون المُصَرَّاة: المُصَرَّرَة (3)، أُبدلت إحدى الراءين ألفًا؛ كقولهم تَقَضَّى البازي، وأصلهُ: تَقَضَّضَ، كرهوا اجتماع ثلاثة أحرف من جنس واحد في كلمة واحدة، فأبدلوا حرفًا منها بحرف
(1) في "ت": "أي".
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 46)، والترمذي في "العلل" (ص: 193)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 360).
(3)
في "ت": "المصرَّة".
آخرَ من غير جنسها، قال العجاج:[الرجز]
تَقَضِّيَ البَازِي إِذَا البَازِي كسر
ومن هذا الباب قوله تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 10]؛ أي: أَخْمَلَها بمنع الخير، وأصلُه: دَسَّسَها، ومثلُ هذا كثير في الكلام (1).
وقد أجمعت (2) الأمة -فيما علمت- على تحريم التصرية؛ لما اشتملت عليه من الغِشِّ والخديعة المحرَّمَين قطعًا في الشرع.
قال الإمام: وهي أصلٌ (3) في تحريم الغش -يعني: التصرية-، وفي الردِّ بالعيب.
وقد كان شيخنا أبو محمد [بن] عبد الحميد رحمه الله يجعلها أصلًا في أن النهي إذا [كان] لحقِّ الخلق، لا يوجب فسادَ البيع؛ لأن الأمَّةَ أجمعت على تحريمِ الغِش في البيعِ، ووقع النهيُ عنه (4) هاهنا، ثم خَيَّره رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بعدَ ذلكَ في أن يتماسَكَ بالبيعِ، والفاسِدُ لا يصحُّ التماسُكُ به (5).
وفي هذا الحديث: دلالة على أن التدليس محرم، ويوجب الخيار
(1) انظر "معالم السنن" للخطابي (3/ 111). وانظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 142).
(2)
في "ت": "اجتمعت".
(3)
في "ت": "حواصل".
(4)
في "ت": "عنه النهي".
(5)
"به" ليس في "ت".
للمشتري، وإن كان بتحسين المبيع الذي يؤدي إلى الخدع والغرور، وأن الفعل يقوم مقام النطق في مثل (1) هذا؛ لأن قصارى ما فيه: أن المشتريَ رأى ضَرْعًا مملوْءًا، فقدَّرَ بأن ذلك من (2) عادتها، فحلَّ ذلك محلَّ قول البائع: إن ذلك عادتُها، فجاء الأمرُ بخلافه، وصار البائع لما دلَّس كالقائل (3) لذلك الحكم (4)(5).
والحكمُ عندنا في الإبل والبقر حكمُ الغنم في التصرية، إذا كان المقصودُ منها اللبنَ.
قال (6) أصحابنا: وفي معنى التصرية تلطيخُ ثوبِ العبدِ بالمِداد؛ ليخيل بذلك أنه كاتب، وكذلك ما أشبهه من التغرير بالفعل (7).
ومن الشافعية من عدَّى التصريةَ (8) إلى كل حيوانٍ مأكولِ اللحم، وكان هذا نظرٌ إلى المعنى؛ فإن المأكولَ اللحمِ يُقصد لبنُه.
(1)"مثل" ليس في "ت".
(2)
"من" ليست في "خ".
(3)
في "خ": "كالقابل".
(4)
"الحكم" ليس في "ت".
(5)
انظر: "المعلم" للمازري (2/ 248)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 143).
(6)
في "ت" زيادة: "بعض".
(7)
انظر: "الذخيرة" للقرافي (5/ 64).
(8)
من قوله: "تلطيخ ثوب العبد. . . " إلى هنا ليس في "ت".
وكذلك عندهم خلافٌ (1) فيما إذا حَفَّلَ (2) أتانًا؛ لأن المقصود منها تربيةُ الجحش.
واختلفوا -أيضًا- في الجارية لو حَفَّلَها (3).
ق: وإذا ثبت الخيارُ في الأتان، فالظاهر أنه لا يَرُدُّ لأجل لبنها شيئًا، ومن هذا يتبينُ لكَ أن الأتَانَ لا تقاس على المنصوص عليه في الحديث -؛ أعني: الإبل والغنم-؛ لأن شرط القياس اتحادُ الحكم، فينبغي أن يكون إثباتُ الخيار فيها من القياس على قاعدة أخرى.
وفي ردِّ شيء لأجل لبنِ الآدمية خلافٌ أيضًا (4).
