الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السابع
(1)
281 -
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما، قَالَ: تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ، فَقَالَتْ أُمِّي -عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ-: لا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ (2) رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقَ أَبِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُشْهِدَ عَلَى صَدَقَتِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ "، قَالَ: لَا، قَالَ:"اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلادِكُمْ"، فَرَجَعَ أَبِي، فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ (3).
(1) تنبيه: لم يسق المؤلف رحمه الله حديث ابن عباس رضي الله عنهما المثبت في نسخ "العمدة" قبل هذا الحديث، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"العائد في هبته، كالعائد في قيئه". قال ابن الملقن في "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام"(7/ 453): ولم أبي هذا الحديث في شرح الشيخ تقي الدين، ولا الفاكهي. قال ابن الملقن: والكلام عليه سلف في الكلام على الحديث قبله، انتهى.
(2)
في "ز": "يشهد".
(3)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (2447)، كتاب: الهبة، باب: الإشهاد في الهبة، ومسلم (1623/ 13)، كتاب: الهبات، باب: كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، واللفظ له.
وَفِي لَفْظٍ: قال: "فَلا تُشْهِدْنِي إذَنْ، فَإِنِّي لا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ"(1).
وَفِي لَفْظٍ: "فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي"(2).
* * *
* الشرح:
الحديث يقتضي التسويةَ بين الأولاد في الصدقة والهبة؛ تأليفًا
(1) رواه البخاري (2507)، كتاب: الشهادات، باب: لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، ومسلم (1623/ 14)، كتاب: الهبات، باب: كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، واللفظ له، والنسائي (3681، 3682)، كتاب: النحل، باب: ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر النعمان بن بشير في النحل.
(2)
رواه مسلم (1623/ 17)، كتاب: الهبات، باب: كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، وأبو داود (3542)، كتاب: الإجارة، باب: في الرجل يفضل بعض ولده في النحل، وابن ماجه (2375)، كتاب: الهبات، باب: الرجل ينحل ولده.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (3/ 171)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (7/ 224)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 348)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 584)، و"شرح مسلم" للنووي (10/ 227)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 215)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1201)، و"التوضيح" لابن الملقن (16/ 329)، و"فتح الباري" لابن حجر (5/ 211)، و"عمدة القاري" للعيني (13/ 143)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (4/ 344)، و"كشف اللثام" للسفاريني (5/ 69)، و"سبل السلام" للصنعاني (3/ 89)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (6/ 109).
لهم، وحَضًّا على برِّ أبيهم.
وهل ذلك على الإيجاب، أو الندب؟ خلاف.
والمعتمد من مذهبنا، ومذهب الشافعي، وأبي حنيفة: كراهةُ التفضيل، لا تحريمُه، فإن وقع، مضى، ولم يُرَدَّ، وقال طاوس وعروة ومجاهد والثوري وأحمد وإسحاق وداود: هو حرام ويردّ (1)، واحتجوا برواية (2):"لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرِ"(3)، وبغيرِها من ألفاظ الحديث.
ودليلُ المجيزين مع الكراهة: قوله: عليه الصلاة والسلام: "فأَشْهِدُ (4) عَلَى هَذَا (5) غَيْرِي"، قالوا: ولو كان حرامًا، أو باطلًا، لما قالَ هذا الكلامَ، وأجابوا عن رواية:"لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ": بأن الجَوْرَ في اللغةِ هو: الميلُ عن الاستواءِ والاعتدال، فكلُّ ما خرجَ عن الاعتدالِ، فهو جَوْرٌ، وسواءٌ كانَ حرامًا، أو مكروهًا، فيجب تأويلُ الجَوْرِ هنا بكراهةِ التنزيه؛ جمعًا بين الروايتين، أعني: رواية: "أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي"، ورواية:"لا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ"(6).
(1) قوله: "وقال طاووس وعروة ومجاهد والثوري وأحمد وإسحاق وداود: هو حرام ويرد" سقط من "خ".
(2)
في "ت": "بقوله".
(3)
رواه ابن حبان في "صحيحه"(5107).
(4)
في "خ": "فاشهدوا".
(5)
في "ت": "عليها".
(6)
في "ت": "لا أشهد على جور" ورواية "أشهد عليها غيري".
وللقائلين بالتحريم أن يقولوا: قولُه عليه الصلاة والسلام: "فأشهدْ على هذا (1) غيري" جاءَ على طريق التهديدِ والتنفيرِ (2) الشديد، مع ما انضاف إلى ذلك من امتناعه عليه الصلاة والسلام من المباشرة لهذه الشهادة، معلِّلًا بأنها جَوْرٌ، والمتبادَرُ إلى الذهن عندَ إطلاق (3) الجورِ التحريمُ، لا الكراهةُ، فتخرج الصيغةُ عن ظاهر الإذن بهذه القرائن (4)، ويقوي ذلك -أيضًا- روايةُ:"فَاتَّقُوا اللَّه"، فإن ذلك يؤذِنُ بأن التقوى هنا التسويةُ، وأن التفضيلَ ليس بتقوى، واللَّه أعلم.
و (5) اختلف أصحابنا -أيضًا- فيمن أخرجَ الإناثَ (6) من تحبيسه، هل ينفذ الحبسُ، أم لا؟
فقيل: يُفسخ مطلقًا.
وقيل: يُفسخ ما لم يَمُتْ.
وقيل: ما لم يَمُتْ (7)، ولم يُحَزْ (8) عنه.
(1) في "ت": "عليها".
(2)
في "ت": "والتغيير".
(3)
في "ز": "الإطلاق".
(4)
في "ت": "القوانين".
(5)
الواو ليست في "ز".
(6)
في "ت": "الإناس".
(7)
"وقيل ما لم يمت" ليس في "ز" و"ت".
(8)
في "ز" و"ت": "يُجْزِ".
قال الإمام: قال بعضُ الشيوخ: إن هذه الأقوالَ تجري في هبة بعضِ البنينَ دونَ بعض.
واختلف المذهبُ -أيضًا- هل يُسوِّي بين الذكورِ والإناثِ، أو يكونُ ذلك على حكم الميراث؟
وبالأول: قال ابنُ القصار (1) من أصحابنا، وهو الصحيحُ المشهور من مذهب الشافعي.
وبالثاني: قال ابنُ شعبان.
واختلف في ذلك -أيضًا- مَنْ تقدَّمَ من غير أصحابنا (2)، واللَّه أعلم (3).
* * *
(1) في "ز": "القصاص" وهو خطأ.
(2)
في "ز": "أصحابه".
(3)
انظر: "المعلم" للمازري (2/ 349).