الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع
294 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّها (1) قَالتْ: كَانَتْ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ: خُيِّرَتْ عَلَى زَوْجِها حِينَ عُتِقَتْ (2)، وَأُهْدِيَ لَها لَحْمٌ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالبُرمَةُ عَلَى النَّارِ، فَدَعَا بِطَعَامٍ، فَاُتِيَ بِخُبْزٍ وَأُدمٍ مِنْ أُدْمِ البَيْتِ، فَقَالَ:"أَلَمْ أَرَ البُرْمَةَ عَلَى النَّارِ فِيهَا لَحْمٌ؟ "، فَقَالُوا (3): بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَكَرِهْنَا أَنْ نُطْعِمَكَ مِنْهُ، فَقَالَ:"هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ مِنْهَا لَنَا هَدِيَّةٌ". وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فيها: "إِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"(4).
(1)"أنها" ليس في "خ".
(2)
في "ت": "أعتقت".
(3)
في "ت": " قالوا".
(4)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (4859)، كتاب: النكاح، باب: الحرة تحت العبد، و (4975)، كتاب: الطلاق، باب: لا يكون بيع الأمة طلاقًا، ومسلم (1504/ 14)، كتاب: العتق، باب: إنما الولاء لمن أعتق، واللفظ له، والنسائي (3447، 3448)، كتاب: الطلاق، باب: خيار الأمة، وابن ماجه (2076)، كتاب: الطلاق، باب: خيار الأمة إذا أعتقت. وقد =
* الشرح:
قد تقدم أن حديث بَريرةَ مشتمل على فوائدَ جمَّة (1)، وأن الناس صنفوا فيه كتبًا، وقد ذكرنا منها -فيما مضى (2) - ما تيسر ذكرُه (3)، وقد صرح هنا بثبوت الخيار لها، وهي أَمَةٌ عتقتْ تحت عَبْد، فثبت ذلك لكل من اتصف بحالها.
وفي المسألة تفاصيل مذكورة في كتب الفقه.
فإن قلت: قد قال ابن عباس رضي الله عنه: أربع سنن (4)، وزاد: وأمرَها (5) أن تعتدَّ (6)، وقد زاد الناسُ على ذلك أشياءَ كثيرة على ما تقدم، فكيف
= تقدم تخريج الحديث بألفاظ مختلفة.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"الاستذكار" لابن عبد البر (6/ 63)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 105)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 334)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 20)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 1247)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 405)، و"عمدة القاري" للعيني (20/ 90)، و"كشف اللثام" للسفاريني (5/ 219).
(1)
في "خ": "حسنة".
(2)
في "ت": "تقدم".
(3)
"ذكره" ليس في "ت".
(4)
في "ت": "سنين".
(5)
في "ت": "وأمر لها".
(6)
رواه أبو داود (2232). كتاب: الطلاق، باب: في المملوكة تعتق وهي تحت حر أو عبد، والإمام أحمد في "المسند"(2/ 270)، والدارقطني في "سننه"(3/ 294).
يكون الجمعُ بين ذلك، وبين قول عائشة: ثلاث سنن (1)؟
قلت: قولُ عائشة رضي الله عنها لا يقتضي حصرًا، وإنما معناه: أنه سُنَّ وشُرع بسبب قضيتها، أو عندَ وقوع (2) قضيتها كذا، فلا تنافيَ بين قولها، وقولِ من زاد على ذلك ممن صنف فيه (3)، واللَّه أعلم.
وقوله عليه الصلاة والسلام: "هو لها صدقةٌ":
فيه (4): جوازُ إعطاء الصدقات لموالي قريش.
ع: فإن (5) كانت هذه الصدقةُ تطوعًا، فقد يحتجُّ به مَنْ يرى صدقةَ التطوع جائزةً لموالي قريش، أو لجميعهم، وإن قلنا: إنها (6) زكاةٌ واجبة، فيحتجُّ به مَنْ لا يرى تحريمَ ذلك على مواليهم، أو يرى اختصاصَ ذلك ببني هاشم، لقول عائشة: أهدته لنا بريرةُ، وأنتَ لا تأكلُ الصدقةَ، ولم يقل لها النبي صلى الله عليه وسلم: ولا أنتِ لا تأكليها، وإنما علَّل بكونها هديةً للجمع (7)(8).
(1) في "ت": "سنين".
(2)
"وقوع" ليس في "خ".
(3)
"فيه" ليس في "ت".
(4)
في "ت": "في".
(5)
في "ت": "وإن".
(6)
في "ت": "إنه".
(7)
في "ت": "للجميع".
(8)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 112).
قلت: انظر: كيف يكون اللحمُ زكاةً واجبة؟ وهل يجوز (1) لمن وجبت عليه شاةٌ مثلًا (2) أن يذبحها ويفرِّقَها على الفقراء إذا تعذر مجيءُ الساعي إليه، أو لم يكن الإمام عدلًا، ونحو ذلك؟ فإني (3) لم أر فيه شيئًا.
ق: فيه: دليل على تبسط الإنسان (4) في السؤال عن أحوال منزله، وما عهده فيه؛ لطلبه (5) من أهله مثلَ ذلك (6).
قلت: النظرُ في كونه عليه الصلاة والسلام طلبَ ما عهدَه، ولعله إنما طلبَ مما (7) في البُرمة، وهو شيء لم يعهدْه، وهو (8) الذي يتوجّه عندي، حتى لا يكونَ مخالفًا لحديثِ أُمِّ زَرْع:"وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ"(9)، فلمَّا لم يُؤْتَ بشيء مما في البُرمة، سأل؛ ليبين لهم
(1) في "ت": "يجب".
(2)
"مثلًا" ليس في "خ".
(3)
في "ت": "قلت" مكان "فإني".
(4)
في "خ": "بسط الإذن".
(5)
في "ت": "ليطلبه".
(6)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 20).
(7)
في "ت": "ما".
(8)
في "ت": "وهذا".
(9)
رواه البخاري (4893)، كتاب: النكاح، بات: حسن المعاشرة مع الأهل، ومسلم (2448)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: حديث أم زرع، من حديث عائشة رضي الله عنها.
ما جهلوه من الحكم في ذلك؛ إذ قد علمَ عليه الصلاة والسلام أنهم لا يبخلون عليه بما يعتقدون جوازَه له، فأراد عليه الصلاة والسلام أن يبينَ لهم ما جهلوه من ذلك، واللَّه أعلم.
وفيه: جوازُ الاكل مما أُهدي للفقيرِ، أو تُصُدِّقَ به عليه (1).
وأمَّا قوله عليه الصلاة والسلام: "وإنما الولاءُ لمن أعتقَ"، فقد تقدم الكلامُ عليه مستوعَبًا، وباللَّه التوفيق والعصمة.
* * *
(1) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 113).