فلو كان الضرعُ مملوءًا لحمًا، وظنه المشتري لبنًا، لم يثبت له بذلك خيارٌ (5) عندنا.
وبين الشافعية في ذلك خلافٌ، فمن نظر إلى المعنى، أثبتَ؛ إذ العيبُ مثبتٌ للخيار، وإن لم يدلِّسْ به البائع، ومن نظر إلى أن هذا الحكمَ خارجٌ عن القياس، خَصَّه بموردِهِ، وهو حالة العمد؛ إذ النهيُ إنما يتناول العمدَ خاصة.
وقوله عليه الصلاة والسلام: "بعد أن يحلُبَها"، وإن كان مطلقًا،
(1) في "ت": "الخلاف".
(2)
في "ت": "جعل".
(3)
في "ت": "حلبها".
(4)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 117).
(5)
في "ت": "خيار بذلك".
فقد تقيد في الرواية الأخرى بثلاثة أيام.
وتحصيل المسألة عندنا: أن نقول: إن عَلِمَ المشتري بالتصرية قبلَ الحلبِ، كان له أن يودَّها قبلَ الحِلاب، وأن يمسكها ويحلبها، ثم يختبرها، وينظرُ كيفَ عادتها، ومقدار ما ينقص عن (1) التصرية، وكذلك (2) لو لم يعلم بالتصرية إلا بعدَ الحلب، لكان (3) له الخيارُ بين أن يردَّ، أو يُمْهَلَ حتى يحلبَ ثانيةً، ويعلمَ عادتَها، فإن احتلبها الثالثةَ، قال ابن المواز: ذلك رِضًا.
وفي "الكتاب" من رأي ابن القاسم: أنه إذا جاء من ذلك ما يعرف أنه كان قد (4) اختبرها قبلَ ذلك، فما حلبَ بعدَ ذلك فهو رضًا منه بالشاة، ولا يكون له ردُّها.
وقال مالك في "كتاب محمد": له أن يود ولو حلب الثالثةَ، وهو مقتضى الحديث، ولأن التصرية لا تتحقق إلا بثلاث حلبات؛ فإن الحلبة الثانية إذا انفصلت (5) عن الأولى، جوز المشتري أن يكون ذلك لاختلاف المرعى، أو لأمر غير التصرية، فإذا حلبها الثالثةَ (6)، تحقق التصريةَ،
(1) في "ت": "عند".
(2)
في "ت": "ولذلك".
(3)
في "ت": "أكان".
(4)
في "ت": "إذا".
(5)
في "ت": "نقصت".
(6)
في "ت": "ثالث".
وإذا كانت لفظة: (حلبها) مطلقة، فلا دلالةَ له فيها على الحلبة الثانية والثالثة، وإنما يؤخذ ذلك من حديث آخر، واللَّه أعلم (1).
وقوله: عليه الصلاة والسلام: "وصاعًا من تمر"، وقد تقدَّم تفسيرُ الصَّاعِ في كتابِ الزكاةِ، والواو يجوز (2) أن تكونَ عاطفةً للصَّاعِ على الضميرِ (3) في (ردَّها)، ويجوزُ أن تكون واوَ (مع)، فعلى الأول: لا تقتضي فورية الصاع مع الرد، وعلى الثاني: تقتضيها -أعني: الفورية-، واللَّه أعلم.
مسألة: اختُلف إذا كانت الغنم التي صُرَّتْ (4) كثيرةً، هل يردُّ لجميعها صاعًا واحدًا، أو لكلِّ شاة صاعًا؟
قال الإمام: والأصوبُ: أن يكون حكمُ الكثير منها غيرَ حكم الواحد؛ لأنه من المستشنع (5) في القولِ، على خلافِ مقتضى الأصولِ، أن يغرم متلفُ لبنِ ألفٍ شاة؛ كما يغرمُ متلفُ لبنِ شاةٍ واحدةٍ، وإن احتج علينا: بأنه عليه الصلاة والسلام ساوى بين لبنِ الناقة، ولبنِ الشاة (6)، مع كونِ لبنِ الناقةِ أكثر.
(1) المرجع السابق، (3/ 117 - 118).
(2)
في "ت": "قالوا ويجوز".
(3)
في "ت": "الطهر".
(4)
في "ت": "صريت".
(5)
في "ت": "المستشبع".
(6)
في "ت": "لبن الشاة والناقة".
قلنا: قد قال بعضُ أهلِ العلم: إنما ذلك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أرادَ أن يكونَ ذلك حدًّا يُرْجَع إليه ليرتفعَ الخصام، ويزولَ النزاعُ (1) والتشاجُرُ، وقد كان صلى الله عليه وسلم حريصًا على رفع التشاجُر عن أمتهِ، وهذا كما قضى في الجنين بالغُرَّة، ولم يفصل بين الذكر والأنثى (2)، مع اختلافهما في الدِّياتِ؛ لأن هذه المواضع لما كان يتعذر ضبطُها عندَ البيناتِ، كثر التنازعُ فيها، فرفعه (3) صلى الله عليه وسلم بأن جعلَ القضاءَ في ذلك لواحد (4). انتهى.
فإن قلت: لم لا يكونُ جودةُ لبن الشَّاةِ- وإن قلَّ- مقابلًا لكثرةِ لبنِ الناقةِ، فيكونان كالمتساويين من حيث المعنى، ويكون هذا الجوابُ أسدَّ مما (5) حكاه الإمام؛ لكونه غيرَ خارج عن الأصل، ولا مفتقرٍ إلى التعليل بقطع النزاع؛ بخلاف الأول؟
قلت: لو لم يعارضْه اختلافُ الإبل نفسِها في كثرة الحلب وقِلَّته، لكان كما قلتَ، ولا يخلو عندي من نظر.
إذا ثبتَ هذا، فلتعلمْ: أن الحديثَ نصٌّ في رد الصاع مع الشاة، ويلزم منه عدمُ ردِّ اللبن؛ إذ لو أراد أن يردَّ اللبنَ بعينه عوضًا عن الصاعِ
(1) في "ت": "التنازع"
(2)
في "ت": "ذكر وأنثى".
(3)
في "ت": "فدفعه".
(4)
انظر: "المعلم" للمازري (2/ 249 - 250) و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 144 - 145).
(5)
في "ت": "أشدهما".
المأمورِ به، لم يكن له ذلك؛ لأن الصاع لم يجبْ لفواتِ اللبنِ، بل لما ذكرناه؛ بدليلِ أنه لم يضمن بالمثل، قاله ابن القاسم، ثم قال: ولو وافق البائعُ المشتريَ على ذلك، لم يصحَّ، إذ يدخلُه (1) بيعُ الطعامِ قبل قبضه.
وقال سحنون: إذا ردَّهُ بعينه، فهو إقالةٌ، والإقالةُ في الطعامِ جائِزَةٌ.
قلت: ولأن المعنى فيه قطعُ التنازع، وقد حصلَ.
ثم إن الحديث يقتضي تعيينَ الثمن (2)، وقد اختلفوا في ذلك، فقال القاضي أبو الوليد: روى ابن القاسم: أنه يكون من غالب قوت البلد، ووَجْهُهُ: أنه ورد في بعضِ ألفاظِ هذا الحديثِ في رواية ابن سيرين: "صَاعًا مِنْ طَعَامٍ"، فيُحمل تعيينُ صاعِ التمرِ (3) في الرواية المشهورة على أنه كانَ غالبَ قوتِ ذلك البلد (4).
ومنهم من اقتصر على التمر ولابدَّ (5)، مراعاة للفظ (6) الحديث، واستصوبه بعضُ شيوخنا المحققين.
ومنهم من عدَّاه (7) إلى سائر الأقوات، وهذا ضعيف؛ لما جاء في
(1) في "ت": "يدخل".
(2)
في "ت": "الثمر".
(3)
في "ت": "الثمن".
(4)
انظر: "المنتقى" للباجي (5/ 106).
(5)
في "ت" زيادة: "من".
(6)
في "ت": "ألفاظ".
(7)
في "ت": "عزاه".
الرواية الأخرى: "صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، لَا سَمْرَاءَ"(1)(2)، وهو أيضًا (3) يضعِّفُ اعتبارَ قوت البلد؛ لأن السمراء كانت (4) غالبَ قوتِ أهل المدينة.
ثم لتعلمْ: أن قدر الصاع متعين (5)، فلا يُزاد عليه لكثرةِ اللبنِ وغزارته، ولا يُنقص منه لقلته ونزارته، ولا يُلتفت إلى غلائه ورخصه، بل قال بعض المتأخرين: بل إن كانت قيمتُه تساوي قيمةَ الشاة، أو تزيدُ عليها، فظاهرُ المذهب: أن عليه الإتيان به.
واختُلف عندنا لو رضي التصريةَ، ثم رَدَّ بعيبٍ آخرَ غيرِها، فقال: محمد: لا يردُّ عوضَ ما حلب، ورأى قَصْرَ الحديث على ما ورد.
وذكر عن أشهب: أنه يردُّ الصاعَ، ومال إليه بعضُ المتأخرين.
السادس: قوله عليه الصلاة والسلام: "وهو بخيرِ النَّظَرَين بعد أن يحلُبها": إن قلت: كيف خَصَّ عليه الصلاة والسلام الخيارَ ببعدِيَّةِ الحلبِ، والخيارُ ثابتٌ قبلَه (6)، إذا عُلمت التصرية؟
قلت: كأن الحديث خرجَ مخرجَ الغالب، وذلك أن الغالبَ توقُّفُ
(1) في "ت": "لا تمرًا".
(2)
تقدم تخريجه عند مسلم برقم (25/ 1524).
(3)
"وهو أيضًا" ليس في "ت".
(4)
في "ت": "التمر كان" بدل "السمراء كانت".
(5)
في "ت": "متغير".
(6)
"قبله" ليس في "ت".
العلم بالتصرية على الحلب، والنادرُ أن يعلمه ربُّها بالتصرية قبلَ أن يحلبها؛ إذ لا غرضَ له في ذلك؛ إذ هو قاصد للتدليس، فإن وقع هذا النادر بإخبار البائع، أو بقرينةٍ ما، كان ذلك مردودًا إلى قاعدة الردِّ بالعيب، واللَّه أعلم.
السابع: قوله: عليه الصلاة والسلام: "فَهُو بالخيارِ ثلاثًا" دليلٌ على ما تقدَّمَ من أن الحلبةَ الثالثةَ لا تقطع الردَّ، وهو قول مالك، وظاهرُ "المدونة" على ما تقدم؛ لكن مالكًا لم يأخذ بثلاثة أيام (1)؛ إذ لم تكن في روايته، لكن في (2) معناها ثلاثُ الحلبات (3) -على ما تقدم تقريره-، وجعل المخالفون هذا أصلًا في ضرب أَجَل الخيار، وأنه لا زيادة فيه على ثلاثة أيام، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي.
وقال ابن أبي ليلى، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن: قليلُ الخيار وكثيرُه جائز، ومالك لا يرى للخيار أجلًا محدودًا، لا يُتَعَدَّى، بل قدرَ ما يختبر فيه المشتري، ويختلف ذلك باختلافه، فليس اختيار الثوب؛ كاختيار العبد، وسكنى الدار.
وبيعُ الخيار عندنا جائز، ضربَ له أَجَلًا، أم لا، ويضربُ الحاكمُ للبيع من الأجل قدرَ ما يختبر فيه مثلَه؛ خلافًا لأبي حنيفة، والشافعي،
(1) في "ت": "بذكر ثلاثة أيام" بدل "بثلاثة أيام".
(2)
"في" ليس في "ت".
(3)
في "ت": "حلبات".
في إبطاله (1) إذا لم يُضرب له أجلٌ، وهو رخصة خارجة عن الأصل؛ للضرورة الداعية للبحث عن المشترى، وتقصِّي (2) معرفته، وأخذِ رأي من يريد (3) مشورته فيه (4).
الثامن: لم يقل أبو حنيفة بهذا الحديث، وقال: هو منسوخ.
وروي عن مالك قولٌ بعدم القول به، وقال: ليس بالموطأ، ولا الثابت -يريد: العملَ به-، ورأى أن الأصول تخالفه من وجوه:
الأول: أن الأصل في ضمان المِثْلِيَّات: ضمانُها بالمثل، وفي المتقومات (5): ضمانُها بالقيمة من النقدين، وهاهنا إن كان اللبن مثليًا، فالمثل -وإن كان متقومًا- فالقيمة من النقدين، وقد وقع هاهنا (6) مضمونًا بالثمن، فهو خارج عن الأصلين جميعًا.
وأجيب عنه بأن قيل: لا نسلِّم أن جميع الأصول تقتضي الضمانَ بأحد الأمرين، كما قلتم، بدليل أن الحرَّ يضمَّن بالإبل، وليست بمثلٍ، ولا قيمةٍ، والجنين يُضَمَّن بالغُرَّة، وليست بمثلٍ، ولا قيمةٍ، وأيضًا: قد
(1) في "خ": "وإبطاله".
(2)
في "ت": "ويفضي".
(3)
في "خ": "ترفد".
(4)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 147).
(5)
في "ت": "المقومات".
(6)
قوله: "إن كان اللبن مثليًا، فالمثل وإن كان متقومًا فالقيمة من النقدين، وقد وقع هاهنا" ليس في "خ".
يُضَمَّنُ المثليُّ بالقيمة إذا تَعَذَّرَتِ المماثلةُ، وهاهنا تعذرَتْ (1).
أما الأول: فمن أتلف شاةً لبونًا (2)، كان عليه قيمتُها مع اللبن، ولا يجعل (3) بإزاء لبنِها لبنٌ آخرُ؛ لتعذر المماثلة.
وأما الثاني: وهو تعذُّرُ المماثلة هاهنا، فلأن ما يردُّه من اللبن عوضًا عن (4) اللَّبَنِ التالِفِ، لو جازَ، لتحقق مماثلتُه له في المقدار، ويجوزُ أن يكونَ أكثرَ من اللَّبَنِ الموجودِ حالةَ العقد، أو أقلَّ.
الاعتراض الثاني: أن القواعد الكلية تقتضي أن يكون المضمونُ مقدَّرَ الضَّمان (5) بقدر التالفِ، وذلك مختلفٌ، [فقدر الضمان مختلف] لكنه قُدِّر هاهنا بمقدار واحد، وهو الصاعُ مطلقًا، فخرج عن القياس الكلي في اختلاف ضمانِ المتلَفات، باختلاف قدرِها وصفتها.
وأجيب عنه: بأن بعض الأصول لا تتقدر (6) بما ذكرتموه؛ كالموضِحَة؛ فإن أَرْشَها مقدَّرٌ مع اختلافها بالكِبَرِ والصِّغر، والجنين (7) مقدَّرٌ أَرْشُه، ولا يختلف بالذكورة والأنوثة واختلاف الصفات، والحرُّ
(1) في "ت": "تعذره".
(2)
في "ت": "لبونة".
(3)
في "ت": "ولا تجعل".
(4)
في "خ": "من".
(5)
"مقدر الضمان" ليس في "ت".
(6)
في "ت": "لا تتعذر".
(7)
في "ت": "فالكبير والصغير، والحسن".
ديتهُ مقدرة، وإن اختلفت (1) بالصغرِ والكِبَرِ وَسَائِرِ الصِّفَاتِ، والحكمة فيه: أن ما يقع فيه التنازعُ والتشاجرُ يُقْصَدُ قطعُ النزاعِ فيه بتقديرهِ بشيءٍ معلومٍ، وتُقَدَّمُ هذه المصلحةُ في مثل هذا المكانِ على تلكَ القاعدةِ؛ لما ذكر (2).
الاعتراض الثالث: أن اللبن التالفَ إن كان موجودًا عندَ العقد، فقد ذهب جزءٌ من المعقود عليه من أصل الخِلْقَة، وذلك مانعٌ من الردِّ؛ كما لو ذهب بعضُ أعضاء المبيع، ثم ظهر على عيب، فإنه يمتنع الردُّ، وإن كان هذا اللبن حادثًا بعدَ الشراءِ، فقد حدث على ملك المشتري، فلا يضمنه، وإن كان مختلطًا، فما كان فيه موجودًا عند العقد (3)، منع الردّ، وما كان حادثًا، لم يجب ضمانُه.
وأجيبَ عنه بأن قيل: متى يمتنع الردُّ بالنقص إذا كان النقصُ لاستعلام العيب، أو (4) إذا لم يكن؟ الأولُ ممنوع، والثاني مُسَلَّمٌ، وهذا النقص لاستعلام العيب، فلا يمنع الرد.
الاعتراض الرابع: إثباتُ الخيار ثلاثًا مخالفٌ للأصول؛ فإن الخياراتِ الثابتةَ بأصل الشرع من غير شرط لا تتقدَّرُ بالثلاث (5)؛ كخيار
(1) في "ت": "اختلف".
(2)
في "ت": "ذكره".
(3)
من قوله: "فقد ذهب جزء من المعقود عليه. . . " إلى هنا ليس في "ت".
(4)
في "ت": "و".
(5)
في "ت": "بثلاث".
العيب، وخيار الرؤية عند مَنْ يثبته، وخيارِ المجلس عند من يقول به (1).
وأجيب عنه بأن قيل: إنما يكون الشيء مخالفًا لغيره إذا كان مماثِلًا له، وخولف في حكمه، وهاهنا هذه الصورةُ انفردتْ عن غيرها؛ بأن الغالبَ أن هذه المدةَ هي التي يتبين بها لبنُ الحلبة المجتمعُ (2) بأصلِ الخلقة، واللبنُ المجتمع بالتدليس، وهي (3) مدةٌ يتوقف العيبُ (4) عليها غالبًا؛ بخلاف خيار الرؤية، والعيب؛ فإنه يحصُل من غير هذه المدة فيهما، وخيارُ المجلس ليس لاستعلام عيب.
الاعتراض الخامس: يلزم من القول بظاهره الجمعُ بين الثمن والمثمَّن للبائع في بعض الصور (5)، وهو ما إذا كانت قيمةُ الشاة صاعًا من تمر، فإنه يرجعُ إليه مع الصاع الذي هو مقدار ثمنها.
وأجيب عنه: بأن الخبر وارد على العادةُ، والعادة أَلَّا تُباع شاةٌ بصاع.
ق: وفي هذا ضعف.
وقيل: بأنَّ (6) صاعَ التمر بدلٌ على اللبن، لا عن الشاة، فلا يلزم
(1) في "ت": "يثبته" بدل "يقول به".
(2)
في "ت": "المجتمعة".
(3)
في "ت": "فهو".
(4)
في "ت": "علم الغيب" بدل "العيب".
(5)
في "ت": "لأمور".
(6)
"بأن" ليس في "خ".
الجمعُ بين العِوض والمعوِّض.
قلت: وفيه نظر.
الاعتراض السادس: أنه مخالف لقاعدة الربا في بعضِ الصور، وهو ما إذا اشترى شاة بصاع، فإذا استردَّ معها صاعًا من تمرٍ، فقد استرجعَ الصاع، الذي هو الثمنُ، فيكون قد باعَ صاعًا وشاةً بصاعٍ، وذلك خلافُ قاعدة الربا عندَكم، فإنكم تمنعون (1) مثلَ ذلك.
وأجيب عنه بأن قيل: إن الربا إنما يعتبر في العقود، لا في الفسوخ؛ بدليل أنهما لو تبايعا ذهبًا بفضة، لم يجز أن يفترقا قبل القبض، ولو تقايلا في هذا العقد، لجاز أن يفترقا قبل القبض.
الاعتراض السابع: قالوا: إذا كان اللبن باقيًا، لم يكلف بردِّه (2) عندكم، فإذا (3) أمسكَهُ، فالحكم كما لو تلف، فيرد الصاع، وفي ذلك ضمانُ الأعيان مع بقائها، والأعيانُ لا تضمن بالبدل إلا مع فواتها؛ كالمغصوبِ وسائرِ المضمونات.
وأجيب عنه: بأن اللبن الذي كان في الضَّرع حالَ العقد يتعذَّر ردُّه؛ لاختلاطه باللبن الحادثِ بعدَ العقد، وأحدُهما للبائع، والآخرُ للمشتري، وتعذُّرُ الردِّ لا يمنع من الضمان مع بقاء العين؛ كما لو
(1) في "ت": "تملكون".
(2)
في "ت": "رده".
(3)
في "ت": "وإذا".
غصب عبدًا، فأَبَق، فإنه يضمن قيمتَه مع بقاء عينه؛ لتعذُّر الردِّ.
الاعتراض الثامن: قال بعضُهم: إنه (1) ثبت الردُّ من غير عيب ولا شرط؛ لأن نقصان اللبن لو كان عيبًا، لثبت به الردُّ من غير تصرية، ولا يثبت الردُّ في الشرع إلا بعيبٍ أو شرط.
وأجيب عنه: بأن الخيار ثبتَ بالتدليس؛ كما لو باع رحًى دائرةً بماء قد جمعَه لها، ولم يعلمْ به (2).
قلت: بل أقولُ: إن هاهنا شرطًا معنويًا، والشرط كما يكون لفظيًا يكون معنويًا (3)، وذلك أن المشتريَ رأى ضَرْعًا مملوءًا، فظن أن ذلك عادتُها (4)، وكأنه اشترط له ذلك من حيث المعنى، فجاء الأمرُ بخلافه، فوجب الردُّ لفقدان الشرط المعنوي، واللَّه أعلم.
* * *
(1) في "ت": "إذا".
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 120).
(3)
قوله: "والشرط كما يكون لفظيًا يكون معنويًا" ليس في "خ".
(4)
"عادتها": بياض في "ت".